اليوم التالى للحرب على غزة!
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
مع قراءتك هذه السطور يكون قد مضى 75 يوما تقريبا على عملية طوفان الأقصى، ورغم ذلك ما زالت الأوضاع مشتعلة فى غزة ولم تهدأ بعد، وهو ما يشير إلى ضخامة تأثيرها على إسرائيل ما استدعى العمليات العسكرية التى تعد الأطول فى المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية.
المشكلة أنه رغم عمق «الجرح» الإسرائيلى، فإن كل ما قامت به إسرائيل من أعمال همجية ضد الفلسطينيين فى غزة لم يحقق شيئا ذا بال.
قد تفرض إسرائيل ترتيبات أمنية وقد تقتطع منطقة عازلة جديدة من غزة.. كل ذلك وارد ولكن الأهداف الحيوية والرئيسية لإسرائيل لم تتحقق وربما لا تتحقق فى المقبل من الأيام.. فالتهجير القسرى وهو الهدف الحقيقى الذى استغلت طوفان الأقصى لتحقيقه لم يتم وتقف دونه عقبات كثيرة، والقضاء على حماس هدف ما زال يلوح فى الأفق ولكنه بعيد المنال، على العكس تكاد العمليات الإسرائيلية هناك تجعل من كل فلسطينى فى غزة حمساويًا غصبًا عنه.
على الجانب الفلسطينى فإن جانبًا من الأهداف التى تم من أجلها طوفان الأقصى لم تتحقق، حيث زادت من قبضة تل أبيب على أوضاع الفلسطينيين سواء فى الضفة أو غزة، إن لم تكن الأمور قد زادت سوءا بتحول غزة التى كانت طليقة بالأمس إلى محتلة اليوم.
وإذا كان من الطبيعى أن قدرات حماس تتآكل بفعل طول فترة الحرب وسط حصار إسرائيلى صارم، فإنه على الجانب الآخر بدأ التبرم بامتداد فترة الحرب على النحو الذى يخيل إليك معه وكأنه سيأتى الوقت على إسرائيل الذى تعلن فيه سحب قواتها من طرف واحد على غرار ما فعلت سابقا، وذلك تحت وطأة الخسائر التى تواجهها هناك بشكل خاص فى الجنود.
باختصار المسألة أصبحت تمثل ما يمكن وصفه بالإنهاك المتبادل بين الطرفين بغض النظر عمن لديه الحق فى الصراع وهو حماس بكل تأكيد من وجهة نظرنا، ومن ليس له الحق، وهو إسرائيل كما نوقن.
السؤال الذى يطرحه بعض العقلاء خاصة على الجانب الإسرائيلى هو ماذا بعد؟ أو ما هى سيناريوهات اليوم التالى للحرب؟ وهو سؤال واضح أنه يشغل بال القادة السياسيين والعسكريين بل والمواطن العادى فى إسرائيل فى ضوء الشعور بفداحة ما جرى ومحاولة السيطرة على الموقف حتى لا يتكرر ثانية. على الجانب العربى واضح أن الأمر ليس ملحًا على النحو ذاته، وهو أمر غير مستغرب فى ضوء حقيقة أن هذا الموقف يغيب عن الأزمة ذاتها فما بالك بتداعياتها!
المؤسف فى الطرح الإسرائيلى العام أنه يأبى أن يعترف بالحقيقة المرة وهى أنه طالما بقى الاحتلال واستمرت أوضاع الفلسطينيين على ما هى عليه فى الضفة وغزة فلن يكون هناك لا سلام ولا استقرار ولا راحة بال سواء للإسرائيليين أو الفلسطينيين. منطق الأحداث ولغة العقل تفرض الانسياق وراء حقائق الأمور التى تؤكد على أن التوصل إلى تسوية سلمية يحقق جانبًا من الأهداف الفلسطينية ربما يكون هو الخلاصة الحقيقية مما جرى.. حدود وتفاصيل هذه التسوية أمر يجب أن يبقى مطروحًا على طاولة المفاوضات.. ذلك أول ما يجب أن يتم البدء به فى اليوم التالى للحرب!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تأملات ى العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين غزة على الجانب فى غزة
إقرأ أيضاً:
من أين تحصل أوكرانيا على المال للحرب؟ وكيف ستسدد ديونها؟
كييف– يعد التمويل أحد أبرز هواجس وأولويات حكومة أوكرانيا الجديدة بقيادة يوليا سفيريدينكو وسط حاجة ملحة لتغطية نفقات الحرب وتسيير أمور الدولة.
تنفق أوكرانيا على الحرب ما لا يقل عن 4.5 مليارات دولار شهريا، وتبلغ موازنة الدفاع والأمن لديها نحو 54 مليار دولار، أو 61% من الموازنة الإجمالية البالغة قرابة 94 مليار دولار.
الأكثر إنفاقاوحسب وزارة المالية الأوكرانية، وجهت البلاد 26% من ناتجها المحلي الإجمالي نحو قطاع الدفاع والأمن العام الماضي، وباتت -بذلك- على رأس قائمة دول العالم في هذا المجال.
تقول خبيرة الاقتصاد، والناشطة السياسية، روكسولانا بيدلاسا: "هذا كان في العام الماضي. نار الحرب ستنهش 31.1% من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع بنحو 200 مليار دولار في 2025″.
وأضافت بيدلاسا في تعليق للجزيرة نت: للمقارنة فقط. أنفقت روسيا 3 أضعاف ما أنفقته أوكرانيا على الحرب (149 مليار دولار)، لكن هذا لم يتعد 7% من ناتجها المحلي العام الماضي. تنفق إسرائيل 8.8% من الناتج المحلي الإجمالي، ونحن ننفق أكثر بما لا يقل عن 20 مليار دولار".
يبدو أن الخيارات محدودة للغاية أمام الحكومة الأوكرانية لسد عجز سنوي بلغ نحو 40 مليار دولار في المتوسط خلال أعوام الحرب الماضية (2022-2024).
ولسد هذا العجز تعتمد البلاد على المنح والمساعدات الخارجية، والمزيد من قروض صندوق النقد الدولي لسد هذا العجز.
ويقول المدير التنفيذي لمركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية الأوكراني، دميترو بويارتشوك: "لتغطية العجز، تدفقت إلى أوكرانيا مساعدات مالية خارجية من الشركاء، جاءت على شكل منح مجانية وقروض ميسرة".
ويضيف في تعليق للجزيرة نت: دخلت نحو 98% من المساعدات الخارجية إلى ميزانية الدولة، وتم توجيهها بشكل رئيس نحو قطاعات التعليم والطب والمعاشات التقاعدية وعمل جهاز الدولة. وبفضل ذلك، تم توجيه اقتصاد أوكرانيا بالكامل تقريبا نحو الحرب".
إعلان حاجة متزايدةلكن حاجة أوكرانيا تزداد مع استمرار واشتداد الحرب، وقد لا تكون مساعدات بحجم 40 مليار دولار كافية خلال العامين الحالي والمقبل، إذ قالت رئيسة الوزراء وليا سفيريدينكو إن "الحرب ستطول، وكييف تتفاوض مع المانحين للحصول منهم ومن صندوق النقد الدولي على قروض مجموعها 75 مليارا تحتاجها البلاد خلال العامين القادمين".
وتوقع البنك الوطني الأوكراني (البنك المركزي)، في تقرير نشر نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي، أن تحصل كييف على 55 مليار دولار من الشركاء خلال العام الجاري.
ويقول أستاذ كلية كييف للاقتصاد، تاراس مارشالوك: زيادة الحاجة نابعة من ارتفاع نسبة التضخم بوتيرة تدريجية منذ بداية الحرب إلى ما تجاوز 100% في يونيو/تموز الماضي. وثمة حاجة لضخ 200-300 مليار هريفنا إضافية (4.7-7.1 مليارات دولار) في ميزانية الدفاع. والهريفنا هي عملة أوكرانيا.
ويضيف في تعليق للجزيرة نت: "نظريا، تنتظر أوكرانيا تلقي نحو 58 مليار دولار من الشركاء في عام 2025. وأكبر مصادر التمويل الخارجي هي: برنامج القروض الميسرة المعتمد من قبل دول مجموعة السبع بـ39.6 مليار دولار، و 13.5 مليار دولار إضافية في إطار برنامج الدعم الأوروبي 2024-2027".
ويوضح مارشالوك أن كييف تأمل كذلك الحصول على أرباح الأصول الروسية المجمدة في البنوك الأوروبية، البالغ حجمها 50 مليار دولار.
أبرز الداعمينولا تكشف وزارة المالية الأوكرانية حجم المساعدات الكلي الذي حصلت عليه البلاد منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، لكن دراسة أجراها معهد كيل للاقتصاد العالمي في ديسمبر/كانون الأول 2024 ذكرت أن أوكرانيا تلقت نحو 267 مليار يورو (313.6 مليار دولار) كمساعدات حتى نهاية شهر ديسمبر/كانون الأول 2024.
وحسب بيانات الدراسة، فإن حصة المساعدات العسكرية بلغت 130 مليار يورو (152.7 مليار دولار)، وحصة الدعم المالي 118 مليار يورو (138.6 مليار دولار)، في حين حصلت على 19 مليار يورو (22.31 مليار دولار) كمساعدات إنسانية.
وجاء لائحة أبرز المانحين والمتعهدين بتقديم مساعدات، وفق كشف نشرته وزارة المالية الأوكرانية في نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي كالتالي:
الولايات المتحدة بنحو 140 مليار دولار الاتحاد الأوروبي بنحو 116 مليار دولار ألمانيا بما يقارب 43 مليار دولار بريطانيا 27 مليار مليار دولار دول النرويج واليابان وكندا وهولندا والسويد والدانمارك وفرنسا بإجمالي يقارب 108 مليارات دولار.وبحسب الوزارة أيضا، فإن هذه الدول وغيرها تعهدت بتقديم ما يصل مجموعه إلى قرابة 410 مليارات يورو (481.6 مليار دولار).
كيف ستسدد أوكرانيا الديون؟
بالإضافة إلى ما سبق، حصلت أوكرانيا منذ بداية الحرب على 9 شرائح قروض من صندوق النقد الدولي وصل حجمها في بداية شهر يوليو/تموز الجاري إلى 10.6 مليارات دولار.
وتدفع هذه الأرقام الضخمة الأوكرانيين وغيرهم إلى التساؤل: هل هي ديون؟ وكيف ستعمل كييف على سدادها قريبا أو في المستقبل، ولماذا لا تعتبر همّا يشغل حكومة كييف، على عكس المتوقع؟
إعلانويجيب أستاذ كلية كييف للاقتصاد، تاراس مارشالوك على هذه التساؤلات، قائلا: "معظم المساعدات التي حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة كانت مجانية، ومع ذلك، تظل الديون من أكبر الأعباء التي سنواجهها. فحجمها تجاوز حاجز الـ190 مليار دولار في الربع الأول من العام 2025، أي ما يقارب نسبة 100% من الناتج المحلي".
مع ذلك، يقول مارشالوك في تعليق للجزيرة نت: "الحكومة لا تخوض في موضوع الديون، لأنه، وبسبب الحرب، حصلت على معظمها بشروط تفضيلية، تنص على عدم سداد جزء كبير من الديون إلا بعد سنوات عديدة، وعلى تحمل بعض الشركاء دفع تكاليف الفوائد جزئيا".
ويضيف "بعبارة أخرى، في السنوات الثلاثين المقبلة، لن نسدد هذه الديون. السداد سيكون على شكل امتيازات تفضيلية وخدمات تقدم للدول والجهات المانحة والمساعدة، وبالتالي لا تشكل الديون عبئا كبيرا في الوقت الحالي والمستقبل القريب"، على حد قوله.
ورغم هذه التسهيلات، يبقى اقتصاد البلاد في وضع صعب، فهو الآن في المركز الـ58 عالميا بعد أن كان في المركز 46 قبل الحرب، ويتوقع خبراء "فوربس" أن تعجز أوكرانيا عن تحسين موقعها خلال الأعوام الـ15 القادمة، إلا بمركز واحد فقط.