الولايات المتحدة تغدو أسيرة للسياسة الإسرائيلية، ومضطرة لتحمل خسائر هائلة بسبب سياسة تل أبيب التي لا تحسب حسابًا لأحد. حول ذلك، كتب غيفورغ ميرزايان، في "فزغلياد":

في السنوات الأخيرة، واجهت الدبلوماسية الأمريكية سلسلة من التحديات. ولكن التحدي الأكثر خطورة هو الصراع العسكري في قطاع غزة. ليس لأنه قد يؤدي إلى حرب عالمية؛ وليس لأن حليف الولايات المتحدة في وضع صعب.

فإسرائيل لديها كل الفرص لإلحاق هزيمة عسكرية بحركة حماس. إنما لأن هذا الصراع يحرم الدبلوماسية الأمريكية من حرية المناورة، ويجعل نهاية Pax Americana تقترب إلى حد كبير.

من خلال دعمها الكامل وغير المشروط لتل أبيب، أصبحت واشنطن في الواقع متورطة في كل ما تفعله إسرائيل في غزة.

نعم، من الناحية النظرية البحتة، يمكن للأمريكيين إجراء محادثات توضيحية مع تل أبيب، وشرح أن من غير الجائز القصف الشامل للمناطق المدنية. ومع ذلك، يدرك الجميع أن إسرائيل لن تتصرف بشكل مختلف. لأنها لا تستطيع، بل ولا تريد ذلك.

وهكذا، يتحول الأمر إلى مأزق دبلوماسي بالنسبة لواشنطن. فقد أصبحت الولايات المتحدة بدرجة ما رهينة للسياسة الإسرائيلية. وهي مضطرة لتحمل أضرار جسيمة بسبب تصرفات حليفتها، التي لا تستطيع التخلي عنها ولا السيطرة عليها بشكل كامل.

ولكن، كان يمكن للإدارة الأمريكية على الأقل التكيف مع الوضع الحالي، بتخفيض حماسة التعاطف الدبلوماسي، والتصرف بهدوء أكبر قليلاً. ولكن، كما اتضح، لا يستطيع الدبلوماسيون الأمريكيون إيقاف تعاطفهم المنافق حتى في هذا الموقف.

ونتيجة لذلك، تعارض واشنطن إحالة قضية غزة إلى مجلس الأمن الدولي، مدعية أنها تفعل ذلك لحماية المدنيين الفلسطينيين. وليس من المستغرب أن يؤدي مثل هذا الموقف، الذي يمثل قمة الاستهتار، وذروة سياسة المعايير المزدوجة، إلى إثارة غضب شديد في العالم الإسلامي. وهذا، على خلفية تزايد السيادة الاقتصادية والسياسية للدول العربية، يوجه ضربة قوية لبقايا الزعامة الأمريكية للعالم.

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الحرب على غزة الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

موقع أميركي: غزة نقطة الانكسار الرئيسية لقيادة أميركا للغرب

يرى الكاتب الأميركي الفلسطيني رمزي بارود أن دعم عواصم غربية لغزة له تأثير بالغ وخطير على قيادة الولايات المتحدة للغرب وعلى النظام الدولي.

وسرد بارود، في تقرير له بموقع "كاونتربنش" الأميركي وقائع دعم غزة من بعض الدول الغربية وغيرها من دول العالم في مخالفة لرغبة واشنطن. ومن ذلك انضمام إسبانيا إلى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، متهمة إسرائيل بالإبادة الجماعية، وكذلك اعتراف إسبانيا وأيرلندا والنرويج بدولة فلسطين.

ووصف هذه الوقائع بأنها خروج عن السياسة الغربية الراسخة التي تقودها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة.

تهديد الهيئات الدولية

وأضاف أن واشنطن ظلت لعقود طويلة تدعم إسرائيل سواء أكان على رأس السلطة الأميركية رئيس جمهوري أم ديمقراطي، وبلغ بها الانحياز لإسرائيل أن بذلت مؤخرا كل ما في وسعها لدعم الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة في غزة، وذلك بتزويد إسرائيل بالأسلحة اللازمة لتنفيذ جرائمها، وتهديد الهيئات القانونية والسياسية الدولية التي حاولت محاسبة إسرائيل على جرائمها.

وأفاد بأن هذا الواقع فرض معضلة سياسية لأوروبا، التي غالبا ما كانت تتبع خطوات الولايات المتحدة -أو خطواتها الخاطئة- في الشرق الأوسط بشكل أعمى، وهي القاعدة التي استمرت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، والتي شهدت استثناءات تاريخية قليلة، مثل تحدى الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الإجماع الذي فرضته الولايات المتحدة عندما رفض بشدة سياسات واشنطن في العراق في الفترة التي سبقت حرب 2003، لكن تم في نهاية الأمر إصلاح هذه التصدعات، حيث عادت الولايات المتحدة إلى دورها كقائد للغرب بلا منازع.

تجاوز الحد الأخلاقي

وذكر بارود أن غزة أصبحت نقطة انكسار رئيسية للوحدة الغربية، فقد انقسم الغرب بسبب دعم إسرائيل بعد أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول مباشرة، واستمرت الولايات المتحدة، وإلى حد ما ألمانيا، بالالتزام بدعم الحرب الإسرائيلية، في حين أبدت العديد من الدول الأوروبية مواقف قوية مؤخرا، متهمة إسرائيل بالإبادة الجماعية واتحدت مع دول الجنوب العالمي بهدف محاسبة إسرائيل، وهو تحول كبير لم نشهده منذ سنوات عديدة، وهو ما يعني أن حجم الجرائم الإسرائيلية في غزة قد تجاوز الحد الأخلاقي الذي يمكن أن تتحمله بعض الدول الأوروبية.

شرعية النظام الدولي

وأوضح الكاتب أن الأمر المهم يكمن في مسألة شرعية النظام الدولي ومستقبل الغرب، إذ لا يتردد القادة الغربيون في صياغة لغتهم على هذا النحو. ففي مقال نُشر مؤخرا، تحدثت رئيسة أيرلندا السابقة ماري روبنسون باسم "مجموعة الحكماء"، وحذرت من "انهيار النظام الدولي"، حيث قالت: "نحن نعارض أي محاولات لنزع الشرعية" عن عمل المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، من خلال "التهديدات باتخاذ تدابير عقابية وعقوبات".

وأضاف الكاتب أنه صدرت إشارات إلى انهيار شرعية النظام الدولي الذي أنشأه الغرب من قبل العديد من الأطراف الأخرى في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان.

وأوضح الكاتب أن واشنطن نجحت، لفترة طويلة على الأقل في نظر حلفائها، في الحفاظ على التوازن بين المصالح الجماعية للغرب والاحترام الشكلي للمؤسسات الدولية.

واختتم الكاتب تقريره بالإشارة إلى أنه من الواضح الآن أن واشنطن لم تعد قادرة على الحفاظ على هذا التوازن، مما أجبر بعض الدول الغربية على تبني مواقف سياسية مستقلة، ستكون نتائجها المستقبلية مؤثرة.

مقالات مشابهة

  • موقع أميركي: غزة نقطة الانكسار الرئيسية لقيادة أميركا للغرب
  • “أكسيوس”: الولايات المتحدة وحلفاؤها فشلوا في وقف هجمات الحوثيين
  • "خذوا الأمر على محمل الجد" .. تحذيرات من موجة حر شديدة تضرب أمريكا
  • "خذوا الأمر على محمل الجد" .. تحذيرات من موجة حر شديدة تضرب أمريكاا
  • من الصحافة الاسرائيلية: تل أبيب في طريقها لمهاجمة لبنان.. وهذا آخر ما قيلَ أميركياً!
  • ماذا تفعل الاستخبارات الأمريكية في غزة؟
  • لولاها لما أعيد الرهائن الـ 4!.. "واشنطن بوست" تفشي أسرارا عما تفعله الإستخبارات الأمريكية في غزة
  • بلومبيرغ: لماذا قررت واشنطن عدم الاستيلاء على الأصول الروسية؟
  • WP تكشف دور واشنطن في عملية النصيرات.. قدرات تفتقر إليها إسرائيل
  • ليس ملزما للإدارات الأمريكية المستقبلية.. واشنطن توقع اتفاقا أمنيا طويل الأمد مع أوكرانيا