اعتبر البنك الدولي "ان التدفق الكبير للتحويلات النقدية شكل "شبكة أمان اجتماعي"، لافتا  إلى آثار "الصراع في غزة" والفراغ السياسي على النمو الاقتصادي اللبناني، مشيرا إلى "تصدر لبنان قائمة البلدان الأكثر تأثرا بالتضخم الاسمي لأسعار المواد الغذائية الربع الأول من عام 2023 ".

وفي بيان صادر عنه، أشار البنك الدولي إلى أنه:"بعد مرور أربع سنوات على الأزمة الاقتصادية والمالية، لا يزال إطار الاقتصاد الكلي في لبنان يعاني ضعفا شديدا.

ووفقا لأحدث تقرير للمرصد الاقتصادي للبنان الصادر عن البنك الدولي اليوم، فإن آثار وانعكاسات الصراع الدائر المتمركز في غزة تمثل صدمة إضافية كبيرة لنموذج النمو الاقتصادي اللبناني غير المستقر. وما لم يتم تنفيذ خطة شاملة لحل الأزمة، فلن تكون هناك استثمارات طويلة الأجل ومجدية، وسيعاني لبنان مزيدا من التآكل في رأسماله المادي والبشري والاجتماعي والطبيعي.
 
يقدم عدد خريف 2023 من تقرير المرصد الاقتصادي للبنان الصادر تحت عنوان: "في قبضة أزمة جديدة" تحديثا للتطورات الاقتصادية الرئيسية ويقيم انعكاساتها على الآفاق المستقبلية للبلاد. 
 
أما القسم الخاص من التقرير والذي جاء بعنوان "تأثير الصراع في الشرق الأوسط على الاقتصاد اللبناني" فيقيم تأثير الصراع الحالي وانعكاساته على الاقتصاد اللبناني وآفاق نموه وسط فراغ سياسي ومؤسسي طال أمده.
 
قبل نشوب الصراع الحالي، كان من المتوقع أن يحقق الاقتصاد - لأول مرة منذ عام 2018 - نموا بنسبة 0.2% في عام 2023. وبدا أن الاقتصاد اللبناني قد بلغ قاعا موقتا بعد سنوات من الانكماش الحاد. وأتى هذا النمو الهامشي مدفوعا في الغالب بعوامل شديدة التقلب: نمو الاستهلاك الناجم عن موسم سياحي صيفي قوي، وتدفق كبير للتحويلات المالية، وزيادة دولرة الرواتب، بالإضافة إلى علامات على استقرار (موقت) في نشاط القطاع الخاص. 
 
وفي ظل الصراع الحالي وغياب الاستقرار الاقتصادي على النطاق الأوسع، من المتوقع أن يعود الاقتصاد اللبناني إلى حالة الركود في عام 2023. ووفقا للتقرير، لا تزال اختلالات الاقتصاد الكلي قائمة، حيث لا يزال الحساب الجاري يعاني عجزا كبيرا يصل إلى 12.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي.
 
ومن المتوقع أن يتسارع معدل التضخم - الذي فاق الـ100 في المئة منذ عام 2021 - إلى 231.3 في المئة في عام 2023، مدفوعا بانخفاض سعر الصرف (خلال النصف الأول من عام 2023) والدولرة السريعة للمعاملات الاقتصادية. علاوة على ذلك، تصدر لبنان قائمة البلدان الأكثر تأثرا بالتضخم الاسمي لأسعار المواد الغذائية في الربع الأول من عام 2023 (بنسبة 350 في المئة على أساس سنوي في أبريل/نيسان 2023)، مما أدى إلى تفاقم هشاشة الظروف المعيشية للفئات الأشد فقرا والأكثر احتياجا من السكان. ولا يزال الدين السيادي الذي بلغ 179.2 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022 غير مستدام وسط انخفاض حاد في قيمة العملة وانكماش اقتصادي، وفي ظل غياب إعادة هيكلة شاملة للديون.
 
وتعليقا على ذلك، قال جان كريستوف كاريه (المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي): "في ظل التقدم المحدود نحو خطة شاملة لحل الأزمة، لا يزال لبنان غارقا في أزمة اجتماعية واقتصادية ومالية كبرى، تفاقمت بسبب الجمود المؤسسي والسياسي. وعلى الرغم من أن السياحة ساهمت إيجابيا في النمو الاقتصادي خلال الفترة الماضية، لا يمكن لقطاع السياحة وحده أن يكون بديلا عن محركات النمو الأكثر شمولا واستدامة وتنوعا، والتي يمكنها أن تساعد البلاد على تحمل الصدمات بشكل أفضل والمساعدة في إعادة اقتصادها إلى مسار التعافي القوي.
 
وقد شرع مصرف لبنان في إصلاحات محدودة ولكنها مشجعة، وسط استقرار نسبي في سعر الصرف. مع ذلك، لا يزال يتعين إدخال تغييرات جوهرية على الرقابة المصرفية وإدارة السياسات النقدية وسياسات سعر الصرف من جانب المصرف المركزي. ولا يزال استمرار غياب تسوية منصفة للقطاع المصرفي تشتمل على توزيع مسبق للخسائر، وعمليات الإنقاذ وإعادة الهيكلة، يقوض آفاق التعافي في لبنان.
 
وقد شكل التدفق الكبير للتحويلات النقدية - التي تمثل شريان الحياة للبنان منذ وقت طويل - شبكةَ أمانٍ اجتماعي بحكم الأمر الواقع وساهم في تحقيق زيادة طفيفة في الاستهلاك المحلي. غير أن  التحويلات وحدها لا تكفي لتلبية احتياجات لبنان من التمويل الخارجي. وفي غياب مصادر تمويل أخرى، فقد يتطلب العجز المزدوج في الحساب الجاري وحساب المالية العامة المزيد من عمليات السحب من احتياطيات البنك المركزي من العملات الأجنبية.

ويتناول القسم الخاص من تقرير المرصد الاقتصادي للبنان تأثير الصراع الجاري - الذي دخل الآن شهره الثالث - على الاقتصاد اللبناني.  ونظرا لأن السياحة شكلت نحو 26 في المئة من عائدات المعاملات الجارية في عام 2022، فإن ديناميكيات النمو والحساب الجاري تتأثر بشدة بالصراع الدائر. وبافتراض استمرار الاحتواء الحالي للمواجهة العسكرية على الحدود الجنوبية، فقد وجد سيناريو تحليلي لتقييم تأثير انخفاض الإنفاق السياحي على النمو الاقتصادي أن إجمالي الناتج المحلي الحقيقي سينكمش بنسبة 0.6 في المئة إلى 0.9 في المئة (مما يعكس خط الأساس الإيجابي قبل الصراع البالغ 0.2 في المئة في عام 2023). المصدر: الوكالة الوطنية

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2024

ذكر البنك الدولي، الثلاثاء، أن أداء الاقتصاد الأميركي الأقوى من قد يكون دفعه إلى رفع توقعاته للنمو العالمي خلال العام الجاري، لكنه حذر من أن الناتج سيظل أقل بكثير من مستويات ما قبل جائحة كورونا حتى 2026.

وتوقع البنك في أحدث تقارير آفاق الاقتصاد العالمي أن يتفادى العالم انخفاضا ثالثا على التوالي في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي منذ قفزة كبيرة بعد الجائحة في 2021، وذلك مع استقرار معدل النمو في 2024 عند 2.6 بالمئة دون تغيير عن 2023.

والتوقعات الجديدة أعلى بنحو 0.2 بالمئة من تقديرات البنك في يناير، فيما يرجع إلى حد بعيد إلى قوة الطلب في الولايات المتحدة.

وقال نائب رئيس الخبراء الاقتصاديين في مجموعة البنك الدولي أيهان كوسى لرويترز "يمكننا استشراف مسار نحو هبوط سلس"، مشيرا إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة بحدة أدت إلى خفض التضخم دون خسائر كبيرة في الوظائف أو أي اضطرابات أخرى في الولايات المتحدة أو الاقتصادات الكبرى.

وأضاف كوسى "تلك هي الأخبار الجيدة. أما الأخبار السيئة فهي أننا قد نظل عالقين في المسار البطيء".

وتوقع البنك أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.7 بالمئة خلال العامين المقبلين، وهو أقل بكثير من المتوسط البالغ 3.1 بالمئة في العقد السابق لجائحة (كوفيد-19).

ويتوقع أن تظل أسعار الفائدة في السنوات الثلاث المقبلة عند ما يعادل مثلي المتوسط في الفترة من 2000 إلى 2019، مما سيكبح النمو ويزيد من ضغوط الديون على دول الأسواق الناشئة المقترضة بالدولار.

وأوضح التقرير أن اقتصادات الدول التي تمثل 80 بالمئة من سكان العالم وناتجه الإجمالي ستنمو بوتيرة أقل مما كانت عليه قبل الجائحة حتى 2026.

وقال رئيس الخبراء الاقتصاديين بمجموعة البنك الدولي إندرميت جيل "الآفاق بالنسبة لأفقر اقتصادات العالم مثيرة للقلق أكثر، إذ تواجه أعباء شديدة مستويات مؤلمة من خدمة الدين، فضلا عن تقليص إمكانات التجارة وأحداث مناخية مكلفة"، مضيفا أن تلك البلدان ستواصل طلب المساعدة الدولية لتمويل احتياجاتها.

ويتضمن التقرير تصورا موازيا يضع في الحسبان سيناريو أسعار فائدة "أعلى لفترة أطول".

وفي هذا التصور يبقي التضخم المستمر في الاقتصادات المتقدمة أسعار الفائدة أعلى بنحو 40 نقطة أساس من توقعات خط الأساس للبنك الدولي، مما سيؤدي إلى تراجع النمو العالمي في 2025 إلى 2.4 بالمئة.

الولايات المتحدة في وضع جيد

يشير التقرير إلى أن الطلب القوي في الولايات المتحدة وزيادة وتيرة التضخم عن المتوقع قلصا التوقعات بأن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) أسعار الفائدة في وقت قريب، وذلك بينما يتغلب الاقتصاد الأميركي للعام الثاني على التوالي على توقعات التباطؤ.

ويتوقع البنك الدولي حاليا نمو اقتصاد الولايات المتحدة بنحو 2.5 بالمئة خلال العام الجاري، وهي نفس وتيرة العام الماضي إلا أنها أعلى كثيرا من توقعات يناير البالغة 1.6 بالمئة.

وقال كوسى إن التوقعات المعدلة للولايات المتحدة تقف وراء 80 بالمئة تقريبا من التعديلات التي أُدخلت على معدل النمو العالمي مقارنة بتقديرات يناير.

ورفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني خلال العام الجاري إلى 4.8 بالمئة من 4.5 بالمئة في يناير، ويرجع ذلك إلى حد بعيد لزيادة الصادرات التي عوضت ضعف الطلب المحلي.

JUST OUT: The global economy is expected to stabilize for the first time in 3 years in 2024—but at a level that is weak by recent historical standards.

Read the Global Economic Prospects 2024 report ➡️ https://t.co/WbE2Db74a9 #GEP2024 pic.twitter.com/bqoiHw5TX1

— World Bank (@WorldBank) June 11, 2024

وتوقع البنك أن يتراجع نمو الاقتصاد الصيني إلى 4.1 بالمئة العام المقبل وسط ضعف الاستثمار وثقة المستهلك واستمرار التباطؤ في قطاع العقارات.

وعدل البنك توقعاته لنمو الاقتصاد الهندي خلال العام الجاري إلى 6.6 بالمئة من 6.4 بالمئة في يناير ، وذلك بفضل قوة الطلب المحلي.

وخفض توقعاته لنمو اقتصاد اليابان إلى 0.7 بالمئة من 0.9 بالمئة بسبب ضعف نمو الطلب وتباطؤ الصادرات واستقرار الطلب على السياحة.

وأبقى توقعاته لمنطقة اليورو دون تغيير عند 0.7 بالمئة مع استمرار الصعوبات التي تواجهها الكتلة وسط ارتفاع تكاليف الطاقة وضعف الناتج الصناعي.

المخاطر الجيوسياسية

وإضافة إلى التصور المعدل بأخذ أسعار الفائدة الأعلى لفترة أطول في الاعتبار ذكر البنك الدولي أن أبرز المخاطر التي تهدد التوقعات هي زيادة التداعيات المرتبطة بالصراعات المسلحة في قطاع غزة وأوكرانيا.

وقد يتسبب اتساع دائرة الحرب في الشرق الأوسط في مزيد من الاضطرابات في حركة الشحن ويدفع أسعار النفط والتضخم إلى الارتفاع.

وعلى نحو مماثل أوضح البنك أن مزيدا من عدم اليقين إزاء مسار الحرب الروسية الأوكرانية قد يُحدث اضطرابات في أسواق النفط والحبوب ويعيق الاستثمار في الدول المجاورة.

وأن ازدياد القيود التجارية المدفوعة بالنزاعات الجيوسياسية قد تعيق التعافي الضئيل للتجارة الذي بدأ العام الماضي بنحو 0.1 بالمئة.

وتوقع البنك انتعاش حركة التجارة إلى 2.5 بالمئة في 2024، ارتفاعا من 2.3 بالمئة في توقعات يناير .

لكنه أشار إلى أن زيادة الإجراءات الحمائية في العديد من البلدان قد يؤثر سلبا على سلاسل التوريد العالمية ويقلل الاستثمار في الأسواق الناشئة والبلدان النامية.

Regional GDP will expand by 1.6% in 2024 and a growth of 2.7% and 2.6% are expected for 2025 and 2026. These rates are the lowest compared to all other regions in the world, and insufficient to drive prosperity. Download the report: https://t.co/vw9SJm0GaT #Perspectivas2024 pic.twitter.com/Ia095jhstF

— World Bank (@WorldBank) June 10, 2024

وأضاف أن زيادة حدة التباطؤ في الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، من شأنها أن تعيق النمو خاصة في البلدان المُصدرة للسلع الأساسية والاقتصادات التي تعتمد على التجارة بالأساس.

وعلى الجانب الإيجابي، ذكر البنك الدولي أن الولايات المتحدة قد تواصل تجاوز التوقعات على نحو يعزز النمو العالمي مع انخفاض التضخم إن استمرت معدلات الإنتاجية المرتفعة وإمدادات العمالة بسبب الهجرة.

وأشار إلى أن تراجع وتيرة التضخم عالميا، بدعم من مكاسب الإنتاجية وانتعاش سلاسل التوريد وتراجع أسعار السلع الأساسية، قد يدفع البنوك المركزية إلى خفض أسعار الفائدة أسرع من المتوقع في الوقت الحالي، مما سيعزز نمو حجم الائتمان.

مقالات مشابهة

  • البنك الدولي يرفع توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في 2024
  • توقعات بانكماش اقتصاد الضفة الغربية وقطاع غزة بنسبة 9.4% خلال 2024
  • إعفاء الحريديم من التجنيد.. شبكة أمان لحكومة اليمين الإسرائيلية
  • البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد المصري 4.2% في العام 2024-2025 
  • ماذا يحمل وزير النقل اللبناني في حقيبته إلى روسيا؟
  • الأزمة الاقتصادية تفرض تحولا في شراء هدايا الحجاج اللبنانيين
  • نشاط مكثف لوزيرة التخطيط في فعاليات منتدى دول البريكس الاقتصادي الدولي في نسخته الـ 27
  • العراق يشارك في منتدى سانت بطرسبورغ الاقتصادي الدولي الـ (27‎)
  • ماذا يعني تمرير صندوق النقد الدولي المراجعة الثالثة للاقتصاد المصري؟ ‌
  • مفاجأة.. خبيرة أبراج تزف بشرى سارة للمصريين ماذا سيحدث؟