الثورة نت:
2025-05-16@20:37:22 GMT

خطاب إشارة المرور اليمني إلى الاستحقاق الحضاري

تاريخ النشر: 22nd, December 2023 GMT

كان خطاب السيد القائد العلم – يحفظه الله – خطابا يغني عن ألف حديث، وألف كلمة، ويعفي من تجشُّم عناء مئات البرامج الثقافية والإعلامية، وقد يُخْمِدُ معارك وهجمات في مهادها، ويلغي خططا ومؤامرات في أوكارها، ويزيد في إيقاد شعلة حماس وثبات المجاهدين في فلسطين حماسا وثباتا، ويلهم أمما وشعوبا في أنحاء الأرض أنه بإمكانها إذا امتلكت الإرادة المستقلة إنجاز عمل أخلاقي كهذا بأقل الإمكانات، حتى في وجه الصلف والغطرسة الأمريكية التي تقهر العالم وتتبلطج عليه منذ الحرب العالمية الثانية، ومن المؤكد أنه مهر وختم الشهادة التاريخية للموقف اليمني المشرّف بأنه سيكون عاملا حاسما وأساسيا من عوامل انتصار غزة بعد ثبات وصمود مجاهديها.


لقد كانت الفكرة الأساسية فيه هي التأكيد أن اليمن اتخذت قرارها الواعي والتاريخي بمنع السفن الإسرائيلية والمتوجهة إلى إسرائيل عن وعيٍ تاريخيٍّ بتحديات وضرورات المرحلة التاريخية الحرجة، وعن معرفة عميقة بالعدو وقدراته الكبيرة التي لا يستهين بها إلا أحمق، لكنه أيضا تجاوز فيه المنسوبُ العالي من الثقة بالله والإيمان به والتوكل عليه فوارقَ التسليح بين الشعب الإيماني المؤمن وأعداء أمتنا المعتدين على كرامتها وشرفها وحياتها ووجودها في فلسطين وفي اليمن وفي جميع بقاع العالمين.
فنِّيًّا .. كان الخطاب فصيحا وبليغا كعادة السيد القائد المتمرّن على هذا النوع من الخطابات والكلمات، وكان التسلسل المنطقي هو الخيط الذي يمسك به المستمع لينطلق من الواقع إلى المفترض، ومن شرح أبعاد ومرتكبي الجريمة العالمية المعاصرة إلى تداعياتها ومآلاتها اللازمة، وفي ثناياه كان الترتيب رائعا، واللغة قويمة، والعبارات شواظا من نار على الأعداء، وبردا وسلاما على الأمة كل الأمة، إّلا من أبى، وكان التسديد على الأهداف والمقاصد مركَّزًا ودقيقا.
لم يكن السيد القائد العلم الزعيم الأوحد في عالم الخطابة السياسية والعسكرية، ولكنه الأوحد ضمن ثلة منهم ممن كانت خطاباتهم شاملة، يمتزج فيها الشرعي بالسياسي، والتاريخي بالجغرافي، والعسكري بالاقتصادي، والاجتماعي بالثقافي، والحرب الباردة بالناعمة، والحرب النفسية بالتهديد الواضح والصريح، وبعض ذلك ببعضه الآخر، وكل ذلك في خطاب واحد شامل، دع عنك ما ميّزه الله به من استهداءٍ عميق وعجيب بالقرآن الكريم يثبت كل يوم أنه هو العَلَم المقترن بهذا القرآن الكريم، والقرآن – كما يقول أخوه رائد مسيرتنا الشهيد القائد – كتابٌ عمليٌّ لا يؤتي عجائبه ونوره وهداه كاملا إلا لمن يتحرّكون عمليا على أساسه.
من السهل على هذا القائد العلم – بما حباه الله من خصائص ومميزات إيمانية وعلمية وأخلاقية وقيادية ولغوية وكاريزما طاغية – أن يهدي البشرية إلى مكامن ضعفها وتحديات أزماتها من خلال القرآن الكريم، وكم مرة وقف فيها وحيدا أمام عتاولة الطغاة المعاصرين ليحشرهم في زاوية من شر أعمالهم ومؤامراتهم.
موضوعيا .. تأتي أهمية خطاب الأمس من كونه شهادة عبور مشرِّفة لليمن إلى إنجاز الاستحقاق الحضاري التاريخي المؤمّل الذي نسعى إلى تحقيقه بعون الله، وكونه شاهدَ زمنٍ تاريخيٍّ وضاء، على مرحلة زمنية بدأت فيها الأمة لتوها تبصر طريقها، وتحدد عدوها، وتقف على أقدامها؛ لتتخذ قرارها المستقل والحر، وتتخذ المواقف الثابتة والكبيرة إزاء أطماع أعدائها وطغيانهم.
لقد عرض الخطابُ أفظعَ جريمة عالمية معاصرة، وأصّل لها بالشواهد والمشاهد، وحدّد المجرم الحقيقي كما ينبغي، وأنه اللوبي الصهيوني اليهودي عبر أدواته، من الكيان الإسرائيلي والإدارة الأمريكية ومن معهم، وأنه لا بد من موقف ديني وعربي وإسلامي وأخلاقي وإنساني، فكان هذا الموقف اليمني القاضي بمنع عبور إمدادات الجريمة واستمرارها في البحرين الأحمر والعربي، بتنفيذِ شعبٍ لا يزال يعاني من عدوانٍ عالميٍّ إجرامي من ذات المجرم وإن بأدوات أخرى؛ ليستثير ذلك الأمر المفاجئ الطغاة والمستكبرين الذين أزعجهم هذا الموقف القرآني الشجاع والجريء والحكيم، فيعلنوا أنهم بصدد إنشاء تحالف عالمي بأكثر من أربعين دولة، ثم يتمخض هذا التحالف الضخم عن فأرٍ مكوّنٍ من عشر دول منها، بعضها دول وظيفية، تقتصر وظيفتها على تقديم الخدمات الفندقية للقوات الأمريكية، وأخرى أعلنت أن احتسابها ضمن هذا التحالف كان عن طريق الخطأ، كحال إسبانيا، وتعلن دولة عظمى مثل فرنسا بأن قواتها المشاركة فيه لن تأتمر بأمر قيادته، ولكن بأمر قيادتها الوطنية في فرنسا، ثم يستر الأمريكان عوار هذا التحالف المشين بأن هناك دولا كثيرة ترغب في المشاركة فيه، ولكن سرا، وكأنهم يتوخّون أن تكون أعمالهم خالصة لوجه الله، وأنهم يخشون على أعمالهم الصالحة!! أن يدخلها شيءٌ من الرياء والعُجْب والغرور.
إنه التحالف الذي وُلِدَ ميِّتًا – كما يقول الأستاذ محمد عبدالسلام رئيس الوفد الوطني – وهو التحالف الذي وُلِدَ مشوَّها بهذه التشوهات الخطيرة التي ستلقي بظلالها على أدائه المشوّه في تركيبته، والمشوَّه أصلا في أهدافه الإجرامية، ثم أتى ظهورُ السيد القائد العلم؛ ليكون ظهوره تصعيدا بحد ذاته، وإعلانَ تحدٍّ سافرٍ لأمريكا وقوتها وصلفها وتاريخها الدموي والوحشي، ثم يعلن تهديداته الواضحة والصريحة بأنه ليس من المسموح للأمريكان حتى تنفيذ عددٍ من الضربات هنا وهناك، وأن الردّ اليماني المعهود لن يتأخر، إنها التهديدات التي عجزت عن مثلها دول عظمى، فهذه الصين – المنافسة لأمريكا في قوتها الاقتصادية والعسكرية – يتبختر الأمريكي بأساطيله ببحرها الجنوبي كما يحلو له، وها هي روسيا تغرق في أوكرانيا المدعومة أمريكيا بشكل واضح، وكلاهما لم يكن رده متناسبا مع قوته المادية.
لكنها اليمن بثلاثيتها الذهبية (القيادة الربانية، وشعبها الحي، وثقافته القرآنية)، التي برزت في موقفها ضد أفظع مجرم عالمي معاصر بروزَ الإمام علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الأحزاب، فقال فيه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (برز الإيمان كله إلى الشرك كله).
ومن دون شك فإن الأمريكان يفهمون أن اليمنيين يعون طبيعة الصراع معهم، وأنه لن يضرونا إلا أذى في حين قرروا توسيع جريمتهم على شعبنا، وأن هذا الشعب عصي على تطويعه وإخضاعه وثنيه عن موقفه المبدئي والأخلاقي والديني والإنساني، وأنه شعبٌ بقدر ما يمتلك من القوة الكافية لتنفيذ تهديداته، فإنه يملك أيضا فائضا كبيرا من الإرادة الإيمانية الفولاذية الصلبة، على أنه شعبٌ مجرّب تاريخيا، منذ ما قبل مولد عيسى عليه السلام بـ333 عاما، حينما اكتسح الإسكندر المقدوني العالم القديم، وعجز عن اليمن، مرورا بحملة إيليوس جاليوس عام 24 قبل الميلاد التي كسرت ظهر الإمبراطورية الرومانية، إلى الأحباش، ثم الأيوبيين، والمماليك، والبرتغاليين، والعثمانيين، والبريطانيين، وأخيرا السعوديين والإماراتيين وغيرهم من أدوات أمريكا التي شنّت عدوانها على اليمن، ويقال بأنها اليوم تبحث عن الخروج من هذا المستنقع الوبيء والوخيم الذي علِقَتْ فيه منذ تسع سنوات.
إن الأمريكان والأوروبيين يعلمون أن النتيجة البسيطة لأي صراع يفتحونه في البحر الأحمر ولو كان طفيفا، هو إغلاقه وإغلاق البحر العربي وربما المحيط الهندي تماما أمام الملاحة الدولية إلى ما شاء الله من الوقت؛ الأمر الذي يعني توقف معظم التجارة العالمية، وهذا أمر لا تتحمل نتائجه القارة العجوز في أوروبا، ولا الأمريكان، ولا غيرهم، لا سيما والبديل عن كل هذا السيناريو المميت والمدمّر أمرٌ أسهل وأعذب على جميعهم من شربة ماءٍ باردة في يوم قائظ، ألا وهو وقف الجريمة العالمية الصهيونية اليهودية في غزة.
لقد دشَّن هذا الخطابُ اليمنَ باعتبارها قوة إقليمية عربية إسلامية، وأنها مكسبٌ كبيرٌ للأمة كل الأمة، وأن فائض قوة اليمن ليس خطرا على أحد من العرب أو المسلمين، بل هو ذخر لهم أولا وأخيرا، ويمكن الاستفادة منه في قضايا الأمة الجامعة والمركزية، وأنه مصدر إلهام لكل أحرار العالم ممن يبتغون التصدي للعربدة الأمريكية.
ما يجب أن يفهمه المعنيون في الثقافة والإعلام أن هذا الخطاب غيّر وسيغير كثيرا في الذهنية العربية والعالمية السابقة، وشطب تاريخا طويلا من الدعايات المغرضة، وألغى بروباغندا طويلة وعريضة صوّرت اليمن على أنها مشروع طائفي، وعنصري، ومنحرف، وأتى في وقتٍ، آذانُ الأحرار في كل العالم له صاغية، وأعينهم شاخصة إلى منبر يماني متألق وفصيح ولبق، ومهتدٍ بخطاب الله الجامع لكل العرب والمسلمين، إذ يعتليه قائد رباني يقدِّم فيه مواقف القرآن الكريم بما فيها من شفاء لجميع المستبصرين، وهدايةٍ إلى التي هي أقوم في جميع المجالات، وعليه فمن الواجب إيصاله صوتا وصورة إلى جميع أحرار العالم المتلهفة والمفتقدة لمثل هذه الخطابات العملية العالمية.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: السید القائد

إقرأ أيضاً:

ماذا قال ولي العهد السعودي عن الملف اليمني ومستقبل اليمن خلال القمة الخليجية الأمريكية؟

 

دعا ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى ضرورة تعزيز الحوار بين الأطراف اليمنية، والوصول إلى حل سياسي شامل.

 

وأكد، في كلمة له بالقمة الخليجية - الأمريكية، أن بلاده تؤمن بأن الحل السياسي الشامل هو السبيل الأنسب لإنهاء الأزمة اليمنية.

 

وطالب بتركيز الجهود على دفع العملية السياسية قُدما بدعم من المجتمع الدولي والإقليمي.

 

وأشار إلى أن المملكة تواصل التزامها بدعم كافة المساعي التي تهدف إلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.

 

كما دعا إلى تضافر الجهود لتجاوز التحدِّيات التي تعيق التوصل إلى تسوية شاملة للصراع اليمني.

 

يأتي ذلك في وقت أكد فيه مندوب الرياض لدى الأمم المتحدة، السفير عبدالعزيز الواصل، أن المملكة تجدد التزامها بدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن.

وكان الواصل قد التقى المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أمس الثلاثاء.

 

وقال في منشور على منصة (إكس): "سعدتُ بلقاء المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن. وناقشت معه آخر التطورات والجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن".

 

ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية ملتزمة بدعم عملية السلام في اليمن، التي تقودها الأمم المتحدة

 

مقالات مشابهة

  • النكبة مستمرة والضمير عالمي ميّت.. قراءة في مضامين خطاب السيد القائد
  • السيد القائد يدعو الشعب اليمني للخروج المليوني المشرف يوم غدٍ إسناداً لغزة وثباتاً مع الشعب الفلسطيني
  • السيد القائد يدعو الشعب اليمني للخروج المليوني يوم غدٍ إسنادًا لغزة وثباتًا مع الشعب الفلسطيني
  • السيد القائد: الموقف اليمني المساند لغزة لم ينقص ولم يتراجع أبدًا وهو ثابت على الدوام
  • السيد القائد: العدوان الهمجي الوحشي الإجرامي الذي يقوم به العدو الإسرائيلي على قطاع غزة يعتمد على الدعم الأمريكي والغربي (إنفوجرافيك)
  • قائد الثورة: العدو الإسرائيلي يستهدف النازحين في مراكز إيوائهم التي يحددها كمناطق آمنة
  • الصاروخ اليمني وتغيير المعادلات.. كيف فرضت اليمن الحصار الجوي على “إسرائيل”؟
  • موجهة التحية للسيد القائد والشعب اليمني.. سرايا القدس تنشر مشاهد لقصف أسدود وعسقلان وسديروت ومغتصبات غلاف غزة برشقات صاروخية (صور + فيديو)
  • ماذا قال ولي العهد السعودي عن الملف اليمني ومستقبل اليمن خلال القمة الخليجية الأمريكية؟
  • قراءة في مضامين كلمة السيد القائد حول العدوان على غزة وفشل العدوان الأمريكي على اليمن