نيويورك " د ب أ ": العام الحالي الذي بدأ بظروف مواتية للاقتصاد العالمي مع تراجع اختناقات سلاسل الإمداد وتراجع التضخم وتلاشى حالة الكآبة المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد، ينتهي وفي الأفق تتجمع سحب قوية فوق صناعة النقل البحري وتجارة التجزئة التي تعتمد عليها في ظل أزمتي أكبر ممرين ملاحيين تجاريين في العالم.

ورغم أن أسباب الأزمتين مختلفة تماما، فإن التداعيات على الاقتصاد العالمي واحدة في شدتها.

ففي باب المندب الذي يربط بين المحيط الهندي والبحر الأحمر تهاجم جماعة أنصار الله اليمنية السفن التجارية المتجهة إلى إسرائيل عبر البحر الأحمر دعما للفلسطينيين في حربهم مع إسرائيل. هذه الهجمات أدت إلى تحويل السفن التجارية طريقها من البحر الأحمر وقناة السويس في مصر إلى طريق رأس الرجاء الصالح غبر أفريقيا والذي كان يستخدم حتى منتصف القرن التاسع عشر عند افتتاح قناة السويس.

وعلى بعد 7200 كيلومتر إلى الغرب من قناة السويس تواجه حركة الملاحة البحرية العالمية أزمة أخرى في قناة بنما بأمريكا الوسطى ولكن نتيجة موجة الجفاف التي تضرب المنطقة وأدت إلى انخفاض منسوب المياه في القناة وبالتالي انخفاض كبير في عدد السفن التي يمكنها المرور عبرها.

وفي تحقيق نشرته وكالة بلومبرج للأنباء قال الكاتب برندان موراي إن حوالي 180 سفينة حاويات غيرت مسارها بعيدا عن البحر الأحمر وقناة السويس لتدور حول أفريقيا أو توقفت تماما عن الحركة انتظارا لأي تعليمات جديدة بهدف تجنب هجمات الحوثيين، بحسب بيانات شركة مراقبة حركة الشحن البحري فليكس بورت الأربعاء الماضي. والمؤكد أن مئات السفن السفن الأخرى ستحذو حذوها إذا لم تتمكن الدول الغربية من تأمين حركة الملاحة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر والتي تعهد أنصار الله باستمرار مهاجمة السفن المتجهة إلى إسرئيل عبر المضيق حتى يتم رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة الفلسطيني. في الوقت نفسه حولت

الكثير من السفن التجارية طريقها بعيدا عن قناة بنما منذ أسابيع بسبب انخفاض مناسيب المياه.

هذه الأزمات أعادت حركة النقل البحري في العالم إلى القرن الثامن عشر، على حد وصف كاتب بلومبرج، وهو ما يعني مشكلات هائلة للاقتصاد العالمي نتيجة ارتفاع تكاليف النقل وتأخر وصول البضائع أسابيع إضافية. كما سيؤثر هذا الاضطراب على نشاط شركات الخدمات اللوجسيتية البرية التي يرتبط عملها بوجود جداول منضبطة للنقل البحري.

وبحسب مؤشر ديروري العالمي لأسعار نقل الحاويات، فإن تكلفة نقل السلع في الحاوية القياسية مقاس 40 قدم مكعبة من آسيا إلى شمال أوروبا ارتفعت خلال الأسبوع الماضي بنسبة 16% وسترتفع خلال الشهر الحالي ككل بنسبة 41%. كما قفزت فواتير وقود سفن الشحن، في حين قالت شركات نفط وناقلات كبرى إنها ستتجنب المرور من جنوب البحر الأحمر.

ويعتبر توقيت الأزمة الحالية في كل من البحر الأحمر وقناة بنما عنصرا إضافية لزيادة حدة التداعيات، حيث جاءت في أحد أكثر أوقات السنة طلبا على الصادرات من الصين سواء لإعادة تكوين مخزونات متاجر التجزئة بعد موسم تسوق عيد الميلاد ورأس السنة وقبل أن تغلق المصانع الصينية أبوابها بسبب العطلة الطويلة لرأس السنة القمرية الصينية في فبراير المقبل.

وتدرس شركات النقل البحري خياراتها بما في ذلك العودة إلى طرق القرن الثامن عشر قبل شق قناتي بنما والسويس واللتين قلصتا المسافة بين آسيا وكل من أمريكا الشمالية وأوروبا.

ونقلت بلومبرج عن مسؤول في شركة خدمات لوجيستية كبرى قوله إن أصحاب الشحنات بدأوا يطالبون بدراسة كل الخيارات المتاحة لتجنب المرور من قناتي السويس وبنما، بما في ذلك استخدام الشحن الجوي، رغم ارتفاع أسعاره بشدة مؤخرا.

وطبقا لرسالة بريد إلكتروني تم إرسالها إلى الموردين واطلعت عليها بلومبرج تعتزم شركة أبركرومبي أند فيتش لمتاجر الملابس اللجوء إلى الشحن الجوي لتجنب الاضطربات في حركة الملاحة البحرية. وتقول الشركة إن الخطوط الملاحية عبر البحر الأحمر كانت مهمة جدا بالنسبة لعملياتها لآن كل شحناتها التي تأتي من الهند وسريلانكا وبنجلاديش تمر عبر هذا الطريق لتصل إلى الولايات المتحدة. كما حذرت شركة متاجر الأثاث السويدية آيكيا من حدوث نقص في بعض المنتجات في متاجرها بسبب مشكلات الملاحة في البحر الأحمر.

في الوقت نفسه فإن السفن التي تدور حول رأس الرجاء الصالح تحتاج 60 يوما للوصول من الصين إلى أوروبا، في حين تحتاج 40 يوما فقط في حال استخدام قناة السويس، بحسب إريك مارتن نيوفل النائب التنفيذي لشركة الشحن جيوديز، الذي أضاف أن التكلفة تزيد بمقدار 4 أو 5 مرات عند الدوران حول أفريقيا بدلا من عبور قناة السويس. كما أن تكلفة الشحن الجوي أعلى كثيرا من تكلفة النقل البحري للسلع.

وبحسب تحقيق بلومبرج فإنه لا يبدو أن هناك حلا خلال هذه الأيام لأزمتي البحر الأحمر وقناة بنما. فأنصار الله تعهدوا باستمرار استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل رغم قيادة الولايات

المتحدة لتحالف دولي يهدف إلى حماية حركة السفن التجارية في البحر الأحمر تحت اسم

"حارس الازدهار"، لآن شركات الملاحة ستفضل الانتظار لرؤية مدى فاعلية نشر السفن الحربية لدول التحالف في حماية حركة السفن التجارية في المنطقة قبل أن تعود للعبور من البحر الأحمر.

أما أزمة قناة بنما المرتبطة بالطقس، فمن غير المحتمل أن تتحسن الأمور قبل نهاية فبراير على الأقل.

وأخيرا يقول راهول كابور رئيس إدارة أبحاث وتحليلات النقل البحري في مؤسسة إس أند بي جلوبال للاستشارات إن التكلفة الاقتصادية لأزمتي باب المندب وقناة بنما ستتزيد حتى تعود السفن للعبور من البحر الأحمر وقناة السويس وقناة بنما بشكل طبيعي، في حين يمكن أن يحد ضعف الطلب الاستهلاكي في العالم حاليا من نسب الزيادة في أسعار الشحن البحري.

وفي مقابلة مع تلفزيون بلومبرج قال كابور "خلل السنوات القليلة الماضية رأينا أن التوترات الجيوسياسية والصراعات أصبحت خطرا متزايدا يهدد التجارة العالمية".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من البحر الأحمر السفن التجاریة حرکة الملاحة النقل البحری قناة السویس باب المندب قناة بنما

إقرأ أيضاً:

استئناف حركة الملاحة والصيد بكفر الشيخ بعد تحسن الطقس وعودة الاستقرار

أعلن اللواء الدكتور علاء عبد المعطي، محافظ كفر الشيخ، اليوم الجمعة، استئناف حركة الملاحة البحرية على ساحل البحر المتوسط بنطاق المحافظة، كما تم استئناف رحلات الصيد في نهر النيل وبحيرة البرلس، وذلك بعد توقف استمر عدة أيام بسبب سوء الأحوال الجوية والنوات المتتالية التي ضربت سواحل شمال البلاد.

وأوضح المحافظ أن حركة الملاحة عادت إلى طبيعتها داخل ميناء البرلس، حيث انتظمت حركة دخول وخروج مراكب الصيد بعد التأكد من استقرار حالة البحر وتحسن سرعة الرياح وارتفاع موج البحر. 

كما تم تزويد المراكب بكميات كافية من الوقود والثلوج اللازمة لحفظ الأسماك، إضافة إلى تقديم مختلف أشكال الدعم اللوجستي للصيادين لضمان انطلاق رحلاتهم البحرية بأمان.

وأكد المحافظ أن قرار استئناف الملاحة جاء بعد التنسيق مع الجهات البحرية المختصة، ومتابعة التقارير الصادرة عن الهيئة العامة للأرصاد الجوية، والتي أشارت إلى تحسن الطقس واستقرار الحالة الجوية بشكل ملحوظ في معظم أنحاء المحافظة.

وتشهد محافظة كفر الشيخ، منذ صباح اليوم، حالة من الاستقرار الجوي وعودة سطوع الشمس في العديد من المدن والقرى، بعد موجة من الأمطار الغزيرة والرياح التي أثرت على مظاهر الحياة العامة خلال الأيام الماضية.

 وشهدت الشوارع والميادين تحسنًا ملحوظًا في الحركة بعدما تراجعت آثار سوء الطقس.

كما كلف محافظ كفر الشيخ رؤساء المراكز والمدن وغرفة العمليات الرئيسية ومركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، بضرورة استمرار حالة الاستعداد القصوى لمتابعة الخدمات المختلفة، خاصة خدمات المرافق والنظافة والإشغالات. 

وشدد على تكثيف حملات متابعة الأسواق لضبط الأسعار ومنع أي محاولات لاستغلال المواطنين، إلى جانب تحسين مستوى الخدمات المقدمة لهم، والاستماع إلى شكاواهم والعمل على حلها بشكل فوري.

وأشار المحافظ إلى أن فرق الطوارئ لا تزال تعمل بنظام الاستجابة السريعة للتعامل مع أي طارئ قد ينشأ، رغم تحسن الأحوال الجوية، مؤكدًا أن المحافظة لن تتهاون في متابعة تداعيات أي تغيرات مفاجئة في الطقس، حرصًا على سلامة المواطنين، ودعمًا لحركة الصيد والملاحة التي تُعد أحد أهم مصادر الدخل لآلاف الأسر في كفر الشيخ.

وتواصل الأجهزة التنفيذية بالمحافظة أعمالها بشكل مكثف، تنفيذًا لتوجيهات المحافظ، لضمان عودة الأوضاع إلى طبيعتها بالكامل، واستمرار تقديم الخدمات بصورة أكثر فاعلية عقب انتهاء موجة الطقس السيئ.

بحيرة البرلس

مقالات مشابهة

  • استئناف حركة الملاحة الجوية في مطار بغداد بعد زوال الضباب
  • الضباب يعاود ارباك حركة الملاحة الجوية ويعطل مطار بغداد
  • محافظ كفر الشيخ يعلن استئناف حركة الملاحة والصيد بعد تحسن الأحوال الجوية
  • استئناف حركة الملاحة والصيد بكفر الشيخ بعد تحسن الطقس وعودة الاستقرار
  • توقف حركة الملاحة الجوية في مطار البصرة الدولي وانقطاع شبه تام للكهرباء بالمحافظة
  • أمطار غزيرة بكفر الشيخ وتوقف حركة الملاحة البحرية لليوم الثالث على التوالي
  • بحضور رئيس قناة السويس.. 12 دولة عربية تناقش مستقبل الملاحة في الإسكندرية
  • مصيلحي: مصر تستعيد قوة الخطوط العملاقة عبر قناة السويس
  • ترسانة البحر الأحمر:" بناء 6 قاطرات جديدة خلال النصف الثاني من العام المُقبل"
  • إعادة فتح ميناء العريش البحري بعد تحسن الظروف والأحوال الجوية