كشفت وكالة "رويترز" عن لجوء عشرات السفن الغربية إلى حيلة غير مسبوقة للتمويه، تتمثل في انتحال هويات روسية وصينية لتفادي الاستهداف، في مؤشر جديد على هشاشة الأمن البحري في المنطقة وتنامي المخاطر المرتبطة بالممرات الدولية.

وأفاد تقرير للوكالة، نقلًا عن شركة "ويندوارد" المتخصصة بتحليل المخاطر البحرية، أن 55 سفينة بثّت أكثر من 100 إشارة تعريف مزيفة خلال الفترة من 12 إلى 24 يونيو الجاري، تضمنت ادعاءات مثل "مملوكة للصين" أو "تنقل خامًا روسيًا"، في محاولة للتحايل على التهديدات الحوثية المتصاعدة.

وبالإضافة إلى تغيير بيانات التعريف، رصد التقرير قيام بعض السفن ببث رسائل سياسية غير معتادة عبر نظام AIS (التعريف التلقائي)، من بينها سفينة ترفع علم بنما بثّت رسالة تقول: "جميع الصينيين من كراتشي أعضاء في حزب العمال الكردستاني"، وسفينة أخرى تحت علم سنغافورة بثّت عبارة: "لا علاقة للسفينة بإسرائيل"، في محاولة للنجاة من الهجمات المرتبطة بالتحالفات الغربية.

وعلّق أمي دانييل، الرئيس التنفيذي لشركة "ويندوارد"، بأن استخدام مثل هذه الرسائل السياسية في بيانات السفن أمر "غير معتاد" في قطاع الشحن، ويعكس حجم التهديدات التي فرضت سلوكًا جديدًا على المشغلين البحريين.

تزايد التوتر الإقليمي.

يأتي هذا التصعيد البحري في سياق توتر إقليمي أوسع، إذ تزامن مع تهديدات إيرانية بإغلاق مضيق هرمز، في حال نفذت الولايات المتحدة ضربات ضد منشآت نووية داخل إيران. 

وأشارت تقارير إلى أن البرلمان الإيراني وافق على خطة بهذا الشأن، بانتظار مصادقة المجلس الأعلى للأمن القومي.

ويُنظر إلى إيران كالداعم الرئيسي لمليشيا الحوثي، التي استخدمت الهجمات البحرية مؤخرًا كأداة ضغط جيوسياسي، تجاوزت حدود دعمها المعلن للقضية الفلسطينية، لتستهدف السفن المرتبطة بدول غربية وإسرائيل، وفق مراقبين.

وفي محاولة لتأمين التجارة العالمية، يواصل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فرض عقوبات متزايدة على شبكات الشحن الروسية، إذ أضاف الاتحاد الأوروبي في مايو الماضي 189 سفينة إلى "القائمة السوداء"، متهمًا موسكو بتسيير "أسطول ظل" لتجاوز العقوبات. وردّت موسكو بوصف تلك الإجراءات بـ"القرصنة البحرية"، ولوّحت بإمكانية استخدام قواتها البحرية لحماية الملاحة الدولية.

يُظهر هذا التحول في سلوك السفن التجارية، من بث إشارات تضليلية إلى إرسال رسائل سياسية، مدى التهديد الذي باتت تشكله المليشيا الحوثية المدعومة من إيران على الملاحة الدولية، وسط عجز واضح للجهود الدولية في ردعها بشكل حاسم.

ويبدو أن تصاعد هذا النمط من التهديد سيستمر في تعقيد المشهد البحري، لا سيما مع دخول أطراف دولية كروسيا في خط الأزمة، ما ينذر بمزيد من التوتر في أحد أهم الممرات البحرية العالمية.

 

المصدر: وكالة خبر للأنباء

إقرأ أيضاً:

الحوثي يروّج لمسرحية انتصار إيران و استمرار إغلاق البحر الأحمر

في استمرار لحملته الدعائية المرتبطة بالمحور الإيراني، جدد زعيم ميليشيا الحوثيين في اليمن، عبد الملك الحوثي، الترويج لما وصفه بـ"الانتصار العظيم" لإيران على الولايات المتحدة وإسرائيل، في إشارة إلى المواجهة الأخيرة بين طهران وتل أبيب، رغم توقف التصعيد العسكري منذ أسابيع. وجاء حديث الحوثي ضمن خطابه الأسبوعي المتلفز، حيث كرّس جزءاً كبيراً منه لتمجيد الدور الإيراني وتضخيم النتائج الميدانية، في مسعى لاستثمار الأوضاع الإقليمية لتعزيز نفوذ الجماعة محليًا.

وقال الحوثي إن ما وصفه بـ"العدوان الإسرائيلي الأميركي على إيران"، الذي جراء الإعداد له منذ عام وأكثر وفق تعبيره، انتهى بـ"فشل ذريع للعدو"، زاعمًا أن "إسرائيل عجزت عن تحقيق أي من أهدافها، ولم تتمكن من تدمير ما أرادت تدميره داخل الأراضي الإيرانية، كما لم تستطع التصدي لصواريخ وطائرات إيران المسيّرة". وأضاف أن "الهزيمة التي مُني بها العدو الإسرائيلي كبيرة جدًا، والانتصار الإيراني هو انتصار لكل المسلمين والعرب والقضية الفلسطينية" على حد وصفه.

ودعا الحوثي أنصاره إلى تنظيم "مسيرة مليونية" في ميدان السبعين وسط صنعاء، وساحات أخرى في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة، للاحتفال بهذا "الانتصار"، مؤكدًا أن "الشعب اليمني يجب أن يبارك لإيران هذا النصر العظيم"، على حد تعبيره. كما استغل المناسبة لتجديد التأكيد على "استمرار إغلاق البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية"، رغم أن الهجمات الحوثية على السفن توقفت منذ مايو الماضي، بموجب تفاهمات غير معلنة مع أطراف دولية، من بينها الولايات المتحدة.

وتفاخر الحوثي بعدد العمليات التي نفذتها جماعته ضد أهداف إسرائيلية منذ منتصف شهر رمضان الماضي، مشيرًا إلى إطلاق 309 صواريخ وطائرات مسيّرة، بينها صواريخ فرط صوتية، واستهداف ما وصفه بـ"ميناء أم الرشراش" جنوبي إسرائيل. لكن مراقبين يرون أن الجماعة تواصل تضخيم إنجازاتها بشكل دعائي، لا سيما في ظل توقف الهجمات الفعلية وغياب أي نتائج ملموسة لتلك العمليات على أرض الواقع.

ورغم الادعاءات الحوثية حول استمرار إغلاق الملاحة في البحر الأحمر، تؤكد تقارير ملاحية دولية أن المنطقة تشهد انخفاضًا حادًا في الأنشطة العدائية البحرية منذ مايو الماضي، بعد وساطة عمانية ودولية قادت إلى تفاهمات مع الجانب الأميركي تهدف إلى تهدئة التصعيد وضمان حرية الملاحة في المضائق والممرات الاستراتيجية.

وفيما لم تُسجل أي هجمات جديدة على السفن منذ ذلك الحين، يستمر الحوثيون في الخطاب التعبوي والإعلامي بشأن "نصرة غزة ومحور المقاومة"، وسط غموض في مواقفهم العملية من التصعيد الذي شهدته المنطقة قبل أكثر من عشرة أيام، عندما ردت طهران على غارة إسرائيلية استهدفت قادتها في سوريا.

واختتم الحوثي خطابه بالإشادة بما سماها "الأنشطة الشعبية الداعمة لغزة"، من مسيرات ومظاهرات ووقفات قبلية وطلابية في مناطق سيطرة الجماعة، مدعيًا أن عدد تلك الأنشطة بلغ 1108 فعالية خلال الأسبوع الماضي، في محاولة لتعزيز ما يسميه "التعبئة العامة" وحشد التأييد المحلي لجماعته تحت لافتة "دعم فلسطين".

ويرى مراقبون أن الخطاب الحوثي يعكس استمرار رهانه على المحور الإيراني لتثبيت سلطته، وتعزيز نفوذه على حساب الشعب اليمني الذي يرزح تحت أزمات اقتصادية وإنسانية متفاقمة، في ظل استمرار الحرب، وتوظيف القضايا الإقليمية في إطار دعاية لا تنعكس إيجابًا على واقع المواطنين.

مقالات مشابهة

  • إغلاق ميناء نويبع البحري لسوء الأحوال الجوية
  • وزيرة البيئة تعلن تدريب الباحثين الجدد بالمحميات على رصد السلاحف البحرية
  • منظمة أمريكية: استهداف إسرائيل حولت قوات صنعاء إلى رموز للمقاومة في العالم العربي والغربي
  • الحوثي يروّج لمسرحية انتصار إيران و استمرار إغلاق البحر الأحمر
  • مهمة "أسبيدس": نواصل حماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن
  • هرباً من الهجمات في مضيق هرمز.. السفن تتنكر بهويات روسية وصينية
  • "رويترز": سفن قرب مضيق هرمز تتظاهر بأنها "روسية" أو "صينية" لتفادي الهجمات
  • صندوق تنمية الموارد البشرية يوقّع الاتفاقية الثالثة مع شركة البحر الأحمر الدولية لتدريب وتوظيف 1000 شاب وشابة
  • زعيم الحوثيين: إغلاق البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية مستمر