تحذير من حريق كبير سيصيب العراق.. الضغوط تتصاعد والرد الأمريكي قادم
تاريخ النشر: 23rd, December 2023 GMT
شفق نيوز/ حذرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، من وصول التدهور لمرحلة يصبح فيها من الصعب منع اتساع الحرب الإقليمية في ظل الخطر الذي يهدد الملاحة البحرية قرب اليمن، وضغوط "الصقور" في واشنطن من أجل التصعيد، داعية الولايات المتحدة إلى الضغط على الصين لتقوم بدورها بالضغط على إيران لمنع انزلاق الأوضاع إقليمياً.
وبداية، ذكر التقرير البريطاني، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن "العالم منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، يشعر بالرعب إزاء القتال المروع بين اسرائيل وغزة، إلا أنه نبّه إلى أن الحرب من الممكن أن تصبح أسوأ بكثير".
وفي هذا الإطار، نوه التقرير، إلى أن "الحوثيين يطلقون الصواريخ والطائرات المسيرة على السفن التجارية والحربية باتجاه جنوب اسرائيل منذ أسابيع، فيما تشعر الأسواق العالمية بالقلق مع تزايد الخطر على الشحن عبر مضيق باب المندب".
واشار الى ان الضغوط تتزايد على ادارة الرئيس جو بايدن للرد لتقوم بالرد على ايران وحلفائها من جماعة الحوثي لوقف الهجمات، بينما يعتقد المؤيدون للرد الامريكي القوي أن ذلك سيردع احتمال وقوع حرب اكبر.
لكن تقرير "الغارديان"، اعتبر أن في حال ذهبت الولايات المتحدة الى ماهو ابعد من ذلك، فقد ينتهي بها الأمر الى الانخراط في حرب هي بحاجة قوية لتجنبها، مضيفا أن اندلاع حريق اكبر سيقود الى كارثة بالنسبة للولايات المتحدة واسرائيل وشعوب المنطقة.
واوضح التقرير ان الحرب الأوسع نطاقا قد تشمل اليمن وسوريا ولبنان والعراق واسرائيل وايران، وانه في حال اندلاعها ستأتي في وقت محفوف بالمخاطر على الامن العالمي حيث تكافح الولايات المتحدة لكي تقدم المزيد من المساعدات لأوكرانيا وادارة التوترات المتصاعدة في شرق آسيا فيما يتعلق بتايوان وبحر الصين الجنوبي.
ولفت التقرير إلى أنه لن يكون بالإمكان تجنب التداعيات الاقليمية والعالمية، وقد تستمر لعقود من الزمن، مما قد يؤدي الى تورط الولايات المتحدة مجددا بصراعات واسعة النطاق في الشرق الأوسط لا يكون بمقدورها تحملها.
وفي إشارة إلى الهجمات المتبادلة بين القوى المدعومة من إيران، وبين القوات الامريكية، نوه التقرير البريطاني، إلى أن الحرب الاقليمية جرى تجنبها حتى الان باعجوبة، مضيفا انه من حسن الحظ، لم تتصاعد هذه الهجمات المحدودة بمستواها، لتتحول إلى صراع أكبر بين ايران واسرائيل والولايات المتحدة.
وتابع تقرير "الغارديان"، بالقول: "يبدو أن حاملتي الطائرات الأمريكيتين المتمركزتين الان قبالة السواحل الاسرائيلية، ساهمتا في ردع حزب الله عن شن هجمات واسعة النطاق على اسرائيل من جبهة الشمال، في حين أن ادارة بايدن منعت اسرائيل من القيام بعمليات واسعة النطاق في لبنان. لكن التقرير اعرب عن القلق من ان استمرار مضايقات الحوثيين للشحن عبر البحر الاحمر يشير الى خطر توسيع الحرب.
ورأى التقرير، أنه ليس من المتوقع ان تتمكن البحرية الامريكية من اعتراض كل ما يطلقه الحوثيون من صواريخ وطائرات مسيرة، الى اجل غير مسمى، قال أن المحللين يعتقدون ان الأضرار لحقت بحرية الملاحة بالفعل، الا ان الاكثر اثارة للقلق هو التكاليف الاقتصادية المباشرة التي تتحملها حركة الشحن العالمي وأسعار النفط، مشيرا إلى أنه قبل الأزمة الحالية، فقد كان 12% من التجارة العالمية و30% من شحن الحاويات يمر عبر طريق البحر الاحمر.
ولهذا، رجح التقرير البريطاني، أن تكون هجمات الحوثيين قد فرضت على ادارة بايدن خيارا شديد الصعوبة، موضحا أن التيار اليميني الأمريكي، الذي يضع إيران في مرمى نيرانه منذ فترة طويلة، يدعو الولايات المتحدة الى الرد بقوة على ايران، باعتبار أن إظهار القوة من شأنه ردع المزيد من الاستفزازات من جانب الإيرانيين ووكلائهم ويساهم في استقرار المنطقة، مذكرا في هذا السياق بأن مستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون اتهم بايدن لأنه "فشل في خلق حتى الحد الادنى من الردع"، داعيا الى توجيه المزيد من الضربات الامريكية، بما في ذلك الهجمات المباشرة على ايران نفسها.
إلا أن "الغارديان"، اعتبرت ان ذلك "سيكون بمثابة مقامرة كبيرة، وانه بدلا من ردع ايران، فان المزيد من الضربات قد تحرض طهران على الهجوم في محاولة لحماية مصالحها وهيبتها أو تحذير الولايات المتحدة من الاستمرار بذلك".
وأضاف التقرير: "في حال ادى الهجوم الإيراني المضاد الى وقوع خسائر كبيرة في صفوف الامريكيين، فسوف تتعرض واشنطن على الفور لضغوط لكي تنتقم"، محذراً من أن ذلك سيمثل "الطريق نحو حرب إقليمية أوسع نطاقا من شأنها الحاق الضرر الكبير بالمصالح الوطنية للولايات المتحدة".
وبعدما لفت التقرير، إلى أن البيت الابيض سعى بشكل حكيم الى تجنب هذا الخطر حتى الآن، الا انه اشار الى ان تكاليف الشحن البحري قد ترتفع لدرجة أن القيام بعمل عسكري ضد الحوثيين قد يصبح مسألة لا مفر منها، معتبرا أن الضربات التكتيكية ضد وحدات الحوثيين على الأرض يمكن أن تحد من الأضرار التي تلحق بالاقتصاد العالمي من خلال إضعاف قدرة الحوثيين على شن هجمات.
لكن التقرير رأى أن الضربات الامريكية المحدودة ربما لن تردع ايران عن دعم المزيد من الهجمات التي ينفذها حلفاؤها في أنحاء المنطقة كافة.
ودعا التقرير صناع السياسات الاميركيين الى عدم تجاهل حقيقة مفادها أن هذه تمثل مشكلة عالمية، وليست مشكلة خاصة بالأمريكيين وحدهم، إذ ان العديد من الدول الاخرى لها مصلحة كبيرة في حماية تدفق التجارة ويجب أن تشعر بالضغط لاتخاذ إجراءات والمساعدة في حل المشكلة.
وفي هذا الإطار، أوضح التقرير، أن الصين التي تكافح لكي تخرج من ركودها الاقتصادي في مرحلة ما بعد وباء كورونا، قد تخسر الكثير جراء تعرض الشحن التجاري عبر باب المندب لمخاطر اضافية، ولهذا فانه يتحتم على واشنطن وحلفائها في أنحاء العالم كافة الضغط على بكين لاستخدام علاقاتها مع طهران لكي تشجع على ضبط النفس الايراني.
ووفق التقرير، فمن المحتمل وصول الأمور بالنسبة للولايات المتحدة الى مرحلة ضرب الحوثيين في اليمن في حال استمروا بهجماتهم على الشحن العالمي، إلا أن هذه الضربات يجب أن تظل محدودة على المستوى التكتيكي، مضيفاً أن "تاريخ العمليات العسكرية من البوسنة الى كوسوفو وأفغانستان وليبيا يذكّر بأن الضغوط لتوسيع الضربات، تتزايد دائما بمجرد أن تبدأ".
وخلص التقرير إلى أنه "في ظل وضع تتأجج فيه المشاعر بسبب العنف المروع في غزة، وفي ظل حرص الصقور في واشنطن على إيقاد النيران ضد طهران، وفي ظل الاقتصاد العالمي المعرض للمخاطر، فسيكون أكثر صعوبة تحقيق ضبط النفس، وتجنب اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقا، والتي ستكون أسوأ ما يمكن بالنسبة للمصالح الأمريكية".
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي الحوثيون إيران الرد الاميركي تقرير بريطاني حرب غزة فصائل المقاومة العراقية الولایات المتحدة المزید من إلى أن فی حال
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
تُعد نظرية المجال الحيوي (Lebensraum) من أكثر المفاهيم الجيوسياسية إثارة للجدل، لارتباطها بالممارسات التوسعية لألمانيا النازية. وتعود جذورها إلى فريدريك راتزل الذي رأى الدولة ككائن حي يحتاج لمساحة للنمو. لكن كارل إرنست هاوسهوفر حوّل هذا المفهوم الوصفي إلى أداة سياسية تبرر التوسع والهيمنة والاستحواذ على موارد الشعوب الأضعف لضمان الاكتفاء الذاتي من الموارد.
إن إعادة قراءة هذا المفهوم في سياق السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة مع طموحات إدارة دونالد ترامب، خطوة ضرورية لفهم الدوافع الجيوسياسية الخفية.
أولاً، كشفت مساعي ترامب لضم كندا وجرينلاند وبنما عن عقلية توسعية غير تقليدية. لم يكن الهدف غزواً عسكرياً، بل "شراء" أو استحواذ لتأمين الموارد الاستراتيجية (جرينلاند)، وتعزيز الأمن القومي (قناة بنما)، وتوسيع النفوذ الاقتصادي. هذه الرغبة في "تأمين" أصول جغرافية خارج الحدود التقليدية تحمل في طياتها روح التوسع لضمان المجال الحيوي.
ثانياً، تُعزز أزمة الاقتصاد الأمريكي، التي يبرزها بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة تلامس 38 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2025. في ظل هذه الضغوط المالية وتحديات الحفاظ على الرفاهية الداخلية، تتحول النظرة للخارج كحل محتمل. هذا يتجلى في البحث عن مصادر جديدة للموارد الرخيصة، أو فتح أسواق جديدة، أو تقليل التبعية الاقتصادية لمنافسين.
وهذا يعكس حاجة ضمنية لـ"مجال حيوي اقتصادي" يضمن استمرارية الازدهار ويقلل نقاط الضعف، حتى لو تطلب نفوذاً سياسياً واقتصادياً على حساب الآخرين.
ثالثاً، تتضمن خطط أمريكا الاستراتيجية، في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا، عنصراً قوياً للهيمنة العالمية. السيطرة على سلاسل التوريد الحيوية، تأمين مصادر الطاقة، نشر القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية، وفرض المعايير التعريفات الجمركية، كلها أشكال معاصرة لتأمين "المجال الحيوي" الذي يتجاوز الحدود الوطنية. الحفاظ على مركزية الدولار وهيمنة الشركات التكنولوجية الأمريكية جزء من هذا "المجال الحيوي" غير الإقليمي.
رابعاً، يؤثر هذا السعي على شكل المستقبل والنظام العالمي. في عالم يتجه نحو التعددية القطبية، قد تسعى القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، لتعزيز "مجالها الحيوي" عبر كتل اقتصادية أو تحالفات عسكرية، مما يؤدي إلى تزايد التنافس الجيوسياسي وصراعات بالوكالة.
خامساً، تمثل هذه التحركات التمهيد للاستعمار الجديد. فبدلاً من الاحتلال المباشر، يتجسد في السيطرة الاقتصادية والسياسية غير المتكافئة، والتدخل في شؤون الدول السيادية عبر القوة الناعمة والخشنة. عندما تسعى دولة قوية لتأمين موارد أو ممرات استراتيجية عبر صفقات غير متكافئة، فإنها تعيد صياغة مفهوم "المجال الحيوي" في قالب معاصر يحقق أهداف الهيمنة الأساسية.
في الختام، توفر دراسة مفهوم المجال الحيوي في سياق هاوسهوفر عدسة نقدية لتحليل الدوافع التوسعية غير المباشرة. السعي الدائم لأي قوة عظمى لضمان أمنها وازدهارها عبر السيطرة على الموارد والأسواق والمناطق الاستراتيجية يعكس جوهر هذا المفهوم السياسي، حتى وإن اتخذ أشكالاً أكثر تطوراً وتخفياً في القرن الحادي والعشرين. الواجب النقدي يكمن في كشف هذه الدوافع، وفهم تأثيرها على الاستقرار العالمي ومستقبل العلاقات الدولية.