زعيم مرتزقة ومهندس إغراق الأنفاق.. مَن هو إيريك برينس؟ وما علاقته بالكيان الصهيوني؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
في 13 ديسمبر/كانون الأول الجاري، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، تقريراً تعلن فيه أن الكيان الصهيوني بدأ بالفعل إغراق أنفاق المقاومة الفلسطينية في غزة. ونقلت عن مسؤولين أمريكيين مطّلعين على عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن هذا الإجراء يهدف إلى تدمير البنية التحتية التي تستخدمها المقاومة في عملها.
وقبل ذاك، في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري، قالت ذات الصحيفة الأمريكية أن جيش الاحتلال جمَّع نظاماً ضخماً من المضخات من أجل إغراق شبكة أنفاق المقاومة الفلسطينية.
بالمقابل، تتحدث تقارير إعلامية أخرى عن أن الملياردير الأمريكي ومؤسس مرتزقة "بلاك ووتر"، إيريك برينس، هو الذي أقنع القيادة العسكرية الإسرائيلية بمخطط إغراق الأنفاق، بل وورّد لها هذه المضخات التي تستخدم عادة في الأعمال المنجمية. وليست علاقة إسرائيل بالمقاول العسكري الأمريكي وليدة اليوم، بل تمتد لسنوات طويلة من الشراكة المالية والاستخباراتية والعسكرية.
مهندس إغراق الأنفاق
في تقرير نشرته صحيفة تايمز البريطانية، في 5 ديسمبر/كانون الأول، قالت إن المقاول العسكري الأمريكي الخاص إيريك برينس قد زار إسرائيل أياماً قليلة بعد هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتقى هناك عدداً من القيادات الإسرائيلية.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن برينس أقنع إسرائيل بشراء المضخات المتطورة التي تستخدم باعتبارها معدات تعدين من أجل إغراق أنفاق حماس التي يبلغ طولها 300 ميل في غزة.
ولقي مقترح برينس ردود فعل إيجابية في إسرائيل، وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي، إن غمر الأنفاق فكرة جيدة، لأن المقاومة الفلسطينية "تتوفر لها بنية تحت أرضية كبيرة في غزة، وكنا نعلم أنه سيكون لديها هناك كثير من الأنفاق. وجزء من هدف (هذه العملية) هو تدمير هذه البنية التحتية".
وفي مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كانت أول مرة تبلغ فيها القيادة الإسرائيلية نظراءها في الولايات المتحدة بخيار إغراق الأنفاق، حسبما ذكرت وول ستريت جورنال. ونفى مسؤولون أمريكيون وقتها علمهم بمدى تقدّم إسرائيل في تنفيذ هذا الخيار، لكن العملية في مجملها لقيت انتقادات من داخل إدارة بايدن.
وحسب تايمز، حذرت إدارة بايدن من أن تورط برينس كان بمثابة "علم أحمر" إنذاري، وطالبت بمزيد من الدراسة حول التأثير الذي يمكن أن تحدثه الفيضانات على المياه الجوفية ومرافق الصرف الصحي في غزة. ونقلت عن مصدر أمريكي قوله إن "إيريك جمهوري، لذا هناك اختلافات سياسية واضحة".
مَن إيريك برينس؟
يعرف إيريك برينس بأنه رجل أعمال أمريكي يعمل في مجال المقاولات الدفاعية والأمنية. وهو أصغر أبناء رجل الأعمال إدغار برينس، الذي ورث عنه إيريك جزءاً من ثروته، ليشغلها في أعماله لاحقاً.
ودخل إيريك برينس مجال المقاولة الدفاعية، بعد أن تلقى تعليمه في أكاديمية البحرية الأمريكية، وبعدها عمل في الجيش قائد الفرقة القتالية الجوية والبرية بالبحرية الأمريكية. وفي عام 1997، أسس أول شركة تعهد أمني باسم "بلاك ووتر"، التي قاتلت إلى جنب القوات الأمريكية في عدد من المناطق التي غَزَتها، ووظفتها وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في اغتيالات عابرة للحدود.
واشتهر مرتزقة "بلاك ووتر" بأداء أعمال وحشية وجرائم حرب بحق المدنيين. ومن بين أبرز هذه الجرائم، ما عرف بـ مذبحة ساحة السنوار" في العاصمة بغداد، عام 2007، إذ قتل مرتزقة الشركة بقتل 17 مدنيّاً عراقيّاً وجرح عشرات آخرين، ومن بين الضحايا كان رجل وزوجته وابنهما الصغير ذو التسع سنوات.
وبعد انتشار أخبار هذه الجرائم، غيّرت "بلاك ووتر" اسمها إلى "إكس إي سيرفيسز". وعادت في عام 2011، وغيرت اسمها مرة أخرى إلى "أكاديمي"، بعدما استحوذت عليها مجموعة شركات منافسة، ثم ضمت إلى مجموعة "كونستليس القابضة"، ولكن برينس كان قد استقال من رئاسة الشركة في عام 2009.
ومنذ أن ترك "بلاك ووتر"، قام برينس ببيع والترويج لسلسة الإمدادات الحربية الخاصة به في ما لا يقل عن 15 دولة. وأسس برينس مجموعة "فرونتيير سيرفس" للخدمات الأمنية ونقل الثروات والأموال.
لكن برينس استقال من رئاسة المجموعة بعد حديث عن علاقات مالية وسياسية مشبوهة بينه وبين الرئيس السابق دونالد ترمب. وحسب نيو يورك تايمز عمل برينس على التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح حملة ترمب، ونجح في توظيف عميل استخباراتي من أجل اختراق المؤتمر التمهيدي للديمقراطيين.
ما علاقة برينس بإسرائيل؟
تمتد علاقات المقاول الأمريكي إيريك برينس بإسرائيل إلى ما قبل الحرب الأخيرة، وتدخله لإقناع الحكومة الإسرائيلية بإغراق أنفاق غزة. وتتنوع هذه العلاقات ما بين علاقات مالية والسمسرة والوساطات الاستخباراتية والأمنية.
وفي عام 2014، عمل برينس في ترويج منتجات وخدمات المراقبة الاستخباراتية، إذ عرض على بعض زملائه في شركة "فرونتير سيرفس" برنامج تحديد الموقع الجغرافي للهواتف المحمولة، الذي قال إنه حصل على ترخيص له من شركة إسرائيلية.
وأدى برينس دور الوسيط لشركة الاستخبارات الإسرائيلية "Psy-Group"، المتخصصة في التلاعب بالانتخابات باستخدام حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، التي عملت على دعم حملة المرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب عام 2016.
واشتغل برينس لصالح شركة "Carbyne" الاستخباراتية الأمريكية، التي جمعت نخبة من سماسرة السلطة وشخصيات استخباراتية من مناطق عديدة حول العالم، بما في ذلك روسيا والصين والولايات المتحدة، حسب تقرير سابق لـTRT World.
وحسب ذات التقرير، قدمت شركة "Carbyne" حلولاً عالية التقنية لمراكز الطوارئ، وكانت لديها إمكانية وصول غير مسبوق إلى المعلومات الشخصية لمستخدمي تطبيقاتها.
وجمعت شبكت العلاقات حول الشركة كلّاً من برينس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء السابق إيهود باراك. ويعد كل من باراك وبرينس أعضاء مؤسسين للشركة، ومثّل رئيس الوزراء الإسرائيلي دور منفذ الشركة إلى المخابرات الإسرائيلية.
وكشف تحقيق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن المتعهد الأمني الأمريكي إيريك برينس تجمعه علاقات وطيدة بآري هارو، المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إذ اشترك الاثنان في عدد من الأعمال التجارية في إسرائيل.
وأضافت الصحيفة أن برينس يتمتع أيضاً بعلاقات طويلة الأمد مع الممول الإسرائيلي دوريان باراك، الشريك التجاري السابق لهارو. وحسبها، فقد حاول باراك إثارة اهتمام برينس بالاستثمار في مشروع للسكك الحديدية في إفريقيا، وفي استثمار مشترك مع الملياردير اليهودي فنسنت تشنغويز، كما كانا شريكين في شركة تعدين تدعى "ألوفر".
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: إغراق الأنفاق فی عام فی غزة
إقرأ أيضاً:
تسمم البحر والإنسان.. تحذير من مخاطر إغراق مليشيا الحوثي لسفينة ماجيك سيز
حذّرت ورقة تحليلية نشرها مركز يمني من مخاطر غرق السفينة "ماجيك سيز" في البحر الأحمر، المحمّلة بمادّة نترات الأمونيوم، بعد استهدافها من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية.
ونشر مركز مداد حضرموت الورقة التحليلية التي أعدّها الباحث عبدالله باعبّاد والصحفي عاصم الخضمي، حول المخاطر البيئية لكارثة غرق السفينة "ماجيك سيز" (Magic Seas) في البحر الأحمر.
وأشارت الورقة إلى أن السفينة، التي غرقت مطلع يوليو الماضي بعد مهاجمتها من قبل مليشيا الحوثي، كانت تحمل على متنها 17 ألف طن متري من مادّة نترات الأمونيوم.
وأوضحت أن هذه الكمية تعادل أكثر من ستة أضعاف الكمية التي تسببت بانفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، والذي عُدّ واحدًا من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ الحديث، متسببًا بمقتل أكثر من 200 شخص وخسائر مادية تُقدّر بنحو 15 مليار دولار.
ورأت الورقة أن هذه المقارنة “المروّعة” تعزّز حجم المخاوف المرتبطة بالآثار البيئية المحتملة لغرق هذه الكمية الهائلة في بيئة حساسة مثل البحر الأحمر، لا سيما وأن مصيرها لا يزال مجهولًا.
وطالبت الورقة السلطات المختصة باتخاذ إجراءات عملية فورية، تشمل التحليلات المخبرية والمسوح الميدانية الشاملة لتقييم آثار الحادثة، مشيرة إلى ضرورة التأكد من مصير هذه الكمية: هل ذابت في مياه البحر؟ وما الظروف المصاحبة لعملية الذوبان؟ أم أنها لا تزال داخل حطام السفينة في القاع؟
وفي ظل غياب هذه البيانات، قدّمت الورقة شرحًا علميًا لأبرز الآثار البيئية المتوقعة لدخول كمية هائلة من نترات الأمونيوم إلى مياه البحر، وعلى رأسها ظاهرة “التغذية المفرطة” التي تُحدث اضطرابًا شديدًا في التوازن البيئي، وزيادة غير طبيعية في نمو الطحالب والكائنات النباتية المائية.
وبيّنت الورقة أن موت هذه الكتلة الحيوية وتحوّلها إلى مادة متحللة يستهلك كميات ضخمة من الأكسجين المذاب، ما يؤدي إلى نقص حاد فيه وتشكّل “مناطق ميتة” تختنق فيها الكائنات الهوائية كالأسماك واللافقاريات.
بالتوازي مع ظاهرة التغذية المفرطة التي ستؤدي إلى إضعاف التَّنوُّع البيولوجي، يُشكِّل التركيزات العالية من الأمونيا/الأمونيوم تهديدًا سامًّا مباشرًا للحياة البحريَّة، يحدث معه نفوق يرقات الأسماك، والروبيان، وما يؤدِّي إلى انهيار المخزون السمكي وتدهور النظم البيئيَّة.
مؤكدة بأن أثار حدوث عملية التغذية المفرطة أو "ظاهرة التخثُّث"، هي عمليَّة منهكة تستهلك النظام البيئي، محوِّلة بيئة بحريَّة غنيَّة إلى مناطق قاحلة، وحقول مسمومة.
وتشير الورقة التحليلية الى أن آثار التلوُّث لا تقتصر على النظم البيئيَّة البحريَّة فحسب، بل تمتدُّ بطريقة غير مباشرة لتشكِّل تهديدًا مباشرًا لصحَّة الإنسان، واستقرار المجتمعات الساحليَّة، من خلال محورين رئيسين: تلوُّث مصادر مياه الشرب، وتلوُّث المأكولات البحريَّة.
مضيفة بأنه تنتج عن هذه الآثار الصحيَّة سلسلة من التبعات الاقتصاديَّة، والاجتماعيَّة الجسيمة، تشمل: إغلاق أحواض المحار، ومصائد الأسماك، وانهيار قطاع السياحة البحريَّة، ونشاط الصيد، وتفاقم الأعباء الماليَّة على أنظمة الرعايَّة الصحيَّة لمواجهة حالات التسمُّم الحادَّة، والمزمنة، وتهديد الأمن الغذائي للمجتمعات التي تعتمد على البحر مصدرًا رئيسًا للغذاء.