أعلنت الأمم المتحدة، الثلاثاء، تعيين منسقة للإشراف على شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة في إطار قرار اتخذه مجلس الأمن الدولي الجمعة لزيادة المساعدات الإنسانية.

وقالت الأمم المتحدة في بيان إن الهولندية سيغريد كاج ستكون منسقة الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة وستبدأ عملها في الثامن من يناير المقبل.

وأضافت: "ستعمل في هذا الدور على تيسير وتنسيق ومراقبة والتحقق من شحنات الإغاثة الإنسانية لغزة، كما أنها ستنشئ آلية لتسريع وصول المساعدات إلى غزة من خلال دول غير منخرطة في الصراع".

ووافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مبادرة مخففة لزيادة المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، ودعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة "لتهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال القتالية".

ووسط غضب عالمي إزاء ارتفاع عدد القتلى في غزة على مدى أسابيع من الحرب بين إسرائيل وحركة حماس وتفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع الفلسطيني، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت للسماح للمجلس المكون من 15 عضوا بتبني قرار صاغته الإمارات العربية المتحدة.

وصوت بقية أعضاء المجلس لصالح القرار باستثناء روسيا التي امتنعت هي الأخرى عن التصويت.

كما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد محاولة روسية لإضافة دعوة "لوقف عاجل ومستدام للأعمال القتالية" لمسودة قرار بمجلس الأمن الدولي بشأن غزة.

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الأمم المتحدة الإغاثة الإنسانية إسرائيل روسيا غزة فلسطين غزة الأمم المتحدة الأمم المتحدة الإغاثة الإنسانية إسرائيل روسيا غزة شرق أوسط

إقرأ أيضاً:

الدبلوماسية الإنسانية.. كيف تتحول الحلول إلى أدوات إطالة لأزمة غزة؟

بينما تتوالى مشاهد إسقاط المساعدات جوا فوق قطاع غزة، تتسع الفجوة بين ما يُروّج له دبلوماسيّا على أنه جهود إنسانية وبين واقع الغزيين المحاصر بالموت والجوع.

تلك المفارقة بين المشهد التلفزيوني وصورة الأطفال الذين ينهارون جوعا تختصر ملامح مقاربة إسرائيلية باتت تستخدم فيها "الدبلوماسية الإنسانية" كأداة سياسية لتخفيف الضغط الدولي من دون أي نية حقيقية لإنهاء الكارثة.

فالحكومة الإسرائيلية -وفق تحليل الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- لا تسعى فعليا إلى تخفيف معاناة الغزيين، بقدر ما توظف "بروباغندا" الإسقاطات الجوية لتنفيس الغضب الدولي والشعبي ضدها، لا سيما مع تفاقم الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية.

هذه المسرحيات الإنسانية، التي تُنفّذ على مرأى العالم، لا تمثّل سوى "قطرة في بحر" الاحتياجات الأساسية لقطاع يتضور جوعا، ويحتاج إلى مئات الشاحنات يوميا وليس حفنات من المساعدات المتساقطة في مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال.

المقاربة الإسرائيلية لا تُقاس هنا بحجم المساعدات بل بغاياتها السياسية، فبدلا من فتح المعابر البرية وتمكين الأمم المتحدة من توزيع المساعدات بفعالية، تلجأ تل أبيب إلى منهج التفاف إنساني يمنحها مظلّة لمواصلة حربها، ويمنع عنها مزيدا من العزلة الدولية.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور بلال الشوبكي يرى أن إسرائيل وجدت في هذه الخطوة وسيلة لتقديم "صورة مقابل صورة"، مقابل صور المجاعة التي حرّكت الضمير العالمي، خصوصا مع بروز مؤشرات على تململ حتى داخل إسرائيل.

وما يبدو ظاهريا مبادرة إنقاذية، يخفي -وفق تحليل الشوبكي- رسالة تفاوضية مزدوجة: مفادها أن إسرائيل ما زالت تمسك بزمام اللعبة، وأنها مستعدة للحديث مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فقط في سياق صفقات الأسرى، وليس لإدارة شؤون غزة أو رفع الحصار.

أدوات تكتيكية

بهذا المعنى تتحول المساعدات إلى أدوات تكتيكية في يد تل أبيب، تُستخدَم حين تشتد الضغوط، وتُسحب حين تنتفي الحاجة إليها.

إعلان

ولا تقف الازدواجية عند إسرائيل، بل تشمل أيضا الموقف الأميركي، الذي يتجلى في تصريحات الرئيس دونالد ترامب، إذ يعرب عن "قلقه" من المجاعة في قطاع غزة، ثم لا يتخذ أي خطوات ملموسة لتسهيل تدفق المساعدات.

ويذهب السفير الأميركي السابق بيتر غالبريث إلى أن الولايات المتحدة -بقيادة ترامب- تتصرف أحيانا بلا انتظام أو معنى، فتارة تشكك في وجود مجاعة، وتارة تطالب بإنهائها، بينما الواقع على الأرض يؤكد استمرار الحصار والتجويع بلا هوادة.

غالبريث اعتبر أن إسقاط المساعدات من الجو وسيلة غير فعالة، بل عبثية، خاصة إذا قورنت بوفرة المساعدات المخزنة خلف المعابر المغلقة، ويحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تعقيد الوضع الإنساني لرفضها التعاون مع الأمم المتحدة وحرمان مسؤوليها من دخول القطاع.

كما أشار إلى أن الإصرار الأميركي على إبقاء ملف المساعدات خارج أيدي الأمم المتحدة يعكس تحالفا ضمنيا مع إسرائيل في إدارة التجويع كوسيلة ضغط سياسي.

وعلى وقع هذه الممارسات، تتنامى مؤشرات التغير في الرأي العام الغربي، فكما يلفت الشوبكي، باتت الصور الآتية من غزة تصنع رأيا عاما مستقرا، لا مجرد موجات غضب مؤقتة، وهو ما قد يؤثر على تشكيل نخب سياسية مستقبلية في دول غربية طالما وقفت خلف إسرائيل.

لكن هذا التحول -رغم أهميته- يفتقر حتى الآن إلى التأطير الفلسطيني والعربي الذي يترجمه إلى ضغط منظم وفعّال على مراكز القرار الدولية.

تعمق الانقسام الداخلي

وبدأت التقارير الأممية والحقوقية بدورها تكسر جدار الصمت داخل إسرائيل، فمنظمة "بتسيلم" ذاتها وصفت ما يجري بأنه إبادة جماعية، في سابقة بالغة الدلالة على عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه بشأن أخلاقيات الحرب.

واعتبر غالبريث أن هذا الموقف من داخل إسرائيل يعكس تصدعا في رواية تل أبيب الرسمية، ويضيف ثقلا أخلاقيا لحملة الاتهامات الدولية الموجهة لها.

ورغم كل هذا الزخم، فلا تزال العدالة الدولية في موقع المتفرج، فمحكمة الجنايات الدولية، ورغم إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، فلم تتمكن من المضي قدما في تنفيذها.

ويعزو الحيلة هذا العجز إلى المظلة الأميركية التي تمنح نتنياهو الحصانة السياسية، بل وتدفع الكونغرس إلى تقنين العقوبات ضد القضاة أنفسهم، وهذا السلوك، وفق المحلل ذاته، يفضح مدى انحراف واشنطن عن مبادئ العدالة، ويجعل من إسرائيل "دولة فوق القانون" قادرة على ارتكاب الجرائم من دون محاسبة.

وفي حين تبدو الدعوات إلى محاسبة إسرائيل مجرد تكرار لمواقف إعلامية مألوفة، يعكس حديث غالبريث شيئا من الأمل، مستشهدا بتجربة يوغوسلافيا السابقة، إذ تمكنت العدالة الدولية من ملاحقة مجرمي الحرب رغم التشكيك الواسع حينها، لكنه يقر بأن الطريق طويل، وأن النيات وحدها لا تصنع العدالة.

كل ذلك يعيد طرح سؤال أساسي: هل المساعدات فعلا إنقاذ للمدنيين أم غطاء لإطالة أمد المجزرة؟ وتتضح الإجابة مع استمرار القتل اليومي في غزة، فكما يرى الشوبكي، فإن النخب الإسرائيلية الحاكمة لا تكترث لصورتها، بل تؤمن أن "أهداف الحرب" تبرر كل الوسائل، بما في ذلك إدارة المجاعة بحنكة سياسية.

إعلان

وعليه، فإن "الدبلوماسية الإنسانية" لم تعد تعبيرا عن التزام أخلاقي أو قانوني، بل باتت أداة ناعمة في خدمة أجندة عسكرية تواصل سحق قطاع بأكمله، وفق ما خلص إليه محللون في حديثهم للجزيرة.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية وانتشار الجوع في غزة
  • الأمم المتحدة تحذّر من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة وتدعو لإدخال المساعدات
  • يذوبون من الجوع بين الممرات الإنسانية الزائفة.. 40 ألف رضيع بغزة بلا حليب
  • الأونروا: أزمة غزة الإنسانية تتفاقم والعالم يكتفي بالمشاهدة
  • «البديوي» يبحث مع مبعوث الصين للشرق الأوسط المأساة الإنسانية في غزة
  • سلطنة عُمان تستعرض تقدمها في مؤشرات الأمن الغذائي بقمة الأمم المتحدة في إثيوبيا
  • "وصلت لأسوأ مستوياتها".. تحذيرات أممية من الأوضاع الإنسانية في غزة
  • الدبلوماسية الإنسانية.. كيف تتحول الحلول إلى أدوات إطالة لأزمة غزة؟
  • الصليب الأحمر: ما دخل من مساعدات إلى غزة نقطة في بحر الاحتياجات
  • 35 ألف شاحنة مساعدات دخلت إلى غزة منذ بدء الأزمة الإنسانية في القطاع