لجريدة عمان:
2025-07-03@11:37:00 GMT

معبر الخراب وحارسُ الفظائع

تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT

بما أننا نستهلك الميديا بجنون هذه الأيام، اسمحوا لي أن أرصد وأُعلق على بعض ما حدث الأسبوع الماضي. اسمحوا لي أيضا أن أُشارك أفكاري المتفرقة ونحن على أعتاب سنة أخرى.

(1)

عادة ما تكون مؤتمرات المناخ السنوية مناسبة للناشطين ليسلطوا الضوء على القضايا محل اهتمامهم، والتي لا تكون حِكرا على القضايا البيئية وقضايا المناخ.

وكالمتوقع كانت إبادة الاحتلال الإسرائيلي للغزاويين حاضرة على هامش مؤتمر المناخ الأخير بدبي «كوب 28» الذي يقول المُراسلون ثمة حلقة بودكاست ظريفة من مدى مصر حول الموضوع بعنوان «العائدون من كوب: إيه اللي حصل في مؤتمر المناخ؟» أقترح الاستماع لها بكل تأكيد)، المهم أنه يبدو - حسب المراسلين- أن الأمم المتحدة -ولأول مرة- حددت الشكل الذي يُمكن للمظاهرات أن تتخذه، والشعارات التي يُمكن رفعها. لم يُسمح مثلا برفع الأعلام، بتوجيه الاتهام لدولة بعينها وتحميلها مسؤولية الكارثة الإنسانية (يُمكن القول إن آلاف الغزاويين ماتوا لكن لا يُسمح بأن يقال بأن إسرائيل قتلتهم)، يُمكن للمتظاهرين رفع شعار «أوقفوا إطلاق النار» لكن لا يُسمح لهم بالقول «أوقفوا إطلاق النار الآن». إضعاف اللغة وتفريغها من إدانة الجاني، من الانفعال، من تسمية الأشياء بشكل واضح ليس عشوائيا. يُدرك من يضعون هذه القيود أهمية اللغة، يُدركون أهمية القصة، ولهذا يُصرون على موقفهم.

(2)

كثير من منصات الإعلام «الغربي» تُصر على نحو أعمى وساذج تقريبًا على مواصلة التلويح بقصص السلام والتسامح. تنشر الجارديان مثلا تقريرا عن الطبيب الفلسطيني عزالدين أبو العيش (المرشح مرارا لنيل جائزة نوبل للسلام، والذي التقاه بيرس مورغان بدايات الحرب وقد خسر العشرات من أفراد عائلته منذ السابع من أكتوبر، وكان قد فقد بناته الثلاث في 2009) تقرير الجارديان حمل عنوان «قتلت غارة جوية إسرائيلية 22 من أقاربي، لكنني أرفض أن أكره»، وأنا أتساءل لماذا يُؤخذ منا الحق في الكراهية؟ نشأتْ عادات الثأر وترتيبات القصاص، ثم العقوبات القانونية تحديدا للتعامل مع هذا الشعور الإنساني الطبيعي عندما يُعتدى على أحبائه. واحدة من المشاكل الإجرائية (إذا ما أردنا تجنّب الجوانب النفسية) لخطاب كهذا أنه يُوهم بوجود حلول غير ممكنة على أرض الواقع.

«حشا.. حتى الكراهية استكثرناها!»

(3)

ثمة نفور -لا يحتاج فطنة لملاحظته- من متابعة الجلسات، المؤتمرات، القمم المحلية، الإقليمية، والعالمية على حد سواء. يأتي هذا من سأم وجزع من اتخاذ موقف (أو اتخاذ قرار) قوي بما يكفي للتغيير على نحو فوري أو راديكالي.

يبدو أن أهم مكسب للجيل الجديد هو التحرر من مارد المعرفة المُقيِد. يقولون: لا أحتاج لأن أكون خبيرا بالمناخ لأصبح ناشطا بيئيا أو ناقدا لسياسات الطاقة، ولا أحتاج لأن أقرأ كتب التاريخ لأعرف مع من وضد من أقف. أعني أن المعرفة بالمعنى التجريدي أساسية، مهمة، وهي أيضا محرِرة. يكمن الإشكال في استخدامها كأداة تسلُّط. فإقران حقك في التعبير عن رأيك، بمدى معرفتك بمجال ما، مُثبط، مُعطل، وظالم. ثمة حساسية تُخبر المرء أن نوعا من الظلم واقع عليه شخصيا أو على إنسان آخر، وهي تفوق في كثير من الأحيان أهمية امتلاك المعارف، أو أدوات الجِدال المنطقي.

(4)

دارت الأيام فعلا. ربما عجّل دورتها الحدث الاستثنائي الذي نعيشه. أشياء ظننا أننا كبرنا عليها. تجاوزناها. تعود لتأخذ مكانها. يعود مظفر النواب، ويعود الفيتوري، وأمل دنقل، بل ويعود نزار. تعود الأناشيد.. تعود الدفوف..

حساباتنا للأمور غريبة. عندما تُفكر بما هو مهم لك فعلا. بأكثر شيء يُمكن أن يُرضي ضميرك، وما تفعله بالمقابل.. شتان شتان بين ما تتمنى وما تفعل. وهذه الفجوة التي هي أساس كل غضب، ويأس، وانفصال، تأكلنا. كما يحق لها تماما أن تفعل. إلا أن هذا ليس غريبا تماما عنا. إننا نعرف قدرتنا على المضي ضد سعادتنا، لكن كنا نعتقد أنه ضرب من تدمير الذات، لم نعرف أن لنا قدرة على تحمل عذابات الآخرين كامتداد لعاداتنا التدميرية.

«أصيح بالخليج»، الخليج الذي صار معبرا للخراب، وحارسا للفظائع. أنت من بين الجميع تعرف العطش. أين دروس الصحراء منك؟ لطالما كانت مياهك، ضفافك، ورمالك مؤتمنة، ما الذي تغير؟ متى صرت مستخفا بالأرواح، همجيا، وأرعن؟ القسوة نعرفها. ما لا نعرفه عنك هو تعمدها. كذا يا خليج.. كذا؟

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لمحبي السينما العالمية.. تعرف على أحداث فيلم «Jurassic World Rebirth»

يُجسّد فيلم «Jurassic World Rebirth» روعة وعظمة السحالي الضخمة التي افتقرت إليها العديد من الأفلام، والتي أصبحت أشبه بمبارزة قط وفأر لا تنتهي في الظلام بين البشر الخائفين من جهة، والديناصور ريكس أو الجوارح من جهة أخرى.

يعود الفضل في ذلك إلى كاتب السيناريو ديفيد كوب، مؤلف فيلم «الحديقة الجوراسية» الأصلي، والمخرج جاريث إدواردز، الخبير في الزواحف العملاقة بإخراجه فيلم "جودزيلا" عام ٢٠١٤. بالتعاون مع المخرج والمصور جون ماثيسون، أعادا السلسلة إلى جذورها الناجحة.

أحداث فيلم «Jurassic World Rebirth»

يُشير فيلم «Jurassic World Rebirth» إلى الماضي، وفي الوقت ذاته يُقدم مستقبلًا جديدًا بشخصيات جديدة، حيث إنه نوع من أفلام السرقة مع الوحوش التي تدور أحداثها في منشأة الأبحاث الأصلية المتحللة في جزيرة جوراسيك بارك المهجورة الأصلية.

وتدور أحداث الفيلم بعد 5 سنوات من فيلم «جوراسيك وورلد دومينيون» وبعد حوالي 3 عقود من إعادة إحياء الديناصورات، فلقد فقدت هذه الكائنات سحرها الجماهيري - ربما في إشارة خفية إلى أفلام السلسلة - وكافحت مع تغير المناخ، حيث تجمعت عند خط الاستواء.

وتتوقف المهمة المكونة من 3 أجزاء، والتي تُمثل جوهر فيلم "إحياء العالم الجوراسي"، بسبب عائلة - أب وابنتيه وصديق مريب - في مركب شراعي طوله 45 قدمًا انقلب ويحتاج إلى الإنقاذ، حيث إنهم يضفون جرعة من الفكاهة والإنسانية التي لا تعمل دائمًا إلى فريق الاستخراج، والذي يتضمن أيضًا الشرير الذي يرسل إشارات بسهولة للغاية يلعبه روبرت فريند - "أنا أذكى من أن أموت" - وعالم الحفريات المقيم في المتحف يلعبه جوناثان بيلي.

اقرأ أيضاًبعد غياب 14 عاما.. الديناصور بارني يعود للسينما من جديد «تفاصيل»

الديناصور «فرانكي» في رحاب الجامعة البريطانية استعدادًا لقمة المناخ cop 27

لمحبي البرامج الوثائقية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافك 2025 على نايل وعرب سات

مقالات مشابهة

  • شجون الهاجري بعد خروجها: الحمد لله الذي نجّانا دون أن نعلم
  • تغير المناخ يهدد نصف موائل السلاحف البحرية
  • تصدر الترند.. أهمية تحليل الهوموسيستين
  • ما الذي نعرفه عن العلاقة بين التغيرات المناخية وموجات الحر؟
  • خبراء بيطريون يؤكدون أهمية دعم مربي الثروة الحيوانية
  • وزيرة البيئة تشارك فى إحتفالية أبطال المناخ من المزارعين المصريين
  • الأرصاد تتوقع ارتفاع الأمواج 2.25 متر على البحرين المتوسط والأحمر
  • اليابان تسجل حرارة قياسية وسط موجة حر عالمية
  • حركة البضائع عبر معبر جابر بين الأردن وسوريا ترتفع أكثر من 272 بالمئة
  • لمحبي السينما العالمية.. تعرف على أحداث فيلم «Jurassic World Rebirth»