جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-25@15:58:06 GMT

كم هي عظيمة أمّة مانديلا!

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

كم هي عظيمة أمّة مانديلا!

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

كم هي كثيرة علامات الاستفهام والتعجب لأمة العرب التي تُواصل التراجع والتدهور التاريخي، فلا حول ولا قوة لها أمام العصابة الصهيونية النازية التي تحكم إسرائيل حاليًا، وترتكب أبشع الجرائم ضد الأشقاء في غزة من النساء والأطفال والشيوخ والجميع بلا استثناء، مُسجلةً بذلك أضعافًا مضاعفة مما تعرض له اليهود من تنكيل وقتل في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية، على يد الغرب المسيحي وخاصة النازية.

لذا يجدُر بالحكومات العربية- من المُحيط إلى الخليج- أن تدرك فداحة تقصيرها ونجاح غيرها من الأمم القوية والتي تملك الإرادة في رفع الظلم عن الشعب الفلسطيني، فهناك من العرب من ساعد على إحكام الحصار على غزة، بينما اكتفى البعض بالمؤتمرات وبيانات الشجب والتنديد التي تعودنا عليها عبر العقود الماضية؛ فهي لا تساوي قيمة الحبر التي كُتبت به تلك الكلمات الجوفاء.

وبالفعل، عند المصائب والأزمات العظيمة، تظهر معادن النَّاس ومواقفهم الإنسانية؛ بل وشجاعتهم ونضالهم البطولي في الدفاع عن الحق ودحض الباطل، ومن هنا ندون هذه السطور لنحيِّي ونبارك ما أقدمت عليه حكومة جمهورية جنوب أفريقيا وشعبها العظيم، والتي تبعد عن فلسطين عشرات الآلاف من الأميال، لكنها سبقت كل الدول العربية في رفع قضية الإبادة الجماعية ضد دولة الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بمملكة نيذرلاند، فجرائم إسرائيل في قطاع غزة وفلسطين المحتلة مكتلمة الأركان، ونُفِّذَت أمام شاشات القنوات الفضائية مباشرة على مرأى ومسمع من العرب والعالم، وسبقها تنافس بين قادة إسرائيل بالإعلان عن قطع كامل للماء والطعام والكهرباء عن قطاع غزة؛ وبل وصف الشعب الفلسطيني بالحيوانات التي يجب إبادتها، كما قال الإرهابي المُجرم الذي يعمل وزيرا للدفاع (يوآف جالانت)، وذلك قبل العدوان البري والمذابح التي ارتكبها الجيش الصهيوني والتي أسفرت عن أكثر من 22 ألف شهيد من النساء والأطفال والشيوخ في غزة، إضافة إلى 60 ألف جريح، والآلاف ما زالوا تحت أنقاض القصف الغاشم الهمجي.

وستبدأ جلسات الاستماع العلنية في محكمة العدل الدولية يومي الخميس والجمعة المقبلين 11 و12 يناير الجاري.

لقد تكشَّفت الحقيقة المُرّة والمتمثلة في عجز وخنوع حكومات المنطقة وتخاذلها عن القيام بواجبها حول الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، بينما في المقابل لا تكف أمريكا عبر عقود عن حماية إسرائيل ومساعدتها على الإفلات من العقاب في المحاكم الدولية، وكذلك في منابر الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص مجلس الأمن الدولي، الذي فقد مصداقيته وتنصل من مسؤولياته الإنسانية، في ظل الفيتو الأمريكي المُلطّخ بدماء الأبرياء في مختلف الصراعات العالمية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، وتكون طرفًا في ارتكاب جرائمها المُستمرة ضد الشعب الفلسطيني.

لا شك أنَّ هذه الأمة الخالدة- التي أنجبت المناضل نيلسون مانديلا الذي أمضى 27 سنة في سجون نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا الذي كان مسيطرًا على البلاد ومُشكِّلًا حكومة من الأقلية البيضاء من بقايا الاستعمار الأوروبي على البلاد، ومطبقًا سياسة ما يعرف (Apartheid Regime) ضد السكان الأصليين من السود- ليس بغريب عليها أن تتخذ مواقف مُشرِّفة وتسبق الدول العربية مجتمعة في نيل هذا الشريف العظيم.

الجميع يعلم أنه كانت هناك علاقات قوية وتعاون عسكري بين النظامين العنصريين في جنوب أفريقيا والكيان الصهيوني، وعندما خرج الزعيم مانديلا من المعتقل وتولى منصب رئاسة الجمهورية، دعا إلى إقامة الدولة الفلسطينية ومساندة نضال الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وعند وفاته في 2013 نعت حركة حماس الزعيم مانديلا واعتبرته أحد رموز الحرية في العالم وأشادت بمسيرته النضالية ضد التفرقة العنصرية.

ومن المفارقات العجيبة أن تحتفظ بعض الدول العربية بعلاقات دبلوماسية مع هذا الكيان الغاصب والذي ارتكب مذابح تقشعر لها الأبدان، بينما تغلق جنوب أفريقيا سفارة تل أبيب في بريتوريا، ذلك بعد التصويت في البرلمان على تعليق العلاقات مع هذه الدولة المارقة الذي تفتقد للشرعية. كما سبق لجمهورية جنوب أفريقيا وجيبوتي وبنجلاديش وجزر القمر وبوليفيا أن تقدمت بطلب للمحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق عاجل حول الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة. وهنا نوضح الفارق بين المحكمتين الدوليتين هو أن المحكمة الجنائية تختص بسلطة محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم حرب مثل نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، بينما سلطة محكمة العدل تتمحور حول النزاعات القانونية بين الدول، وكذلك جرائم الإبادة الجماعية مثل التي تحدث حاليًا في فلسطين المحتلة.

وفي الختام.. سيأتي اليوم الذي تنكشف فيه الحقيقة، فيندم كل من تخلّى عن نصرة الحق وتنازل عن المقدسات في سبيل تحقيق أهداف مادية رخيصة في هذه الدنيا الفانية، لينطبق عليه قول المولى جل في عُلاه: "فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ" (الحج: 46).

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

حرب الإبادة والقدس وتهجير الشعب الفلسطيني

حكومة الاحتلال العنصرية تواصل حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من 19 شهرا وبحملات التدمير والقتل الممنهج في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، حيث تسعى لتصفية القضية الفلسطينية بما فيها حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وخاصة في ظل عدم قدرة المجتمع الدولي الوصول الى وقف إطلاق نار دائم ومستدام، وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم (2735)، بما يساهم في وقف العدوان وتطبيق الخطة العربية الإسلامية للتعافي وإعادة الإعمار لقطاع غزة، وضمان تقديم الدعم السياسي والمالي للحكومة الفلسطينية لتمكينها من تولي مسؤولياتها في قطاع غزة كما في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.

ما تقوم به حكومة الاحتلال واستخدامها التجويع كأداة من أدوات الإبادة الجماعية من خلال منع دخول المساعدات، ومنع المنظمات الإنسانية الأممية من القيام بمهامها بهدف التهجير القسري، واستمرارها إغلاق المعابر والحدود، ومنعها إدخال المساعدات ومحاربتها للمنظمات الدولية العاملة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وتعمل حكومة الاحتلال على تصعيد ممارساتها العدوانية الهادفة الى تغيير المعالم الحضارية لمدينة القدس الشريف وطابعها العربي والإسلامي، والمساس بوضعها القانوني، وبالأخص العمل على تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، ولا بد من العمل على صون هوية المدينة المقدسة باعتبارها رمزا للتسامح والتعايش بين الديانات السماوية، وكذلك دعم صمود أهلها أبناء بيت المقدس، وأهمية دعم جهود المملكة الأردنية الهاشمية في حماية ورعاية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، ودور الوصاية الهاشمية على هويتها العربية والإسلامية والمسيحية والوضع التاريخي والقانوني القائم فيها .

تصعيد إرهاب الدولة المنظم الذي تمارسه قوات الاحتلال وعصابات المستعمرين، يتطلب تحرك دولي عاجل لفرض العقوبات على حكومة الاحتلال وعزلها ومحاسبتها أمام المحاكم الدولية، بما يضمن حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان، ويجب على المجتمع الدولي تعزيز آليات لتفعيل قرارات اليونسكو بتثبيت تسمية المسجد الأقصى الحرم القدسي الشريف كمترادفين لمعنى واحد والتأكيد على أن تلة باب المغاربة جزء لا يتجزأ من الحرم القدسي الشريف، وحق إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية في إعادة ترميم باب المغاربة وصيانة المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، والحفاظ عليه وتنظيم الدخول إليه باعتباره الجهة القانونية الحصرية الوحيدة المسؤولة عن الحرم البالغة مساحته 144 دونما، وباعتباره مكان عبادة خالص للمسلمين، ومحمياً بالقانون الدولي والوضع القانوني والتاريخي القائم فيه.

لا بد من المجتمع الدولي العمل على أهمية استمرار الدعم الثابت لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، والتي تضطلع بدور لا غنى عنه في توفير الخدمات للاجئين الفلسطينيين، ولا بد من المجتمع الدولي مواصلة دعمه لها سياسياً ومالياً في مواجهة الوضع الإنساني المتدهور في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس.

كما يجب الرفض بشكل قاطع أي سيناريوهات تستهدف تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، لما ينطوي على هذا الإجراء في تصفية للقضية الفلسطينية، وبما يشكل انتهاكا جسيماً لأحكام القانون الدولي، واستهداف إسرائيل لمقومات الحياة الأساسية في غزة بشكل ممنهج بنية وضعهم أمام ظروف مستحيلة لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم، وبرغم كل ما يمارسه الاحتلال أن إرادة الشعب الفلسطيني لن تنكسر، وسيواصل كفاحه المشروع لنيل حريته واستقلاله وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة، وعاصمتها القدس.

الدستور الأردنية

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية تؤكد ضرورة تعزيز التضامن العربي والدولي مع الإعلام الفلسطيني
  • تصعيد إسرائيلي جديد في غزة.. والرئيس الفلسطيني يدعو لوقف إطلاق النار
  • «شكلت يقظة وطنية عظيمة».. أدباء ومفكرون: ثورة 30 يونيو أعادت الاعتبار لمفهوم الهوية المصرية
  • مصطفى بكري عن مقتل 7 جنود بجيش الاحتلال: الصهاينة يشعرون بالورطة التي أوقعهم بها نتنياهو
  • حرب الإبادة والقدس وتهجير الشعب الفلسطيني
  • فوائد قراءة أذكار المساء يوميا.. 4 فضائل عظيمة أخبرنا عنها النبي
  • العرباوي: نندد بالعدوان الوحشي الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني
  • ترامب: مستقبل إسرائيل وإيران مفتوح بلا حدود ومحكوم بوعود عظيمة
  • الرئيس الفلسطيني يجري تعديلًا وزاريًا على الحكومة
  • عاجل | ترامب: لنجعل إيران عظيمة مجددا