عام على سقوط الأسد.. صحفيو سوريا يتمتعون بحريتهم بعد 50 عاما
تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT
بعد مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، الذي حكمت عائلته سوريا بـالحديد والنار مدة 5 عقود، يتمتع الصحفيون السوريون بحرية واسعة في أداء عملهم، ولكنهم يواجهون في الوقت ذاته تحديات أخرى، مرتبطة بتنظيم المهنة وطبيعة بعض المناطق غير المستقرة في البلاد.
وأشار 20 صحفيا في سوريا إلى أن الظروف تحسنت بشكل كبير، إذ يمكن لجميع وسائل الإعلام السفر والتغطية بحرية، بما في ذلك التغطية الناقدة للحكومة الجديدة، على الرغم أن أسس حرية الصحافة الحقيقية لم تترسخ بعد، وفق لجنة حماية الصحفيين الدولية.
وبحسب اللجنة، فإن معظم حالات القتل والإصابات والاعتقالات والاعتداءات التي تعرض لها الصحفيون منذ الإطاحة بالأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، نجمت عن الانقسامات السياسية في البلاد، وغالبا ما تُرتكب الانتهاكات على يد المليشيات الإقليمية، وليس من قبل الأجهزة التابعة للحكومة الجديدة.
صحفي سوري يلتقي عائلته بعد غياب 14 عامًا#الجزيرة_سوريا pic.twitter.com/b3bw1ZPogR
— قناة الجزيرة (@AJArabic) December 31, 2024
فروقات كبرى وتطورات مشجعة
وتوقف مراسل قناة "سوريا تي في"، أنس إدريس عن استخدام اسم مستعار في عمله، لأنه بات يشعر بأمان أكبر في ظل الحكومة الجديدة، مؤكدا أن تغييرا كبيرا جدا حدث في المشهد الصحفي، لأن السلطات الجديدة لا تتدخل في التغطية الصحفية ما لم "يحرض الصحفي على العنف".
وأعرب إدريس عن سعادته برد فعل الحكومة عندما تعرض للتهديد في سبتمبر/أيلول من قِبل أحد أفراد قوات الأمن الذي حذره على فيسبوك قائلا: "لا تلعب بالنار"، مضيفا أن المسؤولين العاملين لدى محافظ مدينة القصير عينوا محاميا وقدموا شكوى نيابة عنه، وعلى إثر ذلك اعتُقل الضابط المتورط على الفور.
ويؤكد علي عيد، رئيس تحرير موقع "عنب بلدي" الإخباري، ومدير منصة التحقيقات "سيريا إنديكيتور" أن هناك تطورات مشجعة، مثل توقف الرقابة الحكومية عن مراجعة محتوى الصحفيين قبل النشر.
إعلانوقال: "أنا أعمل بحرية، لا توجد خطوط حمراء، ولا أحد يمنعنا من النشر، ولا أحد يطلب منا ألا نكتب بصرامة"، داعيا إلى مزيد من الإصلاحات، مضيفا "نحن بحاجة إلى بيئة مستقرة حقا تتضمن قوانين واضحة لحماية عمل وسائل الإعلام"، مشددا على أهمية تدقيق الحقائق ومكافحة المعلومات المضللة.
الخطر في بعض المناطق قائموفي مارس/آذار الماضي، أُطلقت النار على 3 صحفيين، وتعرض آخرون للاعتداء، معظمهم من قِبل قوات موالية للأسد في محافظة اللاذقية الساحلية.
لكن على الرغم من انتقاده الحكومة الجديدة في ملفات متعددة يقول كمال شاهين، الصحفي المستقل المقيم في اللاذقية "لا توجد رقابة أو قيود في الوقت الحالي".
وأشارت اللجنة الدولية إلى مقتل صحفيين وتعرض آخرين لإطلاق النار والمضايقة خلال الاشتباكات التي وقعت في يوليو/تموز بين المليشيات الدرزية والقوات الحكومية في السويداء.
ويقول ريان معروف، رئيس تحرير موقع "السويداء 24" الذي يركز على الدروز، إنه أحد الصحفيين القلائل الذين ما زالوا في السويداء، حيث تمنع نقاط التفتيش الحكومية الصحفيين المستقلين من دخول المدينة، مضيفا "الصحفيون هم مع الأسف الحلقة الأضعف لأنهم يتعرضون للتهديد من جميع الأطراف".
واندلع اشتباك جديد على الحدود الجنوبية لسوريا مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث سيطرت إسرائيل عقب سقوط الأسد على منطقة عازلة منزوعة السلاح -أُنشئت بموجب اتفاق وقف إطلاق النار عام 1974- في مرتفعات الجولان، بالإضافة إلى أجزاء من دمشق، في حين تُشن غارات إسرائيلية بشكل أسبوعي تقريبا.
ويقول نور الحسن، مراسل صحيفة المدن اللبنانية، الذي غطى العديد من الهجمات الإسرائيلية وطارده الجنود الإسرائيليون: "نواجه صعوبات شديدة للغاية وخوفا ورعبا عند محاولتنا توثيق ومراقبة الغارات الإسرائيلية"، مضيفا أن الصحفيين يواجهون خطر الاعتقال من قِبل إسرائيل، لكنهم يواصلون عملهم، حتى لو اضطروا إلى التصوير من خلف جدار أو نافذة أو أي زاوية يمكن التصوير منها.
وبحسب لجنة حماية الصحفيين ما زالت حرية الصحافة تتراجع في الأراضي التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال شرق البلاد، حيث واجهت وسائل الإعلام اعتداءات واعتقالات وحظرا منذ عام 2012.
وعود حكومية بالأفضلوعلقت حكومة الرئيس السوري أحمد الشرع قوانين الصحافة التي كانت سارية في عهد الأسد، والتي كانت بمثابة أدوات عقابية أكثر منها أدوات حماية، وذكّر صحفيون بأن الإجراءات الأمنية المشددة والمراقبة إبان حكم الأسد جعلت الصحافة المستقلة شبه مستحيلة، إذ لم يُسمح إلا بترديد رواية الحكومة، وأي انحراف عن ذلك كان يؤدي إلى الاستجواب أو الاعتقال أو ما هو أسوأ.
وفي إيضاح للمفارقات في وضع الصحافة والإعلام في بلاده قبل سقوط نظام بشار الأسد وبعده، أشار وزير الإعلام حمزة المصطفى إلى مقتل أكثر من 700 صحفي خلال الثورة على الأسد بين عامي 2011 و2024.
وتخطط وزارة الإعلام، وفق مدير عام الشؤون الصحفية عمر حاج أحمد، إلى تشريع قانون حديث للإعلام يحترم حرية التعبير والمسؤولية المهنية، حيث عقدت الوزارة ما لا يقل عن 16 ورشة عمل حول أخلاقيات الإعلام.
إعلانويقول المصطفى إن سوريا انتقلت من "مملكة الخوف" واعتقال وقتل الصحفيين إلى بلد خال من أي معتقل بسبب رأيه أو منشوراته، مؤكدا عدم وجود صحفيين معتقلين في البلاد، باستثناء حالة واحدة قيد التحقيق.
وبيّن أن أكثر من 500 وسيلة إعلامية تعمل حاليا في سوريا، مضيفا "تلقينا نحو 3 آلاف طلب للحصول على بطاقات صحفية"، مشيرا إلى أن العمل جار من أجل معالجتها وإصدار البطاقات للصحفيين.
وقال "إن وزارة الإعلام انتقلت من وزارة الرقابة إلى وزارة صناعة محتوى إعلامي"، لافتا إلى السعي للعب دور فاعل في عملية صناعة المحتوى.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يكشف تفاصيل سقوط «الأسد».. الأمم المتحدة: المرحلة الانتقالية في سوريا «هشة»!
أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن أمله في التوصل إلى اتفاقٍ لنزع سلاح الجنوب الغربي السوري وحماية الدروز، مؤكدًا استمرار إسرائيل في السيطرة على مواقعها داخل سوريا.
وقال نتنياهو في تصريحاته إن إيران حاولت إرسال فرقتين جويًّا لإنقاذ الرئيس السوري السابق بشار الأسد، لكن سلاح الجو الإسرائيلي أبعدها عن سماء سوريا، مشيرًا إلى أن مواجهة إيران لم تنته بعد، وأن اتفاق سوريا وإسرائيل أقرب مما يبدو.
وتواصل إسرائيل خرق اتفاق فضِّ الاشتباك لعام 1974 من خلال التوغل في أرياف دمشق والقنيطرة ودرعا والاعتداء على المواطنين، فيما تؤكد سوريا مطالبتها الدائمة بانسحاب القوات الإسرائيلية، داعية المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في وقف الممارسات العدوانية.
وكانت إسرائيل قد بدأت يوم الأحد 8 ديسمبر 2024 عمليةً عسكريةً جوية وبرية ضد سوريا، شملت توغل الآليات داخل المنطقة العازلة في القنيطرة وجبل الشيخ بذريعة إنشاء منطقة عازلة بين الأراضي السورية وهضبة الجولان المحتلة، مدعومةً بغارات من سلاح الجو الإسرائيلي على مناطق متفرقة.
وأطلقت إسرائيل على العملية اسم “سهم باشان”، وهي الأولى منذ خمسين عامًا بعد اتفاقيات وقف إطلاق النار في 31 مايو 1974، حيث تجاوزت القوات الإسرائيلية السياج الحدودي وفرضت سيطرتها على أراضٍ سورية جديدة.
هذا ووقع الجيشان السوري والإسرائيلي اتفاق فضِّ الاشتباك في 31 مايو 1974 عقب حرب أكتوبر 1973، وفي ذات التاريخ تم تشكيل قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، وجرى إنشاء منطقة عازلة تمتد بطول نحو 80 كيلومترًا وعرض يتراوح بين نصف كيلومتر وعشرة كيلومترات، تُعرف حدودها الشرقية باسم “خط برافو” والغربية باسم “خط ألفا”، مع مساواة الجانبين في حجم القوات ونوعية السلاح.
وفي سبتمبر الماضي، قال نتنياهو إن المفاوضات بشأن التوصل لاتفاق أمني مع سوريا تشهد تقدمًا لكنه لا يزال بعيد المنال، فيما اعتبر الرئيس السوري أحمد الشرع في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية أن التوغل الإسرائيلي لا ينبع من مخاوف أمنية، بل من طموحات توسعية، مؤكدًا أن دمشق منخرطة في مفاوضات مباشرة مع تل أبيب، إلا أن على الأخيرة الانسحاب إلى حدود 8 ديسمبر لإحراز تقدم في هذا الملف.
وأكد الشرع أن إسرائيل شنت أكثر من ألف غارة على سوريا، ووصفت مواجهتها بالعنف الشديد، ما يعكس تصعيدًا خطيرًا على الأرض رغم استمرار المفاوضات الدبلوماسية.
عام على مغادرة بشار الأسد: سوريا الجديدة بين التحولات السياسية والانفلات الأمني
عام كامل مرّ على مغادرة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، شهدت سوريا تحولات سياسية وأمنية وجغرافية أعادت رسم ملامح البلاد، حيث انتقلت السلطة وظهرت ترتيبات دستورية جديدة، إلى جانب تحركات عسكرية داخلية وخارجية أثرت على الاستقرار.
في 8 ديسمبر 2024، دخلت فصائل المعارضة السورية المنضوية ضمن هيئة “تحرير الشام” العاصمة دمشق وأعلنت سيطرتها على البلاد بعد مغادرة الأسد، عقب عملية واسعة ضد مواقع الجيش السوري في 29 نوفمبر.
وفي 29 يناير 2025، عُيّن أحمد الشرع رئيسًا للمرحلة الانتقالية، فيما أصدر الإعلان الدستوري الجديد في 13 مارس محددًا المرحلة الانتقالية بخمس سنوات ومنح الرئيس سلطة استثنائية واحدة وهي إعلان حالة الطوارئ.
على الصعيد العسكري، وسعت إسرائيل توغلاتها جنوب سوريا ودمرت الأسطول السوري في ميناءي اللاذقية و”البيضاء”، واستهدفت طائرات وسفنًا حربية ومنشآت استراتيجية، وفرضت سيطرتها على مرتفعات الجولان وقمة جبل الشيخ، ونصبت حواجز وأجرت حملات اعتقال واسعة.
في مارس، شهد الساحل السوري مجازر مروعة راح ضحيتها مئات المدنيين، وتلتها مواجهات في السويداء خلال يوليو، ما دفع إسرائيل لقصف مبنى هيئة الأركان بزعم حماية الطائفة الدرزية.
خارجياً، عززت سوريا حضورها الدولي، حيث ألقى الشرع خطابًا في الأمم المتحدة، وشطب مجلس الأمن اسمه واسم وزير داخليته من قوائم الإرهاب، واستقبله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض بعد تعليق جزئي لعقوبات “قيصر” ورفع الاتحاد الأوروبي كامل العقوبات في مايو، كما زار الشرع الكرملين والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتأكيد التعاون الاستراتيجي بين دمشق وموسكو.
عام كامل انقضى، ولا تزال المحافظات السورية، خاصة الساحل، تشهد انفلاتًا أمنيًا مستمرًا، مع تكرار حوادث الخطف والقتل والاعتداء على الممتلكات، ما دفع السكان لتنظيم احتجاجات سلمية في نوفمبر للمطالبة بوقف القتل والتحريض الطائفي، واللامركزية السياسية، والإفراج عن المعتقلين منذ رحيل حكومة الأسد.
هذا وبدأت سوريا منذ 2011 صراعًا مسلحًا طويل الأمد أدى إلى تغييرات جذرية في السلطة والمشهد السياسي، مع تدخلات إقليمية ودولية وتوغل إسرائيلي في بعض المناطق، وظهور تشكيلات مسلحة مثل قوات سوريا الديمقراطية و”تحرير الشام”، ما جعل البلاد تواجه فترات متكررة من الانفلات الأمني والسياسي حتى انتقال السلطة في ديسمبر 2024.
الأمم المتحدة: المرحلة الانتقالية في سوريا لا تزال هشة بعد عام على رحيل الأسد
أكد خبراء أمميون أن المرحلة الانتقالية في سوريا لا تزال هشة بعد مرور عام على الإطاحة بحكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وسط استمرار التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلاد.
ويحتفل السوريون في 8 ديسمبر بالذكرى الأولى لهذا التحول التاريخي، بعد أكثر من 14 عامًا من الصراعات والأزمات المعقدة، فيما تواصل لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا التابعة للأمم المتحدة عملها في توثيق الأحداث ومتابعة المستجدات.
وأشادت اللجنة في بيان بمناسبة هذه الذكرى بالجهود السورية الرامية إلى تعزيز الاستقرار والمصالحة، معربة عن أملها في استمرار المسيرة نحو تحقيق السلام والازدهار لجميع السوريين، وداعية إلى تضافر الجهود الإقليمية والدولية لدعم المسارات السلمية وبناء الثقة، مع التأكيد على أهمية الحوار الوطني الشامل كمسار أساسي لتجسيد تطلعات الشعب السوري في العيش بكرامة وأمان.
وأوضحت اللجنة أهمية التركيز على المرحلة المقبلة لبناء مستقبل أفضل، يرتكز على احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون كأساس للتعايش المشترك، مؤكدة قدرة الشعب السوري بتضامنه وصموده على تجاوز التحديات وكتابة فصل جديد من الاستقرار والتنمية.
يذكر أن اللجنة، المؤلفة من خبراء مستقلين، تواصل عملها ضمن التفويض الممنوح لها من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، سعياً لتحقيق العدالة والإنصاف عبر الوسائل السلمية والحوار البناء.
مفتي سوريا: الثورة قامت على الأخلاق والمرحلة القادمة للبناء وترسيخ السلم
أكد مفتي الجمهورية العربية السورية الشيخ أسامة الرفاعي أن الثورة السورية انطلقت من التمسك بالفطرة السليمة، ما دفع الشباب للمطالبة بالحرية والكرامة عبر مظاهرات سلمية.
وقال الشيخ الرفاعي في تصريحات لوكالة الأنباء السورية “سانا” من جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي بدمشق، إن الثورة نجحت وتحولت من مرحلة الجهاد والقتال إلى مرحلة بناء الدولة، خاصة أن النظام السابق خلف أنقاض دولة وإمكانيات مدمرة، مضيفًا أن الدين والرغبة بالحرية والتمسك بالكرامة هي القيم الوحيدة التي لم يستطع النظام تغييرها.
وأشار المفتي إلى أن المظاهرات انطلقت من بيوت الله، ما يعكس ارتباط الدين الصحيح بالحرية، لافتًا إلى دور النساء المهم في إسعاف الجرحى ودعمهم خلال الثورة.
ودعا الشيخ الرفاعي السوريين إلى الالتفاف حول الدولة والتعاضد والتعاون والتراحم للتخلص من آثار الماضي، مشددًا على أهمية السلم الأهلي، مؤكدًا أن نجاح البلاد لا يتحقق مع الخصام والصراع، وأن المجتمع يجب أن يتماسك كالجسد الواحد.
وختم المفتي حديثه بالدعاء لسوريا وأبنائها، وحث الشعب بكل مكوناته على الودّ والتعاطف والتعاون ونزع البغضاء من القلوب والعيش كإخوة متحابين، مشيرًا إلى أن هذا هو البناء الحقيقي للبلاد.
يذكر أن الشيخ أسامة الرفاعي تولى منصب المفتي العام للجمهورية في 28 مارس الماضي، ويعد جامع الشيخ عبد الكريم الرفاعي بدمشق ذا رمزية خاصة كونه من أهم المراكز الدينية التي جمعت المصلين والثوار للتظاهر ضد نظام بشار الأسد.