الخرطوم- أوصد رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الباب أمام أي “صلح أو اتفاق” مع قوات الدعم السريع، ووصف قائدها وغريمه محمد حمدان دقلو “حميدتي” بـ ” الخائن والجبان والأراجوز”.
ورأى مراقبون أن الخطوة الجديدة معطلة لأي مفاوضات لوقف الحرب المستمرة منذ أبريل/نيسان الماضي، وتشيع مناخا خانقا للسلام ما يضع البلاد أمام المجهول.


وعلقت المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع عبر منبر جدة الولايات المتحدة والسعودية، منذ أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد وصول الطرفين إلى طريق مسدود.
وسعى البرهان خلال جولة شملت دولا عدة في شرق أفريقيا إلى إنعاش الجهود الأفريقية بعد رفضه رئاسة كينيا اللجنة الرباعية التي كلفتها الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد” بحل الأزمة السودانية، بعدما اتهم الرئيس الكيني وليام روتو بالانحياز للدعم السريع.
وأقرت قمة زعماء دول “إيغاد” عقد لقاء مباشر بين البرهان وحميدتي كان مقررا الأسبوع الماضي، لكن جيبوتي التي ترأس الدورة الحالية للمنظمة، أرجأته لأسباب فنية قبل أن يظهر الأخير الذي كان مختفيا نحو 8 شهور، وكان منتظرا أن تدعو القمة الطرفين إلى موعد جديد في النصف الأول من الشهر الجاري.
*ملاسنات على الهواء*
ودخل البرهان و”حميدتي” في ملاسنات يعتقد مراقبون بأنها تعكس أزمة الثقة و”الضغائن الشخصية” بين الرجلين، مما يسمّم الأجواء ولا يساعد على خلق بيئة مواتية لأي اتفاق بين الطرفين قريبا.
ووجّه البرهان أمام حشد من قواته في قاعدة جبيت العسكرية في ولاية البحر الأحمر -أمس الجمعة- انتقادات عنيفة الى “حميدتي” ووصمه بـ “الخائن والجبان و”الأراجوز”، واتهمه بالاستعانة بالسحر والدجالين والمشعوذين في القتال، والاختباء طيلة 8 أشهر متنقلا بين المنازل والمزارع في الخرطوم بأسماء مستعارة.
وأضاف البرهان “لذلك لا صلح معهم ولا اتفاق معهم، إما أن ننتهي منهم، وإما ننتهي نحن ..لا بد من أخذ حقنا وحق الناس الذين قتلوا ودفنوهم أحياء وعُذّبوا”، ورفض البرهان “إعلان أديس أبابا” الذي وقّعه قائد الدعم السريع مع تحالف القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” برئاسة عبد الله حمدوك.
وأعرب قائد الجيش عن أسفه لتأييد بعض السياسيين لحميدتي “بالتطبيل والتصفيق”، بينما تقتل قواته أهلهم وتنتهك أعراضهم، وتنهب ممتلكاتهم، وقال إنه لا يمانع الحوار مع تلك القوى السياسية، شريطة أن يكون داخل السودان.
وكان “حميدتي” قد سخر من البرهان خلال مؤتمر صحفي مع حمدوك في أديس أبابا الثلاثاء الماضي، وقال إن قائد الجيش اختبأ تحت الأرض في “بدروم” بمقر قيادة قواته بوسط الخرطوم شهورا، وهرب من المقر متخفيا وخرج يرتدي “سفنجة” في رجليه، وسط تصفيق وضحك من قيادات القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” التي حضرت المؤتمر.
*ثأر شخصي*
من جانبه يرى عضو تنسيقية تحالف قوى “تقدم” خالد عمر يوسف أن خطاب البرهان في جبيت، جاء دون الطموح وافتقد لاستشعار خطر اللحظة الحالية، وانقاد للثأر لشخصه من تعليقات “حميدتي” اللاذعة في خلال مؤتمره الصحفي، عوضا عن النظر إلى حال البلاد وما آلت عليه.
ويقول في تعليق على صفحته على “فيسبوك” اليوم السبت، أن الصحيح في هذه اللحظة هو النأي عن التصعيد والتصعيد المضاد من جميع الأطراف، ووضع مهمة رفع المعاناة عن الشعب السوداني أولا وقبل كل شيء، وأنه لا مخرج من هذه الكارثة سوى الحلول السلمية التفاوضية.
ويضيف عمر يوسف “رغم هذا نقول بأنه لا تزال الفرصة مواتية للسلام، وقد تبين خطر خطابات التحشيد الحربي التي تستند إلى الأكاذيب لا إلى الحقائق، خطابات منّت الناس بنصر سريع والنتيجة الآن هي العكس تماما”، محذرا من “تحويل السودان إلى ساحة معركة إقليمية لا ناقة لشعبنا فيها ولا جمل”.
*توقف مؤقت*
وعن رأيه في موقف البرهان الجديد يقول المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة “التيار” عثمان ميرغني، إن قائد الجيش أغلق باب المفاوضات مع الدعم السريع “مؤقتا”، وأعاد المشهد إلى الأوضاع التي كانت عليها في مثل هذه الأوقات من العام الماضي.
وفي حديث للجزيرة نت يرى عثمان أن جهود المنظمة الأفريقية “إيغاد” قد تعود إلى النقطة التي توقفت عندها، لكن ذلك يحتاج إلى جهود وزمن إضافي، في حال استمرت رغبة زعماء دول المنظمة في “وساطتهم التي تبدو مرتبطة بأجندتهم”.
ويرى المحلل السياسي أن رفض البرهان اتفاق “حميدتي” مع حمدوك لم يكن مبدئيا، وربما استمد حيثياته من الغبن الشخصي بعد تطور “المعركة الكلامية” بين الرجلين.
ويضيف أن قطار المفاوضات بين الجيش والدعم السريع سيتوقف قليلا، ريثما تترجل عنه حمولات الغضب، ولكنه سيتواصل ولو بعد حين، وستكون المحطة النهائية توقيع اتفاق سلام برعاية دولية وإقليمية تنهي الحرب وتستعيد عملية سياسية مستحدثة.
وفي المقابل يرى المحلل السياسي الهندي عز الدين أن البرهان يريد الحوار والتفاوض مع الدعم السريع، ولكن مع وجود مخطط خارجي لإعادة تسويق “حميدتي”، وغسله من كونه مجرم حرب وقائدا للتمرد، وتقديمه رجل سلام، فإنه لا يتوقع نجاح أي مفاوضات عبر “إيغاد” أو منبر جدة.
ويعتقد المحلل في حديث للجزيرة نت أن انتظام الشعب السوداني في كتائب للمقاومة لإسناد الجيش في الولايات التي لم يهاجمها الدعم السريع، وبعد تعهد البرهان بتسليحها، سيضعف تمدد قوات “حميدتي” ويحاصرها.
ويوضح المحلل ذاته أن البرهان لم يعُد أمامه خيار في ظل المخطط الأجنبي لإعادة إنتاج “حميدتي” سوى الاعتماد على المقاومة الشعبية لسد النقص في مشاة الجيش.
ويضيف الهندي أن “حميدتي” خسر كل شيء في ضمير الشعب السوداني بسبب الجرائم والفظائع التي ارتكبتها قواته طوال 9 أشهر، ولن تنجح الجهات الداعمة له التي تسعى لإعادة تسويقه وتدويره داخليا حتى يعود في منصب كبير في الدولة، وبات ذلك صعبا إن لم يكن مستحيلا.
وعدّ المتحدث ذاته تحالف “تقدم” بزعامة حمدوك جزءا من المخطط الأجنبي لتقديم قائد الدعم السريع في ثوب جديد.

النور أحمد النور
6/1/2024
المصدر : الجزيرة

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع قائد الجیش

إقرأ أيضاً:

البرهان في بث تلفزيوني يتوعد قوات الدعم السريع: سننتصر و ستحين ساعة القصاص

قال رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، إن بلاده ستنتصر على قوات الدعم السريع شبه العسكرية ومن يعاونها.

 

جاء ذلك في كلمة متلفزة بثها التلفزيون السوداني الرسمي وعلق فيها البرهان لأول مرة على هجمات بالمسيّرات طالت مدينة بورتسودان (شرق) لليوم الثالث عل التوالي، من أمام أحد المواقع التي تعرضت للهجمات، وظهر من خلفه استمرار تصاعد الدخان.

 

وفي وقت سابق الثلاثاء، اندلعت حرائق في مستودع وقود بمطار بورتسودان ومحيط الميناء الجنوبي بالمدينة، إثر سماع دوي انفجارات قوية، وفق مراسل الأناضول.

 

وتأتي هذه الأحداث غداة إعلان وزارة الطاقة والنفط السودانية اشتعال النيران بمستودعات النفط الاستراتيجية بمدينة بورتسودان إثر تعرضها لهجوم بطائرة مسيرة قالت إنها تابعة لقوات "الدعم السريع".

 

والأحد، أعلنت السلطات السودانية أن "الدعم السريع" استهدفت بطائرات مسيرة مدينتي بورتسودان وكسلا (شرق)، دون تعقيب من "الدعم السريع"، وسط إدانات عربية واسعة للهجوم.

 

وكان هذا أول هجوم بطائرات مسيرة يستهدف بورتسودان المطلة على ساحل البحر الأحمر، التي تعد المقر المؤقت للحكومة منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في أبريل/ نيسان 2023.

 

وقال البرهان إن "كل تدمير للمنشآت المدنية أو العسكرية لن يزيد الشعب السوداني إلا كل صبر وتماسك، فشعبنا لا تجزعه مثل هذه الحوادث ولا تخيفه هذه النوائب ولن ترهبه هذه الأفعال".

 

وأردف: "نؤكد أننا في القوات المسلحة والمقاومة الشعبية والقوات المشتركة وكل من يقاتل خلف الجيش مصطف خلف هدف واحد وهو ردع العدوان".

 

وأضاف: "سنمضي جميعا إلى تحقيق غاياتنا في دحر هذه المليشيا وهزيمتها وهزيمة من يعاونها".

 

وتابع: "نقول لكل من اعتدى على الشعب السوداني ستحين ساعة القصاص، وسننتصر".

 

ومنذ فترة، تتهم السلطات السودانية "الدعم السريع" بشن هجمات بطائرات مسيّرة على منشآت مدنية، بينها محطات كهرباء وبنية تحتية بمدن البلاد الشمالية، مثل مروي ودنقلا والدبة وعطبرة، دون تعليق من الأخيرة.

 

وفي وقت سابق الثلاثاء، قرر السودان قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، متهما إياها بشن "عدوان" على البلاد عبر دعمها لـ"قوات الدعم السريع".

 

ولم يصدر على الفور تعليق من الإمارات، لكنها تنفي مرارا تقديمها أي دعم لـ"قوات الدعم السريع"، وتشدد على عدم تدخلها في الشؤون الداخلية للسودان.

 

ويأتي قرار الخرطوم، غداة رفض محكمة العدل الدولية، الاثنين، دعوى تقدم بها السودان يتهم فيها الإمارات بالضلوع في إبادة جماعية ضد مجموعة "المساليت" العرقية بإقليم دارفور (غرب)، وذلك لعدم الاختصاص.

 

ومنذ أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني و"الدعم السريع" حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

 

وفي الفترة الأخيرة، استعاد الجيش السوداني معظم المناطق التي استولت عليها "قوات الدعم السريع"، وبينها غالبية العاصمة الخرطوم بما فيها القصر الرئاسي

 

مقالات مشابهة

  • السودان يتهم خبراء أجانب بمساعدة “الدعم السريع” ويدعو لملاحقتهم 
  • قوات الدعم السريع تكثّف استخدام المسيّرات ضد مناطق سيطرة الجيش في السودان
  • البرهان في بث تلفزيوني يتوعد قوات الدعم السريع: سننتصر و ستحين ساعة القصاص
  • بعد قطع العلاقات مع الإمارات..البرهان يتوعد قوات الدعم السريع بالهزيمة
  • البرهان بعد هجمات بورتسودان: سننتصر على "الدعم السريع" ومعاونيها
  • بعد قطع العلاقات مع الإمارات.. البرهان يؤكد هزيمة الدعم السريع
  • مسيرات “الدعم السريع” تصل بورتسودان وكسلا.. حرب السودان.. تطورات متلاحقة وتصعيد مقلق
  • الدعم السريع يقصف بنية “بورتسودان” والبرهان يتوعد بالقصاص  
  • البرهان: الشعب السوداني سينتصر.. وسندحر الدعم السريع
  • انفجارات بورتسودان.. تفاصيل محاولات ميليشا الدعم السريع لإرباك الجيش السوداني