بوابة الوفد:
2025-05-21@17:26:31 GMT

كيف نعرف؟

تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT

سؤالٌ يطرحه الفيلسوف كما يطرحه كل معنىّ بكشف الحقائق المغيّبة المجهولة، ويقوم فى دائرة البحث العلمى بمقدار ما يقوم فى دائرة العقيدة والدين، ويُجاب عليه على مستوى العقل كما يجاب عليه على مستوى الضمائر والبصائر، ويتصل بالموضوع المعروف كما يتصل بالموضوع المجهول، وتحدّد وسائله بإزاء موضوعه إذ يحكم الموضوع وسيلته ويسير فى مقتضاها باحثاً ومنقباً ليصل إلى بغيته بعد إحكام الوسيلة فى إطار موضوعه المفروض لكن مكمن الخطأ هو الخلط بين الوسائل بغير النظر إلى طبيعة الموضوع المبحوث.

كيف نعرف؟ 

أتبدأ معرفة الله من باطن النفس أم من خارجها؟ نفس السؤال عن الإيمان: أيكون عن قناعة باطنة جُوّانيّة أم يُفرض عليك من خارج؟ لم تتحقق معرفة الله للعارفين ولا تتحقق لك أو لى مثلاً مع علمى وإيّاك بوسائل كان اتخذها من تحققت لهم المعرفة ولكنها حجبت عنك وعنى؟

وإذا كان العلم وحده لا يكفى فلماذا تجىء الجهالة بالله فينا إلى هذا الحدّ مع إنّا نحُبُّه؟ وإنْ كنا مُقَصّرين فى حقوقه غير إنّا على قدر الطاقة نرعاه؟ من أين حصّل الفقراء على تلك المعرفة؟ أبالمجهود المكتسب أم بالمواهب اللّدنيّة؟ 

ثم هل ييأس المرء من جهله بتلك المعرفة ووراؤها رُوح الله، والنقل يقرّر فى النص المكنون: إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون؟

ليس أقسى على المرء من أن يرى جهوده تذهب أدراج الرياح، وبخاصّة فيما لو كانت تلك الجهود عملاً دائماً لا يعوّل عليه من واقع عكر أسود، ومن أناسِ لا يقدّرون للعمل قيمة ولا قانوناً.

هنالك يكون العزاء كل العزاء فى العُقبى، ولا يكون أبداً فى هذه العاجلة الدّنيّة، والعزاء ليس ضعفاً ولا هو بالهروب من واقع كدِر، ولكنه أمل متجدّد مع الإيمان بالله، لو لم يكن مقياسُ الخلق من الآدمى مُقدّماً على كل مقياس سواه فماذا عَسَاهَا ستكون عليه الحال؟

السؤال الفلسفى الأزلى هو نفسه السؤال الدينى.. لماذا خُلقت؟ قد تخفق الفلسفة فى الإجابة عن هذا السؤال، فى حين يجيبك الدين إجابة وافية تامة شافية كعادة الدين فى الإجابة على أسئلة المجهول. لكن الفلسفة سرعان ما تقدّم لك تصورات ربما تقبلها على ديدن القناعة العقليّة لكنها لا تشفى لك غُلّة وجدانيّة.. على مستوى النظر إن هى إلا محاولات مشكورة لرجال الفلسفة من الأسر الكريمة لكنها مع ذلك محاولات ناقصة، لأنها تخاطب جانباً واحداً فى الإنسان هو الجانب العقلى، وتهمل سائر الجوانب التى تتطلع إليها بشغف أشواق النفس الإنسانية.

قُلْ لى بربّك: ما الذى قدّمته الفلسفة شافياً كافياً فى مسائل المصير؟ لا شئ، سوى مجرّد محاولات باردة قائمة على تصورات أصحابها فيما يتصل بخلود النفس وجوهريتها وما شَابَه هذا وذاك ممّا تزداد بقراءته جدلاً ولا تزداد يقيناً. 

وفى المقابل تجد الدين يقول لك فى صراحة بالغة إنّ الغاية من الخَلْق الإنسانى هى معرفة الله! هكذا بهذه البساطة وبهذا القطع الحازم فى الإجابة على السؤال.

معرفة الله.. كيف هذا؟ أقول لك:

عندما قال الحق تعالى: «وما خَلَقْتُ الجنّ والإنس إلاّ ليعبدون»، إذْ ذَاَكَ قال ابن عباس أعرف الناس بتأويل القرآن، معناها: إلاّ ليعرفون.

وعليه، فغاية الخلق المعرفة، وقد يقرّر الفلاسفة مثل ما يقرّره لك الدين، ربما، لكن وسيلة هذه المعرفة بين الدين والفلسفة هى محل خلاف، لأنك ما دمت قلت (معرفة) فقد أخَذتَ من الإنسان أسمى جزء فيه، وعطفته على الله، فيصبح هذا الإنسان عارفاً، لكنه حين يكون عارفاً لا يكون عارفاً من تلقاء نفسه، بل عارفُ هو بالله على التحقيق.

أمّا فى المجال الفلسفى، فإن هذه المعرفة مقصورة على العقل الإنسانى وحده، مستقلاً كل الاستقلال عن المصدر الذى يتلقى عنه الإنسان، وهو مصدر العرفان.

مصدرُ العرفان فى حقل الفلسفة هو العقل الإنسانى مجرّداً عن لواحقه الشعوريّة. ومصدر العرفان فى الدين، وخصوصاً الأديان الكتابيّة، هو الله تعالى، يُغذى طاقات العقل الإنسانى بشتى المعارف وشتى العلوم كلما فتحت طاقة من طاقات المعرفة فتحت معها طاقة أخرى، وهكذا بغير انقطاع.

ومدد الفتح لا ينقطع إذا كان المصدر هو الحكيم العليم: «وإنك لتلقّى القرآن من لدن حكيم عليم». (وللحديث بقيّة)

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: كيف نعرف سؤال يطرحه الفيلسوف معرفة الله

إقرأ أيضاً:

عاجل. إطلاق نار إسرائيلي يستهدف وفدًا عربيًا وأوروبيًا في مخيم جنين

إطلاق نار إسرائيلي يستهدف وفدًا عربيًا وأوروبيًا في مخيم جنين اعلان

أفادت مصادر محلية بأن جنودًا إسرائيليين أطلقوا النار باتجاه وفد دبلوماسي ضم نحو 25 سفيرًا وممثلًا عربيًا وأوروبيًا، خلال زيارة رسمية إلى مخيم جنين في شمال الضفة الغربية.

الوفد، الذي كان في جولة ميدانية للاطلاع على الأوضاع الإنسانية في المنطقة، تعرض لإطلاق نار مباشر دون تسجيل إصابات، مما أثار موجة من الاستنكار في الأوساط الدبلوماسية.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثةأخباراعلاناعلاناخترنا لكيعرض الآنNext يحمل اسم شخصية توراتية.. ماذا نعرف عن مشروع "استير" الذي تبناه ترامب؟ يعرض الآنNext تقرير: إسرائيل قد تهاجم منشآت إيران النووية.. خطوة تحدٍّ أم ورقة مساومة بيد ترامب؟ يعرض الآنNext ترامب يكشف عن خطة القبة الذهبية لحماية أمريكا.. ماذا نعرف عنها؟ يعرض الآنNext كيف تسعى إسبانيا لتسوية أوضاع 900 ألف مهاجر في ثلاث سنوات؟ يعرض الآنNext الأمم المتحدة تحذّر: 14 ألف رضيع في غزة مهددون بالموت خلال 48 ساعة اعلاناعلانالاكثر قراءة1 تقرير: أرشيف الجاسوس إيلي كوهين هدية الشرع لإسرائيل ودمشق تسلم رفاته قريبا 2 "استبدل ملّة إبراهيم باتفاقيات أبراهام".. داعش يهاجم أحمد الشرع بعد لقائه ترامب 3 نائبة المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط: نزع سلاح حزب الله يجب أن يشمل الأراضي اللبنانية كافة 4 دمشق توضح طبيعة اللقاء الذي تم في إدلب بين الشرع والسفير السابق روبرت فورد عام 2023 5 روبيو: حرب أهلية شاملة قد تندلع في سوريا خلال أسابيع قليلة وقد تؤدي إلى التقسيم اعلاناعلان

LoaderSearch

ابحث مفاتيح اليوم

دونالد ترامبإسرائيلقطاع غزةسورياأحمد الشرعغزةمنظمة الصحة العالميةالمملكة المتحدةمجاعةإيرانالأمم المتحدةالمساعدات الإنسانية ـ إغاثةالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلالأدوات والخدماتAfricanewsعرض المزيدحول يورونيوزالخدمات التجاريةالشروط والأحكامسياسة الكوكيزسياسة الخصوصيةاتصلالعمل في يورونيوزتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةحقوق الطبع والنشر © يورونيوز 2025

مقالات مشابهة

  • عاجل. إطلاق نار إسرائيلي يستهدف وفدًا عربيًا وأوروبيًا في مخيم جنين
  • ترامب يكشف عن خطة القبة الذهبية لحماية أمريكا.. ماذا نعرف عنها؟
  • "القبة الذهبية".. ماذا نعرف عن "درع أميركا" المضاد للصواريخ؟
  • محسن الدين.. قصة مؤثرة لبنجلاديشي يحج نيابة عن والدته الراحلة
  • عاجل. خامنئي: لا نظن أن المفاوضات مع واشنطن سوف تثمر ولا نعرف ماذا سيحدث
  • محمد رمضان هيكسبك 50 ألف.. لو عرفت إجابة السؤال
  • رئيس جامعة أسيوط يعلن انضمام مجلة "حوار جنوب-جنوب" لقاعدة البيانات الرقمية
  • الغيبيات في الدين
  • بين الجَغِم والبلّ: خرائط الموت التي ترسمها الجبهة الإسلامية على أجسادنا
  • بيرتراند راسل… حين تمنح الفلسفة جائزة نوبل