الضربات الأمريكية البريطانية على اليمن والسيناريوهات المستقبلية
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
يبدو السؤال الرئيسي حول الحرب الجديدة التي اندلعت شرارتها في اليمن هو ما إذا كانت هذه الحرب قد انتهت أم لم تنته بعد؟
لقد بذل التحالف الغربي قصارى جهده لإبلاغ الجميع في اليمن بضرورة الاختفاء وإخفاء كل ما يمكن أن يكون هدفا للضربات، وكان حجم الضربات محدودا للغاية.
بدورهم، يطلق الحوثيون تصريحات غامضة: فهم يعدون بإحراق المنطقة من ناحية، لكنهم يسمحون، من ناحية أخرى، بصيغ خفض التصعيد على غرار "إذا استمرت الضربات فسنهاجم"، "لا يوجد تهديد على الشحن الدولي"، "ستستمر الهجمات ضد السفن الإسرائيلية أو تلك المتوجهة إلى الموانئ الإسرائيلية" (ضدها فقط؟ ماذا عن السفن الأمريكية والبريطانية.
يعرف اليمنيون بالطبع بأنهم شعب شجاع للغاية، إلا أن القوة الضاربة للحوثيين لا تضاهى بالتحالف الغربي، ومن الواضح أن قيادة الحوثيين لا تسعى إلى مواجهة واسعة النطاق مع الولايات المتحدة. وأفترض أن الحوثيين سيتخذون خطوات للخروج من الصراع مع الولايات المتحدة.
وبعكس "حزب الله"، لم يقتصر الحوثيون على الهجمات الصاروخية، التي لم تسبب سوى أضرار طفيفة، لكنهم أسقطوا، في واقع الأمر، ثقلا حديديا على قدم الغرب من خلال توجيه ضربة للتجارة البحرية. ويبدو لي أنهم، شأنهم في ذلك شأن "حماس"، أخطأوا في تقدير مخاطر الرد وإمكانياته. والمزيد من التصعيد إلى حرب واسعة النطاق طويلة الأمد ليس مفيدا وصعب التنفيذ بالنسبة للحوثيين، فالحصار البحري سيقوض قدراتهم العسكرية إلى حد كبير.
ومن الناحية النظرية، كان من الممكن لروسيا أن تغيّر موازين القوى بشكل كبير من خلال تزويد الحوثيين بالصواريخ المضادة للسفن. إلا أن روسيا لا تسعى إلى التصعيد مع الولايات المتحدة في البحر، ولا مع الغرب لمستوى أعلى الآن (وهو أمر سيتغير على الأرجح، لكن هذا هو الوضع الراهن)، بسبب هشاشة طرق التصدير الروسية إلى الهند والصين أولا، وثانيا، فإنه من السهل نسبيا عزل اليمن وتزويده بالأسلحة أمر صعب، حتى بالنسبة للجارة إيران.
إن الهجمات على حقول النفط السعودية والإماراتية ستقوض تطبيع العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، ما سيجذب عرب الخليج إلى المعسكر الأمريكي، الأمر الذي يريدون بوضوح هم أنفسهم تجنبه. بمعنى أن تلك الضربات تفيد الولايات المتحدة وليس محور المقاومة، وأشك أنها ستنفذ.
يواجه الحوثيون عواقب من غير المرجح أن يرغبوا في تحمل تداعياتها بمفردهم. ومع ذلك، تظهر إيران و"حزب الله"، حتى اللحظة، رغبة في الحد من حجم الصراع بدلا من الرغبة في تأجيجه.
ومن خلال تصريحاتها بشأن استمرار الهجمات على السفن الإسرائيلية (فقط)، تلمّح قيادة الحوثيين لواشنطن إمكانية التوصل إلى تسوية، تسمح بالتحول إلى نظام "حزب الله" بالتحول إلى إظهار النشاط دون إلحاق ضرر جسيم بإسرائيل مقابل وقف قصف اليمن. قد يكون ذلك في شكل عدد أقل من الهجمات، أو فقط هجمات لطائرات مسيرة يتم إسقاطها.
في المقابل، يحدد تصرفات بايدن إلى حد كبير منطق الانتخابات الرئاسية، وقد أظهر بايدن تصميمه بالفعل، وهو الآن بحاجة إلى خفض التصعيد وفقا لشروطه، أو تقديم ما يمكن طرحه بوصفه انتصارا، بعدها يصبح من المفضل الانسحاب من الصراع.
أعتقد أننا سنشهد في المستقبل القريب حدا معينا لتصرفات الأطراف، لكننا لن نرى، وفقا لتقديري، تصعيدا فوق المستوى الذي سبق الضربات.
بطبيعة الحال، لا ينطبق ذلك على الآفاق طويلة المدى، فالأزمة العالمية مستمرة في التفاقم، وسوف تتضاعف الصراعات، وأعتقد أن قناة السويس سوف تغلق في نهاية المطاف نتيجة لحرب إقليمية، إن لم تكن نتيجة لحرب صينية أمريكية كبرى. لكنني أعتقد أن هذا لن يحدث الآن.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف أخبار اليمن ألكسندر نازاروف الأمم المتحدة البحر الأحمر الحرب على غزة الحوثيون الشرق الأوسط المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن خليج عمان عبد الملك الحوثي قطاع غزة قناة السويس هجمات إسرائيلية الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الخارجية الأمريكية: مكالمة ترامب وبوتين تتعلق بالتسوية الأوكرانية
كشفت وزارة الخارجية الأمريكية أن المحادثة الهاتفية المطولة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي استغرقت ساعة و15 دقيقة، تأتي في إطار الجهود الأمريكية الدبلوماسية لتسوية النزاع في أوكرانيا.
وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية تامي بروس، في تصريحات لقناة "فوكس نيوز"، أن هذه الخطوة تمثل جزءا من الجهود التفاوضية التي يقودها ترامب للتوصل إلى حل سلمي، مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي مستمر في سعيه للتهدئة رغم تصاعد الأوضاع ميدانيًا.
وفي المقابل، صرح يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي، أن الزعيمين أبديا استعدادًا للبقاء على اتصال دائم، في وقت تتصاعد فيه الهجمات المتبادلة بين روسيا وأوكرانيا، خصوصًا بعد أن استهدفت الأخيرة طائرات عسكرية روسية.
ونشر الرئيس ترامب عبر منصته "تروث سوشال" تفاصيل المكالمة، معتبرًا أنها كانت "جيدة"، لكنها "ليست من النوع الذي سيقود إلى سلام فوري"، كاشفًا أن بوتين أبدى عزمًا قويًا على الرد على الهجمات الأوكرانية الأخيرة، مما يُنذر بتصعيد جديد في الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
تحذيرات أمريكية لرعاياها في أوكرانياوفي ظل تصاعد التوترات، أطلقت السفارة الأمريكية في كييف تحذيرًا عاجلًا لرعاياها، دعتهم فيه إلى الاستعداد لاحتمال وقوع هجمات جوية روسية كبيرة، في ظل تصعيد لافت في الهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة خلال الأسابيع الأخيرة.
وأوصت السفارة المواطنين الأمريكيين في أوكرانيا بـ: الاستعداد للجوء فورًا إلى الملاجئ عند إطلاق صفارات الإنذار وتحديد مواقع الملاجئ مسبقًا، وتحميل تطبيقات الإنذار الجوي على الهواتف والابتعاد عن النوافذ، والبقاء في أماكن محصنة وتخزين كميات كافية من المياه والطعام والأدوية تحسبًا لأي طارئ والامتثال لتعليمات السلطات المحلية وأجهزة الطوارئ ومتابعة التحديثات عبر وسائل الإعلام المحلية الرسمية.
وتأتي هذه التحركات في وقت يتزايد فيه القلق الدولي من تفاقم النزاع، خاصة مع الهجمات الروسية العميقة داخل الأراضي الأوكرانية، واستهداف منشآت حيوية، ما يعقّد جهود الوساطة. وفي حين يُصر ترامب على ضرورة التوصل لحل دبلوماسي، لا يزال الوضع الميداني ينذر بانفجار أكبر، ما لم يتم إحراز تقدم حقيقي في المسار السياسي.