العين (وام)
تعتبر المجالس مظهراً من مظاهر التواصل والتكافل والضيافة، والكرم عند أبناء دولة الإمارات، وعند كثير من شعوب المنطقة، وتلعب دوراً مهماً في غرس القيم والعادات والتقاليد في المجتمعات.
يُعتبر «المجلس» أحد عناصر الثقافة والتراث في كل من دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر.

لذا، فقد تمكنت هذه الدول من إدراجه في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي في اليونسكو، من خلال ملف دولي مشترك تقدمت به، وأصبح منذ ديسمبر 2015 جزءاً من التراث الإنساني للشعوب.
وتنتشر المجالس في العديد من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعرف بأسماء مختلفة. ففي دولة الكويت، تسمى «الديوانية»، وفي المملكة العربية السعودية تعرف بـ«المجلس»، وفي الإمارات يطلق عليه «المیلس» بقلب الجيم ياء في اللهجة الإماراتية.
ويصطحب الآباء أبناءهم للمجالس، حيث يكتسب الأبناء إضافة للعادات والتقاليد، الكثير من المعرفة والعلم من خلال الأحاديث التي يتم تداولها في مختلف المجالات، مثل التربية، الاقتصاد، الشعر، الثقافة، والتراث، وغيرها. لذا، تُعتبر المجالس منبراً ومدرسة تسهم في بناء وتعزيز الهوية الإماراتية.
أنواع المجالس
وقال الحظ مصبح الكويتي، الباحث في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، إن المجالس حظيت باهتمام أبناء الإمارات منذ زمن بعيد لمكانتها في تحقيق التواصل بين أبناء المجتمع، وقد حرص أصحابها على الاهتمام ببنائها وزخرفتها وتأثيثها، وإعطائها مكاناً مميزاً من القصر أو المنزل، إذ يُبنى المجلس بمدخل مستقل عن بقية أجزاء البيت، وانعكست البيئة الإماراتية ومواردها الطبيعية على بناء المجلس وتجهيزه.
وأوضح أن المجلس قد يكون عبارة عن بيت من الشعر، قرب بيت شيخ القبيلة أو في منتصف الحي «الفريج»، أو خيم البدو، وقد يكون عبارة عن حظيرة محاطة من ثلاث جهات بأغصان أشجار السمر، والغاف وغيرها لتقيه من الرياح، والرمال، كما قد يكون المجلس في ظل إحدى أشجار الغاف الكبيرة المتميزة بظلها الوارف، والتي يلجأ إليها الناس وقت «القائلة» أي بعد الظهر.
وأشار إلى أن المجالس في الإمارات تصنف إلى أقسام متعددة تبعاً للبيئة التي توجد فيها، حيث تُبنى مجالس أهل الساحل من الجص والطين، أو العريش، أو على شكل مظلة، وقد يكون المركب «المحمل» هو مجلس الغواصين بعد أن يفرغوا من عمليات الغوص. في هذا النوع، ينصب الحديث على أنواع السفن، وعمليات الصيد أو الغوص، ومشاقها وعمليات البيع، وتجارة اللؤلؤ، وغيرها.
ولفت إلى أن مجالس أهل البادية تتكون من نوعين، مجالس تقام في العراء يسميها البدو «الحظائر»، حيث يجلسون في الهواء الطلق حول النار ودلال القهوة، ومجالس بيت الشعر، التي تقام في خيمة مصنوعة من الشعر.
مجالس للتجار
وذكر الكويتي أن المهن، التي مارسها سكان الإمارات، انعكست على مجالسهم، وعلى نوعية الأحاديث التي تدور بها، فكانت هناك مجالس خاصة بالشيوخ، وأخرى بتجار اللؤلؤ «الطواويش»، ومجالس للصيادين، وأخرى للمهتمين بالقنص، كما ظهرت مجالس خاصة بالعاملين في مجال الفنون الشعبية، ومجالس للشعر.
وأوضح أن مجالس التجارة تميزت بأنها كانت مفتوحة للجميع خاصة العاملين في مهنة الغوص، وبنشاطها الملحوظ في مواسم الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، خاصة في موسم «القفال» أي نهاية موسم الغوص للتفاوض على أسعار اللؤلؤ، وعقد صفقات البيع، كما كانت تنشط خلال شهر رمضان، وبعد صلاة الجمعة، حيث يتجمع التجار في منزل أحدهم لتناول وجبة الغداء، وتبادل الأحاديث ذات الصلة بعملهم، كما كانت تتناول أخبار البحر، والحكايات المتعلقة بالأخطار التي كان يواجهها الغواصون.
مجالس «البرزة»
وقال الكويتي إنه كانت هناك مجالس للقضاء، وتخصصت في القضايا الشرعية والمسائل التي يتم تحويلها من مجالس الشيوخ والتجار للقضاة، وعرف مجتمع الإمارات العديد من هذه المجالس، والتي عرفت بأسماء عديدة، ولم يقتصر دورها على فض النزاعات والحكم في القضايا المختلفة، بل أسهمت في نشر الوعي الديني، وتدريس العلوم الشرعية، وكانت أبواب مجالس القضاة، تفتح من الصباح الباكر حتى موعد صلاة الظهر، ثم تفتح بين صلاتي العصر والمغرب.
وأوضح الباحث في دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، أنه في دولة الإمارات درجت العادة أن تكون هناك مجالس خاصة للشيوخ، يجتمع فيه أفراد المجتمع لعرض قضاياهم، ومناقشة شؤون حياتهم، وتناقل الأخبار، وتسمى بـ«البرزة»، فيقال إن الشيخ بارز إذا كان جالساً في برزته، وقد تكون داخل القصر أو خارجه.
وأضاف أن هذه المجالس كانت، ومازالت، تلعب دوراً مهماً في الحياة الاجتماعية، والاقتصادية، وفي صياغة القرارات المهمة في كل إمارة، ويحق لكل فرد من أفراد الإمارة حضور البرزة والإدلاء بوجهة نظره، وعرض قضيته الخاصة، ويحرص زوار هذه المجالس على الالتزام بارتداء الزي الإماراتي.

أخبار ذات صلة الإمارات وكازاخستان توقعان مذكرة تعاون استثماري في مجال مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي الشحي يحصد ذهبية في «عربية الرياضات المائية»

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات دول مجلس التعاون الخليجي دول مجلس التعاون

إقرأ أيضاً:

الدور الإماراتي في احتلال الجزر اليمنية وتحويلها إلى مناطق نفوذ مشترك مع كيان العدو الصهيوني .. ميون وسقطرى نموذجًا

يمانيون / تقرير خاص

منذ بدأ عدوان التحالف على  اليمن في العام 2015، برزت دويلة الإمارات  كلاعب رئيسي في تحالف العدوان ، بدعوى دعم الشرعية المزعومة . ومع مرور الوقت، تكشفت نواياها الحقيقية لمشاركتها في هذا العدوان من خلال تعزيز نفوذها العسكري والجيوسياسي في مناطق استراتيجية، خاصة في الجزر اليمنية. جزيرتا ميون وسقطرى تمثلان أبرز الأمثلة على هذا التوسع، حيث تسعى الإمارات بتحويلهما إلى قواعد عسكرية ونقاط ارتكاز للتعاون مع إسرائيل، في انتهاك صارخ للسيادة اليمنية وأمنها القومي.

جزيرة ميون قاعدة عسكرية في قلب باب المندب
جزيرة ميون، الواقعة في مدخل مضيق باب المندب، تُعد من أهم المواقع الاستراتيجية في العالم. منذ عام 2017، بدأت الإمارات في بناء قاعدة عسكرية في الجزيرة، حيث تم إنشاء مدرج للطائرات وتشييد منشآت عسكرية. وقد أكدت مصادر استخباراتية إسرائيلية أن هذه القاعدة تهدف إلى مراقبة حركة الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتُستخدم كنقطة انطلاق لقواتها في المنطقة .

في عام 2021، أفاد موقع “ديبكا” الصهيوني أن الإمارات طلبت من الحكومة اليمنية تأجير الجزيرة لمدة 20 عامًا، إلا أن الطلب رُفض، مما دفع الإمارات للعودة إلى الجزيرة وبناء القاعدة دون موافقة السلطات اليمنية.

 تحويل سقطرى من محمية طبيعية إلى قاعدة أمنية
جزيرة سقطرى، المصنفة كمحمية طبيعية عالمية، شهدت تدخلًا إماراتيًا منذ عام 2018. حيث تم إنشاء قاعدة عسكرية في الجزيرة، ومحاولات مكثفة ومتكررة لتغيير ديموغرافي في المنطقة، فضلًا عن تسهيل وجود عناصر صهيونية تحت غطاء تقني واستخباراتي، تمهيدًا لشراكة أوسع تتجاوز التطبيع العلني إلى تحالف ميداني فعلي.

خلفية التعاون الإماراتي مع العدو الصهيوني 
منذ توقيع اتفاقيات التطبيع (اتفاقات أبراهام) في 2020، توسعت العلاقات بين الإمارات وكيان العدو بشكل غير مسبوق، شملت مجالات الأمن، التكنولوجيا، الطاقة، والاتصالات. هذا التعاون امتد ليشمل الأبعاد العسكرية والاستراتيجية، مع وجود دلائل على تنسيق في البحر الأحمر وخليج عدن، بما في ذلك بناء منشآت مراقبة وتجسس على الجزر اليمنية، بحسب تقارير من موقع “ميدل إيست آي” ومصادر صهيونية استخباراتية.

تحذير يمني صارم 
القوات المسلحة اليمنية منذ وقت مبكر حذرت الامارات من تلك التحركات واعتبرتها جزء من مؤامرة إقليمية لتقسيم اليمن وإخضاعه لنفوذ تحالف صهيوني-خليجي. وفي عدة تصريحات، حذرت القيادة اليمنية من أن الإمارات لن تكون في مأمن من الردع اليمني إذا استمرت في دورها التخريبي في الجزر اليمنية، وفي شراكتها مع العدو الصهيوني.
وقال المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، إن “الإمارات تلعب بالنار في البحر الأحمر، وأي مشاركة مباشرة أو غير مباشرة في خدمة الكيان الصهيوني ستقابل برد قاسٍ”. كما أكدت القوات المسلحة أن الجزر اليمنية هي خطوط حمراء، وأي محاولات لتحويلها إلى قواعد للعدو ستُقابل بما تستحقه من الرد الحازم.

خاتمة
الدور الإماراتي في الجزر اليمنية  يعد تحركاً خطيراً في إطار نفيذ مشروع خبيث يسعى إلى تثبيت موطئ قدم استراتيجي للإمارات مع العدو الإسرائيلي في جنوب البحر الأحمر. مع استمرار هذا النهج، ورفض أي حلول سياسية تحترم سيادة اليمن، فإن المنطقة مقبلة على مزيد من التصعيد، وقد تكون الإمارات في صدارة من سيدفعون ثمن هذا التصعيد إذا تجاهلت تحذيرات الردع اليمني واستمرت في التحالف مع العدو الصهيوني على الأرض اليمنية.

مقالات مشابهة

  • الدور الإماراتي في احتلال الجزر اليمنية وتحويلها إلى مناطق نفوذ مشترك مع كيان العدو الصهيوني .. ميون وسقطرى نموذجًا
  • مجالس الإدارة بين التنفيعات والفشل
  • ضاحي خلفان: الأسرة منبع القيم والهوية ونواة بناء المجتمعات
  • المؤتمر الزراعي الإماراتي.. حلول مستدامة للقطاع ودعم المزارعين
  • جامعة الإمارات تستعرض مشاريعها البحثية في «المؤتمر والمعرض الزراعي الإماراتي»
  • محمد محيي الدين والوضاءة التي كانت عبر مناديله العديدة
  • في قضاء الكورة.. اختتام انتخابات رؤساء مجالس البلدية
  • منصور بن زايد وهزاع بن زايد يشهدان انطلاق المعرض الزراعي الإماراتي في العين
  • السيد القائد عبدالملك: الله قدَّم لعباده الهداية الكاملة.. التي إن اتَّبعوها كانت النتيجة فلاحهم
  • سوريا.. رئيس منظمة الإنقاذ يكشف لـCNN كيف تختلف المناطق التي كانت تحت سيطرة الأسد عن مناطق المعارضة وكيف ستزدهر البلاد؟