دار الإفتاء: أحاديث صيام رجب ليست صحيحة ويعمل بها في الفضائل فقط
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
مع دخول شهر رجب يجتهد الكثير من المسلمين في فعل الطاعات من صيام وصلاة ودعاء وتصدق، لكن يظن البعض أن تخصيص الصيام في شهر رجب يستند إلى أحاديث نبوية صحيحة، وأن هذا الشهر المبارك وهو أحد الأشهر الحرم، قد اختص بصيام أول يوم فيه أو بعضه أو حتى كله، إلا أن دار الإفتاء أكدت أن الأحاديث التي وردت في هذا الخصوص لا يصحُّ منها شيءٌ لكن يعمل بها في فضائل الأعمال، وهو ما يستعرضه التقرير التالي من خلال فتوى نشرتها الدار عبر موقعها الرسمية وحملت رقم 6013 حول مدى جواز العمل بالأحاديث الواردة في صيام شهر رجب، والذي أجاب عليه مفتي الجمهورية.
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن الأحاديث الواردة في صيام شهر رجب لا يصحُّ منها شيءٌ مستندا بما قاله قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في «تبيين العجب» «لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للحجة»، لكن المفتي أكد في الوقت ذاته أن الأحاديث الواردة في الصيام في شهر رجب «وإن كانت ضعيفة إلا أنَّها ممَّا يُعْمَل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند جمهور الفقهاء، كما أنَّ الصيام في شهر رجب داخلٌ في عموم الصوم التطوعيّ الذي رغب الشرع فيه».
صحة الأحاديث الواردة في صيام شهر رجبوأكد مفتي الجمهورية بخصوص صحة الأحاديث الواردة في صيام شهر رجب أن تلك الأحاديث الواردة في صومه أو صوم شيء منه وإن كانت ضعيفة فإنَّها ممَّا يُعْمَل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك، كما نقله الإمام النووي وغيره؛ قال الإمام النووي في كتابه «الأذكار»: «قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا».
واستعرض المفتي عددا من الأحاديث النبوية الشريفة التي ترغب في الصيام التطوعي مطلقًا سواء في شهر رجب أو غيره من الشهور الهجرية، موضحا أن هذه الأحاديث تكفي في إثبات المشروعيَّة؛ ومن هذه النصوص الصحيحة: ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»، وما رواه الإمام أحمد عن صدقة الدمشقي أن رجلًا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن الصيام، فقال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الصِّيَامِ صِيَامَ أَخِي دَاوُدَ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا»، والله سبحانه وتعالى أعلم.
حكم صيام أول 3 أيام من رجبواتصالا بهذا الموضوع أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، أن الحافظ بن حجر تتبع كل ما ورد من أحاديث بخصوص شهر رجب فوجده ضعيفا جدا، ولهذا ألف كتابا حمل عنوان «تبيين العجب في ما ورد في شهر رجب» وأوضح جمعة أن بن حجر جمع في هذا الكتاب الأحاديث التي تتكلم عن الصيام والصلاة والعمرة في شهر رجب وضعفها كلها تقريبا لم يصح منها شيء.
وأكد المفتي السابق خلال حديث ببرنامج «والله أعلم» على فضائية سي بي سي، ردا على سؤال حول حكم صيام الأيام الثلاثة الأولى من شهر رجب أن الصيام في أي وقت، وليس لأجل أنه من رجب، لافتا إلى أن شهر رجب هو أحد الأشهر الحرم الأربعة مع شهور ذي القعدة وذي الحجة والمحرم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: حكم صيام رجب الصيام في شهر رجب دار الإفتاء مفتي الجمهورية مفتی الجمهوریة فی شهر رجب الصیام فی
إقرأ أيضاً:
مدى صحة مقولة اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه.. الإفتاء توضح
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة: "انتشر بين الناس مقولة شهيرة، وهي: "اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه"؛ فهل لهذه المقولة أصلٌ في الشرع الشريف؟".
لترد دار الإفتاء موضحة، أنَّه من علامات القبول التي وعد الله تعالى بها أولياءَه وأهلَ رضاه أن يجعل محبتهم في قلوب الناس؛ كما قال الله جل في علاه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96].
قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: "يُحبُّهم ويحببهم" أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، وهناد في "الزهد"، وابن أبي الدنيا في "الأولياء"، وقال مجاهد: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى المؤمنين" أخرجه ابن أبي حاتم والطبري في "التفسير"، وفي لفظ للطبري: "يُحبُّهم ويُحبِّبُهم إلى خلقه".
وقال الأعمش: "المحبة في الدنيا" أخرجه الحافظ يحيى بن معين في "الجزء الثاني من فوائده".
وأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إِذَا أحَبَّ اللهُ العَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ عليه السلام: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبَّهُ، فيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فيُنَادِي جِبْرِيلُ في أهْلِ السَّمَاءِ: إنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
تفسير قوله تعالى ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير
قال الإمام ابن هُبَيْرة في "الإفصاح عن معاني الصِّحَاح" (7/ 261-262، ط. دار الوطن): [في هذا الحديث مِن الفقه: أن الله سبحانه وتعالى إذا أحب عبدًا أعلم كلَّ مَرْضِيٍّ عنه عنده سبحانه بحبه إياه؛ لئلا يتعرض واحدٌ منهم ببغض مَن يحبه الله، فيبدأ جل جلاله بإعلام جبريل ليكون جبريل موافقًا فيه محبةَ الله عز وجل، ولِيُعْلِمَ أهلَ السماء؛ ليكونوا عابدين لله بمحبة ذلك الإنسان متقربين إليه بحبه.
وقولُه: «ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ» يعني: أنه يقبله أهل الحق الذين يقبلون أمر الله سبحانه، وإنما يحب أولياءَ الله مَن يحبُّ اللهَ، فأما من يبغض الحق من أهل الأرض ويشنأ الإسلام والدين؛ فإنه يريد لكلِّ وليٍّ لله محبوبٍ عند الله مقتًا وبغضًا] اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمِقَةُ مِنَ اللهِ، وَالصِّيتُ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا أَحَبَّ اللهُ عَبْدًا قَالَ: يَا جِبْرِيلُ، إِنِّي أُحِبُّ فُلَانًا، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي السَّمَوَاتِ: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَتَنْزِلُ لَهُ الْمِقَةُ فِي الْأَرْضِ» أخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى والروياني في "مسانيدهم"، والفسوي في "مشيخته"، والطبراني في معجمَيه: "الكبير" و"الأوسط".والمِقَةُ: المحبة، ويَمِقُ: يحب.
وقال هَرِمُ بنُ حَيّان رضي الله عنه: "ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا أقبل الله بقلوب أهل الإيمان إليه؛ حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم"، قال قتادة: "أي والله؛ ودًّا في قلوب أهل الإيمان" أخرجهما الإمام البيهقي في "الزهد الكبير".