مفاعل بوشهر حجر الأساس للبرنامج النووي الإيراني
تاريخ النشر: 15th, June 2025 GMT
مفاعل بوشهر النووي، ويسمى أيضا محطة بوشهر الكهروذرية، يقع في مدينة بوشهر على الضفة الشمالية للمياه الخليجية، وهو أول منشأة نووية في إيران، وأطول مشروع نووي في التاريخ الحديث، إذ استغرق نحو 35 عاما من التخطيط إلى التشغيل.
ويعد المفاعل أيضا أول محطة نووية لإنتاج الطاقة في الشرق الأوسط، وإن كانت المنطقة قد شهدت قبلها تشييد وحدات نووية بحثية في إيران والعراق وسوريا وإسرائيل.
وتنتمي المنشأة الإيرانية إلى نوعية مفاعلات الماء المضغوط بقدرة إنتاجية تبلغ 1024 ميغاوات. وتعتبر شركة "أتوم ستروي إكسبورت" الروسية المقاول الرئيسي للمشروع.
التشييدبدأت إيران في العهد البهلوي بناء المحطة عام 1975 بواسطة شركة "زيمنس" الألمانية، وكان من المقرر دخولها مرحلة التشغيل بحلول عام 1985 إلا أن انتصار الثورة الإيرانية التي أطاحت بالنظام البهلوي عام 1979 عرقلت المشروع.
وتعرض المفلعل لقصف صاروخي وغارات جوية في فترة الحرب العراقية الإيرانية (1988-1980)، مما ترك آثارا مرئية بجوار المحطة.
وعقب سنوات من تجميد عمليات البناء والتطوير في مفاعل بوشهر النووي، وقعت إيران عام 1995 اتفاقية مع شركة أتوم ستروي أكسبورت الروسية لاستكمال المشروع، واتفقتا على إعادة تصميم المفاعل ليتوافق مع المعايير الروسية.
أدت العقوبات الدولية والمشاكل الفنية والمالية إلى تأخير التشغيل نحو 10 سنوات عن الجدول المقرر عام 1999، إلى أن بدأت المحطة توليد الكهرباء في أغسطس/آب 2011 بقدرة ألف ميغاوات.
إعلانووفقا لاتفاق منظمة الطاقة الذرية الإيرانية مع روسيا، يتم تزويد المحطة بالوقود النووي من الجانب الروسي، كما يتم إعادة النفايات المشعة إلى روسيا. أما إدارة المحطة فتقع على عاتق الكوادر الإيرانية المتقنة للغة الروسية، بينما تتم الاستعانة بمستشارين روس للإشراف الفني.
جسم المفاعلويتكون جسم المفاعل من الفولاذ الكربوني المقاوم للصدأ، ويبلغ قطره 5 أمتار و53 سنتيمترا، وارتفاعه 11 مترا و18 سنتيمترا.
ومصدر إنتاج الحرارة في هذا المفاعل هو الوقود النووي من نوع ثاني أكسيد اليورانيوم، بدرجات تخصيب تبلغ 4.02% و3.62% و2.4% و1.6%.
يتم تصنيع الوقود على شكل أقراص أسطوانية قطرها 7.75 مليمترا وارتفاعها 12 مليمترا، توضع داخل أنابيب الوقود بعدد يتراوح بين 300 و315 قرصا لكل أنبوب، وفقا لما تنشره الصحافة الفارسية.
يبلغ قطر قلب المفاعل 3.16 أمتار، وارتفاعه 3.55 أمتار. أما قطر الجدار الفولاذي الكروي للمفاعل فيصل إلى 56 مترا، بسماكة تتراوح بين 3 و5 سنتيمترات للحماية من الأضرار الداخلية وأي انفجارات محتملة.
هذا التصميم قادر على تحمل زلزال بقوة 10 درجات على مقياس ريختر، كما أن أجزاء من المباني مثبتة على نوابض لزيادة مقاومتها للزلازل. إضافة إلى ذلك، جميع المباني معزولة ضد مخاطر الفيضانات أو التسونامي.
النفاياتتُخلّف محطة بوشهر 3 أنواع من النفايات: سائلة وغازية وصلبة.
وفيما يخص النفايات الغازية، تحتجز أولا لفترة زمنية لتقليل مستوى التلوث، ثم تمر في مرشحات كربونية قبل إطلاقها عبر مدخنة بارتفاع 110 أمتار، وفي هذه المرحلة تكون خالية تماما من أي ملوثات.
تتميز مدخنة المحطة بمعايير أمان عالية وتحتوي على مرشحات تجعل الإشعاع المنبعث منها أقل حتى من الإشعاع الطبيعي الموجود في البيئة.
أما النفايات السائلة والصلبة، فتخزن في براميل خاصة. وتأتي النفايات السائلة من عمليات الغسيل داخل المحطة، بما في ذلك مياه غسيل الملابس الملوثة والمخلفات السائلة من المختبرات المشعة. وتوضع هذه السوائل في براميل زرقاء اللون تحتوي على خلاطات داخلها، ويتم مزجها بالجير والإسمنت حتى تتحول إلى حالة صلبة.
إعلانوتشمل النفايات الصلبة قطع الغيار المستهلكة ومواد البناء والملابس والقفازات والأدوات المكتبية والأدوات المستعملة التي توضع بدورها في براميل بيضاء خاصة.
يتم الاحتفاظ بهذه النفايات داخل المحطة حتى ينخفض مستوى الإشعاع فيها إلى المستويات الطبيعية، وعندها فقط يتم إخراجها من المنشأة.
وتراقب السلطات البيئة ضمن دائرة نصف قطرها 70 كيلومترا حول المحطة، ويشمل ذلك اختبارات منتظمة للماء والتربة والحيوانات والأسماك وفحوصات دورية للسكان المحليين لقياس الجرعات الإشعاعية التي يتعرضون لها.
أما فيما يخص نفايات الوقود النووي المستهلك، فلا تتم معالجتها في الموقع، فالوقود يأتي من روسيا ويعاد إليها، إذ بعد تبريده وانخفاض مستوى إشعاعه، يتم إعادته إلى المصدر الروسي دون أي معالجة إضافية.
تساعد المحطة في فترات الذروة الاستهلاكية في الفصول الحارة على تغذية شبكة الكهرباء الوطنية بشكل مستمر، وعلى مدار 24 ساعة بألف ميغاواط من الكهرباء المستقرة، كما تساعد في فصل الشتاء، وهو موسم ذروة استهلاك الغاز في إيران، على تخفيض استهلاكه في البلاد بمقدار 6 ملايين متر مكعب يوميا.
وتعمل المحطة مدة تقارب عشرة أشهر في السنة، وفي الأيام التي لا تشهد فيها ذروة استهلاك الكهرباء، يتم إيقاف تشغيل المحطة لإجراء عمليات تزويد الوقود (استبدال الثلث المستهلك) وللصيانة الدورية، وتستغرق العملية نحو شهرين في هذه الحالة.
وتقول إيران إن إنتاج الكهرباء في محطة بوشهر النووية نظيف تماما وخال من الملوثات الشائعة في محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالوقود الأحفوري، مما يعني أنه يتم منع إنتاج 7 ملايين طن من غازات الدفيئة سنويا.
وفقا لما نشرته الصحافة الإيرانية فإن أمان المحطات النووية في جميع أنحاء العالم يُبنى في الوقت الحاضر على مبدأ "الدفاع المتعمق"، إذ يدفع هذا المفهوم المصممين إلى وضع سلسلة من الحواجز المادية المتتالية في مسار انتشار المواد المشعة إلى البيئة.
إعلانويوفر وجود طبقات متعددة من الحواجز المادية حماية من الآثار الضارة للمواد المشعة على العاملين في التشغيل، والبيئة المحيطة بالمحطة، والسكان القريبين منها.
وتتكون هذه الحواجز بالترتيب من: الشبكة الخزفية لأقراص الوقود وغلاف قضبان الوقود ومعدات الدورة الأولية والوعاء الفولاذي، وأخيرا الغلاف الخرساني. ومن الجدير بالذكر أن أكثر من 98٪ من نواتج الانشطار (المواد المشعة) تُحتجز داخل الشبكة الخزفية لأقراص الوقود.
تتكون الوحدة الأولى من محطة بوشهر النووية من مفاعل ماء مضغوط من نوع "في في إي آر 1000" (VVER-1000) طراز "في-446" (V-446) الذي يختلف تماما من حيث الهيكل ومبدأ العمل عن محطة تشيرنوبيل النووية، ويتوافق مع المحطات النووية الغربية التي تعمل بمفاعلات "بي دبليو آر" (PWR) التي تتمتع بأمان ذاتي.
ومع زيادة الطاقة النيوترونية للمفاعل، ترتفع درجة حرارة الماء فيه، مما يؤدي بدوره إلى تقليل الطاقة النيوترونية وكبح تفاعل الانشطار المتسلسل المستقر في قلب المفاعل.
وفي حال تعرّض المحطة للخطر وانخفاض مؤشرات الأمان فيها، وفقا لتعليمات تشغيل المحطة، يتم تخفيض طاقة المفاعل إلى المستوى المطلوب أو إيقاف تشغيله تماما لاستعادة مستوى الأمان المطلوب.
في حالة وقوع حادث محتمل، تتولى أنظمة الأمان رباعية القنوات مهمة إيقاف المفاعل وإزالة الحرارة المتبقية في القلب، ويكفي وجود قناة واحدة أثناء الحادث، بينما تمت إضافة القنوات الثلاث الأخرى لزيادة عامل أمان النظام، وتعمل هذه القنوات بشكل منفصل ومستقل عن بعضها البعض.
وفي حال وقوع حادث تعمل أنظمة الأمان على إيقاف تفاعل الانشطار النووي المتسلسل المستقر وتبريد المفاعل والحد من آثار الحادث. وهذه الأنظمة مجهزة بمولدات ديزل خاصة بها، مما يمكنها من مواصلة العمل حتى في حالة انقطاع التيار الكهربائي بالكامل في المحطة.
إعلانوبني المفاعل بشكل يجعله مقاوما لاصطدام مباشر بطائرة بوينغ 747 العملاقة، وبالطائرات الحربية، كما أنه مقاوم للزلازل التي تصل شدتها إلى 8 درجات على مقياس ريختر.
وفي حال حدوث مثل هذه الكوارث، لن تتضرر منشآت المفاعل أو قلبه، وسيوقف نظام التحكم والحماية التلقائي تشغيل المحطة بأمان ويحولها إلى حالة آمنة بسهولة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مفاعل بوشهر محطة بوشهر
إقرأ أيضاً:
مفاعل نطنز النووي أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في إيران
مفاعل نطنز النووي هو المنشأة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران، ويقع في محافظة أصفهان على بُعد نحو 220 كيلومترا جنوب شرق العاصمة طهران. بدأت إيران في بنائه سرا، وكُشف عنه عام 2002، وهو مصمم لاستيعاب عشرات الآلاف من أجهزة الطرد المركزي.
وقد تعرض المفاعل منذ عام 2010 لسلسلة هجمات نُسبت إلى إسرائيل، شملت هجوما إلكترونيا وتفجيرات وتخريبا في أنظمة الكهرباء. وفي يونيو/حزيران 2025، أكدت إيران أن نطنز كان ضمن الأهداف التي استُهدفت في هجوم جوي إسرائيلي.
الموقعتقع منشأة نطنز النووية في محافظة أصفهان، في سهل محاذ لجبال خارج مدينة قم، على بُعد نحو 220 كيلومترا جنوب شرق العاصمة الإيرانية طهران، وهي الموقع الرئيسي لتخصيب اليورانيوم في البلاد.
تبلغ مساحة المنشأة نحو 2.7 كيلومتر مربع، وبُنيت على عمق 8 أمتار تحت الأرض، ويُحيط بها جدار خرساني بسماكة تبلغ 2.5 متر، وتحميها منظومة دفاع جوي وأسلاك شائكة وقوات من الحرس الثوري الإيراني.
وتضم المنشأة مرافق عدة، منها منشأتان للتخصيب هما منشأة التخصيب بالوقود النووي الضخمة الواقعة تحت الأرض، وأخرى للتخصيب بالوقود التجريبية فوق الأرض.
وقد كشفت جماعة إيرانية معارضة عام 2002 أن إيران كانت تبني منشأة نطنز سرا، ما أشعل مواجهة دبلوماسية بين الغرب وإيران بشأن برنامجها النووي.
وأقرت إيران في العام التالي بوجود المنشأة ومنشآت أخرى، ووافقت على تعديلات في الترتيبات الفرعية لمعاهدة منع الانتشار النووي، والتي تُلزمها بإبلاغ الوكالة الدولية للطاقة الذرية بنيتها بناء منشآت نووية.
تُعد محطة نطنز أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في إيران، وصُممت لاستيعاب 50 ألف جهاز طرد مركزي. وتعمل فيها مجموعات متعددة من أجهزة الطرد المركزي، تُعرف بـ"سلاسل التخصيب"، التي تعمل معا لتسريع عملية تخصيب اليورانيوم.
إعلانوذهبت تقديرات عام 2006 إلى أن مفاعل نطنز قد يضم حوالي 50 ألفا من أنابيب نقل الغاز المتطورة، مما يسمح له بإنتاج كمية من اليورانيوم تكفي لتطوير ما يزيد على 20 رأسا نوويا سنويا.
وبعد تعليق دام عامين، استأنفت إيران في عام 2006 تشغيل أجهزة الطرد المركزي، وأعلنت في سبتمبر/أيلول 2007 أنها نصب 3 آلاف جهاز طرد مركزي جديد.
وفي فبراير/شباط 2009، بدأ التخصيب رسميا لليورانيوم بالمفاعل بنسبة 20%، وقدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية حينها أن إيران ركبت نحو 7 آلاف جهاز طرد مركزي.
وفي عام 2010 أبلغت إيران الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن نطنز سيكون موقعا لمرافق تخصيب جديدة، يتم بناؤها بحلول مارس/آذار 2011.
وفي مطلع عام 2012، أرسلت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية رسالة إلى الأمم المتحدة تخبرها بأنها ستركب نموذجا جديدا من أجهزة الطرد المركزي، قادرا على تخصيب اليورانيوم بسرعة تصل إلى ضعفين أو 3 أضعاف سرعة الأجهزة المستخدمة آنذاك.
وقد اختبرت طهران في عام 2014 أجهزة طرد مركزي من نوع "آي آر-8″، التي تتيح لها التخصيب بسرعات عالية جدا مقارنة بالأجهزة السابقة.
وبموجب اتفاق خطة العمل الشاملة المشتركة الموقعة عام 2015 بين إيران ومجموعة "5+1″، فإن مرفق نطنز هو الموقع الوحيد الذي يسمح فيه بتخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 3.67% مدة 15 عاما.
وأظهرت صور أقمار صناعية التُقطت عام 2023 أن إيران حفرت أنفاقا على عمق يتراوح بين 80 و100 متر في جبل قريب من منشأة نطنز النووية، بهدف استبدال مركز تصنيع أجهزة الطرد المركزي فوق الأرض، الذي يُعتقد أن إسرائيل خربته في يوليو/تموز2020.
هجمات إسرائيليةتعرضت منشأة نطنز النووية عام 2010 لهجوم إلكتروني باستخدام فيروس "ستاكسنت"، مما أدى إلى تعطيل أجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم.
إعلانواتهمت إيران كلا من إسرائيل والولايات المتحدة بالوقوف وراء هذا الهجوم، في حين أشار خبراء الأمن السيبراني إلى أن العملية كانت مدعومة من قوى غربية.
وفي يوليو/تموز 2020، شب حريق في منشأة نطنز وصفته السلطات الإيرانية بأنه "عملية تخريب سيبراني"، بينما أشارت تقارير غربية إلى تورط إسرائيلي.
وفي أبريل/نيسان 2021، شهدت المنشأة انفجار صغيرا، بحسب منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن الانفجار كان نتيجة عمل إسرائيلي أدى إلى تعطيل النظام الكهربائي الذي يغذي أجهزة الطرد المركزي.
وفي 19 أبريل/نيسان 2024، وبعد هجوم جوي نُسب إلى إسرائيل على محافظة أصفهان، أكدت إيران أن المنشآت النووية بما في ذلك نطنز آمنة، رغم رصد انفجارات قرب منشآت عسكرية في المنطقة.
وأكد التلفزيون الإيراني الرسمي يوم 13 يونيو/حزيران 2025 أن إسرائيل استهدفت منشأة نطنز، وأنه لا توجد تقارير عن تلوث نووي.
من جانبه، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، إن الوكالة تراقب عن كثب "الوضع المقلق للغاية في إيران"، مؤكدا أن منشأة نطنز كانت من بين الأهداف التي قصفت، وأن الوكالة تتواصل مع السلطات الإيرانية بشأن مستويات الإشعاع النووي.