أكد محلل سياسي يمني أن ضرب الجماعة الحوثية اظهر الخطر الذي تشكله هذه الجماعة الإرهابية على العالم.

وقال عبدالسلام محمد إن الضربة الأخيرة التي وجهت للحوثيين خطوة إيجابية من شأنها دفعه لمواجهة القوى الغربية وجها لوجه.

وقال عبدالسلام ان العالم كان بحاجة الى مثل الأحداث الأخيرة لمعرفة الخطر الذي تمثله جماعة الحوثي.

وأضاف متحدثا عن رأيه إزاء التطورات العسكرية: شخصيا أعتقد أن خطوة الضربة الأمريكية البريطانية حتى لو كانت بدون جدوى، إلا أنها خطوة نقلت الحوثي في الصورة الذهنية الغربية من جماعة متمردة حليفة لإيران تكافح ضد السعودية والسنة، إلى جماعة شيطانيّة تستهدف مصالح الغرب ويجب القضاء عليها.

وتابع: هذا سيجعل من واشنطن ولندن استبدال مكانة الحوثي المستفاد منها، من جماعة يمكن الضغط بها على الخليج الغني بالنفط، إلى جماعة إرهابية تعطي الغرب فرصة في عسكرة ممرات الملاحة والمضائق المائية الدولية في حرب التنافس مع الروس والصين. وهذا قد يدفع الصين وروسيا دعم الحوثيين كجماعة تستنزف أمريكا وحلفائها.

واختتم” في الأخير وضع الحوثي منظمته ألعوبة في الملعب الدولي، المستفيد الوحيد منها إيران التي ستحسن سقف مفاوضاتها، والخاسر الأكبر الشعب اليمني الضحية في كل هذا الصراع”.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

النظرة الاستعمارية.. من جوهر السياسة إلى توماس براك؟

 

 

 

خالد بن سالم الغساني

 

بعد انتهائي من قراءة مقال الدبلوماسي السوري السابق أحمد علي الحريري بعنوان «مفهوم الدولة بين ابن خلدون وتوم براك»، وجدتني مأخوذًا بذلك التناول الذي جمع بين الطرافة الجاذبة في المُقدمة والعمق في التحليل.

لقد كان دافعًا لي لكتابة هذا النص، لا استكمالًا لما طرحه، بل محاولةً لقراءة أوسع في المعنى الكامن خلف تصريحات المبعوث الأمريكي، وفي النظرة التي تختبئ خلف تلك اللغة الاستعلائية، والتي تكشف عن جوهرٍ استعماري أعمق في مفهوم الغرب للآخرين، ولا سيما نحن الذين نعيش في هذا الشرق.

في زيارته إلى المنطقة مؤخرًا، وأمام وسائل الإعلام والصحافة، وفي قصر بعبدا بلبنان، وصف المبعوث الأمريكي توماس براك، الصحفيين اللبنانيين بأنهم "فوضويون وحيوانيون". هذا الوصف ينسجم مع ما كان قد صرح به سابقًا عن أنَّ منطقة الشرق الأوسط لا تضم دولًا؛ بل قرى وقبائل وعشائر. الأمر المؤكد أنها ليست زلة لسان أو نوبة غضب؛ بل إن ما قاله براك، يعكس بوضوح طريقة التفكير السائدة في دوائر وأروقة القرار الغربي، ولا سيما الأمريكي والصهيوني، تجاه شعوب هذه المنطقة. الكلمات التي تبدو في ظاهرها استعلائية ومُهينة، هي ذاتها تلك النظرة وذلك الأسلوب الاستعماري، اللذان يمارس من خلالهما الغرب، ويُدير سياساته تجاه منطقتنا وشعوبها، إنها تُعبّر في عمقها عن رؤية سياسية وفكرية تعتبرنا جميعًا شعوبًا وجغرافيا، فضاءً غير متحضّر، يحتاج دائمًا إلى وصاية، وإلى من يهذّبه ويرشده، ويوجهه، وقد وضعوا أنفسهم في تلك المكانة المرشدة والموجهة والمديرة، لأننا وفقًا لهم، عاجزون عن حكم أنفسنا أو بناء دولنا المستقلة.

هذا الخطاب ليس جديدًا على الذهنية الغربية، إنه امتداد مباشر للفكر الاستعماري الذي ساد أوروبا منذ قرون، حين كانت القوى الاستعمارية الكبرى تبرر احتلالها للشعوب بشعارات من قبيل نشر الحضارة وتمدين البرابرة وأخيرًا نشر الديمقراطية!! واليوم، وإن تبدّلت اللغة وتغيّرت الأدوات، إلا أنَّ الجوهر لم يتبدل؛ فما زالت منطقتنا وشعوبها في نظرهم ميدانًا رحبًا للفوضى والجهل والانقسام، وما زالوا يرون أنفسهم أصحاب رسالة إنقاذية، لحماية النظام العالمي، من ما يُسمى بالاضطراب والغوغاء الشرقي.

ومن هنا فإنَّ الأمر لا يبدو مستغربًا أن يتحدث دبلوماسي أمريكي، لم يستعر هذه العجرفة والوقاحة التي هي امتداد لجذور أجداده، بمثل هذا التبجح، فهو يعبّر عن إحساس متجذر بالغطرسة التي تشعره بالتفوق والهيمنة.

غير أنَّ الأخطر من هذا القول وأمثاله، هو ما يترتب عليه من فعل؛ فالولايات المتحدة ومعها القوى الغربية لم تنظر يومًا إلينا بوصفنا شركاء نِدًّا لها، بل بوصفنا ملعبًا كبيرًا للنفوذ والمصالح، فعندما يرى صانع القرار الأمريكي أن المنطقة مجرد تجمعات عشائرية لا ترقى إلى مستوى الدولة، يصبح من الطبيعي أن يتعامل معها على هذا الأساس، فهو يقيم تحالفاته على أسس طائفية وقبلية، ويغذّي الانقسامات الداخلية، ويفرض وصايته السياسية والاقتصادية والعسكرية، من منطلق أنه "الوصي على هذه التجمعات والقرى المتناحرة".

هذا هو تمامًا ما شهدته وتشهده العديد من الدول العربية بعد ما سُمّي بـ الربيع العربي، وفوضوية كونداليزا رايس الخلاّقة؛ حيث تم تفكيك المؤسسات الوطنية، والتلاعب بالبُنى الاجتماعية وإنشاء الثورات بعد تجميع كل الخارجين عن القانون والمجرمين والمطلوبين للعدالة، لقيامهم بما يخدم استمرار الفوضى وضمان خضوع المنطقة لإرادة الخارج.

وعلى صعيد الصراع العربي الإسرائيلي، فإن هذه النظرة الاستعلائية تمثل الركيزة الأساسية للسياسة الأمريكية في حماية دويلة الكيان المحتل. فعندما يُختزل الشرق الأوسط في مجموعة قبائل، يسهل تبرير دعم دولة الاحتلال باعتبارها الجزيرة المتحضرة وسط بحر من البدائية والتخلف. هذا المنطق يُستخدم لتبرير كل الجرائم الإسرائيلية تحت شعارات براقة مثل الدفاع عن الديمقراطية ومحاربة الإرهاب، فيما يُصوَّر الفلسطينيون والعرب عمومًا على أنهم غير مؤهلين لبناء دولة، ولا يفهمون سوى لغة القوة.

ثم إنَّ هذه النظرة لا تقتصر على الخطاب، بل تتجسد في الممارسة السياسية اليومية: في الدعم العسكري غير المحدود لإسرائيل، وفي التغطية الدبلوماسية على جرائمها في غزة والضفة، وفي تعطيل أي تحرك أممي لمحاسبتها. إنها سياسة قائمة على معادلة راسخة، تتمثل في تفوق "المدني الغربي" مقابل "تخلّف الشرقي"، وعلى أساس هذه المعادلة تُصاغ القرارات وتُبنى المواقف.

لقد أثبتت التجارب أن الغرب، وفي مقدمته الولايات المتحدة، لا يريد لهذه المنطقة أن تنهض أو تستقر، فالفوضى تخدم مصالحه، والانقسامات تحمي وجود إسرائيل، والضعف السياسي والاقتصادي يفتح الأبواب أمام هيمنته. ومن هنا يمكن فهم تصريحات توماس براك؛ باعتبارها جزء من سياسة إعلامية ودبلوماسية تهدف إلى تكريس صورة العربي ككائن فوضوي لا يعرف الانضباط ولا يستحق السيادة، وبالتالي فهو بحاجة دائمة إلى الوصاية الغربية.

المفارقة أن هذا الخطاب يجد صدى لدى بعض النخب المحلية التي تتبنى المفاهيم الغربية دون وعي بجذورها، فتُعيد إنتاجها داخليًا في شكل جلد للذات وترديد لاتهامات التخلف، متناسية أن جانبًا كبيرًا من هذا الواقع هو نتاج مباشر لتدخلات الغرب نفسه. فالاستعمار القديم رسم حدود الدول بطريقة تُبقي على النزاعات، والسياسة الأمريكية الحديثة دعمت أنظمة استبدادية مقابل ضمان المصالح، ثم عادت لتدين الشعوب حين ثارت على تلك الأنظمة.

إن ما قاله توماس براك ليس إهانة متكررة وكفى- وما أكثر إهاناتنا- بل تلخيص لعقيدة سياسية ترى في منطقتنا حديقة خلفية للمصالح الغربية، وفي شعوبنا أدوات يمكن تحريكها وفق الحاجة. والوعي بهذه الحقيقة هو الخطوة الأولى لمواجهتها، لأنَّ التصدي للهيمنة يبدأ من إدراك آلياتها الفكرية واللغوية. فالمعركة ليست بالسلاح فقط، بل بالكلمة والمعنى؛ إذ إن من ينجح في تصويرك كفوضوي يُبرر لنفسه كل أشكال السيطرة عليك.

إن استعادة الكرامة السياسية تبدأ من إعادة تعريف الذات، من إدراك أن شعوب المنطقة ليست عشائر مُتناحرة، بل أمم تملك تاريخًا عريقًا وثقافة عميقة وذاكرة نضالية لا تنطفئ. أما أولئك الذين يرون فينا قرى بلا دول، فليتذكروا أن تلك القرى أنجبت حضارات غيّرت وجه التاريخ، وأن تلك العشائر قاومت الغزاة عبر القرون.

الغرب اليوم يملك القوة، لكنه لا يملك الحقيقة، والحقيقة أن الشعوب التي تُهان وتُحتقر، تحمل في داخلها بذور ثوراتها المقبلة، تمامًا كما حملت هذه المنطقة عبر تاريخها الطويل وجعها وإصرارها على الحياة. بقي أن نُذّكر بأن على النخب التي لم تنشغل خلال مرحلتنا الكسيحة هذه، أكثر من انشغالها بجلد الذات، أن تستيقظ وأن تقوم بواجباتها الوطنية الحقة، بدلًا من الندب والضرب على الأكف.

مقالات مشابهة

  • دبلوماسي يمني: تجاهل سعودي لاسراه الطيارين في صنعاء
  • كاتب بريطاني: الفظائع التي سمح بها الغرب في غزة ستدق بابه قريبا
  • فلكي يمني يتوقع امطار على نطاق واسع بعد ايام
  • وزير الدفاع يتفقد جاهزية قوات أبين لمواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية
  • تقرير أممي نزوح نحو 15 ألف يمني منذ مطلع 2025
  • الحوثي يفرض قيودًا على حصاد المحاصيل الزراعية.. الزكاة أداة للسيطرة الاقتصادية
  • جماعة الحوثي تدعو السعودية إلى السلام وإنهاء العدوان والحصار
  • النظرة الاستعمارية.. من جوهر السياسة إلى توماس براك؟
  • تأجيل محاكمة 64 متهما فى قضية خلية القاهرة الجديدة لـ16 ديسمبر المقبل
  • صحفي: خطاب ترامب أمام الكنيست أظهر تحيزًا كاملًا لإسرائيل