الخارجية السودانية تستنكر دعوة حميدتي لقمة “إيغاد” الطارئة
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
اتهمت الخارجية السودانية الهيئة الحكومية المعنية بالتنمية في إفريقيا "إيغاد" بالتحول إلى "أداة للتآمر على السودان وشعبه"، وانتقدت في بيان لها الهيئة لدعوتها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" لحضور القمة التي تعتزم عقدها في العاصمة الأوغندية كمبالا يوم الخميس الثامن عشر من يناير.
وقال بيان الخارجية السودانية إن الخيارات مفتوحة بعد دعوة حميدتي لحضور للقمة، مضيفا "هذه السابقة المشينة لن تؤدي فقط إلى تدمير مصداقية إيغاد كمنظمة إقليمية، لأنها لا تحترم وثائقها ونظمها الأساسية وتعمل على تقويض سيادة الدول الأعضاء".
وفي ذات السياق؛ قالت الحكومة السودانية في بيان منفصل صادر عن مجلس السيادة إنه لا داعي للقمة الجديدة التي تعتزم "إيغاد" عقدها الخميس ما لم يتم تنفيذ مخرجات القمة السابقة التي انعقدت في التاسع من ديسمبر في جيبوتي، رغم إعلان الخارجية السودانية رفضها في حينها.
وأوضح البيان: "ظللنا نتعاطى بإيجابية مع كل المبادرات وبشكل خاص جهود الإيغاد في الوصول إلى سلام في السودان إلا أن إيغاد لم تلتزم بتنفيذ مخرجات القمة الأخيرة في جيبوتي".
وكانت قمة جيبوتي قد أقرّت عقد لقاء بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحميدتي في الثامن والعشرين من ديسمبر لمناقشة سبل الحرب المستمرة بينهما منذ منتصف أبريل، لكنها أعلنت لاحقا عن تأجيل اللقاء بسبب عزمها توسيع المشاركة وإتاحة الفرصة لرؤساء الدول الأعضاء وممثلي المجتمع الدولي لحضور اللقاء وهو ما لم يكن ممكنا في ذلك التوقيت بسبب عطلات نهاية العام.
وقبل تأجيل الاجتماع كانت الخارجية السودانية قد رفضت مخرجات قمة جيبوتي، وقالت في بيان إن "بيان سكرتارية الإيغاد لا يعبّر عن ما خرجت به القمة، ولا يعتبر وثيقة قانونية".
وطالبت الخارجية السودانية بحذف بعض فقرات البيان وتصحيح موافقة البرهان على لقاء قائد الدعم السريع لأنه "اشترط وقف دائم لإطلاق النار وخروج القوات من الخرطوم".
ووجدت مخرجات قمة جيبوتي دعما قويا من المجتمع الدولي بعد أن أكدت على دعم منبر جدة وخريطة الحل الإفريقية المكونة من 6 نقاط والتي تشمل:
• وقف إطلاق النار الدائم وتحويل الخرطوم لعاصمة منزوعة السلاح.
• إخراج قوات طرفي القتال إلى مراكز تجميع تبعد 50 كيلومترا عن الخرطوم.
• نشر قوات إفريقية لحراسة المؤسسات الإستراتيجية في العاصمة.
• معالجة الأوضاع الإنسانية السيئة الناجمة عن الحرب.
• إشراك قوات الشرطة والأمن في عملية تأمين المرافق العامة.
• البدء في عملية سياسية لتسوية الأزمة بشكل نهائي.
وتأتي هذه التطورات بعد نحو أسبوع من إعلان البرهان قطع الطريق أمام إمكانية التفاوض المباشر مع قائد قوات الدعم السريع حيث قال في كلمة أمام مجموعة من جنود الجيش في منطقة جبيت العسكرية في شرق السودان إنه لن يتفاوض معه.
وفي الجانب الآخر أعلن حميدتي قبوله دعوة الإيغاد، مجددا التزامه بمخرجات الهيئة والتفاوض مع البرهان من أجل وقف الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص وتشريد نحو 7 ملايين من بيوتهم.
بورتسودان- سكاي نيوز عربية
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الخارجیة السودانیة
إقرأ أيضاً:
الجنوب المحتل.. مسرح لتصادم الأطماع الخارجية وضريبة “مصادرة القرار”
لم يعد خافياً على أي مراقب منصف أن ما يجري في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة ليس “فشلاً إدارياً” عابراً، بل هو نتيجة حتمية وممنهجة لمصادرة القرار السيادي، وارتهان “أدوات الداخل” لأجندات “كفلاء الخارج”. المشهد في عدن وحضرموت وشبوة اليوم يقدم الدليل القاطع على أن الأرض التي يدوسها المحتل لا تنبت إلا الفوضى، وأن الأمن والرخاء لا يتحققان إلا بامتلاك القرار الحر، تماماً كما هو الحال في المحافظات الحرة (الشمالية).
فيما يلي تفكيك لهذا المشهد المأساوي من منظور وطني يكشف خفايا الصراع:
1. صراع الوكلاء: عندما يتقاتل “الكفلاء” بدماء اليمنيين
الحقيقة التي يحاول إعلام العدوان طمسها هي أن الاقتتال الدائر في الجنوب ليس صراعاً يمنياً-يمنياً، بل هو انعكاس مباشر لتضارب المصالح بين قوى الاحتلال (السعودية والإمارات).
* أدوات مسلوبة الإرادة: المكونات السياسية والعسكرية في الجنوب (سواء ما يسمى بالانتقالي أو الفصائل المحسوبة على حزب الإصلاح وبقية المرتزقة) لا تملك من أمرها شيئاً. هي مجرد “بيادق” يتم تحريكها أو تجميدها بريموت كونترول من الرياض وأبو ظبي.
* النتيجة: عندما تختلف قوى الاحتلال على تقاسم النفوذ أو الموارد، تندلع الاشتباكات في عدن أو شبوة. وعندما يتفقون، يسود هدوء حذر ومفخخ. المواطن الجنوبي هو الضحية في حروب لا ناقة له فيها ولا جمل، وقودها أبناؤه، وغايتها تمكين الأجنبي.
2. التباين الصارخ: “نموذج السيادة” مقابل “نموذج الوصاية”
المقارنة المنصفة بين الوضع في صنعاء (عاصمة السيادة) وعدن (عاصمة الوصاية) تكشف جوهر الأزمة:
* في المحافظات الحرة: بفضل الله وحكمة القيادة الثورية ممثلة بالسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي (يحفظه الله)، امتلكت صنعاء قرارها. طردت الوصاية الأجنبية، فتحقق الأمن والاستقرار، وتوحدت الجبهة الداخلية رغم قسوة الحصار والعدوان. لا يوجد “سفير” يملي الأوامر، ولا ضابط أجنبي يتحكم في المعسكرات.
* في المحافظات المحتلة: السيادة منتهكة بالكامل. القواعد العسكرية الأجنبية تنتشر من مطار الريان في حضرموت إلى جزيرة ميون وسقطرى التي تعبث فيها الإمارات وتفتح الباب للكيان الصهيوني. الفوضى الأمنية، الاغتيالات، والاشتباكات اليومية هي “المنتج الحصري” للاحتلال الذي يرى في استقرار اليمن خطراً على مصالحه.
3. الحرب الاقتصادية.. التجويع سلاح المحتل
ما يعانيه المواطن في الجنوب من انهيار للعملة وغلاء فاحش ليس قدراً محتوماً، بل سياسة “تركيع” متعمدة.
* نهب الثروات: لسنوات، كان النفط والغاز اليمني يُنهب وتورد عائداته إلى البنك الأهلي السعودي، بينما يموت اليمني جوعاً.
* معادلة الردع: عندما تدخل أنصار الله وفرضوا “معادلة حماية الثروة” ومنعوا سفن ناهبي النفط من الاقتراب من الموانئ الجنوبية، كان الهدف حماية ثروة الشعب اليمني (في الجنوب والشمال) من السرقة. هذه الخطوة السيادية أثبتت أن صنعاء هي الحارس الأمين لمقدرات اليمن، بينما أدوات الاحتلال كانت تشرعن النهب مقابل فتات من المال المدنس.
4. سقطرى والمهرة.. الأطماع تتكشف
لم يأتِ تحالف العدوان لإعادة “شرعية” مزعومة، بل جاء لأطماع جيوسياسية واضحة كشفتها تقارير قناة المسيرة والواقع الميداني:
* السيطرة على الجزر والموانئ والممرات المائية.
* محاولة مد أنابيب النفط عبر المهرة لتجاوز مضيق هرمز.
هذه المشاريع الاستعمارية تواجه اليوم رفضاً شعبياً متصاعداً من أحرار المهرة وسقطرى، الذين أدركوا أن “التحالف” ما هو إلا احتلال جديد بثوب آخر.
الخلاصة: الحل في “التحرر”
إن حالة الفوضى العارمة، وغياب الخدمات، وتعدد الميليشيات في الجنوب، هي رسالة واضحة لكل ذي عقل: لا دولة بلا سيادة، ولا كرامة في ظل الاحتلال.
النموذج الذي يقدمه أنصار الله والمجلس السياسي الأعلى في صنعاء يثبت أن امتلاك القرار المستقل، ورفض التبعية، هو الطريق الوحيد لبناء الدولة وحفظ الأمن. وما يحدث في الجنوب هو تأكيد صحة الموقف الوطني منذ اليوم الأول للعدوان: الرهان على الخارج خاسر، والأجنبي لا يبني وطناً، بل يبني سجوناً وقواعد عسكرية. الحل يبدأ من حيث انتهى الشمال: طرد المحتل، واستعادة القرار، وتطهير الأرض من الغزاة وأدواتهم.