ماذا وراء رفع رئيس حكومة مصر أمد الأزمة الاقتصادية إلى 6 سنوات؟
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
أثارت تصريحات رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، بشأن الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها البلاد، تساؤلات عن أسبابها وسر توقيتها، وإذا ما كانت "خانقة" أم "عابرة".
وقال مدبولي في معرض حديثه عن الأزمة الاقتصادية، إنهم في الحكومة يوصلون الليل بالنهار لصياغة حلول من أجل تجاوز هذه الأزمة، وردد تصريحات سابقة من قبيل أن العالم كله يموج بنفس المشكلات والاضطرابات، يضاف عليها أعباء المشكلات والاضطرابات السياسية المحيطة، التي تضيف على البلاد ضغوطا أخرى.
وطالب "مدبولي"، خلال احتفالية تسليم أول ثلاثة أبراج إدارية، ضمن منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، بمهلة جديدة 6 سنوات، مضيفا "من الآن نعمل على تجاوز هذه الأزمة ونتحرك حتى نصل إلى هذا العام ونستعيد خلال ذلك مسار النمو الذي كنا عليه قبل حدوث الأزمة العالمية، ونحقق المعدلات التي يحلم بها كل مواطن مصري وفقا لرؤية 2030".
لاقت تصريحات مدبولي انتقادات حادة في الشارع المصري ومن قبل مقدمي البرامج البرامج والتي توقع فيها أن تتجاوز البلاد الأزمة الاقتصادية الخانقة في غضون ست سنوات، ووصفها الإعلامي نشأت الديهي المؤيد للنظام بالـ"صادمة وأصابت مجتمع الأعمال بالإحباط".
وتساءلت الإعلامية لميس الحديدي ببرنامجها المذاع على إحدى القنوات التابعة لشركة المتحدة للإعلام المملوكة للنظام: هل هي أزمة "خانقة أم عابرة" في إشارة إلى تصريحات سابقة لمدبولي في تشرين الثاني/ نوفمبر.
استمرارا لمسلسل الوعود، كان رئيس الوزراء المصري أكد في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، خاطب رجال الصناعة، قائلا إنّ الأزمة الاقتصادية التي تمر بها مصر حاليا هي أزمة عابرة، مضيفا أنّ أزمة العملة الأجنبية ستنتهي قريبا.
واعتبر مدبولي أنّ الدرس الذي يجب تعلمه من الأزمة هو لابد أن تملك الدولة مقدرات إنتاجها ومنتجاتها بأكبر قدر ممكن.
تصريحات مقلقة
وصف الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المصري، محمد رزق، تصريحات مدبولي التي أثارت الشارع بأنها "جاءت بنتائج عكسية، الرجل كان يقصد طمأنة المصريين من خلال امتصاص غضب الشارع المتجسد فى ارتفاع الأسعار المستمر، والذى سوف يتفاقم فى الأيام والشهور القادمة بسبب خروج سعر صرف الدولار مقابل الجنية عن سيطرة الحكومة لأسباب يطول شرحها".
وأكد في حديثه لـ"عربي21": أن "نمو الإقتصاد المصرى لن يتم بدون جذب استثمار مباشر لدفع عجلة التنمية، والاستثمار المباشر لن يدخل مصر فى ظل احتكار مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء لمفاصل الاقتصاد المصري بل يعد ذلك سبب جوهري في عزوف الاستثمار المباشر عن دخول مصر سواء من قبل المؤسسات أو رجال الأعمال".
وذهب رزق إلى القول إن "الأزمة الاقتصادية فى مصر تتفاقم كل طلعة نهار بسبب شح الدولار وارتفاع سعر الصرف، وعدم تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية وأولها رفع يد مؤسسات الدولة عن الاقتصاد وخنق القطاع الخاص".
لم أكن أحب أن أتعرض لمصطفى مدبولي، فأنا أدرك أنه ظل، منظر، شرابة خرج كما يقول العامة، يجلس في كرسي رئيس الوزراء شكليا، ديكور دولة، مثله مثل عدلي منصور، الذي أجلسوه في كرسي الرئاسة سنة وهو لا يستطيع أن يذهب لدورة المياه إلا بإذن الجنرال، الدولة في مصر الآن حصريا هي شخص واحد فقط pic.twitter.com/m7lS6fL0I6
— جمال سلطان (@GamalSultan1) January 15, 2024انت بتبيع سمك في ميه؟
مدبولي: أرباح العاصمة الجديدة تجاوزت ال20 مليار جنيه؟
وراحت فين يا حلاوتك؟ pic.twitter.com/bkX6b2fVnt
مدبولي يبشرنا بست سنوات من العذاب والفقر والحرمان والديون والغلاء والبطالة وتسول الأموال وبيع الأصول pic.twitter.com/hSbkI3WHmB
— فاطمة الأسيوطيFatema (@asyooty_el) January 14, 2024من فترة كان حدد رئيس الوزراء فترة زمنية لإنتهاء أزمة إنقطاع الكهرباء وفشل في تحقيق ده وبعدها قال إن أزمة #الدولار عابرة وهتنتهي في فترة قليلة والنهارده الدولار بيوصل 57 جنيه،
ومع ذلك قرر من جديد دكتور مدبولي يحدد فترة زمنية لإنتهاء الأزمة الاقتصادية في #مصر بس المرة ده قال إنها… pic.twitter.com/ejt3r7FNDD
مصر تسير في طريق رهن قناة السويس
في ظل سيل التصريحات من قبل المسؤولين المصريين للتخفيف من وطأة الأزمة، يقول الخبير في الإدارة الاستراتيجية وإدارة الأزمات، الدكتور مراد علي، إن "تصريحات مدبولي كاشفة لحقيقة الأزمة الطاحنة التي تعيشها البلاد بسبب مجموعة من السياسات المالية والنقدية والاقتصادية الخاطئة التي دمرت قلعة الرمل التي صدرها النظام للشعب مع أول موجة، وهي ليست مسؤولية مدبولي ولا غيره من الوزراء بل مسؤولية النظام الذي يدير البلاد بعقلية عسكرية".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "انظر إلى وثيقة التوجهات الاستراتيجية للاقتصاد المصري حتى 2030 التي أصدرها مجلس الوزراء إنها أقرب إلى الأحلام والأوهام؛ تفتقر إلى وجود آليات واضحة واضحة للتنفيذ، مثل مضاعفة الصادرات 20% كل عام في حين أنها تراجعت هذا العام 20%، زيادة تحويلات المصريين بنسبة 10% سنويا في حين أنها تراجعت 30%، مضاعفة إيرادات قناة السياحة وقناة السويس رغم وجود حالة حرب في المنطقة".
واستدرك علي: "ما تم وضعه مجرد أرقام لا يمكن أن تتحقق وهو دليل على نقص الكفاءة التي تعاني منها مصر في المناصب العليا بالدولة وهو ما أدى بنا إلى هذه الحالة بعد 10 سنوات، والآن عاد الحديث عن 6 سنوات أخرى للخروج من الأزمة ماذا كانوا يفعلون طوال العقد الماضي".
ودلل خبير إدارة الأزمات على حديثه بالقول "انظر إلى تصنيفات وتقارير المؤسسات والبنوك المالية العالمية تشير جميعها دون استثناء إلى أن مصر لديها مشاكل كبيرة في الاقتصاد، والرؤية المستقبلية سلبية أي ليست مستقرة ولا إيجابية، أي مستثمر لا يستطيع توفير العملة الأجنبية في مصر فلماذا يستثمر إذا كان لا يستطيع أن يحول أرباحه إلى الشركة الأم".
مصر تمر بمنعطف غير مسبوق، بحسب علي، وهناك قلق على الوضع الاقتصادي والمعيشي خاصة لطبقة متوسطي الدخل التي بدأت تنكمش ومحدودي الدخل، والبلاد دخلت في نفق مظلم منذ سنوات، ولا تستطيع الدولة التحكم في أسعار الدولار وكل جهة تتعامل بسعر صرف خاص بها، مصر تسير في طريق ينتهي ببيع أو رهن قناة السويس.
الديون تعمق أزمة الاقتصاد
تعتزم الحكومة المصرية، للمرة الأولى، تحويل 38% من الدين الخارجي البالغ نحو 165 مليار دولار ويعادل نحو 5 أضعاف الاحتياطي النقدي للبلاد إلى استثمار أجنبي مباشر، ويمثل أكثر من 85% من إجمالي احتياطي البلاد من النقد الأجنبي ودائع لدول عربية، وتبلغ قيمتها نحو 30 مليار دولار.
إلى جانب ذلك، أعلنت الحكومة المصرية عن خطط كبيرة للتوريق؛ بهدف جمع ما بين 1.4 إلى 10 مليار دولار سنويا ابتداء من هذا العام وحتى عام 2030، من خلال توريق 20-25% من عائداتها الدولارية أمام بنوك الاستثمار والمستثمرين الدوليين.
في غضون ذلك، خفض البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي المصري خلال العام المالي 2023/2024 إلى 3.5 بالمئة في العام المالي، جراء المشكلات الاقتصادية الحالية في البلاد.
ارتفع الدين العام المستحق على مصر إلى 95.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية السنة المالية الماضية المنتهية في حزيران/يونيو الماضي، بحسب وزارة المالية المصرية، مع الإشارة إلى ارتفاع أعباء الديون المستحقة على مصر هذا العام إلى 42.3 مليار دولار.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الحكومة المصرية مدبولي الأزمة الاقتصادية النظام الديون مصر السيسي الحكومة أزمة ديون المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأزمة الاقتصادیة أزمة الاقتصاد ملیار دولار هذا العام pic twitter com
إقرأ أيضاً:
معاريف تفضح نتنياهو.. رئيس حكومة الاحتلال يتعمد إفشال خطة ترامب للسلام في غزة
تتجه الأنظار إلى واشنطن حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 ديسمبر الجاري.
ويأتي هذا اللقاء في ظل حالة من الغموض تكتنف مصير المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
وتكشف المحللة السياسية الإسرائيلية آنا برسكي في تقرير لصحيفة "معاريف" عن استراتيجية "الانتظار" التي تتبناها حكومة نتنياهو إزاء الخطة الأمريكية. وتقوم هذه الاستراتيجية على "عدم الرفض المباشر" للمبادرة لتجنب إحراق الجسور مع واشنطن، ولكن في الوقت ذاته، "عدم الاندفاع إلى الأمام".
وتراهن الحكومة الإسرائيلية على أن "الواقع في المنطقة سيفعل ما يفعله"، وتترك المبادرة الأمريكية تنطلق دون أن تظهر كمن يُفشلها عمداً.
وتؤكد برسكي أن الأطراف الفاعلة تتبنى ثلاث رؤى متباينة بشكل جوهري حول ترتيب الخطوات في غزة:
تطالب الرؤية الإسرائيلية بترتيب واضح يبدأ بـ "نزع سلاح حماس وإزالة سيطرتها" أولاً، ثم يلي ذلك فقط إعادة الإعمار ودخول القوة الدولية والانسحاب الإسرائيلي.
تقترح رؤية الوسطاء (دول الخليج ومصر والولايات المتحدة) ترتيباً معاكساً يبدأ بـ "بدء الإعمار"، وتشكيل حكومة تكنوقراط، ودخول القوة الدولية، ومن ثم معالجة ملف حماس "بالتدريج".
رؤية ترامب المتوقعة يدرك نتنياهو أن ترامب لن يقبل بالشرط الإسرائيلي المسبق، ويتوقع أن يطالب البيت الأبيض بـ "تقدم متواز" يشمل فتح معبر رفح، والبدء بإنشاء قوة الاستقرار، وتعيين حكومة تكنوقراط، وبدء نقاش عملي حول نزع سلاح حماس بشكل متزامن.
ويواجه نتنياهو ما تصفه برسكي بـ “كابوس مزدوج”، أمنياً: تخشى المؤسسة الإسرائيلية أن أي ترتيبات جديدة قد تسمح للطرف الآخر بالنمو والتقوّي، استناداً إلى التجارب السابقة، وسياسياً فإن أي خطوة قد تُفسر على أنها موافقة ضمنية على بقاء حماس أو إعادة الإعمار، قد "تفجر المعسكر اليميني" داخل إسرائيل، مهددة الائتلاف الحكومي لنتنياهو.
وتشير "معاريف" إلى صعوبة إيجاد دول توافق على إرسال جنود لقوة حفظ الاستقرار، حيث من المتوقع أن "دول أوروبا ستكتفي بالشعارات، ولن ترسل جنودها إلى غزة".