مبادرة الإمارات لـ«تكنولوجيا التجارة» تحتل مكانة بارزة بمنتدى «دافوس»
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أكد الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي، وزير دولة للتجارة الخارجية، أن تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة تتمتع بالقدرة على إحداث ثورة في التجارة العالمية، وإطلاق العنان لعصر جديد من النمو عبر زيادة الكفاءة التشغيلية، وتعزيز مرونة سلاسل التوريد، وتسهيل مشاركة لاعبين جدد في النظام التجاري العالمي.
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي عقده الزيودي، في دافوس السويسرية، أمس الجمعة، ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي، عقب إطلاق تقرير جديد نشرته وزارة الاقتصاد ودائرة التنمية الاقتصادية بأبوظبي، بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، بعنوان «تكنولوجيا التجارة: تحفيز الابتكار»، والذي سلط الضوء على مزايا دمج التكنولوجيا في النظام التجاري العالمي لإضافة نحو 9 تريليونات دولار إلى قيمة التجارة بين دول مجموعة السبع، وحدها، إلى جانب إمكانات تحفيزية أوسع لاقتصادات الدول النامية والأقل نمواً في جميع أنحاء العالم.
ويأتي إطلاق التقرير بالتزامن مع مرور عام على مبادرة «تكنولوجيا التجارة»، التي دشنتها دولة الإمارات في نسخة دافوس 2023 بالتعاون مع المنتدى الاقتصادي العالمي، لتسريع دمج أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وتقنية البلوك تشين وإنترنت الأشياء في سلاسل التوريد.
ويقدّم التقرير خارطة طريق مفصلة للحكومات وهيئات التجارة العالمية والقطاع الخاص، للتعاون على تطوير وتطبيق وتنظيم التكنولوجيا عبر سلاسل التوريد، ما سيدعم تحديث التجارة الدولية، ثم يوسّع بذلك نطاقها ويسرّع نموها. ويشمل ذلك بناء بنية تحتية رقمية، وتوفير السياسات الفعالة وبيئة مواتية لريادة الأعمال.
كما حدد التقرير عدداً من القطاعات ضمن مجال التجارة العالمية التي تنتظرها ابتكارات نوعية بسبب التقدم السريع لتقنيات تضم الذكاء الاصطناعي، وتحليلات البيانات، والتحليل الاستشرافي، والبلوك تشين.
وإلى جانب الزيودي، شارك في المؤتمر الصحفي كل من الدكتورة نجوزي أوكونجو إيويالا، المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، وبورج بريندي، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، حيث شدّدا على دور التكنولوجيا في جعل التجارة العالمية أكثر كفاءة ومرونة وانفتاحاً، خصوصاً في الدول الأقل نمواً. وأكدا أيضاً ضرورة تعاون القطاعين، الحكومي والخاص، معاً بشكل وثيق، لاستحداث الأطر التنظيمية الصحيحة والأنظمة المتوافقة لتحقيق أقصى قدر من التأثير الإيجابي في تدفقات التجارة العالمية.
وخلال المؤتمر الصحفي، أكد الزيودي أيضاً وجود خطط لإنشاء حاضنة تكنولوجيا التجارة، والتي ستوفر الدعم للمشاريع الجديدة الواعدة والشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا التجارة، ما يؤكد التزام الإمارات بتوفير المنظومة المناسبة للابتكار في هذا المجال. كما تم الإعلان في دافوس، هذا العام، عن إطار تنظيمي تجريبي جديد، تم إنشاؤه خصيصاً للمشاركة في تصميم وتنفيذ وتجريب وترويج مجموعة من السياسات التنظيمية المتطورة لتكنولوجيا التجارة.
وتشمل المكونات الأخرى لمبادرة «تكنولوجيا التجارة العالمية» تحالفَ «تكنولوجيا التجارة»، الذي سيجمع القادة والمديرين التنفيذيين والخبراء معاً، لتبادل المعارف والخبرات وتحديد مسارات بناءة وتعاونية للمضي قدماً، ومنتدى «تكنولوجيا التجارة»، الذي سيُعقد في الإمارات بالتزامن مع المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أبوظبي، الشهر المقبل.
وشدد الزيودي على أهمية تسخير إمكانات المجتمع العالمي لإحراز تقدم حقيقي في هذه القضايا، وقال: «تؤمن الإمارات بأن التحول الرقمي هو الأداة الأفضل للتغلب على التحديات التي تواجه سلاسل التوريد العالمية، بدءاً من الوصول إلى الكفاءة التشغيلية. وباعتبار الدولة من أهم الداعمين لحرية التجارة العالمية المدعومة بالإمكانات التكنولوجية، فهي تسعى لحشد الجهود الدولية لاستحداث شراكات نشطة وبناءة بين المبتكرين والمستخدمين والمنظّمين لتحقيق هذه الغاية.
وفي ختام المؤتمر الصحفي، دعا الزيودي، الذي يترأس المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية، حكومات العالم لاتخاذ تدابير استباقية لتوفير البنية التحتية، المادية والقانونية، التي تحتاجها التكنولوجيا لإحداث تحول حقيقي في التجارة العالمية، وبما يساهم في تعزيز دمج أدوات تكنولوجيا التجارة وإزالة العوائق التي تعترض تنفيذها.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الإمارات دافوس المنتدى الاقتصادی العالمی تکنولوجیا التجارة التجارة العالمیة المؤتمر الصحفی سلاسل التورید
إقرأ أيضاً:
نيوتوبيا.. دراما كورية تطرح أسئلة لا تجيب عنها التكنولوجيا
يظهر الفارق بين الإبداع البصري الأميركي ونظيره الكوري الجنوبي على الشاشة جليا، حين تزدحم الشاشة الأميركية بالإجابات التي تدفع بها الأفلام والمسلسلات الأميركية إلى أذن المشاهد وعينيه، والتي تبدو كأحكام نهائية على الحياة والأحياء، بينما تبحث الأعمال الفنية الكورية الجنوبية عن المعنى في الحياة وما بعدها، وتطرح أسئلة تحاول من خلالها أن تعرف ماهية الواقع، وشكل المستقبل، والحكمة من كل قرار يتخذه البشر في حيواتهم.
ولعل ذلك الفارق هو المحدد الرئيسي لموضوعات السينما الأميركية التي تتعلق غالبا بالحياة، بينما يتجاوز الكوريون تلك الحياة إلى ما بعدها، ورغم ذلك فإن مسلسل "نيوتوبيا" (Newtopia)، الذي يعرض حاليا على منصة أمازون، ليس كوريا خالصا، فالاسم مشتق من اسم المدينة التي يتصورها الفيلسوف اليوناني القديم أفلاطون وهي "يوتوبيا" (المدينة الفاضلة)، وينبع الرعب في العمل من "الزومبي" الذي تعود جذوره إلى الدراما الأميركية إلى مسرحية "فودو" لهنري فرانسيس داونينغ عام 1914، ثم المخرج فيكتور هالبرين عبر فيلمه "الزومبي الأبيض" عام 1932.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"هاوس: بين الحقيقة والخيال".. دراسة علمية تكشف 77 خطأ في المسلسل الشهيرlist 2 of 2مسلسلاتend of listيصطحب مسلسل "نيوتوبيا"، للمخرجة الشهيرة أنيا شارما، المشاهدين إلى عالم مصمم بدقة من أجل المستقبل، حيث تبدو مشاكل المجتمع وكأنها من مخلفات الماضي. ولكن كما هي الحال مع جميع المدن الفاضلة التي تعرض على الشاشة، غالبًا ما يُخفي السطح المتلألئ واقعا أكثر تعقيدا، وأحيانا مُقلقا.
إعلانيقدم المسلسل مدينة "إيثيلبورغ" النابضة بالحياة والوعي البيئي، المدينة الرائدة في مجتمع عالمي نهض من رماد الانهيار البيئي والاجتماعي في القرن الـ21. في "نيوتوبيا"، يتمتع المواطنون بصحة لا مثيل لها، وطول عمر، وحياة متناغمة، يديرها ذكاء اصطناعي متطور وخيّر يُعرف باسم "القناة". لا يوجد فقر، ولا جريمة، ويبدو أنه لا يوجد غضب. المشهد البصري جميل، والعمارة أنيقة وعضوية تمتزج بسلاسة مع مزارع عمودية خصبة.
يبدأ المسلسل من خلال "إيلارا" (الممثلة بريا أناند)، وهي شابة "نساجة انسجام" يتمثل دورها في ضمان التوازن العاطفي داخل مجتمعها. تبدأ إيلارا بملاحظة تناقضات دقيقة، وبالتحديد وميض في واجهة "ذا كوندويت" الهولوغرافية الحاضرة في كل مكان، ومحادثة صامتة تنتهي فجأة، وتعبير عابر لمواطن عن شيء آخر غير الرضا الهادئ. تقودها هذه الإشارات إلى اكتشاف أسئلة كبيرة عن الأسس التي بُنيت عليها نيوتوبيا.
Haven't post here before cuz i wont spill spoiler.. but he doing his best for this scene (he said this one take video too) sad it was only special appearence in newtopia. But still, i love you actor tang junsang. pic.twitter.com/ezIpGgvL4K
— Yul (@lightangjs) June 4, 2025
أصول متعددة وحالة كوريةرغم الجذور المختلفة للعمل، فإن ذلك الأفق الكوري الجنوبي الذي يضج بأسئلة الواقع والمستقبل، وما بعد الحياة يبدو واضحا، وأيضا، ذلك الميل إلى التجريب عبر تداخل غريب بين كافة الأنواع سواء الرعب أو الكوميديا أو الرومانسية، ورغم أن "نيوتوبيا" يبدو في البداية عملا كوميديا رومانسيا عن الزومبي، فإن وراء عبثية مطاردات الموتى الأحياء يكمن سؤال أكثر كآبة عن هوية إنسان ما بعد الديجيتال الممزقة، والتحلل الأيديولوجي، والشوق إلى الوضوح العاطفي في زمن مسكون بالغربة والاغتراب.
إعلانيحمل عنوان العمل "نيوتوبيا" تورية لغوية مزدوجة، فهو مزيج بين "يوتوبيا جديدة" و"يوتوبيا" أفلاطون، التي تترجم إلى العربية بكلمتي "المدينة الفاضلة"، وعبر حلقاته الثماني يتساءل العمل عن حقيقة وجود أي منهما، ويسأل عن هذا العالم وهل يحاول أن يولد من جديد من بين أنقاض الخراب أم أنه تأكيد على أن "المدينة الفاضلة" لن تأتي أبدًا.
منذ البداية، تبدو العاصمة الكورية الجنوبية "سيول"، في العمل، منظمة، ومليئة بناطحات السحاب، ومفرطة في التكنولوجيا، لكنها باردة عاطفيًا ومنفصلة. يعيش غاي يون (الممثل بارك جونغ مين) ويونغ جو (كيم جيسو) في مجتمع حيث تكبت المشاعر وتباع العلاقات. انفصالهما في الحلقة الأولى ليس بسبب الخيانة، بل لأنهما لم يعودا يشعران ببعضهما بعضا، ويعكس انفصالهما حالةً اجتماعيةً أوسع نطاقًا، إذ يصاب جزء كبير من المجتمع بما يشبه الذهول العاطفي، في ما يبدو عرضا لمرض مأساوي أخطر وأكثر تجذرا.
لا يسلك الزومبي في نيوتوبيا كوحشٍ عادي عديم العقل، وإنما يبدو شبه مستسلم، بطيئا في البداية، يُظهر أنماطا سلوكية تحاكي الحياة اليومية، فها هو أحدهم يعود إلى كشك مترو الأنفاق، وآخر يتجول في مبنى مكاتب، وهو يعني ببساطة أن الموتى الأحياء في نيوتوبيا ليسوا مجرد مصابين، بل هم استعارات لمواطنين أموات روحيا بالفعل، يكررون روتينهم اليومي بلا هدف.
ظهر الأحياء في العمل يتصرفون كالزومبي قبل تفشي الفيروس بوقت طويل، وبعد انتشار الفيروس، لم يعد هناك فرق يذكر بين "المصابين" و"الناجين". ويتجلى ذلك في الحلقة الرابعة، في مشهد تختبئ خلاله يونغ جو بين الزومبي في مركزٍ تجاريٍّ مهجور، إذ كان من الصعب عليها التمييز بينهم، مما يؤكد بصريًا فكرة أن نزع الصفة الإنسانية مسألة درجة، لا نوع.
العمارة مرآة المجتمعتدور أحداث المسلسل في برج شاهق مستقبليٍ يطلق عليه اسم "برج ميراج"، وقد أجاد صناع العمل استخدام الفضاء المعماري ليعبر عن الحالات النفسية والاجتماعية لساكنيه، فالطوابق السفلية مظلمة، ضيقة، ومُغمورة بالمياه، في إشارة رمزية إلى الخوف الجماعي والانهيار. ومع صعود الشخصيات، يواجهون بيئاتٍ أنظف وأكثر تعقيما، حيث أنشأ الناجون من النخبة "مناطق آمنة" صناعية تحتوي على طعام، وإضاءة، وأدوية لتحسين الحالة النفسية.
إعلانويعكس هذا التسلسل الهرمي العمودي التقسيم الطبقي في العالم الحقيقي، ولكنه يصبح أيضًا استعارة للطبقية العاطفية، فكلما ارتقيت، قلّت المشاعر التي تواجهها. وفي أعلى البرج، يقف الرئيس التنفيذي شين، قطب التكنولوجيا الذي أغلق الطوابق العليا للبرج مبكرا، سامحا فقط لكبار الشخصيات والمؤثرين بالدخول. تعكس أيديولوجية شين -التي يلخصها بجملة واحدة: "المشاعر هي الفيروس"- اتجاهات ما بعد الإنسانية الحالية في العالم الحقيقي، حيث تُعامل المشاعر البشرية كعيوب يجب تحسينها أو محوها.
تبدأ يونغ جو، التي تجسدها كيم جيسو، حياتها المهنية مهندسة روبوتات صارمة، وقد كافأتها مسيرتها المهنية على كبت مشاعر التعاطف، ولكن مع انزلاق المدينة إلى الفوضى، تكتشف أن ذكاءها العاطفي هو الشيء الوحيد الذي يُبقيها والآخرين على قيد الحياة، فتُعيد برمجة طائرة بدون طيار لإنقاذ امرأة عجوز، وتُغني لطفل لتهدئته، ويعكس مسار الخير صورتها بوصفها بطلة ترمز للخير في العمل، في حين يرمز "شين" للبطل الشرير. يونغ جو ليست مجرد "البطلة" أو الاهتمام الرومانسي، بل هي المحور الأخلاقي للمسلسل. فرحلتها من المنطق إلى الحب، من الخوف إلى التسامح، تعكس رؤية صناع العمل وهي أن النجاة لا تكفي، بل يجب أن نتعلم كيف نشعر من جديد.
لم يُقدم لمّ شمل الزوجين غاي يون ويونغ جو في الحلقة السابعة ليكون ذروة رومانسية، بل ليكون مشهدا مُعاكسا لانفصالهما الأصلي. يقفان متقابلين في مقهى مُدمر -المقهى نفسه الذي انفصلا فيه أول مرة- لكنهما الآن مُحاطان بالموت، وقد جعلهما ذلك الموت شفافين. لم يعد هناك مجال للأنانية. هذا التصالح الأخير لا يتعلق بالحب الرومانسي بقدر ما يتعلق بالتكامل، إذ استعاد كل منهما نطاقه العاطفي بهذا المعنى.
في المشهد الأخير، يسير غاي يون ويونغ جو نحو برج منارة، غير متأكدين إن كان هناك أي شخص آخر على قيد الحياة. لكنهما يمسكان بأيدي بعضهما بعضا. العالم من حولهما مُدمر، لكن المسلسل يشير إلى أن "يوتوبيا جديدة" لا يمكن أن تظهر إلا من خلال التجديد العاطفي، وليس الخلاص التكنولوجي.
إعلانربما لا تُحقق "نيوتوبيا" كل نبضة كوميدية أو ترضي مُحبي أفلام الزومبي التقليدية الذين يبحثون عن الدماء. لكن ما تحققه يعد نادرا في هذا النوع، وهو رحلة شعرية ورمزية عبر الأنقاض العاطفية للحداثة، وتأكيد صارم بأن الخطر الأكبر على البشرية ليس الفيروس، بل التخلي عن المشاعر.