حملة المقاطعة فرصة مواتية لتطوير المنتج المحلي وتعزيز قدرته على المنافسة
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
صنعاء : تقرير: يحيى جارالله
كثيرة هي النتائج الاقتصادية المهمة التي يمكن أن تحققها حملة المقاطعة الشاملة للمنتجات والشركات الأمريكية والبريطانية وغيرها الداعمة للكيان الصهيوني، إلا أن الأثر الايجابي الأهم والمباشر يتمثل في تشجيع المنتجات والصناعات المحلية وتعزيز جودتها وقدرتها على المنافسة.
فعلى المدى القصير ساعدت حملة المقاطعة في الحد من الاستيراد الخارجي للكثير من المنتجات والسلع بعد إلغاء الوكالات والعلامات التجارية للشركات الأمريكية والشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وما تعرضت له منتجاتها من كساد في الأسواق المحلية.
ساهمت الحملة إلى حد ما في إنعاش التصنيع المحلي وتشجيع الشركات الوطنية على التنافس في تحسين مستوى الجودة والمواصفات والمعايير الصحية لتحظى بالثقة والقبول من قبل المستهلكين وبالتالي تشكل بديلا للكثير من مثيلاتها من المواد الغذائية المستوردة.
وفي حال تحولت تلك المقاطعة إلى ثقافة وسلوك مجتمعي على نطاق واسع فإن ذلك سيترتب عليه الاعتماد التدريجي على المنتجات المحلية التي باتت الكثير منها بالفعل تقدم حلولا وبدائل مناسبة لمثيلاتها من المواد الغذائية المقاطعة والمستوردة لا سيما المرطبات والأدوية وغيرها من الأغذية المصنعة محليا.
حققت الحملة حتى الآن نجاحا لابأس به وإن كانت ما تزال في بدايتها، وذلك من خلال إتاحة الفرصة أمام رؤوس الأموال المحلية للاستثمار والتصنيع والإنتاج، إلا أن استمرار المقاطعة على المدى الطويل سيكون له نتائج ومردودات أكبر على كافة المستويات الاقتصادية.
وبهذا الصدد يشير العديد من رجال المال والأعمال ومالكي الشركات والمصانع الوطنية إلى أن حملة المقاطعة حققت الكثير من النتائج الملموسة وساهمت في تشجيع الاستثمار المحلي، وتحفيز القطاع الخاص على التوجه لفتح مشاريع استثمارية جديدة في الإنتاج والتصنيع المحلي بدلا من اقتصار أعمالهم على التجارة والاستيراد.
ويؤكد خبراء الاقتصاد بأن هذا النوع من الاستثمار سيكون له نتائج ومردود اقتصادي كبير ومهم على المستوى الوطني، وبالإمكان أن يحدث تحولا مهما في اقتصاد البلد الذي ظل منذ عقود يعتمد على الاستيراد لتغطية 90 بالمائة من احتياجاته، خصوصا إذا ما حظي بالدعم والتشجيع والمتابعة وقدمت له التسهيلات اللازمة من الجهات المختصة.
ومما يعزز فرص نجاح هذه الخطوة هو أنها تنسجم مع التوجه العام للدولة ابتداء من القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى والحكومة الهادف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال التوسع في الإنتاج الزراعي لمختلف المحاصيل وعلى رأسها الحبوب، إلى جانب تشجيع الصناعات والمنتجات المحلية وتحفيز القطاع الخاص ورؤوس الأموال المحلية على التوجه للاستثمار في المجال الصناعي بالاستفادة من الفرص والمقومات والمزايا الاستثمارية المتاحة.
تشمل الخطط والاستراتيجيات الحكومية أيضا النهوض بالإنتاج والتصنيع المحلي في العديد من المجالات وصولا إلى منتجات ذات جودة ومواصفات عالية وذات قدرة منافسة محليا وخارجيا بحيث تشكل بديلا للسلع المستوردة التي تكلف البلد سنويا مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، وصولا إلى تصدير السلع والمنتجات المحلية إلى الأسواق الخارجية كون ذلك من أهم الخطوات للنهوض باقتصاد أي بلد.
ومن أهم الإجراءات التي تبنتها الدولة في الأعوام الثلاثة الأخيرة لتشجيع الإنتاج والتصنيع المحلي إصدار قرارات لإعفاء مدخلات إنتاج وصناعة الأدوية والطاقة المتجددة من الرسوم الضريبية والجمركية، إلى جانب تفعيل نظام النافذة الواحدة لقانون الاستثمار بما يسهم في تذليل أي صعوبات أمام المستثمرين ويسهل إنجاز المعاملات والإجراءات المتعلقة بالاستثمار.
وبطبيعة الحال فإن الوصول إلى مرحلة التصدير للمنتجات الوطنية تسبقها الكثير من الجهود والعمل الدؤوب وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والتي لا تقتصر على دعم وتشجيع رأس المال المحلي نحو المزيد من الاستثمارات، بل تشمل أيضا الرقابة على الجودة والمواصفات والتركيز على تطوير المنتجات وفق أسس المنافسة وليس جني الأرباح، باعتبار أن الربح سيأتي لاحقا وبشكل أكبر بكثير بعد أن تلقى تلك السلع والمنتجات رواجا خارجيا على نطاق واسع.
وكانت حكومة تصريف الأعمال تبنت إجراءات مدروسة للمقاطعة الاقتصادية لمنتجات البلدان والشركات المعادية للأمة والداعمة للكيان الصهيوني، شملت الإعلان عن أسماء السلع والمنتجات المطلوب والواجب مقاطعتها وتكثيف حملات التوعية الميدانية في أوساط المجتمع والأسواق والمحلات التجارية للتعريف بتلك المنتجات وأهمية سلاح المقاطعة لإنهاك العدو اقتصاديا.
وأصدرت وزارة الصناعة والتجارة تبعا لذلك قرارات مهمة تضمنت حظر منتجات الشركات الأمريكية وغيرها من الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وكذا شطب كافة الوكالات والعلامات التجارية التي شملت عشرات الشركات في مجالات الأغذية والمشروبات والمعدات والسيارات وأدوات التجميل والمنظفات وغيرها.
وامتدادا لذلك تم تشكيل فريق مشترك من وزارة الصناعة ومصلحة الجمارك وغرف الصناعة والتجارة والقطاع الخاص وغيرها من الجهات ذات العلاقة لمتابعة عملية المقاطعة، ومدى الالتزام بتطبيق قرار نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال للشؤون الاقتصادية الذي أمهل الموردین ثلاثة أشهر لإنهاء أي تعاقدات مع الشركات الخاضعة للمقاطعة، والحيلولة دون دخول أي منتجات أو أصناف للوكالات والعلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني، كما يشمل التنسيق الجوانب المتصلة بتوفير السلع والمنتجات البديلة.
يتميز الشعب اليمني عن غيره من شعوب العالم بما يحمله من وعي وهوية إيمانية وقيم وانتماء أصيل ومتجذر للعروبة والإسلام، والذي كان له عظيم الأثر في ذلك التجاوب الشعبي مع حملة المقاطعة من كل فئات وشرائح المجتمع بمن فيهم التجار وأصحاب الوكالات التجارية الذين غلبوا المصلحة العامة على غيرها من المكاسب باعتبار ذلك أقل واجب ديني وأخلاقي وإنساني لنصرة الشعب الفلسطيني في مواجهة أعداء الإنسانية الصهاينة.
وعليه فقد أصبح الجميع يعون ويدركون جيدا أن شراء واستهلاك منتجات الشركات الأمريكية والغربية الداعمة للكيان الصهيوني يعني مساعدة الأعداء بل ومشاركتهم في قتل وإبادة المسلمين سواء في فلسطين واليمن أو غيرهما من البلدان المعتدى عليها من قبل قوى الشر والطغيان والإجرام بقيادة أمريكا.
يعتبر سلاح المقاطعة لمنتجات الأعداء خطوة هامة وفاعلة ولها تأثير قوي على الأعداء وفي المقدمة أمريكا وإسرائيل، لاسيما إذا توحدت واجتمعت شعوب الأمة العربية والإسلامية في هذا الموقف الكفيل بكسر شوكة تلك الدول التي تقتل المسلمين وتسيء لمقدساتهم بشكل مستمر، وتستغلهم في نفس الوقت لتسويق منتجاتها ليظلوا مجرد مستهلكين تابعين لا يمتلكون أي قرار.
بات غالبية اليمنيين على قناعة بأن المقاطعة للمنتجات الداعمة للكيان الصهيوني سيكون لها نتائج كارثية على دول الاستكبار وستسهم بشكل تدريجي على إنهاكها اقتصاديا وبالتالي كبح طموحاتها في الهيمنة والسيطرة على الشعوب وممارسة الاستغلال والظلم بحقها، في حين ستكون السلع والمنتجات المحلية والاقتصاد الوطني المستفيد الأول من ذلك.
وقياسا بما تحقق لليمن خلال السنوات الأخيرة من نجاحات وإنجازات متسارعة في الإنتاج والتصنيع الحربي لمختلف الأسلحة من الخفيفة وحتى الاستراتيجية، فإن النهوض ببقية الصناعات الوطنية لن يكون مستحيلا في ظل توفر الإرادة والعزم لدى قيادة البلد الحرة وما تحظى به رؤى وتوجهات القيادة من تأييد والتفاف شعبي واسع والذي من شأنه التغلب على كل الصعاب والتحديات وتحقيق كل الغايات.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الداعمة للکیان الصهیونی المنتجات المحلیة السلع والمنتجات حملة المقاطعة
إقرأ أيضاً:
مدبولي: الاقتصاد المصري أثبت قدرته على الصمود رغم الأحداث الجارية
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إنه على الرغم مما شهدته المنطقة والعالم من تحديات جيوسياسية واقتصادية، إلا أن الاقتصاد المصري أثبت قدرته على الصمود والتكيف، حيث بلغ معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي نحو 4.3% في الربع الثاني من العام المالي الجاري، مع توقعات إيجابية من مؤسسات التمويل الدولية، ومن بينها صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وغيرها من مراكز الأبحاث والفكر الدولية، التي عززت توقعاتها الإيجابية للاقتصاد المصري استنادًا إلى التنفيذ الفعال لبرنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي.
وأضاف رئيس الوزراء: "في الوقت نفسه شهدنا زيادة في الاستثمارات الخاصة من إجمالي الاستثمارات الكلية لتتجاوز نسبتها 50%، وارتفاع تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب ذلك ارتفعت الصادرات غير البترولية بنسبة 33% خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي الجاري، وانخفض معدل البطالة إلى 6.3%، مقارنة بأعلى مستوياته قبل جائحة "كورونا"، وشهدنا أيضًا انخفاضًا في العجز المالي إلى 6.5%، بينما نتجه إلى خفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي لتصل إلى ما بين 85 و87%".
وتابع: “مما لا شك فيه أن كل تلك المؤشرات تؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، بقيادة القطاع الخاص الذي يشكل الدعامة الأساسية لتحفيز الاقتصاد الوطني، وأنه لم يكن أن نحقق هذه التطورات الإيجابية دون إطلاق برنامج إصلاح هيكلي شامل، يستهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتحسين مناخ الاستثمار، ودعم التحول نحو الاقتصاد الأخضر”.
وأكد أن هذه الإصلاحات جاءت ضمن إطار شراكات استراتيجية مع مؤسسات التمويل الدولية، التي ساهمت من خلال حزم تمويلية وبرامج دعم فني، في دعم جهود الحكومة نحو تبنّي سياسات فعالة وإجراءات واضحة للإصلاح.
وأوضح رئيس الوزراء، خلال كلمته، أنه إلى جانب ذلك، فقد تم توجيه موارد مالية كبيرة من خلال الشراكات الدولية لتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية، وزيادة الشفافية، وتحسين بيئة الاستثمار، كما طُبقت إصلاحات تُسهّل دمج القطاع غير الرسمي، وتوفّر بيئة قانونية عادلة للشركات الصغيرة والمتوسطة، خاصة المملوكة للنساء أو التي تديرها النساء، بما يتيح لها الاندماج في الاقتصاد الرسمي، ويعزز فرص النمو وتوفير فرص العمل.
وذكر أن هذه الجهود المشتركة أثمرت عن نتائج ملموسة، تجلّت في تقليص حالة عدم اليقين لدى المستثمرين، وتعزيز قدرة القطاع الخاص على النمو والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، هذا في ظل الالتزام بمواصلة مسار الإصلاح، وتوطيد التعاون مع الشركاء الدوليين، لندفع بالاقتصاد المصري نحو مستقبل أكثر شمولاً واستدامة.
وأشاد رئيس الوزراء بالدور المهم الذي يقوم به شركاء التنمية ومؤسسات التمويل الدولية في دعم برامج التنمية في مصر، ليس فقط من خلال التمويل، بل أيضًا عبر نقل المعرفة الفنية، وتقديم المشورة الاستراتيجية، وبناء القدرات، وهو ما يُعزز من قدرة الدولة على تنفيذ الإصلاحات وتوسيع نطاق الشراكة مع القطاع الخاص، كما أشاد بالدور المهم الذي تقوم به وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، باعتبارها الوزارة المسئولة عن تنمية وتدعيم علاقات التعاون الاقتصادي بين جمهورية مصر العربية ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية، حيث تسهم في فتح الآفاق للقطاع الخاص للاستفادة من مختلف الخدمات المقدمة من شركاء التنمية الدوليين وتعزيز سبل التواصل المباشر مع مجتمع الأعمال من خلال منصة "حافز" للدعم المالي والفني للقطاع الخاص.
وشدد رئيس الوزراء، خلال كلمته، على أن تلك الجهود قد انعكست في ارتفاع التمويل التنموي للقطاع الخاص إلى 4.2 مليار دولار في عام 2024 متجاوزًا التمويلات التنموية للحكومة لأول مرة، بينما وصلت تلك التمويلات منذ عام 2020 لأكثر من 15.6 مليار دولار.
وقال إن الحكومة تعمل من خلال الشراكة مع مؤسسة التمويل الدولية، على المضي قدمًا في برنامج الطروحات الحكومية، فضلًا عن تقديم المؤسسة الخدمات الاستشارية المتخصصة للحكومة لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص في إدارة وتشغيل المطارات المصرية، بما يُحسن من الخدمات المقدمة في المطارات، ويجذب التمويلات من القطاع الخاص لتطوير هذا القطاع الحيوي، ويدعم جهود الدولة لزيادة حركة السياحة الوافدة لمصر.
وأضاف رئيس الوزراء أن رؤية الدولة للمستقبل ترتكز على شراكة حقيقية بينها وبين القطاع الخاص، حيث تقوم الدولة بدورها التنظيمي، ويقود القطاع الخاص عملية الإنتاج والتشغيل والابتكار.
وأكد في هذا الصدد الحرص على مواصلة العمل لتسريع الإصلاحات، وتذليل العقبات، وتعزيز الحوكمة والشفافية، من أجل تحقيق اقتصاد قوي، تنافسي، وجاذب للاستثمار.
واستطرد: “نشهد اليوم حلقة جديدة في العلاقات بين جمهورية مصر العربية وشركاء التنمية، من خلال الإعلان عن آلية ضمانات الاستثمار بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي، والتي ستُمثل دافعًا قويًا نحو توفير أدوات التمويل المبتكرة، لتشجيع جهود جذب الاستثمارات للسوق المصرية، كما أن تلك الآلية تُعد نتاجًا للقمة المصرية الأوروبية التي عقدت في مارس 2024 برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والسيدة أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية”.
واختتم رئيس الوزراء كلمته، بتجديد الترحيب بالحضور، متطلعا لمزيد من النقاشات البنّاءة خلال فعاليات المؤتمر، التي من شأنها أن تُسهم في صياغة مستقبل أكثر ازدهارًا واستدامة لوطننا الحبيب مصر.