حملة المقاطعة فرصة مواتية لتطوير المنتج المحلي وتعزيز قدرته على المنافسة
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
صنعاء : تقرير: يحيى جارالله
كثيرة هي النتائج الاقتصادية المهمة التي يمكن أن تحققها حملة المقاطعة الشاملة للمنتجات والشركات الأمريكية والبريطانية وغيرها الداعمة للكيان الصهيوني، إلا أن الأثر الايجابي الأهم والمباشر يتمثل في تشجيع المنتجات والصناعات المحلية وتعزيز جودتها وقدرتها على المنافسة.
فعلى المدى القصير ساعدت حملة المقاطعة في الحد من الاستيراد الخارجي للكثير من المنتجات والسلع بعد إلغاء الوكالات والعلامات التجارية للشركات الأمريكية والشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وما تعرضت له منتجاتها من كساد في الأسواق المحلية.
ساهمت الحملة إلى حد ما في إنعاش التصنيع المحلي وتشجيع الشركات الوطنية على التنافس في تحسين مستوى الجودة والمواصفات والمعايير الصحية لتحظى بالثقة والقبول من قبل المستهلكين وبالتالي تشكل بديلا للكثير من مثيلاتها من المواد الغذائية المستوردة.
وفي حال تحولت تلك المقاطعة إلى ثقافة وسلوك مجتمعي على نطاق واسع فإن ذلك سيترتب عليه الاعتماد التدريجي على المنتجات المحلية التي باتت الكثير منها بالفعل تقدم حلولا وبدائل مناسبة لمثيلاتها من المواد الغذائية المقاطعة والمستوردة لا سيما المرطبات والأدوية وغيرها من الأغذية المصنعة محليا.
حققت الحملة حتى الآن نجاحا لابأس به وإن كانت ما تزال في بدايتها، وذلك من خلال إتاحة الفرصة أمام رؤوس الأموال المحلية للاستثمار والتصنيع والإنتاج، إلا أن استمرار المقاطعة على المدى الطويل سيكون له نتائج ومردودات أكبر على كافة المستويات الاقتصادية.
وبهذا الصدد يشير العديد من رجال المال والأعمال ومالكي الشركات والمصانع الوطنية إلى أن حملة المقاطعة حققت الكثير من النتائج الملموسة وساهمت في تشجيع الاستثمار المحلي، وتحفيز القطاع الخاص على التوجه لفتح مشاريع استثمارية جديدة في الإنتاج والتصنيع المحلي بدلا من اقتصار أعمالهم على التجارة والاستيراد.
ويؤكد خبراء الاقتصاد بأن هذا النوع من الاستثمار سيكون له نتائج ومردود اقتصادي كبير ومهم على المستوى الوطني، وبالإمكان أن يحدث تحولا مهما في اقتصاد البلد الذي ظل منذ عقود يعتمد على الاستيراد لتغطية 90 بالمائة من احتياجاته، خصوصا إذا ما حظي بالدعم والتشجيع والمتابعة وقدمت له التسهيلات اللازمة من الجهات المختصة.
ومما يعزز فرص نجاح هذه الخطوة هو أنها تنسجم مع التوجه العام للدولة ابتداء من القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى والحكومة الهادف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من خلال التوسع في الإنتاج الزراعي لمختلف المحاصيل وعلى رأسها الحبوب، إلى جانب تشجيع الصناعات والمنتجات المحلية وتحفيز القطاع الخاص ورؤوس الأموال المحلية على التوجه للاستثمار في المجال الصناعي بالاستفادة من الفرص والمقومات والمزايا الاستثمارية المتاحة.
تشمل الخطط والاستراتيجيات الحكومية أيضا النهوض بالإنتاج والتصنيع المحلي في العديد من المجالات وصولا إلى منتجات ذات جودة ومواصفات عالية وذات قدرة منافسة محليا وخارجيا بحيث تشكل بديلا للسلع المستوردة التي تكلف البلد سنويا مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، وصولا إلى تصدير السلع والمنتجات المحلية إلى الأسواق الخارجية كون ذلك من أهم الخطوات للنهوض باقتصاد أي بلد.
ومن أهم الإجراءات التي تبنتها الدولة في الأعوام الثلاثة الأخيرة لتشجيع الإنتاج والتصنيع المحلي إصدار قرارات لإعفاء مدخلات إنتاج وصناعة الأدوية والطاقة المتجددة من الرسوم الضريبية والجمركية، إلى جانب تفعيل نظام النافذة الواحدة لقانون الاستثمار بما يسهم في تذليل أي صعوبات أمام المستثمرين ويسهل إنجاز المعاملات والإجراءات المتعلقة بالاستثمار.
وبطبيعة الحال فإن الوصول إلى مرحلة التصدير للمنتجات الوطنية تسبقها الكثير من الجهود والعمل الدؤوب وتعزيز الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والتي لا تقتصر على دعم وتشجيع رأس المال المحلي نحو المزيد من الاستثمارات، بل تشمل أيضا الرقابة على الجودة والمواصفات والتركيز على تطوير المنتجات وفق أسس المنافسة وليس جني الأرباح، باعتبار أن الربح سيأتي لاحقا وبشكل أكبر بكثير بعد أن تلقى تلك السلع والمنتجات رواجا خارجيا على نطاق واسع.
وكانت حكومة تصريف الأعمال تبنت إجراءات مدروسة للمقاطعة الاقتصادية لمنتجات البلدان والشركات المعادية للأمة والداعمة للكيان الصهيوني، شملت الإعلان عن أسماء السلع والمنتجات المطلوب والواجب مقاطعتها وتكثيف حملات التوعية الميدانية في أوساط المجتمع والأسواق والمحلات التجارية للتعريف بتلك المنتجات وأهمية سلاح المقاطعة لإنهاك العدو اقتصاديا.
وأصدرت وزارة الصناعة والتجارة تبعا لذلك قرارات مهمة تضمنت حظر منتجات الشركات الأمريكية وغيرها من الشركات الداعمة للكيان الصهيوني، وكذا شطب كافة الوكالات والعلامات التجارية التي شملت عشرات الشركات في مجالات الأغذية والمشروبات والمعدات والسيارات وأدوات التجميل والمنظفات وغيرها.
وامتدادا لذلك تم تشكيل فريق مشترك من وزارة الصناعة ومصلحة الجمارك وغرف الصناعة والتجارة والقطاع الخاص وغيرها من الجهات ذات العلاقة لمتابعة عملية المقاطعة، ومدى الالتزام بتطبيق قرار نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال للشؤون الاقتصادية الذي أمهل الموردین ثلاثة أشهر لإنهاء أي تعاقدات مع الشركات الخاضعة للمقاطعة، والحيلولة دون دخول أي منتجات أو أصناف للوكالات والعلامات التجارية الداعمة للكيان الصهيوني، كما يشمل التنسيق الجوانب المتصلة بتوفير السلع والمنتجات البديلة.
يتميز الشعب اليمني عن غيره من شعوب العالم بما يحمله من وعي وهوية إيمانية وقيم وانتماء أصيل ومتجذر للعروبة والإسلام، والذي كان له عظيم الأثر في ذلك التجاوب الشعبي مع حملة المقاطعة من كل فئات وشرائح المجتمع بمن فيهم التجار وأصحاب الوكالات التجارية الذين غلبوا المصلحة العامة على غيرها من المكاسب باعتبار ذلك أقل واجب ديني وأخلاقي وإنساني لنصرة الشعب الفلسطيني في مواجهة أعداء الإنسانية الصهاينة.
وعليه فقد أصبح الجميع يعون ويدركون جيدا أن شراء واستهلاك منتجات الشركات الأمريكية والغربية الداعمة للكيان الصهيوني يعني مساعدة الأعداء بل ومشاركتهم في قتل وإبادة المسلمين سواء في فلسطين واليمن أو غيرهما من البلدان المعتدى عليها من قبل قوى الشر والطغيان والإجرام بقيادة أمريكا.
يعتبر سلاح المقاطعة لمنتجات الأعداء خطوة هامة وفاعلة ولها تأثير قوي على الأعداء وفي المقدمة أمريكا وإسرائيل، لاسيما إذا توحدت واجتمعت شعوب الأمة العربية والإسلامية في هذا الموقف الكفيل بكسر شوكة تلك الدول التي تقتل المسلمين وتسيء لمقدساتهم بشكل مستمر، وتستغلهم في نفس الوقت لتسويق منتجاتها ليظلوا مجرد مستهلكين تابعين لا يمتلكون أي قرار.
بات غالبية اليمنيين على قناعة بأن المقاطعة للمنتجات الداعمة للكيان الصهيوني سيكون لها نتائج كارثية على دول الاستكبار وستسهم بشكل تدريجي على إنهاكها اقتصاديا وبالتالي كبح طموحاتها في الهيمنة والسيطرة على الشعوب وممارسة الاستغلال والظلم بحقها، في حين ستكون السلع والمنتجات المحلية والاقتصاد الوطني المستفيد الأول من ذلك.
وقياسا بما تحقق لليمن خلال السنوات الأخيرة من نجاحات وإنجازات متسارعة في الإنتاج والتصنيع الحربي لمختلف الأسلحة من الخفيفة وحتى الاستراتيجية، فإن النهوض ببقية الصناعات الوطنية لن يكون مستحيلا في ظل توفر الإرادة والعزم لدى قيادة البلد الحرة وما تحظى به رؤى وتوجهات القيادة من تأييد والتفاف شعبي واسع والذي من شأنه التغلب على كل الصعاب والتحديات وتحقيق كل الغايات.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الداعمة للکیان الصهیونی المنتجات المحلیة السلع والمنتجات حملة المقاطعة
إقرأ أيضاً:
انطلاق جلسة نقاشية بعنوان " تعزيز القدرة التنافسية وفرص الاستثمار في صادرات مصر الزراعية والغذائية "
تواصلت الجلسات النقاشية التى تنظمها شركة كونسبت لتنظيم المعارض والمؤتمرات ضمن فعاليات اليوم الثانى للمعرض التجارى الدولى للأغذية والمشروبات " فوود افريكا " فى دورته العاشرة والذى افتتحه أمس نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير النقل والصناعة وسط حضور مكثف من رجال الأعمال والخبراء والمتخصصين فى مجال الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية.
وقد عقدت الجلسة تحت عنوان " تعزيز القدرة التنافسية وفرص الاستثمار في صادرات مصر الزراعية والغذائية "، شارك فى الجلسة كل من الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، والدكتور محمد يعقوب، مساعد ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للبرامج في مصر، والمهندس طارق ابو بكر رئيس شركة فريدال للنباتات الطبية والعطرية ورئيس شعبة النباتات الطبية والعطرية بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، والدكتور أشرف السيد، نائب رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية ورئيس مجلس إدارة شركة نماء للاستثمارات القابضة، والمهندس. هشام النجار، نائب رئيس مجلس إدارة شركة دالتكس، والسيد / يحيى العناني، الرئيس التنفيذي للائتمان، البنك الزراعي المصري، والسيد/ جان دولدرسوم، مدير سلسلة التوريد العالمية والتجزئة، رايك زوان، وأدارت الجلسة السيدة / لمياء مليجي، التنمية الاقتصادية والسياسات الحضرية مديرة البرامج، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) – مصر.
حضر هذه الجلسة النقاشية عدد كبير من رجال الصناعة والخبراء والمتخصصين فى مجال الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، إلى جانب مشاركة السيدة / داليا قابيل المدير التنفيذى لشركة كونسبت المنظمة لمعرض فوود افريكا.
استعرض الدكتور خالد عبد الحليم، محافظ قنا، رؤيته التنموية بعد أكثر من عام ونصف منذ توليه المسؤولية، حيث أوضح أن قنا تُعد محافظة زراعية في الأساس، إذ تضم أكثر من 300 ألف فدان مزروع، إلى جانب توسعات كبيرة في استصلاح الأراضي مقارنة بباقي محافظات الصعيد، مشيرًا إلى إنه على الرغم من وجود عدد من التحديات التي تواجه القطاع الزراعي، مثل تفتت الملكية، وضعف الإرشاد الزراعي، ومشاكل المياه، الإ أن قنا تمتلك ميزات قوية، أبرزها زراعة قصب السكر التي تشغل مساحة تتجاوز 116 ألف فدان، وتضم ثلاثة مصانع تنتج نحو ثلث إنتاج مصر من السكر، إضافة إلى مصانع الورق والفايبر بورد المعتمدة على مخلفات القصب.
وأوضح أن المحافظة وضعت رؤية شاملة للتحول إلى “محافظة خضراء”، عبر التوسع في الزراعات العضوية، ودعم تصنيع الأسمدة العضوية والفسفورية اعتمادًا على قربها من مصادر الفوسفات في الوادي الجديد وأسوان، كما يجري العمل على مشروعات كبرى للطاقة الشمسية، من بينها إنشاء أكبر محطة شمسية بطاقة 1 غيغاوات بنجع حمادي والمقرر تشغيلها عام 2026.
وفيما يتعلق بجذب الاستثمارات، أكد المحافظ أن الدولة تعمل على تعزيز التنمية العمرانية والخدمات لجعل المحافظة جاذبة للاستثمارات، سواء المصرية أو العربية أو الأجنبية. وتشمل تلك الجهود تطوير الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية والمراكز التجارية، لافتًا إلى أن قنا تعمل على إعداد خريطة استثمارية واضحة، خالية من المعوقات، تسمح للمستثمرين باتخاذ قرارات سريعة، كما ترتبط التنمية الزراعية بتطوير العمران والريف، ضمن رؤية “التنمية المتوازنة” التي تعتمد على خلق أقطاب تنموية رئيسية، مثل مدينة قنا الجديدة ومدينة غرب قنا، إلى جانب تعزيز السياحة الريفية في دندرة.
وأشار المحافظ إلى أن نجع حمادي وقفط يمثلان محاور للنمو الاقتصادي، بفضل وجود مناطق صناعية ومنطقة حرة بقفط، إضافة إلى ظهير زراعي واسع في شمال وجنوب المحافظة. منوهًا إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع قنا الذي يجعلها أقرب نقطة للبحر الأحمر عبر طريق قنا–سفاجا، ما يعزز سهولة التصدير عبر ميناء سفاجا، الذي يشهد تطويرًا يشمل إنشاء رصيف حاويات جديد يدخل الخدمة عام 2026. كما يجري العمل على محطة تبادلية للقطار السريع الذي سيربط الصعيد بالبحر الأحمر، ويخدم نقل الركاب والبضائع على حد سواء، بما يخلق ميزة تنافسية قوية للصادرات الزراعية والصناعية.
وأشار الدكتور خالد إلى تعاون المحافظة مع عدد من الجهات الدولية مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO) منظمة اليونيدو، مؤسسات الأمم المتحدة المختلفة بالإضافة إلى شركات عالمية، موضحًا أنه زار مؤخرًا مقاطعة خنان الصينية حيث توجد واحدة من أكبر شركات تصنيع الجرارات والمعدات الزراعية، ويجري التعاون حاليًا لبدء نشاط لها في قنا، تمهيدًا للوصول إلى مرحلة التصنيع المحلي لخدمة جنوب الصعيد.
كما استعرض المحافظ محفّزات الاستثمار بالمحافظة، حيث أوضح أن محافظة قنا تمتلك مجموعة من المزايا التنافسية، أبرزها سهولة الحصول على الأراضي من جهات متعددة (وزارة الزراعة – هيئة التعمير – المثلث الذهبي). توافر المياه السطحية والجوفية، وجود 6 مناطق صناعية والمنطقة الحرة في قفط، ومنطقة صناعية في نجع حمادي ، القرب الجغرافي من ميناء سفاجا، مما يعزز كفاءة الخدمات اللوجستية، مناخ مثالي لزراعة النباتات الطبية والعطرية، وتوسعات مرتقبة في هذا القطاع، واختتم كلمته بالتأكيد على أن محافظة قنا تُعد من أكثر المحافظات الواعدة زراعيًا وتصنيعيًا، وأن هناك فرصًا كبيرة للتوسع في إنتاج وتصدير النباتات الطبية والعطرية خلال المرحلة المقبلة
كما تحدث الدكتور محمد يعقوب، مساعد ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) للبرامج في مصر،عن الدور الذي تقوم به المنظمة لدعم تنافسية الصادرات الزراعية المصرية، خاصة في ظل وجود فجوات واضحة في مراحل الزراعة والحصاد، وتأثير ذلك على صغار المزارعين حيث أشار إلى أن المنظمة تأسست عام 1945، وأن مصر من الدول المؤسسة لها، بينما افتُتح مكتب الفاو في القاهرة عام 1978. وأوضح أن الفاو تقدّم دعمًا فنيًا للحكومة المصرية ممثلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، إلى جانب وزارات الري، البيئة، التضامن الاجتماعي، الشباب والرياضة وغيرها، من خلال مشروعات التعاون الفني التي تستهدف تحسين الأداء الزراعي، وبناء قدرات المؤسسات الحكومية، ودعم صغار المزارعين.
ولفت إلى أن المنظمة تعمل على مجموعة واسعة من المشروعات تشمل دعم التنوع البيئي، وتطوير سلاسل الإمداد مثل قطاع التمور، وتحسين نظم الري، ومكافحة الآفات، كما تعمل الفاو في17 محافظة من خلال أكثر من 1500 مدرسة مزارعين حقلية، وهي منهجية تركز على تدريب 20–25 مزارعًا في كل دورة إنتاجية، لسد الفجوة الكبيرة في خدمات الإرشاد الزراعي التي تعاني نقصًا في الكوادر، مشيرًا إلى أن هذه المدارس تساعد المزارعين على تبادل المعرفة، وتبنّي ممارسات أكثر استدامة، وزيادة الإنتاجية باستخدام طرق ري حديثة، بما في ذلك أنظمة الري بالطاقة الشمسية التي تُسهم في خفض التكلفة وتقليل الضغط على الموارد المائية.
وتحدث يعقوب عن أهمية إعادة تفعيل دور التعاونيات الزراعية باعتبارها كيانًا اقتصاديًا قادرًا على معالجة تفتت الحيازات، وتسهيل وصول الأسمدة للمستحقين، ورفع جودة الخدمات المقدمة للمزارعين، وهو ما ينعكس إيجابيًا على سلسلة القيمة الزراعية. وضرب مثالًا بمحصول الطماطم في محافظة قنا، والتي تمكّن معالجتها كطماطم مجففة (sun-dried) من خلق قيمة مضافة حقيقية للمزارعين، وتحسين دخولهم.
كما أوضح د. يعقوب أهمية المهارات التسويقية للمزارعين والجمعيات الزراعية في تعزيز قيمة المنتج المصري، مشيرًا إلى دور منظمة الفاو في دعم هذه الجوانب، سواء من خلال التدريب أو تسهيل الوصول إلى أسواق محلية ودولية. مؤكدًا على فكرة الـ “Story Behind the Product”، أي سرد قصة المنتج من الزراعة وحتى وصوله للمستهلك، كأداة لتعزيز الميزة التنافسية للمنتج المصري
وأشار إلى مشروعات في القرى الأكثر فقرًا ضمن برنامج “حياة كريمة”، حيث يتم تدريب السيدات الريفيات على زراعة محاصيل محددة مثل الخيار والفلفل، وجمع الإنتاج عبر جمعيات لتسويقه في أسواق مثل أكتوبر والعبور، ما يرفع من قيمة المنتج ويوفر دخلًا مستقرًا للأسر، مؤكدًا أن الهدف هو أن تصبح الشركات المصرية منافسًا عالميًا وقادرة على تلبية طلبات السوق المحلي والتصدير بنفس الوقت، مع الإشارة إلى أهمية التركيز على معرفة احتياجات المستهلك النهائي في السوق المحلي، لضمان أن المنتجات المصرية تقدم الجودة والقيمة التي يبحث عنها العميل، ما يؤدي بدوره إلى نجاح مستدام للقطاع الزراعي والصناعات المشتقة منه
وفي ختام مداخلته، شدّد على ضرورة الربط بين صناعة السياسات الزراعية وتنفيذها على الأرض لضمان استفادة صغار المزارعين وعدم إقصائهم من منظومة التنمية.
وفى رده على تساؤل حول جهود المجلس التصديري للحاصلات الزراعية في رفع تنافسية قطاع النباتات الطبية والعطرية الذي يشهد طلبًا عالميًا متزايدًا يفوق حجم العرض، مما يجعله فرصة قوية للمستثمرين والشركات الناشئة، أكد المهندس طارق ابو بكر رئيس شركة فريدال للنباتات الطبية والعطرية ورئيس شعبة النباتات الطبية والعطرية بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن “الوعي” هو العنصر الأهم في تطوير قطاع النباتات الطبية والعطرية، سواء لدى المزارع أو التاجر أو المصنع أو المصدّر، موضحًا أن رضا العميل الدولي يعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية، تمثلت فى الجودة المطلوبة والسعر المناسب، ومستوى الخدمة المقدمة.
وأشار إلى أن تحقيق الجودة يبدأ من اختيار الأرض المناسبة للزراعة، ثم تحديد المعاملات الزراعية قبل الحصاد وبعده، مرورًا بنظم التخزين والنقل، وصولًا لتسليم المنتج وفق المواصفات المطلوبة. وبالنسبة للمنتجات الحساسة التي تُستخدم مباشرة في الطعام مثل الزعتر والأوريجانو، شدد على ضرورة الالتزام الكامل بمعايير النظافة وخلو المنتج من متبقيات المبيدات، نظرًا لعدم تعرضها للغلي أو الطهي قبل الاستهلاك.، لافتًا إلى أن المعايير الدولية تتغير باستمرار، وبالتالي يجب نقل الوعي للمزارعين والمصنعين لضمان استمرار القدرة التنافسية.
وفي هذا الإطار، أعلن عن إطلاق مشروع قومي للنباتات الطبية والعطرية — وُضع حجر أساسه مؤخرًا — يستهدف نشر الوعي، وتدريب الشباب، وإنشاء مدرسة فنية متخصصة لتخريج كوادر في الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى إنشاء وحدة للتعقيم البخاري، ومعمل لقياس متبقيات المبيدات لتمكين المزارعين من ضبط الجودة، مؤكدًا أن هذا المشروع سيُحدث نقلة كبيرة في القطاع، وسيضمن تقديم منتج مصري عالي الجودة يُحافظ على سمعته في الأسواق العالمية.
ومن جانبه استعرض السيد / يحيى العناني، الرئيس التنفيذي للائتمان، بالبنك الزراعي المصري، دور البنك في دعم الشركات الزراعية — سواء المصدّرة أو غير المصدّرة — إلى جانب صغار المزارعين، خاصة وأن القطاع الزراعي يُعد من أكثر القطاعات مخاطرة بالنسبة للبنوك، موضحًا أن البنك تأسس عام 1930 أي منذ نحو 95 عامًا، وأن رسالته منذ نشأته هي دعم ومساندة القطاع الزراعي بكافة فئاته.
وأشار إلى أن البنك يمتلك اليوم شبكة تضم نحو 1100 فرع موزعة على مستوى الجمهورية، بالإضافة إلى ما يقرب من 1500 ماكينة خدمات مصرفية يجري تطويرها وزيادتها سنويًا، بما يتيح الوصول المباشر للمزارعين في مختلف المحافظات. ثم تطرق إلى قضية مخاطر التمويل الزراعي، موضحًا أن القطاع الزراعي شهد طفرة غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، انعكست بوضوح في نمو الصناعات الغذائية وزيادة الصادرات، وهو ما يثبت أن العائد من الاستثمار الزراعي عائد قوي، رغم ارتفاع مستوى المخاطر.، كاشفًا عن أن البنك الزراعي يخدم اليوم أكثر من مليون ونصف المليون عميل، ما يجعله أكبر بنك في مصر من حيث عدد الفروع وانتشار الخدمات في المناطق الريفية والزراعية.
ونوه إلى اهتمام البنك بدعم صغار المزارعين من خلال توفير التمويل المناسب لاحتياجاتهم، مؤكدًا أهمية الربط بين جودة المنتج ومتطلبات السوق، وضرب مثالًا بدعم البنك لبرامج الزراعة التعاقدية؛ حيث يمنح البنك تمويلًا للمزارعين بناءً على الفئات التمويلية الخاصة بكل محصول، مع وجود تعاقد مسبق يضمن للمزارع جهة تستلم منه الإنتاج ويحدد له معايير الجودة المطلوبة. وهذا — حسب قوله — يرفع من مستوى الجودة ويقلل من المخاطر ويزيد من قيمة التمويل المتاح للمزارع. كما أشار إلى توسع البنك الكبير في تمويل مزارعي قصب السكر، وتقديم التمويل أيضًا عبر الجمعيات التعاونية الزراعية التي تُعد منفذًا مهمًا لتسهيل حصول الأفراد على التمويل وتحسين دورة العمل داخل المجتمعات الريفية.
كما أكد حرص البنك الزراعي المصري على تعزيز دوره الحيوي في دعم المزارعين والمصنعين الغذائيين من خلال توفير التمويل لكافة الأنشطة الزراعية والصناعات الغذائية المرتبطة بها، مشيرًا إلى أن التمويل يشمل رأس المال العامل، التكاليف الاستثمارية، وعمليات التصدير، مع مراعاة احتياجات كل شركة حسب حجمها ونوع نشاطها، سواء كانت شركات صغيرة، متوسطة، أو كبرى.
وأوضح العنانى أهمية الزراعات التعاقدية في توفير إنتاج عالي الجودة يلبي احتياجات المصانع الغذائية، مؤكدًا أن التمويل لا يقتصر على المنتج النهائي بل يمتد للمزارع لضمان استدامة الإنتاج وجودته، مشيرًا إلى دور البنك أيضا في فتح أسواق جديدة للمصدرين المصريين، بما في ذلك الأسواق الأفريقية عالية المخاطر، عبر تقديم التسهيلات اللازمة مثل الإجراءات المصرفية، الخطابات والضمانات المالية، لدعم الصادرات الزراعية وغير الزراعية على حد سواء.
وفي ختام حديثه، أكد أن القطاع الزراعي ما زال مليئًا بالفرص الواعدة، وأن البنك الزراعي المصري مستمر في دوره لتسهيل الوصول للتمويل، ودعم الجودة، وتعزيز تنافسية الصادرات الزراعية المصرية
كما تحدث المهندس هشام النجار، نائب رئيس مجلس إدارة شركة دالتكس عن التحديات التي تواجه الشركات المصدرة فى فتح الأسواق الجديدة، حيث أوضح أن أول وأهم التحديات التي تواجه المصدرين هي فهم احتياجات العميل بشكل دقيق، مؤكدًا أن “القيمة” هي العنصر الحاسم في عملية التصدير، وليس مجرد تقديم منتج بسعر منخفض،وضرب مثالًا بالفروق بين سلوك المستهلكين في الأسواق المختلفة، موضحًا أن المستهلك الألماني يركز على الحصول على أعلى قيمة مقابل السعر، بينما تختلف أولويات المستهلكين في بريطانيا أو دول أخرى. لذلك — حسب قوله — لا يجب أن يكون الهدف هو خفض السعر فقط، بل تقديم منتج يحقق القيمة المطلوبة لكل سوق ولفئة المستهلكين داخل هذا السوق.
وأشار إلى أن التحدي الثاني هو دراسة كل سوق بدقة قبل دخوله، لأن التصدير لا يعتمد فقط على جودة المنتج، بل على ملاءمته لمتطلبات وقنوات التوزيع في كل دولة،ثم انتقل للحديث عن تعاون الدولة في فتح الأسواق الجديدة، مؤكدًا أن مصر نجحت خلال السنوات الأخيرة في فتح أسواق غير تقليدية في دول مثل جواتيمالا، نيكاراجوا، المكسيك، الصين، أستراليا، النيبال ونيجيريا. وأضاف أن المنتج الزراعي المصري أصبح يتمتع بسمعة قوية على المستوى العالمي، مدعومًا بجهود الجهات الرقابية المصرية التي — على حد تعبيره — “تعرف أن التصدير هو حياة للدولة”
وشدد النجار على أن بعض الشركات قد تعتقد أن المعايير والاشتراطات الرقابية تمثل قيودًا أو تمييزًا، لكنه أوضح أن هذه المعايير تُفرض لحماية أسواق الدول المستوردة، تمامًا كما تفعل مصر عند حماية زراعتها من دخول منتجات قد تضر بالبيئة أو المستهلك المصري. وأكد أن كل دولة من حقها حماية زراعتها وسلامة غذائها، وأن الامتثال لهذه المعايير ضرورة وليس عائقًا، مشيرًا أيضًا إلى أن الجهات الرقابية الأجنبية وكذلك سلاسل التجزئة تسعى لتقديم منتج آمن للمستهلك، ومن ثم يجب على المصدرين المصريين العمل وفق تلك المعايير، خاصة وأن الالتزام بها يعزز الثقة ويضمن استدامة وجود المنتج المصري في هذه الأسواق.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن مصر دولة شابة تمتلك طاقات كبيرة من رواد الأعمال وصغار المنتجين والمزارعين، وأن هؤلاء يشكّلون العمود الفقري للنمو في القطاع التصديري الزراعي، مشيرًا إلى أن القيمة المضافة الأساسية لمصر تكمن في الإنسان، موضحًا أن العمالة المصرية الماهرة موجودة في جميع أنحاء العالم، من المهندسين إلى الأساتذة، وأن الفئة العمرية الشابة في مصر تمثل فرصة كبيرة للنهوض بالقطاع الزراعي إذا تم تدريبها بشكل صحيح، مؤكدًا أن العائق الرئيسي حاليًا هو فقدان الثقافة المهنية الحقيقية بين الشباب، نتيجة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي تروّج للربح السريع على حساب المجهود، والإنتاجية، والإخلاص في العمل،، لافتًا فى هذا الاطار إلى أهمية توفير برامج تدريبية شاملة لجميع المستويات، من المدارس الإعدادية إلى التعليم الجامعي وما بعده، لتعزيز المهارات والكفاءات العملية. كما أوصى بالاستفادة من نماذج ناجحة للشباب المبادر في العشرينات والثلاثينات في الزراعة والصناعة الزراعية، لعرض أثر العمل الجاد والمخلص على النتائج الحقيقية، باعتبار ذلك الحل الأمثل لتطوير القطاع وزيادة كفاءته.
وأشار الدكتور أشرف السيد، نائب رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية إلى أن المجالس التصديرية منذ تأسيسها على يد الدكتور جويلّي – رحمه الله – كانت مجالس استشارية للوزير، تضم خبراء من داخل الصناعة نفسها، لافتًا إلى أن التوجه الجديد للمجالس ركّز على رفع قدرة الصادرات المصرية، وهو ما انعكس على الأرقام؛ إذ حقق القطاع العام الماضي 6.2 مليار دولار من الصادرات، مع استهداف الوصول إلى 7مليارات دولار خلال العام الجاري، مؤكدًا أن هذا النمو يتطلب التفكير في استدامة تحقيق هذه الأرقام.
وأضاف أن المجلس بدأ ينظر للصناعات الغذائية بمنظور أوسع، لا يقتصر على التصنيع فقط، بل على كل الفرص المتاحة في السوق العالمي، وكيفية تنميته من خلال استراتيجية شاملة تتجاوز حدود الخطط التقليدية، موضحًا أن هذه الاستراتيجية يجب أن تشمل كل الجهات المرتبطة بالصناعة والزراعة، والموانئ، والرقابة على الصادرات والواردات، وهيئة سلامة الغذاء، بحيث تعمل جميعها بشكل متكامل.
وأشار إلى أهمية التخطيط المشترك بين الصناعة والزراعة، وتحديد مكان إقامة المصانع الجديدة وفقًا لتوافر الأراضي والمياه والخامات، مشددًا على أن تحديد القطاعات الواعدة وتوجيه المستثمرين إليها من حيث الطاقة الإنتاجية والمواقع المناسبة يمثل جزءًا أساسيًا من استراتيجية المجلس خلال المرحلة المقبلة.
ولفت الدكتور أشرف السيد إلى أن المجلس يعتمد على خبراته المتراكمة في فتح الأسواق غير التقليدية، من خلال بعثات تجارية منظمة تُرسل لدراسة السوق والتفاعل مع المشترين المحليين، وتقديم تغذية راجعة مفيدة للشركات الأعضاء. وأضاف أن هذه البعثات أقل تكلفة من المعارض التقليدية، لكنها تحقق نتائج فعالة، خصوصًا في الأسواق الأفريقية، حيث يتم جمع المعلومات حول التمويل، اللوجستيات، ومتطلبات السلامة الغذائية، ليتم التنسيق مع الجهات الحكومية المختلفة.
وفي ختام كلمته، أعرب عن سعادته باستماع توجهات المحافظين، خصوصًا المبادرات المرتبطة بالتوسع الزراعي، مؤكدًا أنها تصب مباشرة في خدمة قطاع التصنيع الزراعي والصادرات المصرية.
وفي كلمته، أوضح الخبير الدولي جان دولدرسوم، مدير سلسلة التوريد العالمية والتجزئة - رجيك زوان – إنه ا شركة هولندية متخصصة في إنتاج وتطوير البذور الزراعية، وليست شركة تعمل في تصدير المنتجات الطازجة أو المصنعة، مشيرًا إلى أن السوق المصري سوق واعد للغاية، وأن الشركة تمتلك مكتبًا وفريق عمل داخل مصر يدعم المزارعين المحليين، وتحدث عن أبرز المحاصيل المصرية الواعدة للتصدير، حيث أكد ضرورة التمييز بين شريحتين مختلفتين من الصادرات الأولى هى المنتجات الطازجة (Fresh Produce) والثانية المنتجات المجمدة أو المصنعة (Frozen / Processed) موضحًا أن هناك محاصيل تتمتع بفرص كبيرة في الأسواق الأوروبية ضمن فئة الطازج، مثل الخس والفلفل الحلو (Bell Pepper) وهذه المحاصيل – حسب رؤيته – تمتلك قدرة تنافسية قوية في السوق الأوروبي نظرًا لارتفاع الطلب عليها وتراجع الإنتاج في بعض الدول المنافسة. أما بالنسبة للمنتجات المجمدة، فقد أكد أن فئة التوتيات (Berries) بما يشمل الفراولة والتوت الأزرق (Blueberries) والتوت الأسود والأحمر تُعد من أكثر السلع ذات الإمكانات العالية للتوسع، نظرًا للطلب الأوروبي الكبير عليها والقيمة المضافة المرتفعة التي تحققها.
وأشار الخبير أيضًا إلى أن السوق المصري يمكنه التوسع في مجموعة أكبر من المنتجات، بشرط الالتزام بالمعايير المرتبطة بـسلامة الغذاء، وجودة المنتج، وحماية المستهلك، واختُتم حديثها بالتأكيد على أن مراعاة هذه القواعد والمعايير سيكون له أثر كبير على دعم القدرة التنافسية للمنتجات المصرية وفتح أسواق جديدة أمامها