تحولات ديناميكية في سوق العمل بالدولة.. والمهارات الشخصية باتت مفتاح النجاح
الكفاءة والمهارات الشخصية تكفلان تشكيل قوة عاملة قادرة على النمو المستدام
قطر تعتز بالالتزام بالعدالة والشفافية والسعي لتحقيق التميز الوظيفي
مفهوم الكفاءة يمكن أن يولد واقعاً يصعب الازدهار فيه على ذوي الإعاقة 

أكد السيد حمد البدر، أخصائي أول تطوير مهني بمركز قطر للتطوير المهني – من إنشاء مؤسسة قطر- أن التوازن بين الكفاءة والمهارات الشخصية يكفل تشكيل قوة عاملة متنوعة ومبدعة، تزدهر وتضمن النمو المستدام للاقتصاد الوطني، في ظل ما يمر به سوق العمل في قطر من تحولات ديناميكية أسوةً بتلك التي تعيد تشكيل ممارسات التوظيف والترقيات في جميع أنحاء العالم.


وأشار البدر في حوار لـ «العرب» إلى أن قطر تعتز بالالتزام بالعدالة والشفافية والسعي لتحقيق التميز الوظيفي، ولكن يمكن أن تقع بعض العيوب المحتملة في حال الاعتماد على الكفاءة وحسب، موضحاً أن مفهوم الكفاءة يمكن أن يولد واقعًا يصعب الازدهار فيه على بعض الفئات من بينها ذوو الإعاقة، وأنه من الضروري الترحيب بالخلفيات والثقافات والمواهب المتنوعة والتأكد من شمولية الكفاءة، خاصةً وأن المهارات الشخصية باتت مفتاح النجاح.
ولفت إلى أن تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي 2023 توقع تغير أكثر من ثلث المهارات التي نعتبرها حاسمة اليوم في القوة العاملة بحلول عام 2025، مشدداً على أهمية مهارات الذكاء العاطفي وإدارة العلاقات والتفكير النقدي والتشبيك الاحترافي، وضروري عمل المؤسسات على توفير برامج فعالة لتطوير القادة، بما تحققه من تنافسية عالية، وأن ثمة دورا حاسما في السوق القطري لبرامج تطوير القادة داخل المؤسسات وتأثيرها المباشر على تنافسيتها وأدائها العام.. وإلى نص الحوار:

◆ كيف ترون الاتزان بين الكفاءة والترقيات في سوق العمل القطري؟
■ يمر سوق العمل في قطر بتحولات ديناميكية أسوةً بتلك التي تعيد تشكيل ممارسات التوظيف والترقيات في جميع أنحاء العالم، وبالتزامن مع ذلك يزداد الجدل حول ما يجب أن تأخذ الكفاءة والمؤهلات التقنية الأفضلية على المهارات الشخصية في نقاشٍ يحمل الكثير من الأهمية في المشهد المهني في قطر، فتحقيق التوازن الصحيح بين هذين الجانبين يكفل تشكيل قوة عاملة متنوعة ومبدعة، تزدهر وتضمن النمو المستدام للاقتصاد الوطني.
واختيار الموظفين لترقيتهم استنادًا إلى الكفاءة والمؤهلات التقنية عادة متبعة ومعتمدة في المشهد المهني المحلي وحول العالم، وكوطن يعتز بالالتزام بالعدالة والشفافية ويسعى لتحقيق التميز، لطالما اعتُبرت الكفاءة معيارًا ذهبيًا في السعي نحو إقامة مجتمع عادل ومزدهر. ويتجلى مبدأ الكفاءة في قطر في الاعتقاد بأن الموهبة والجهد والإنجاز يجب أن تكون المعايير الأساسية للمكافأة على مستوى المجتمع والاقتصاد.

عواقب سلبية
◆ هل يمكن أن يكون للاختيار المبني على الكفاءة عواقب سلبية؟
■ إذا دققنا عميقًا في ديناميات المنظومة القائمة على الكفاءة، يتضح أن هذا النهج، رغم حسن نواياه نظريًا، قد يفرض بعض العواقب السلبية غير المقصودة. فالكثير من الدراسات الحديثة، وأبرزها كتاب «فخ الكفاءة» الصادر في عام 2019 لكاتبه دانيال ماركوفيتس، تسلط الضوء على عيوب محتملة في منظومة الكفاءة تستحق التمعن. وبات من الواضح بشكل متزايد أن المنظومة التي تهدف إلى أن تكون عادلةً ومنصفةً قد تدفع عن غير قصد إلى ترسيخ التحيز والظلم في المشهد المهني على مستوى العالم.
والقلق يكون هنا حول أن مفهوم الكفاءة المستند نظريًا إلى مبادئ العدالة والمساواة، يمكن أن يولد واقعًا يصعب الازدهار فيه على الأفراد الذين لا ينضوون تحت الأنماط التقليدية في الإنتاجية، أو الذين يواجهون تحديات على مستوى اندماجهم في المنظومة الاجتماعية ككل، كذوي الإعاقة أو المجموعات الأقل حظًا أو الأصعب حالًا كالمحرومين من التعليم والتدريب المتوافر لغيرهم. 
وفي مجتمع متنوع مثل مجتمع دولة قطر، من الضروري الترحيب بالخلفيات والثقافات والمواهب المتنوعة والتأكد من أن نظام الكفاءة يتصف بالشمولية ولا يقتصر على الأفراد الأكثر تأهيلاً؛ لكن يشمل أولئك الذين يتمتعون بمجموعة متنوعة من المواهب والآراء.
وعلى الرغم من أن روح الكفاءة تتسق بلا شك مع قيم البلاد، إلا أنه من الضروري أن ننظر في طريقة تكييفها وضبطها لضمان فعاليتها كدافع للتقدم والتنوع والشمول الذي تطمح قطر لتحقيقه. فمناقشة منظومة الكفاءة في دولة قطر لا تدور حول التخلص من هذا المفهوم الأساسي؛ بل حول تعزيزه لضمان أنه يتوافق مع رؤية البلاد المتطورة باستمرار نحو مستقبل عادل ومزدهر، ونحو تنمية مستدامة حقيقية للدولة والمجتمع.

بيئة متعددة الثقافات
◆ في خضم الحديث عن الكفاءة.. ما أهمية المهارات الشخصية؟
■ المهارات الشخصية في هذا الزمن باتت مفتاح النجاح، وخاصة بالنظر إلى المستويات العليا في التسلسل الهرمي الإداري للمنظمات والشركات في دولة قطر. وفي بيئة متعددة الثقافات، تصبح القدرة على القيادة والإلهام وبناء الجسور والعلاقات على نفس القدر من الأهمية التي تتصف بها الخبرات والمهارات التقنية. ويشير تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للعام 2023، والمنشور بعنوان «تقرير مستقبل الوظائف» إلى الأهمية المتصاعدة للمهارات الشخصية. حيث من المتوقع أن يتغير أكثر من ثلث المهارات التي نعتبرها حاسمة اليوم في القوة العاملة بحلول عام 2025، مشددًا على أهمية المهارات التي ستحافظ على أهميتها كالذكاء العاطفي وإدارة العلاقات والتفكير النقدي والتشبيك الاحترافي.
تطوير القادة
◆ هل هذا ينسحب على الحاجة إلى مهارات القيادة في العمل؟
■ نعم.. يشير بحث نشره مركز القيادة الإبداعية عام 2023 بعنوان «ماضون نحو المجهول: لماذا نحتاج إلى قادة أفضل»، إلى أن المؤسسات التي توفر برامج فعالة لتطوير القادة أكثر قدرةً على التفوق على منافسيها. ويؤكد البحث على الدور الحاسم لبرامج تطوير القادة داخل المؤسسات وتأثيرها المباشر على تنافسيتها وأدائها العام. وينطبق هذا بشكل خاص على الاقتصادات سريعة النمو، والتي تقتضي الاعتراف بالقيمة الحاسمة للمهارات الشخصية في الأدوار القيادية، ومنها اقتصاد دولة قطر. فالقدرة على غرس الثقة والتعاضد بين أعضاء الفريق، وتوجيههم نحو الهدف المشترك، وتشكيل بيئة عمل متعاونة وفعالة، ولعل أهمها القدرة على تشكيل الشبكات المهنية، مهارات باتت جميعها حاسمة في المشهد الاحترافي للبلاد، وهي لا تكتسب من خلال التدريب التقني أو التعليم وحسب، بل تتجذر في الطابع الشخصي للفرد وتتطور من خلال التجربة والتعلم المستمر.
والقدرة على إدارة تفاصيل الفرق المتنوعة وإقامة علاقات فعّالة مع أفراد من خلفيات متنوعة، تعد مهارة ضرورية للقادة. والمهارات الشخصية مثل الذكاء العاطفي والتواصل العابر للثقافات والقدرة على التكيف وحل النزاعات هي الجسور التي تضمن تحقيق الانسجام وتحسين التعاون بين الأفراد ذوي وجهات النظر والتجارب المختلفة.
وعلاوة على ذلك، كون المؤسسات والشركات في دولة قطر تسعى جاهدةً لتوظيف أفضل الكفاءات ولجذبها والحفاظ عليها في سوق اليوم شديد التنافس، فإن تقديم برامج شاملة لتطوير القادة يكتسب بالتالي أهمية خاصة. حيث تجهز هذه البرامج القادة بالكفاءات التقنية اللازمة من جهة، وتركز أيضًا على تنمية وتحسين المهارات الشخصية التي تمكن القادة من إدارة الفرق وإلهام الموظفين وبناء شعور حقيقي بالانتماء والثقة لدى هؤلاء المواهب الذين يهم الشركة الاحتفاظ بهم.

توازن بين الكفاءة والمهارات
◆ كيف يمكن تحقيق التوازن بين الكفاءة والمهارات الشخصية في سوق العمل القطري؟
■ لتحقيق التوازن بين الكفاءة التقنية والمهارات الشخصية، يجب على دولتنا أن تتبنى إطارًا ناظمًا للكفاءات والمؤهلات، يكون من أهدافه الأساسية مساعدة وتوجيه عمليات التوظيف والترقية، مع تقدير الاحتياجات المتنوعة للوظائف المختلفة. بما يضمن الأداء التنظيمي الأفضل ويمكّن المؤسسات في الدولة من التفوق في بيئة مهنية متنوعة وتنافسية، وبالتالي يمهد الطريق للنجاح المتواصل والمستدام لاقتصاد البلاد.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر قطر للتطوير المهني مؤسسة قطر سوق العمل المهارات الشخصیة تطویر القادة بین الکفاءة الشخصیة فی سوق العمل فی المشهد دولة قطر یمکن أن فی سوق إلى أن فی قطر

إقرأ أيضاً:

تدهور الامن المدرسي في فرنسا 2025 تصاعد العنف وتهديد المدارس الاخوانية

شهد ملف الامن المدرسي في فرنسا عام 2025 واحدة من اعقد الازمات التربوية خلال السنوات الاخيرة بعدما تصاعدت حوادث العنف داخل المؤسسات التعليمية وتداخلت مع ملف المدارس الاخوانية غير الخاضعة بالكامل للرقابة الامر الذي اعاد النظام التعليمي كله الى دائرة الجدل حول قدرته على حماية المعلمين والطلاب 

في ظل اتهامات بتراجع ادوات الردع وضعف الامكانيات المتاحة واستمرار احساس المعنيين بالعملية التربوية بان المدرسة فقدت جزءا من حصانتها التقليدية داخل المجتمع وهو ما دفع نحو قرارات امنية غير مسبوقة وفتح نقاشا سياسيا ساخنا حول مصير المدرسة وامنها وانتمائها الى قيم الجمهورية

تصاعد ازمة الامن المدرسي في فرنسا 2025

حيث شهد عام 2025 تصاعد ملف الامن المدرسي في فرنسا بصورة لافتة اذ تتداخل الاعتداءات الجسدية واللفظية داخل المؤسسات مع الحديث عن مدارس توصف بانها مرتبطة بفكر الاخوان مما يفتح نقاشا واسعا حول مستقبل الحماية داخل النظام التربوي في البلاد

يرصد المسؤولون التربويون تنامي احساس بالعجز لدى الادارات والمعلمين في مواجهة ارتفاع وتيرة الاعتداءات داخل المؤسسات التعليمية بينما ترتفع المطالب بتعزيز الحماية وصولا الى طرح مقترحات استثنائية تمثلت في دراسة تسليح بعض عناصر الامن داخل المدارس او توسيع شبكة الكاميرات داخل الفضاء التعليمي

يتزامن ذلك مع جدل مجتمعي واسع بين اتجاه يدعو الى تشديد الاجراءات واتجاه اخر يتحفظ على توسيع الوجود الامني داخل المؤسسات غير ان اغلب التقارير الفرنسية تصف عاما مثقلا بالتوتر وتصاعد احساس بالانفلات داخل البيئة التربوية

يدفع تصاعد الاعتداءات بالملف الى الواجهة اذ تشير تقديرات فرنسية الى تسجيل اكثر من 4 الاف حادث عنف خلال 2025 في المراحل الدراسية المختلفة مع توسع الاعتداءات اللفظية والجسدية على المعلمين وارتفاع حوادث الشجارات الجماعية والاعتداء بالسلاح الابيض او اقتحام بعض المؤسسات من خارجها

يصف خبراء عام 2025 بانه الاكثر اضطرابا منذ عقد اذ باتت بعض المدارس تشهد حوادث شبه اسبوعية في ظل شعور متزايد لدى العديد من الادارات التعليمية بان المدرسة التي كانت تعد اخر مؤسسات الجمهورية المحمية اصبحت في عين العاصفة

يؤكد الخبير التربوي الفرنسي جان بيار اوبان ان ازمة 2025 ليست امنية فقط بل ازمة نموذج تربوي يتعرض لضغط اجتماعي وثقافي غير مسبوق ويوضح اوبان ان العنف والاختراق الايديولوجي هما وجهان لخلل واحد يتمثل في اهتزاز المدرسة كمؤسسة منحت سلطة داخل المجتمع

تفرض الاجراءات الحكومية مسارا جديدا اذ تعلن وزارة التعليم الفرنسية زيادة موظفي الحراسة في 300 مؤسسة وتعزيز التنسيق بين الشرطة والمدارس في مناطق مصنفة حساسة اضافة الى خطط لتوسيع كاميرات المراقبة داخل المؤسسات وفي محيطها

يتفجر الجدل السياسي حين يقترح بعض نواب الجمعية الوطنية دراسة تسليح عناصر الامن المدرسي في المناطق العالية الخطورة وهو طرح اثار صدمة تربوية لدى النقابات التي رأت فيه مؤشرا على فشل الدولة في حماية المؤسسات

يعود ملف المدارس الاخوانية الى الساحة اذ تشير تقارير فرنسية الى ان عام 2025 سجل اعلى نسبة اغلاق لمؤسسات تعليمية غير مرخصة يرتبط بعضها بجمعيات دينية تتبع فكر الاخوان بشكل مباشر او غير مباشر بينما نفذت وزارة الداخلية اكثر من 80 عملية تفتيش اسفرت عن اغلاق مدارس او فصول تغيب عنها المعايير ويدرس فيها محتوى غير متوافق مع المناهج الوطنية

يحذر جان بيار اوبان من الاكتفاء بالحلول الامنية مؤكدا حاجة فرنسا الى اصلاح تربوي عميق بجوار الاجراءات الامنية ويشدد على ان الاقتصار على التدابير البوليسية لن ينهي ازمة المدارس بل يؤجل انفجارها

تكشف واقعة منفصلة حجم الضغط الذي تعيشه المدرسة مع تداول ما يشبه الفضيحة المرتبطة بمسابقة ملكة جمال فرنسا 2026 وهي اشارة استخدمها مراقبون لاظهار امتداد الجدل التربوي الى فضاءات رمزية وثقافية اخرى

تنشر تقارير فرنسية شهادات لمعلمين يتحدثون عن خوف يومي وضغوط داخل المؤسسات وعن تلاميذ او مجموعات محلية تعتبر المدرسة فضاء صراع وليس فضاء تعليم بينما يعمل المعلم في 2025 في ظروف اقرب الى عمل الشرطي منه الى المدرس في ظل تحديات متصاعدة تخص الامن المدرسي وتداعياته المتعددة

اصطدام مروع أمام مستشفى مغاغة يحصد أرواحا ويكشف فوضى الطرق بالمنيا اصطدام أربع مركبات بينها إسعاف يهز شرق صور اللبنانية ويصيب الطريق بالشلل قفزة ثقة تنتهي بكارثة داخل مدرسة في أسيوط ورش تطبيقية بمدارس أسيوط لتعزيز الذكاء الاصطناعى المدرسي الهيئة العامة للاستعلامات تطلق حملة حماية الطفل ببئر العبد وتعزز الوعي المجتمعي حرائق بطاريات السفن تهدد المستقبل البحري .. إنذار عاجل للصناعة العالمية مربية فرنسية تتهم بتسميم أسرة في باريس.. تحقيق يفضح الأسرار المظلمة سلسلة جرائم صادمة بالمنوفية: قتل الزوجات والأطفال يروع الأهالي إصابات خطيرة تهدد ملكة جمال جامايكا خلال مسابقة بانكوك من النشل إلى التسامح: قصة الكاتبة الإيطالية في مراكش

مقالات مشابهة

  • ليبيا ترحّل مجموعة من المهاجرين المصريين
  • رئيس سيوة يتابع أعمال تطوير ميدان السوق والتوسعات بالشوارع
  • الأمين العام للأمم المتحدة: مركز الملك سلمان للإغاثة يُعد نموذجًا على الكفاءة وجودة الخدمات الإنسانية
  • النمسا تحظر ارتداء الحجاب في المدارس للفتيات دون 14 عامًا
  • مدرب الأردن : مباراة العراق لها طابع خاص والتركيز سيكون عامل حاسم
  • ضبط منتحل صفة أخصائي علاج طبيعي يدير مركزًا وهميًا في سوهاج
  • وزارة الشباب تُنهي أعمال تطوير ملعب مركز شباب قافلة بالبحيرة
  • مجلس الوزراء يوافق على تطوير معهد ناصر ليصبح أكبر مركز بحثي وعلاجي في مصر
  • افتتاحية.. تكنولوجيا العمل التي لا تنتظر أحدا
  • تدهور الامن المدرسي في فرنسا 2025 تصاعد العنف وتهديد المدارس الاخوانية