سلط الكاتب الصحفي، فتحي نمر، الضوء على موقف الغرب من إدانة الشعارات الداعمة للقضية الفلسطينية مقارنة بموقفه من الإبادة الجماعية التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 4 أشهر، مشيرا إلى أن قصف المستشفيات والمدارس التي تؤوي النازحين، والمجازر بحق مئات الفلسطينيين يوميا أصبح أمراً روتينياً.

وذكر نمر، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن المشهد الإعلامي في الغرب غارق إدانة الإبادة الجماعية في الخطاب المؤيد للفلسطينيين وليس في مواجهة ممارستها على الأرض من جانب إسرائيل، متسائلا: لماذا غمرتنا المقالات المهووسة بمعنى الشعارات والعبارات، بينما يتعرض آلاف الأطفال الفلسطينيين للقصف والتجويع حتى الموت؟

وأضاف أن الفلسطينيين مطالبين باستخدام كلماتهم بدقة جراحية، في محاولة عقيمة لتجنب اتهامهم بالعنصرية تجاه محتليهم، وحتى مع أبسط أساليب مقاومة الاحتلال، مثل المقاطعة أو الاحتجاجات السلمية، تتم مقارنتها بسلوك النازيين.

ويشير نمر إلى أن مستوى الرقابة على الآراء ووجهات النظر الفلسطينية وصل إلى ذروة بائسة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أصبح مجرد إظهار الهوية الفلسطينية والتضامن الفلسطيني سببًا للاضطهاد.

وبغض النظر عما يقوله الفلسطينيون أو كيف يقولونه، فإنه يُفسر دائمًا على أنه دعوة للإبادة الجماعية أو العنف، وهو ما يصفه نمر بأنه "ليست حالة سوء فهم، بل هي بالأحرى سوء تفسير متعمد، إذ لا توجد مجموعة سحرية من الكلمات أو الشعارات التي تؤكد كرامة الفلسطينيين أو تحريرهم يمكن اعتبارها مقبولة".

ويضيف نمر: "هذه مجرد محاولة وقحة أخرى لإسكات الفلسطينيين، وتصبح واضحة للغاية عند النظر في التدقيق غير المتوازن في الخطاب الفلسطيني (..) وعندما يتعلق الأمر بخطاب الإبادة الجماعية من جانب الإسرائيليين، لا يحتاج المرء إلى تحريف أي لغة أو قراءة ما بين السطور".

فرغم أنهم غير معتادين حتى على جزء صغير من التدقيق الذي يتلقاه الفلسطينيون بانتظام، فإن السياسيين الإسرائيليين يستخدمون لغة واضحة لا لبس فيها، ويرسمون بفخر خططًا للتطهير العرقي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.

اقرأ أيضاً

إسبانيا.. 88 مظاهرة لوقف الإبادة الجماعية في غزة ودعم قضية جنوب أفريقيا

وفي هذا الإطار، جرد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الفلسطينيين من إنسانيتهم ​​عبر وصفهم بـ "شعب الظلمة" و"العماليق"، في إشارة إلى قصة بالعهد القديم مفادها أن الله أمر الملك شاول بذبح كل عماليق، حتى آخر رجل وامرأة ورضيع.

كما دعت سفيرة إسرائيل لدى المملكة المتحدة، تسيبي هوتوفيلي، إلى تدمير قطاع غزة، وصولاً إلى "كل مدرسة، وكل مسجد"، واستشهد عضو الكنيست، موشيه سعادة، بتصريحات إسرائيلية تقول إن "جميع سكان غزة يجب تدميرهم".

تواطؤ غربي

ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي نشرت في شهر نوفمبر/تشرين الثاني، فإن أكثر من نصف الجمهور الإسرائيلي يعتقد أن جيشهم يستخدم قوة نيران أقل مما ينبغي في غزة، على الرغم من التقارير التي تفيد بذبح الآلاف من الأبرياء وتجويعهم وقتلهم بالقصف العشوائي. كما أظهرت استطلاعات الرأي تأييداً ساحقاً لمفهوم التطهير العرقي ضد سكان غزة.

وهنا يشير نمر إلى أن حلفاء إسرائيل ينتقدون هذا النوع من الخطاب على مضض، ويتجرؤون على الانتقاد بشكل أكبر عندما يصدر الخطاب من قادة مثل وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتامار بن جفير، ويكتفون بوصف تهديداتهم المتطرفة بأنها "غير مفيدة".

ولا تعني هذه الإدانة الكثير عندما تستمر الدول الغربية في تقديم الدعم المادي لإسرائيل، بحسب نمر، مضيفا: "يبدو أن الإستراتيجية (الغربية) تتلخص في التظاهر بأن مثل هذه الأصوات متطرفة وغير ممثلة للشعب الإسرائيلي، وكأن المسؤولين غير قادرين على رؤية أو سماع دعم أعلى المستويات في الحكومة الإسرائيلية لمثل هذه الأفكار، وتلقيها تصفيقاً مدوياً من جمهورها".

ويرى نمر أن هذا الطوفان من خطابات الإبادة الجماعية قوبل بفضيحة مدوية من جانب أغلب زعماء العالم، إذ لا تتم معاقبة أي أحد، ولا توجد تغطية شاملة لأسابيع متواصلة من تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، ومقارنتهم بالحشرات أو أعداء الكتاب المقدس الذين يجب القضاء عليهم.

"بل إن الأمر وصل إلى تحريف المنطق إلى حد الانهيار لشرح كيف أن الدعوات إلى وقف إطلاق النار هي التي ترقى لمستوى التحريض على القتل الجماعي"، بحسب نمر، مضيفا: "كان هذا النوع من التهويل سخيفًا دائمًا من الناحية المنطقية، ولكنه أصبح الآن مميتًا أكثر من أي وقت مضى، حيث يحاصر الفلسطينيين وأولئك الذين يتضامنون معهم في متاهات بلاغية لا ينبغي لهم أبدًا الهروب منها. وكل ذلك من أجل كسب المزيد من الوقت لإسرائيل لمواصلة عملياتها".

ويشدد نمر على أن أقل ما يمكن فعله في هذه اللحظة التاريخية المروعة هو أن رفض هذه المقدمات الظالمة والفارغة من المعنى، موضحا: "لا يحق لهم الادعاء بأن إسرائيل دولة ديمقراطية، لكن الحكومة واستطلاعات الرأي لا تمثل الشعب".

ويؤكد نمر على أن "الإبادة الجماعية الحقيقية ليست الهتافات في الاحتجاجات، والتي تكون بمثابة تذكير وحيد بأن شيئًا فظيعًا يتم ارتكابه باسم دافعي الضرائب".

ويختتم نمر مقاله بالإشارة إلى أن خطاب الإبادة الجماعية، بالنسبة للفلسطينيين في غزة، "ليست تجربة فكرية أو شيئًا مجردًا. بل له عواقب ملموسة ناتجة عن التحريض المتفشي في المجتمع الإسرائيلي. إن المراوغة بشأن هذه النقطة، وإقامة تكافؤ زائف بين أولئك الذين ينفذون الإبادة الجماعية وأهداف عنفهم الوحشي هو رفض للعيش في الواقع يمهد الطريق لمزيد من المذابح ضد الفلسطينيين".

اقرأ أيضاً

فورين بوليسي: نفاق الغرب يقود دعم الجنوب العالمي لاتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية

المصدر | فتحي نمر/ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الفلسطينيين غزة الإبادة الجماعية إسرائيل نتنياهو عماليق العهد القديم الإبادة الجماعیة إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يعتقل نحو 100 فلسطيني في شمال الضفة الغربية

شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، 10 ديسمبر 2025 ، حملة مداهمات واسعة في مدن وبلدات متفرقة بالضفة الغربية، شملت نابلس وسلفيت شمالًا، والعيزرية وأبو ديس شرق القدس ، وسلواد ودير جرير شرق رام الله ، إضافة إلى مدينة أريحا، ما أسفر عن اعتقال أكثر من 100 فلسطيني.

وخلال الاقتحامات، داهمت القوات عشرات المنازل وعبثت بمحتوياتها وأتلفت ممتلكاتها، فيما أخضعت سكانها لتحقيقات ميدانية استمرت لساعات.

وفي نابلس، اعتقلت قوات الاحتلال حوالي 30 فلسطينيًا، معظمهم أسرى محررون، أُفرج عن بعضهم لاحقًا. كما اعتُقل نحو 24 مواطنًا من بلدتي سلواد ودير جرير، وقرابة 14 من مدينة أريحا. وفي العيزرية وأبو ديس، بلغ عدد المعتقلين نحو 20 فلسطينيًا، حيث حوّل جيش الاحتلال نادي شباب أبو ديس إلى مركز تحقيق بعد تخريب محتوياته.

أما في سلفيت، فقد نفّذت القوات حملة مداهمات واسعة اعتقلت خلالها ما لا يقل عن 10 فلسطينيين، بينهم رئيس بلدية سلفيت عبد الكريم فتاش.

وتشهد مناطق الضفة الغربية حملات اقتحام يومية تتخللها اعتقالات واسعة، ما رفع عدد المعتقلين منذ بدء الحرب إلى أكثر من 21 ألف فلسطيني، فيما يتجاوز عدد الأسرى داخل سجون الاحتلال 9 آلاف أسير.

 

وبحسب معطيات رسمية، أسفرت اعتداءات قوات الاحتلال المتواصلة على الفلسطينيين وممتلكاتهم عن استشهاد 1092 شخصًا وإصابة نحو 11 ألف آخرين منذ بداية الحرب.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين بالفيديو: منخفض "بيرون" يغرق خيام النازحين في غزة ويهدد بكارثة إنسانية واسعة المحكمة العليا الشرعية تصدر تعميماً حول اثبات وفاة المفقود إيطاليا تعلن وصول 232 طفلا من قطاع غزة الأكثر قراءة تهجير الفلسطينيين: سباق إسرائيلي مع الزمن الصحة بغزة: أوضاع صادمة لآلاف مبتوري الأطراف محدث: مصر تنفي فتح معبر رفح قريبًا مصطفى: اعتماد زيادة الحد الأدنى لتمثيل المرأة في الهيئات المحلية عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • عضو بمجلس الشيوخ الأمريكي: الإمارات أكبر ممول لحملة الإبادة الجماعية في السودان
  • الاحتلال يعتدي على الفلسطينيين خلال اقتحامه مخيم الأمعري بالضفة الغربية
  • صدور كتاب جديد يوثّق الإبادة الجماعية للكورد الفيليين ومعاناتهم لأكثر من قرن
  • تركيا: هدف “نتنياهو” الأساسي هو تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية
  • مستشار الرئيس الفلسطيني: قبلنا خطة ترامب لوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • ارتفاع عدد شهداء الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة إلى 70 ألفا و373 شهيدا
  • أطباء بلاحدود:تصاعد العنف في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين منذ 7 من أكتوبر
  • غزة.. غرق آلاف خيام النازحين الفلسطينيين جراء أمطار غزيرة
  • إيرواني: يجب على العالم أن يتحرك بحزم لإنهاء الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة
  • الجيش الإسرائيلي يعتقل نحو 100 فلسطيني في شمال الضفة الغربية