سلط الزميل ببرنامج جنوب آسيا والمحيط الهادئ في مؤسسة "تشاتام هاوس" البحثية، شيتيج باجباي، الضوء على التوترات الأخيرة بين باكستان وإيران، مستبعدا اندلاع المزيد من التصعيد بين البلدين.

وذكر باجباي، في تحليل نشره موقع المؤسسة وترجمه "الخليج الجديد"، أن التصعيد الأخير بين إيران وباكستان أدى إلى إثارة المخاوف من احتمال امتداد الصراع من الشرق الأوسط إلى جنوب آسيا، مشيرا إلى أن الأحداث التي وقعت في الأشهر الأخيرة أعادة التركيز على دور إيران كلاعب جيوسياسي متقلب من خلال دعمها لوكلاء إقليميين مثل حركة حماس والحوثيين.

وأضاف أن طهران اتخذت، في 16 يناير/كانون الثاني الجاري، إجراءات مباشرة ونفذت هجمات على معاقل مزعومة لجماعة جيش العدل المسلحة في إقليم بلوشستان الباكستاني، المتاخم لإيران، وردت باكستان بعد يومين بشن غارات جوية على عدة أهداف في مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية بهدف استهداف الملاذات المزعومة لجيش تحرير بلوشستان وجبهة تحرير بلوشستان. وزعم الجانبان أن هناك ضحايا من المدنيين.

وردا على ذلك، استدعت إسلام آباد سفيرها من طهران ومنعت عودة السفير الإيراني إلى باكستان، على الرغم من اتفاق الجانبين منذ ذلك الحين على استعادة العلاقات الدبلوماسية.

رد محسوب

ورغم المخاوف من أن تفتح هذه التطورات جبهة جديدة في الصراع المستمر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، فقد حافظ الطرفان على رد فعل محسوب نسبيًا، وأعلنت وزارتا خارجية البلدين بأن أفعالهما استهدفت المتمردين الذين يحتمون داخل أراضي الدولة الأخرى، وليس الدولة نفسها.

ويرى باجباي أن هكذا تصريح "يدل على أن تصرفات إيران تجاه باكستان لا ترتبط بشكل مباشر بأفعالها في الشرق الأوسط والتطورات الجيوسياسية الأوسع"، مشيرا إلى أن أي من البلدين لا يريد صراعاً أوسع نطاقاً، فإيران مشغولة على عدة جبهات، بينما تتعامل باكستان مع وضع اقتصادي سيئ وتستعد للانتخابات العامة المقرر إجراؤها الشهر المقبل.

وخلافاً لحالات عدم الاستقرار المزمنة التي تعاني منها باكستان مع جارتيها الهند وأفغانستان، كانت العلاقات مع إيران مستقرة نسبياً. وقبل ساعات من الضربات الجوية الإيرانية، التقى رئيس الوزراء الباكستاني المؤقت، أنور الحق كاكار، مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

وفي اليوم نفسه، أجرى البلدان مناورات بحرية مشتركة بالقرب من مضيق هرمز والخليج العربي. كما عملت باكستان وإيران معًا لتحقيق الاستقرار في أفغانستان، على الرغم من أن إسلام أباد كانت تميل إلى دعم الجماعات ذات الأغلبية العرقية البشتونية السنية، بينما ألقت طهران بثقلها خلف طائفة الطاجيك الناطقة بالفارسية ومجتمع الهزارة الشيعي في غالبيته.

وقبل الغزو الأمريكي لأفغانستان عام 2001، دعمت الدولتان أطرافا متعارضة في الحرب الأهلية الأفغانية، حيث دعمت باكستان حركة طالبان بينما دعمت إيران التحالف الشمالي.

جذور البلوش

ورغم أن حجم الأعمال العدائية الأخيرة لم يسبق له مثيل، إلا أن التوترات والمناوشات الحدودية بين إيران وباكستان ليست جديدة، بحسب باجباي، مشيرا إلى أن كلا البلدين تبادلا الاتهامات منذ فترة طويلة بالسماح باستخدام أراضيهما لشن هجمات للمتمردين عبر حدودهما التي يبلغ طولها 900 كيلومتر.

وفي قلب هذه الأعمال العدائية هناك عدة مجموعات تقاتل من أجل حقوق السكان من عرقية البلوش في كلا البلدين، على الرغم من وجود اختلافات واضحة بين هذه الحركات.

اقرأ أيضاً

لماذا تحولت إيران وباكستان سريعا من هجوم متبادل إلى تهدئة منسقة؟

فالتمرد على الجانب الإيراني من الحدود له جذور إسلامية سنية وتقوده جماعة جيش العدل التابعة لتنظيم الدولة، والتي تأسست في عام 2012، كما نفذت جماعة جند الله، التابعة لتنظيم القاعدة، سلسلة من الهجمات على إيران، بينها هجوم في 3 يناير/كانون الثاني الجاري في كرمان، أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصًا.

وفي باكستان، يتمتع التمرد البلوشي بجذور قومية أكثر علمانية، ويمكن إرجاعه إلى تقسيم شبه القارة الهندية في عام 1947، ويدعو إلى إقامة دولة بلوشية مستقلة.

واندلع التمرد الأخير في أعقاب الغزو الأمريكي لأفغانستان عندما انتقلت العديد من الجماعات المسلحة، المدعومة من باكستان في أفغانستان المجاورة إلى بلوشستان، ما يشكل تحديًا للسلطة في الإقليم الغني بالموارد.

التصعيد العرضي

ورغم أن أياً من الطرفين لا يريد صراعاً أوسع نطاقاً، إلا أن باجباي لا يستبعد خطر "التصعيد العرضي" بينهما، خاصة أن كلا الجانبين يسعى إلى تلميع أوراق اعتماده في مجال الأمن القومي.

فإيران حريصة على إظهار أنها تحمي سيادتها، خاصة في ظل تآكل شرعية نظامها منذ فترة طويلة، بينما ساعد رد باكستان على الهجمات الإيرانية في تعزيز صورة جيشها، التي شوهت عندما تمت الإطاحة بالزعيم الشعبي، عمران خان، من رئاسة الوزراء في عام 2022.

ويشير باجباي إلى أن كيفية تأثير التوترات بين إيران وباكستان على العلاقات مع أطراف ثالثة سيكون أمرًا أساسيًا لكيفية تطور الوضع الإقليمي، مشيرا إلى أن الضربات الجوية الإيرانية في باكستان جاءت تالية لزيارة وزير الخارجية الهندي، إس جايشانكار، إلى طهران في وقت سابق من الأسبوع.

وقد يؤدي هذا التوقيت إلى تغذية رواية قديمة لإسلام آباد، مفادها أن الهند تسعى إلى تطويق باكستان من خلال تعميق العلاقات مع الدول المجاورة ودعم تمرد البلوش.

وهنا يلفت باجباي إلى أن الهند تسعى إلى إقامة شراكة استراتيجية عميقة مع إيران، واعتبر زيارة جايشانكار تأكيد لذلك، بعدما شهدت تقدمًا في مشروع ميناء تشاهبهار، الذي طورته الهند وإيران كمركز عبور إقليمي، يتنافس مع مشاريع الموانئ الإقليمية الأخرى، بما في ذلك ميناء جوادار الذي تموله الصين في باكستان.

اقرأ أيضاً

رد باكستان.. هل يشجع أمريكا على توجيه ضربة مباشرة لإيران؟

المصدر | شيتيج باجباي/تشاتام هاوس - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيران باكستان حماس الحوثيين بلوشستان حسين أمير عبد اللهيان بین إیران وباکستان مشیرا إلى أن

إقرأ أيضاً:

الرئيس اللبناني: التزمنا بإتفاق وقف إطلاق النار بينما لم تلتزم إسرائيل

أجاب الرئيس اللبناني جوزيف عون على سؤال الاعلامية لميس الحديدي: الجنوب قضية أسياسية 13 شهراً من القصف ثم إتفاق وقف إطلاق وتأخر تنفيذه والان بلغت عدد الخروقات الاسرائيلية لاكثر من 3 الاف خرق لاتفاق وقف إطلاق النار وخمس نقاط لازالت باقية فيها قوات الاحتلال ويقولون أنهم باقون.

جوزيف عون: لبنان عاد إلى العالم العربي .. فيديوجوزيف عون يكشف العلاقات التاريخية بين مصر ولبنان .. فيديو

وتابع: "التزمنا بإتفاق وقف إطلاق النار بينما لم تلتزم إسرائيل والاحتلال باقٍ في خمس نقاط لبنانية ،يحتجز أسرى في سجون إسرائيل ويواصل ضرباته الجوية كل يوم".


وكشف خلال لقائه مع الإعلامية لميس الحديدي عبر برنامج "كلمة أخيرة" المذاع على شاشة ON، أنه يجري التواصل مع كل الأطراف التي يمكنها التأثير على إسرائيل للإنسحاب قائلاً : "طلبت من الشيخ محمد بن زايد الضغط على إسرائيل للإنسحاب من الجنوب".


لكنه شدد أنه لا يمكن لأحد الضغط على إسرائيل إلا واشنطن و نعتقد أن نوايا أمريكا إيجابية قائلاً : "يقولون لنا "شلحوا" سلاح حزب الله فننسحب ..نحن نقول لا انسحبوا ويقوم الجيش بواجبه".


وكشف أنه جرى تسليم  خطط  الانتشار في الجنوب للامريكان  في الجنوب مقابل خطوات إسرائيلية، ولافتا أن منطقة جنوب الليطاني منطقة واسعة، والجيش يقوم بتعزيز قواته ورفع العدد إلى ١٠ آلاف عنصر وأن الجيش اللبناني قام بتنظيف 85 إلى 90 % من جنوب الليطاني وفي المقابل وفي المقابل ينتظر الجيش  اللبناني ينتظر الانسحاب الإسرائيلي لاستكمال انتشاره على الحدود.


وواصل : "لا يوجد سوى الجيش واليونيفيل جنوب الليطاني ما عدا النقاط المحتلة. وأن تلك النقاط الخمس المحتلة تمنع الجيش اللبناني من الانتشار على كامل الحدود مع إسرائيل من شبعا شرقاً حتى البحر منطقه تحت الإحتلال الإسرائيلي".


كاشفاً أنه حتى الان لم يصله  طلب للتفاوض المباشر مع إسرائيل  مشدداً : " نسعى لحاله "لا حرب" على الحدود مع إسرائيل وطالبنا بمفاوضات غير مباشرة برعاية أمريكية حول الحدود البرية على غرار الحدود البحرية".

طباعة شارك جوزيف عون الرئيس اللبناني لميس الحديدي الاحتلال

مقالات مشابهة

  • يويفا يصدم البلدان المستضيفة ليورو 2028
  • أرحل انت مطرود من وطنك
  • معضلة تحويل المدخرات العالمية الفائضة إلى استثمارات منتجة
  • بينما تُباد غزة.. “غولاني” الإسرائيلي يتدرب على أرض المغرب
  • لماذا تبقي واشنطن على محمود خليل في السجن بينما يُطلق سراح آخرين؟
  • باكستان والهند تتفقان على سحب القوات والعودة إلى مواقع ما قبل التصعيد
  • الهند وباكستان تتفقان على سحب القوات إلى مواقع ما قبل النزاع
  • الشيباني: أدعو الدبيبة إلى التوقف عن سفك المزيد من الدماء وبث الفرقة  
  • أفغانستان تواجه تداعيات الصراع بين الهند وباكستان
  • الرئيس اللبناني: التزمنا بإتفاق وقف إطلاق النار بينما لم تلتزم إسرائيل