قطاع النّقل في لبنان.. السوريون أبرز الناشطين
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
ليست المرة الأولى التي يعلو فيها صوت السائقين العموميين، إذ تمتد رحلة هؤلاء مع الأزمات إلى سنوات وسنوات مضت، خاصةً في الشمال، حيث بات السائقون يواجهون معضلةً تتمثل ب"احتلالٍ سوري" يتجلى بالسيطرة على خطوط النقل، تحت غطاءٍ لبنانيّ.. فماذا يحصل في الشمال؟ بجولة سريعة على خطوط النقل التي تصل طرابلس ببيروت، لا يخفي المواطنون اللبنانيون امتعاضهم من عدد السوريين الهائل الذين استلموا هذه الخطوط، والذي يتزايد توازيًا الشهر تلو الآخر، ليؤسسوا لـ"بزنس" مربحٍ، طالما أنّهم يعملون تحت غطاءٍ، يستندون من خلاله على لبنانيين، يؤمّنون لهم "الفانات".
فوضى عارمة
وبحديث مع رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض، أكّد لـ"لبنان 24" أنّ القطاع يشهد أعتى فوضى مرّت عليه، لم نرَ مثيلا لها منذ عشرات وعشرات السّنوات، حيث اجتاح العنصر السّوري القطاع، متخطيًا القانون بشكل فاضحٍ وواضح.
وبأرقامٍ حصلَ عليها "لبنان 24"، فإن محافظة الشّمال لوحدها يعمل فيها في قطاع النّقل 20 ألف سوري(بشكل غير شرعي)، يرتبطون بلبنانيّ، يؤمّن لهم الفانات اللازمة، لينطلقوا الى السّوق، ضاربين عرض الحائط الشّروط اللازمة للسماح بالعمل ضمن هذا القطاع. وما يزيد الطّين بلةً، يتلخّصُ بأنَّ من بين الـ 20 ألف سوري، أكثر من 80% منهم دخلوا الأراضي اللّبنانية بطريقة غير شرعيّة، وهذا ما يُضاعفُ حجم التّخطي للقوانين، إذ يعملون على الأوتوسترادات الدوليّة من دون أي حسيب أو رقيب. ويؤكّد فياض أنّه من المستغرب أن يتم تطبيق القانون من منطقة الدورة إلى البربير فقط، بمعزل عن بقية المناطق، إذ إنّ الضّمان يجبر من يستفيد منه أن يعمل هو شخصيًا على الآلية المضمون عليها، وليس أن يشغّل أي شخص آخر على اسمه. من هنا، يحاول السّائق اللّبناني الشّرعي، الصّمود وسط هذه الأزمة، التي تفاقمت في الأشهر الماضية، إذ علم "لبنان 24" أنه في مقابل الـ 20 ألف سوري، يوجد 33 ألف لبناني يعملون على سيارات الأجرة، و2800 شخص يعمل على الباصات، و4 آلاف لبناني يعمل على " الميني باص". علمًا أن هؤلاء مرتبطون بشكل مباشر بالنقابة والضمان، إذ إنّهم ملزمون بدفع بدل اشتراك، تقريبًا كلّ 3 أشهر، وهذا ما لا يدفعه السوري، هذا عدا عن عمليات الصيانة، وغيرها من الضرائب والإشتراكات التي يلزمون بدفعها بشكلٍ دوريّ.
تشليحٌ وتشبيح
على مقلبٍ آخر، استباح النزوح السّوري بعضا من المناطق اللبنانية، التي يَعتبرُ سائقون عموميون لبنانيون أنّها أضحت بمثابة أرض لهم، يقرّرون فيها الاسعار، ويفاوضون بين بعضهم البعض. بهذا السياق يؤكّد أحد السائقين خلال حديث مع "لبنان 24" أنّ السوري، بات يستفز السائق اللبناني بعملية التشبيح، إذ إنّ تواجده على نقاط تجمع الفانات بات يشكّل عاملَ قلقٍ، خاصةً على صعيد تأمين الركاب، حيث يعمد السّوريون الذين يعملون على "فان واحد" إلى تقسيم المهام لناحية استقطاب الركاب، لا وبل يعرضون خدماتهم على اللبنانيين، إذ يطالبون بحصة مقابل كل راكب يأتون به إلى اللبناني.. فالأمر بات على شاكلة "العصابات المنظمة" حسب تعبير أحد السائقين، الذي يؤكّد على أن أحداثًا أمنية خطيرة شهدتها مختلف المناطق اللبنانية، خاصة لناحية عمليات التشليح التي تتم خلال فترات الليل بمناطق مختلفة على الأراضي اللبنانية، وهذا ما حذّر منه رئيس الإتحاد مروان فياض، الذي وصّف الوضع بالخطير جدًا.
التوك توك نحر القطاع
وبمشهدية جديدة على الأراضي اللبنانية، ارتقى النزوح السوري بعمله، ليبدأ بالعمل على "التوك توك" أو الدراجات النارية، التي قرّر أن يُدخلها على خط النقل العام.
من هنا يؤكّد رئيس الإتحاد العام لنقابات السائقين لـ"لبنان 24" أنّ هذه الأزمة كانت كفيلة بأنّ تحرمَ السّائق العموميّ اللّبناني ما يقارب 80 بالمئة من الأرباح، حيث استولى السوريون على شريحة معينة من الركاب رأت بالـ"توك توك" فرصة جيدة، بعدما غزا مناطق عدّة في لبنان، بدءًا من الشمال، وصولاً إلى بيروت، فالبقاع، وغيرها من المناطق اللّبنانية، حيث يتم نقل الركاب بنصف الكلفة. إلا أن هذا الأمر من شأنه أن يعرّض حياتهم للخطر، خاصةً وأن شهود عيان أكّدوا لـ"لبنان 24" على أن العديد من الحوادث وقعت جرّاء رعونة السائقين، عدا عن قيام قسمٍ كبير منهم باستخدام التوك توك كوسيلة لنقل طلاب المدارس، خاصةً خلال فترة بعد الظهر، وهذا ما يسلّط الضوء على خطرٍ داهمٍ وكبير.
وعليه، يختم رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض حديثه مشيرًا إلى أنّه "ما بين العمل غير الشرعي، وعمليات التشليح، وصولاً إلى الاستثمار بالتوك توك والدراجات النارية، تُرك السائق اللبناني لمصيره، ليواجه موجة نزوح اقتصادية نحرَته ونحرَت قطاعه". المصدر: خاص لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: فی لبنان لبنان 24 وهذا ما توک توک التی ت
إقرأ أيضاً:
صنعاء.. القوة التي تعيد نحت خارطة المنطقة
في محراب الصمود اليمني، تتبدّد الأوهام وتنقشع غشاوة التضليل، إن الحقيقة الراسخة التي حاولوا دائمًا دفنها هي أن المنطقة تشهد الآن مخاض ميلاد نظام سياسي جديد، لا يرسمه مهندسو واشنطن وتل أبيب ولا أدواتهم في المنطقة، بل يفرضه محور الجهاد والمقاومة والعزة والكرامة كقدر حتمي.
إن هذا التحول هو الإعلان الصارم عن إنسداد الأفق أمام الهيمنة الغربية، وأن المستقبل سيصاغ بدماء غير قابلة للتجمد، وتكتبه إرادة لا تعرف الإنكسار.
ويأتي منبع هذا الزلزال الذي يعيد ترتيب الأوراق من صنعاء الأبية، عاصمة القرار المُستقل، التي تحولت إلى مصدر رعب وجودي يهز أركان العدو الصهيوني، ويدفعه إلى شن حملة استباقية هستيرية بكامل أدواته الخبيثة، في محاولة يائسة لوأد فجرها الصاعد وشل حركتها التحررية التي أصبحت تهديداً فعلياً لكيانه الهش وللمصالح الغربية في المنطقة.
وفي الميدان العسكري المشتعل، كشف العدو الصهيوني عن عمق تورطه عبر تجنيد وتدريب جيوش من المرتزقة، وتجاوز الحدود بنقل قادتهم وبعض افرادهم إلى تل أبيب نفسها، في جلسات تنسيق استخباراتي رفيع المستوى، لوضع اللمسات الأخيرة على أجندة عدوانية مدمرة تستهدف صنعاء قلب الدولة اليمنية.
في السياق ذاته، أشرف العدو بفرق ووفود عسكرية مباشرة على إدارة معسكرات المرتزقة في المحافظات المحتلة، وسارع في تمرير مخطط التفتيت عبر أدواته السعودية والإماراتية لفصل الجنوب قسراً، والهدف لا يزال واحداً! تثبيت القبضة على الثروات السيادية اليمنية والممرات البحرية العالمية، في محاولة محمومة لاحتواء الطوفان القادم من صنعاء.
ولم تكتف هذه القوة اليمنية بزلزلة أساسات الكيان، بل بترت أوصاله في المدى الاستراتيجي، وأغرقت أساطيله في مياه البحار، مُحققة ما هو أبعد، هدم منظومة أمانه المُفترضة، وشل قدراته على المستويات النفسية، والاستراتيجية، والاقتصادية.
لم تتوقف المؤامرة عند حدود التجنيد التقليدي، بل امتدت إلى تزويد المرتزقة بآلاف طائرات الدرون، والتقنيات المتقدمة للرصد، وتضمن الدعم تزويد المدعو «طارق عفاش» بأنظمة رادارات متطورة لرصد مسارات الصواريخ، ومنظومات إنذار مبكر تعمل كعيون إضافية للعدو.
وفي ذروة الغباء التكتيكي، حاول العدو تزويد عملائه برادارات تشويش لاستهداف الدفاعات الجوية اليمنية، متوهماً قدرته على شلّ هذه القوة الصاعدة، لكنّ هذا الوهم سرعان ما سقط، فصنعاء اليوم ليست عاصمة الأمس، فقد تحولت إلى قوة عظمى ناشئة، بيدٍ أصبحت طويلة جدًا، وتمتلك من القدرات النوعية المُفاجئة ما يُنهي أي عبث في الأجواء اليمنية.
على الجبهة الناعمة، كشفت صنعاء عن عملية تضليل واسعة قادها قسم لاڤ التابع للموساد، عبر إنشاء شبكة هائلة من الذباب الإلكتروني بأهداف متعددة تعمل على تسميم الوعي وتفتيت الصف الوطني، والعمل على بث الشكوك في القيادة الثورية والسياسية ورجال الميدان.
إن هذه الحملة الشاملة، التي تشمل كذلك شبكات تجسسية داخلية متشعّبة، ما هي إلا دليل على هوس العدو وقلقه الوجودي من صنعاء، التي يدرك تماماً أنها القوة الضاربة التي ستنهي احتلاله، وتحرر الأمة الإسلامية من رجسه وفساده.
وبالرغم من استعراض القوة العقيم، ومنظوماته المتنوعة، وتحالفاته المتداعية، فإن كل ما يدبر ضد صنعاء، بمدد إِلهي ورجولة نادرة، يرتد كالخنجر في صدر العدو.
إنه يقيم بنيانه على رمال الأوهام لعقود كاملة، فتأتي قوة الإيمان الصادق من صنعاء لتنسفه وتسقطه في طرفة عين، بإرادة لا تلين.
هذا الزخم اليمني المتصاعد قد رسخ نفسه كمعادلة إقليمية لا تجتاز، وهو ما انعكس في شهادة السفير البريطاني الأسبق، الذي اعترف بقوة من اسماهم الحوثيين العسكرية وبعقم «حكومة الفنادق»، مُطالباً بـإعادة رص صفوف التحالف الممزق، وهو اعتراف بالفشل الذريع والانهيار التام.
وبينما تتهاوى أضاليل الشيطان الأكبر أمريكا والكيان الغاصب والغرب الكافر وتتعرى أساطير هيمنتهم أمام صلابة الموقف اليمني، فإن الصورة تتجلى بوضوح لا يقبل الرتوش بان صنعاء اليوم ليست مجرد عاصمة تقاوم، بل هي أيقونة التحدي ونواة التغيير الجذري، تمثل بداية لنظام إقليمي جديد ينحت بعزيمة لا تعرف التقهقر وإرادة لا يكسرها الغرور ولا الجبن.
إن كل ما كشف من مكائد خبيثة، ومنظومات تجسسية متشعبة، ودعم لوجستي مذل للمرتزقة، ما هو إلا تجل للهلع الوجودي الذي أصاب كيان العدو الهش، وقد أدركوا متأخرين أنهم يواجهون قوة لا تستمد بأسها من ترسانة عسكرية فحسب، بل من جذوة إيمان متقد ومشروعية قضية لا تضاهى، تلك القوة التي أربكت بوصلة تحالفاتهم وشطبت عن خارطة أمانهم كل ضمانات الوهم.
لقد تكرس اليمن كرقم صعب لا يقبل المساومة، ومعادلة إقليمية لا يمكن تجاوزها، أو طمس معالمها تحت وطأة التهديد، وإن الزخم الثوري المُنبعث من قلب الجزيرة العربية هو تيار جارف سوف يكتسح كل أدوات الوصاية وأجنحة التبعية. فليعلم الجميع أن المعركة الفاصلة لم تعد تدور حول مكاسب تكتيكية، بل حول تثبيت السيادة المطلقة واقتلاع جذور الاحتلال والاستئصال التام لأي وهم بالتحكم في مقدرات هذه الأمة.
صنعاء اليوم تزحف، لا بخطى المعتدي المتبجح، بل بخطى المنتصر الواثق، حاملة على عاتقها رسالة التحرير لكل شبر مغتصب وهذا المسار، المؤيد بالعون الإلهي وتضحيات الأبطال، هو الطريق الأوحد نحو فجرٍ مشرق حيث يكون اليمن سيد قراره وصاحب كلمته الفصل بل وسيد المنطقة وسلطان البحار والمحيطات.
وإن غداً لناظره لقريب، يسطع فيه نجم اليمن ساطعاً في فضاء العزة والكرامة.