حسم جدل استنفار الحدود بين العراق وإيران والنتائج مخيبة
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
بغداد اليوم - ديالى
حسم مسؤول حكومي، اليوم الاحد (28 كانون الثاني 2024)، الجدل بشأن امكانية إعلان حالة الاستنفار في 12 منطقة حدودية شرق محافظة ديالى.
وقال قائممقام قضاء مندلي وكالة مازن اكرم في حديث لـ "بغداد اليوم"، إن" معدلات هطول الامطار في 12 منطقة حدودية شرق ديالى ومنها مندلي كانت ضعيفة جدا في الساعات الـ 24 الماضية والنتائج مخيبة للامال رغم تقارير الأنواء الجوية التي اكدت بأن معدلاتها ستكون على الاقل متوسطة وغزيرة في الجانب الإيراني ما يعني امكانية تدفق سيول جارفة".
وأضاف، انه" لن يكون هناك اي استنفار في اي منطقة حدودية مع محدودية الامطار الذي زاد من قبل المزارعين والاهالي على حد سواء خاصة وان كل التقارير تشير الى اننا امام موسم مطري بامتياز لكن المعدلات المرصودة ضئيلة جدا وقد تقود الى كارثة للمناطق الزراعية خلال فترة وجيزة اذا لم تكن هناك امطار بالكميات المناسبة".
واشار أكرم الى ان "السيول والامطار تنعش المياه الجوفية التي تشكل 90% من قدرات تامين المياه في مناطق الحدود وقراها وتبعد عنها شبح الجفاف ولو بشكل مؤقت لتجاوز شحة الصيف".
وفي أواخر كانون الأول 2023، كشفت دائرة الموارد المائية عن إجراء دراسة مستفيضة لانشاء سدين شرق العراق احدهما مع ايران، وهو ماقد يمثل طوق نجاة لـ"مثلث الجفاف" في ديالى، المحافظة التي تعد الاكثر تضررا من الجفاف خلال العامين الماضيين.
وقال مدير الموارد المائية في ديالى مهند المعموري في حديث لـ"بغداد اليوم"، ان "جهود وزارته مستمرة في تعزيز رصيد السدود والخزانات المائية والاستخدام الامثل للمياه واعتماد كافة الاطر في زيادة استراتيجية حصاد المياه في جميع مناطق البلاد لمواجهة أزمة الجفاف وتداعياته في حياة الاهالي".
واضاف، ان "وزارة الموارد المائية ومن خلال الهيئة العامة للسدود والخزانات تبنت اجراء دراسة مستفيضة واعداد تصاميم لانشاء اثنين من السدود شرق ديالى الاول قرب الشريط الحدودي مع ايران وهناك تفاوض يجري حاليا مع طهران حياله والثاني على وادي النفط ضمن الحدود العراقية".
وبين، ان "اللجان الفنية مستمرة في إعداد التصاميم والدراسات المختصة من اجل المضي بالمشروع والذي سوف يسهم في خزن كميات جيدة من مياه السيول الموسمية وامكانية استخدامها في توفير مياه الشرب والسقي".
المصدر: وكالة بغداد اليوم
إقرأ أيضاً:
عُمان وإيران.. الوساطة التي خرجت إلى العلن
ميس الحربي **
في فبراير 2022، وقف وزير الخارجية العُماني السيد بدر بن حمد البوسعيدي في العاصمة الإيرانية طهران، إلى جانب الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي. آنذاك، قال رئيسي إن علاقات بلاده مع مسقط «جيدة»، لكنه أضاف كلمة واحدة لفتت انتباه العُمانيين: «ولكن…».
هذه الـ"لكن" الإيرانية، التي جاءت في سياق لقاء رسمي، لم تمُر مرور الكرام في عُمان؛ حيث تساءل الكاتب زاهر المحروقي في صحيفة عُمان الحكومية (المنشور يوم 27 فبراير 2022) قائلًا: "ماذا استفادت عُمان من كلّ مواقفها السياسية المُستقلة....؟"، ويضيف: "ولكن ماذا لو استفدنا من الدول التي وقفنا معها، ومنها إيران التي لديها الكثير لتقدمّه لعُمان اقتصاديًا وعلميًا وطبيًا وتكنولوجيًا وغير ذلك"؛ بل ذهب المحروقي لما هو أبعد من ذلك في نقدٍ غير مسبوق للثقافة السياسية العُمانية المُتحفِّظة، حين ذكر في المقال: "هناك ثقافة مُتجذِّرة، سادت السياسة العُمانية طوال العقود الماضية، هي الخوف والريبة من كلّ علاقة خارجية؛ فكانت النتيجة أن خسرنا الكثير من الاستثمارات؟".
في المقابل، ذكر الكاتب في صحيفة "الرؤية" العُمانية الدكتور عبدالله باحجاج في مقاله (المنشور أيضًا يوم 27 فبراير 2022)، توصيفًا أكثر مباشرةً، قائلًا إن "لكن" رئيسي كانت بمثابة "عتاب دبلوماسي مُبطّن"، وربما كان يُريد الكاتب التلميح بأن عُمان، رغم صداقتها، لا تُعامل كأولوية لدى طهران.
هذا السجال الإعلامي العُماني مع "لكن" واحدة، كشف عن حجم المسافات بين البلدين. لكنه أيضًا مهَّد الطريق لتصحيح المسار.
وبالفعل، بعد عامٍ وبضعة أشهر، زار جلالة السلطان هيثم بن طارق، إيران، في زيارة هي الأولى له منذ توليه مقاليد الحكم. الزيارة وثّقتها كاميرات الإعلام الإيراني بلقاءات مع المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي، وانتهت بتوقيع 4 اتفاقيات اقتصادية واستثمارية. لكن الأهم، خلالها كان الموقف الإيراني المُرحِّب بعودة العلاقات مع مصر، في تلميح إلى الدور غير المُعلن والفعّال لمسقط في هذا الملف.
اليوم، ومع زيارة الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان إلى عُمان، تعود الأضواء مجددًا إلى دور السلطنة كوسيط؛ وهذه المرة بشكل علني. فقد أعلنت مسقط أنها ترعى جولات غير مباشرة بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي الإيراني. خمس جولات جرت حتى الآن، وصفها الوزير البوسعيدي بأنها «حققت تقدمًا غير حاسم».
اللافت أن عُمان، التي كانت تحرص على إبقاء وساطتها غير مُعلنة، غيّرت نبرتها. الوزير نفسه الذي صرّح عام 2021 في مقابلة تلفزيونية معي (على قناة العربية) بأن «عُمان لا تقبل أن تُوصَف بالوسيط»، هو اليوم يعلن عن وساطة قائمة وفاعلة، تحمل على عاتقها تحديات جيوسياسية عميقة، أهمها إخراج الملف النووي من دائرة التصعيد والانفجار.
السؤال الآن: لماذا انتهجت عُمان مسارًا آخر؟ الإجابة قد تكون أن السلطنة تدرك أن المرحلة المقبلة تتطلب إبرازًا أكبر لأدوارها، خاصةً في ظل صعود وسطاء إقليميين جُدد: كدور السعودية في حلحلة أزمات إقليمية ودولية عدة؛ فبرزت كوسيط ناجح في المحادثات الأمريكية الروسية بشأن أوكرانيا، ووساطة قطر مع حركة طالبان الأفغانية، والإمارات ودورها في عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، ما يعني أن الدبلوماسية غير المُعلنة لم تعد كافية.
ورغم ذلك، تُدرك عُمان أنَّ النجاح في هذا المسار محفوف بالتحديات؛ فإيران تقول إنها "صامدة حتى من دون مفاوضات"، وتلوِّح بالقدرة على تحمُّل العقوبات الأمريكية الجديدة. لكن الواقع يقول إنَّ الاقتصاد الإيراني يعيش ركودًا متزايدًا، وأن أي اختراق في المفاوضات سيكون مكسبًا لجميع الأطراف.
والأهم، ما الذي تُريده عُمان من طهران؟
هل ستشهد الزيارة انفراجة في ملف تطوير حقل "غرب بخا" الحدودي (أو "هنجام" كما تسميه إيران)؟ هذا الحقل، المُختلَف عليه منذ 2005، ظل رهينة خلافات تقنية وشروط غير متوازنة فرضتها طهران. فهل تحمل الزيارة تسوية عادلة لهذا الملف؟
ختامًا، ما تريده عُمان يبدو واضحًا: مرحلة جديدة من العلاقات، لا تقوم على المجاملات؛ بل على المكاسب المُتبادلة.. دبلوماسيةٌ لا تكتفي بالكواليس؛ بل تخرج إلى العلن بثقةٍ ومسؤوليةٍ. ومع رئيس جديد في طهران، فإنَّ زيارة بزشكيان قد تكون اختبارًا جادًا لمسار العلاقة الجديدة.
** صحفية ومذيعة سعودية بقناة العربية الحدث