توقيت الإمساك والإفطار لمن يسكن في ناطحات السحاب .. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 28th, January 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي يقول صاحبه: ما هو توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب؟ فأنا أسكن في برج يتجاوز عدد طوابقه 150 طابقًا، ويختلف موعد شروق الشمس وغروبها نسبيًّا بين الطابق السفلي والطابق العلوي، مما يجعلني في حيرة من أمر الإمساك والإفطار؛ فما توقيت الإمساك والإفطار بالنسبة لي؟.
ردت دار الإفتاء موضحة: أن الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة -ناطحات السحاب- يُمْسِك عن المفطرات قبل إمساك الأشخاص الذين يسكنون في المنازل العادية على سطح الأرض، كما أنه لا يفطر معهم في نفس التوقيت، وإنما يفطر بعدهم، حينما يرى غروب الشمس من مكانه، ويمكن الرجوع إلى أهل الاختصاص لتحديد فوارق هذه المدة في الإمساك والإفطار.
بداية وقت الصيام ونهايته
أمَرَ الشرع الشريف بمراعاة العلامات الظاهرة في بداية الصوم ونهايته، فقال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» متفقٌ عليه، واللفظ للبخاري.
والعبرة في إمساك الصائم عن المفطرات بالتحقق من طلوع الفجر الصادق إما حسًّا أو بإخبار مَن يُعْتدُّ بإخباره أو سماع أذان الفجر في الوقت ونحو ذلك، وكذا الحال في الإفطار؛ فالعبرة فيه تكون بتحقق الصائم من غروب الشمس ودخول الظُّلمة إما حسًّا أو خبرًا أو سماع أذان المغرب في الوقت، فـ"دخول الوقت وخروجه يختلف باختلاف الأقطار حتى إذا زالت الشمس في المشرق لا يلزم منه أن تزول في المغرب، وكذا طلوع الفجر وغروب الشمس؛ بل كلما تحركت الشمس درجةً فتلك طلوع فجر لقومٍ وطلوع شمسٍ لآخرين وغروبٍ لبعضٍ ونصف ليلٍ لغيرهم". كما في "تبيين الحقائق" للإمام الزيلعي الحنفي (1/ 321، ط. الأميرية)، وهو أمرٌ مُشَاهَدٌ عيانًا.
توقيت الإمساك والإفطار للذي يسكن في ناطحات السحاب
بالنسبة لمسألتنا، وهي بيان توقيت إفطار وإمساك الشخص الذي يسكن في الأبراج ذات المرتفعات الشاهقة (ناطحات السحاب)، فقد أفتى بعض فقهاء الحنفية في مسألة نظيرة لها، والتي ورد فيها السؤال عن كيفية صيام شخصٍ على رأس منارة الإسكندريَّة، والتي هي إحدى عجائب الدنيا، وقد بلغ ارتفاعها نحو 122م - 152م.
قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 83، ط. دار الكتب العلمية): [وحكي عن أبي عبد الله بن أبي موسى الضرير أنه استُفتِي في أهل إسكندرية أن الشمس تغرب بها، ومَن على منارتها يرى الشمس بعد ذلك بزمان كثير.
فقال: يحل لأهل البلد الفطر، ولا يحل لمن على رأس المنارة إذا كان يرى غروب الشمس؛ لأنَّ مغرب الشمس يختلف كما يختلف مطلعها، فيعتبر في أهل كلِّ موضع مغربه] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (2/ 420، ط. دار الفكر): [قال في "الفيض": ومَن كان على مكانٍ مرتفعٍ كمنارة الإسكندرية لا يفطر ما لم تغرب الشمس عنده، ولأهل البلدة الفطر إن غربت عندهم قبله، وكذا العبرة في الطلوع في حقِّ صلاة الفجر أو السحور] اهـ.
وهو مقتضى نصوص فقهاء المالكية والشافعية والحنابلة حيث أفادت أنَّ لكلِّ إنسانٍ حكمه بحسب البلدة والمكان الذي هو فيه لحظة الشروق والغروب، بل للمكان الواحد بالنسبة لمن هو في مكان منخفض أو مكان مرتفع، وهو جارٍ على رواية الإمام الطحاوي من الحنفية.
قال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 237، ط. دار إحياء التراث العربي): [وفي الأقضية صحح رواية الطحاوي واعتمد عليها لقلة الموانع، فإن هواء الصحراء أصفى فيجوز أن يراه دون أهل المصر، وكذا إذا كان على مكانٍ مرتفع في المصر لاختلاف الطلوع والغروب باختلاف المواضع في الارتفاع والانخفاض، قال في "خزانة الأكمل": أهل إسكندرية يفطرون إذا غربت الشمس، ولا يفطر مَن على منارتها؛ فإنه يراها بعدُ حتى تغرب له، هذا على رواية الطحاوي] اهـ.
وقال العلامة الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (1/ 392، ط. دار الفكر): [قال ابن بشير: ووقت المغرب إذا غاب قرص الشمس بموضع لا جبال فيه، فأما موضع تغرب فيه خلف جبال فينظر إلى جهة المشرق، فإذا طلعت الظلمة كان دليلًا على مغيب الشمس. انتهى، وقال في "الجواهر": والمُرَاعَى غيبوبةُ جِرمها وقرصها دون أثرها وشعاعها، وقاله ابن الحاجب، قال ابن فَرْحُون: ولا عبرة بمغيب قرصها عمن في الأرض حتى تغيب عمن في رؤوس الجبال] اهـ.
وقال العلامة البُجَيْرِمِي الشافعي في "حاشيته على الإقناع" (1/ 391، ط. دار الفكر) عند قول الشارح "والمراد تكامل الغروب، ويُعرَف في العمران بزوال الشعاع عن رؤوس الجبال وإقبال الظلام من المشرق": ["بزوال الشعاع" هذا فيما فيه جبال أو فيه بناء، فعلامته زوال الشعاع من رؤوس الجبال وأعالي الحيطان، وأما الصحاري فيكفي فيها تكامل سقوط القرص وإن بقي الشعاع] اهـ.
وقال العلامة ابن مُفْلِح الحنبلي في "المبدع" (1/ 302، ط. دار الكتب العلمية): [وغيبوبة الشمس سقوط قرصها، وحكى الماوَرْدِي أنه لا بد من غيبوبة الضوء المستعلي عليها، قلت: ويعرف الغروب في العمران بزوال الشعاع من رؤوس الجبال، وإقبال الظلام من المشرق] اهـ.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: ناطحات السحاب قال العلامة یسکن فی
إقرأ أيضاً:
بعد تصريحات الفنانة شمس .. الإفتاء توضح حكم إقامة المرأة مع طليقها في بيت واحد بعد الإنفصال
أثارت الفنانة شمس الجدل خلال الساعات الماضية بعد تصريحاتها الأخيرة والتي قالت فيها : "مش عيب الست تقيم مع طليقها في بيت واحد بعد الإنفصال "، حيث تساءل العديد من المتابعين ورواد السوشيال ميديا عن الموقف الشرعي لهذا الكلام، وما إذا كان يجوز للمرأة المطلقة أن تعيش في منزل واحد مع طليقها بعد الانفصال.
وفي فتوى سابقة أكدت دار الإفتاء، من خلال الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أن الرجل بعد الطلاق يصبح أجنبيًا عن زوجته مثل أي رجل آخر، ولا يجوز له الخلوة بها في أي مكان منفردين، سواء كان الطلاق رجعيًا أو بائنًا.
وأوضح أن الأمر الوحيد الذي يبيح وجود المطلقة مع زوجها السابق في مكان واحد هو أن تكون في فترة العدة وكان الطلاق رجعيًا، حيث يحق للزوج في هذه الفترة أن يعيدها إلى عصمته.
وأشار الدكتور عبد السميع إلى أن العلاقة بين الرجل وطليقته بعد وقوع الطلاق تقتصر على حدود التعامل المباح مع الأجانب فقط، دون أي تجاوزات أو اختلاط لا تقره الشريعة.
حكم العيش المشترك بين المطلقة وطليقها
وفي سياق متصل، نشرت دار الإفتاء المصرية فتوى موسعة حول حكم العيش المشترك بين المطلقة وطليقها في منزل واحد بعد الطلاق، خاصة في حال وجود أطفال يحتاجون للرعاية.
وجاء في الفتوى أن الطلاق البائن يجعل المرأة أجنبية عن الرجل ولا يجوز بقاؤهما تحت سقف واحد، أما في الطلاق الرجعي فعلى المطلقة أن تعتد في منزل الزوجية بشرط وجود حائل يمنع الخلوة، مع تجنب أي تصرفات يمكن أن تؤدي إلى الفتنة، التزامًا بقوله تعالى:
"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة".
وتطرقت الفتوى إلى حالة رجل طلّق زوجته طلاقًا بائنًا بعد زواج طويل أثمر خمسة أطفال، وأراد عودتها للسكن معه لرعاية الأبناء.
وأجاب الشيخ الراحل أحمد محمد عبد العال هريدي، مفتي الجمهورية الأسبق، بأن وجود المطلقة مع طليقها في مسكن واحد بعد الطلاق البائن غير جائز شرعًا، إذ يجب على المطلقة مغادرة البيت فور انتهاء العدة، مستشهدًا بقوله تعالى:"وإذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة".
وأوضحت دار الإفتاء أن الشريعة تسعى لمنع أسباب الفتنة، لذلك تمنع اجتماع المطلقة وطليقها في سكن واحد بعد انتهاء العدة، مستدلة بالحديث الشريف: "إياكم والدخول على النساء"، وحين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحمو قال: "الحمو الموت".
وفسرت الإفتاء أن الحمو هو أقارب الزوج غير المحارم، مما يوضح خطورة الاختلاط بغير المحارم، حتى لو كانت العلاقة سابقة كالزواج.
و أوصت دار الإفتاء بضرورة التزام كل طرف بحدود الشرع بعد الطلاق وعدم الإقامة المشتركة، حتى وإن كان الهدف رعاية الأطفال، لافتة إلى إمكانية توفير الرعاية من خلال الحضانة والنفقة والزيارات دون الحاجة للعيش تحت سقف واحد.