روسيا و"الناتو".. بين غزة وأوكرانيا
تاريخ النشر: 29th, January 2024 GMT
يعلمنا التاريخ أن نربط الأحداث بسياج منطقي إذا تعلق الأمر بأحداث سياسية ساخنة، ولا سيما في حالة اندلاع الحروب، وهو ما نحاول رصده في موقفي روسيا، وحلف شمال الأطلسي "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة من حربي أوكرانيا وغزة.
يوم الثلاثاء المنقضي (23 يناير)، أطلق "ينس ستولتنبيرج" أمين عام حلف "الناتو" تصريحًا مهمًّا بالقول: "أصبحت الحرب في أوكرانيا معركة ذخيرة"، وذلك على هامش مراسم توقيع عقد بقيمة 1.
وفي اليوم التالي مباشرةً (الأربعاء 24 يناير)، بدأ "الناتو" أكبر مناورة عسكرية يجريها منذ الحرب الباردة، مع مغادرة سفينة حربية أمريكية الولايات المتحدة لعبور المحيط الأطلسي إلى أراضي "الحلف" في أوروبا، حيث تستهدف هذه المناورة الكبرى- والمسماة "المدافع الصامد 24"- اختبار دفاعات الحلف في مواجهة الحرب الروسية على أوكرانيا، وذلك بمشاركة نحو 90 ألف جندي، ونحو 50 سفينة، و80 طائرة، وأكثر من 1100 عربة قتالية.
وتأتي المناورة، وهي الأكبر منذ مناورة "ريفورجر" خلال فترة الحرب الباردة في عام 1988م، لمحاكاة رد من "الناتو" (يضم 31 دولة) على هجوم من قِبل خصم مثل روسيا، وتضمنت سلسلة مناورات أصغر منفردة من أمريكا الشمالية وصولاً إلى الخاصرة الشرقية للحلف قرب الحدود الروسية.
ويأتي صراخ الذخيرة والمناورة لدى "الناتو" عاكسًا وبقوة لمأزق الحلف جراء الحرب الإسرائيلية البربرية على غزة، والذي صبّ في صالح روسيا التي استفادت من حرب غزة على أكثر من محور: الأول.. إدانة الولايات المتحدة عند الرأي العام العربي بسبب دعمها المطلق لإسرائيل، وهو ما يُعد مكافأة مجزية لروسيا، إذ يرى الرئيس "بوتين" أن حرب غزة طريقة فاعلة لإلحاق الضرر بمكانة أمريكا في الشرق الأوسط.
والمحور الثاني.. يتمثل في أن حرب غزة تصرف انتباه الغرب- وعلى رأسه أمريكا- عن الصراع المستمر في أوكرانيا، وتجبر الحكومات الغربية على اتخاذ قرارات صعبة حول كيفية توجيه مواردها المحدودة عسكريًا بين حليفتين محتاجتين للدعم العاجل والمستمر: إسرائيل، وأوكرانيا!!.
فيما يتمثل المحور الثالث (والأخير) في طرح روسيا لنفسها كوسيط دولي موثوق به من العرب، خصوصًا بعد إدانتها الصريحة للضربات العسكرية الإسرائيلية الغاشمة على المدنيين في غزة، واستقبالها لوفد من حركة "حماس" في موسكو، فضلاً عن تصريحاتها المستمرة عن أن "حل الدولتين" (قيام الدولة الفلسطينية) هو الكفيل بإنهاء الصراع بالمنطقة.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الناتو يتجه لرفع الإنفاق العسكري وزيادة دعمه لأوكرانيا
قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، من بروكسل اليوم الخميس إن الحلف سيزيد إنفاقه العسكري ويعزز إنتاجه من الأسلحة ودعمه لأوكرانيا.
وفي تصريحات قبيل اجتماع لوزراء دفاع الحلف أضاف روته أنه يتعين على الحلف الاستثمار في الدفاع الجوي والصواريخ طويلة المدى ونظم التحكم لتأمين سلامة نحو مليار شخص يعيشون داخل حدود الحلف.
وتوقّع أن يتمّ الاتفاق اليوم على أهداف قدرات الحلف الجديدة.
من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إن رسالة الولايات المتحدة ستبقى واضحة وهي الردع والسلام عبر القوة لكن لا يمكن لدول حلف شمال الأطلسي الاعتماد على واشنطن فقط.
وأضاف هيغسيث أن على كل دولة عضو في الناتو أن ترفع إنفاقها العسكري بنسبة 5% من أجل مواجهة التهديدات.
أما وزير الدفاع السويدي بول جونسون، فقد قال: نرغب أن يرفع الناتو نسبة الإنفاق الدفاعي إلى 5% بحلول عام 2030.
وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعضاء الحلف بالاتفاق خلال الاجتماع المقرر في 24 و25 يونيو/حزيران الحالي في هولندا، على زيادة الميزانيات المخصصة للدفاع لتشكّل 5% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة.
إعلانوعرض روته اتفاق تسوية ينص على أن يشكل الإنفاق الدفاعي الأساسي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2032 وأن تشكّل مجالات أوسع مرتبطة بالأمن مثل البنى التحتية 1.5%.
ولفت عدد من الدبلوماسيين إلى أن روته يبدو في طريقه لضمان التوصل إلى اتفاق بالتزامن مع قمة لاهاي. لكن بعض الحلفاء ما زالوا مترددين حيال الالتزام بمستويات إنفاق كهذه.
وقال هيغسيث أثناء اجتماع مع نظرائه من البلدان المنضوية في الناتو في بروكسل: "أنا هنا لضمان أن كل بلد في الناتو يفهم أن على الجميع العمل معا. على كل بلد الإسهام بهذا المستوى البالغ 5%".
وتبدو إسبانيا أكثر البلدان صراحة في التعبير عن ترددها حيال المسألة، علما أنها لن تصل إلى هدف الناتو الحالي البالغ 2%من الناتج المحلي الإجمالي إلا بحلول نهاية العام.
ويفيد دبلوماسيون بأن بلدانا أخرى ما زالت تفاوض على تمديد الإطار الزمني والتخلي عن مطلب بزيادة الإنفاق الدفاعي الأساسي بـ0.2% كل عام.
لكن الاتفاق يبدو تسوية مقبولة بالنسبة إلى معظم بلدان الحلف، إذ سيسمح لترامب بالتباهي بأنه حقق مطلبه الأساسي رغم أنه في الواقع خفض مستوى المطالب بالنسبة إلى حلفاء بلاده الذين يواجهون صعوبات في هذا الصدد.
وفي السياق ذاته، من المقرر أن يوقّع وزراء الناتو خلال اجتماعهم على الأهداف المتعلقة بالقدرات الجديدة للأسلحة التي يتطلبها ردع روسيا.
وقدر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أن المتطلبات الجديدة تعني أنه سيتعين على برلين إضافة "ما بين 50 ألف و60 ألف" جندي جديد إلى صفوف جيشها.
من جهته، أفاد نظيره الهولندي روبن بريكلمانز بأن التوصل إلى المستوى المطلوب سيكلّف هولندا 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي.
وليس الخوف من موسكو وحده هو الذي يدفع أوروبا لرفع سقف طموحاتها إذ تسود أيضا ضبابية بشأن التزام الولايات المتحدة حيال القارة.
إعلانوقال روته "ما سنقرره في لاهاي وما سننفقه على الدفاع مع مرور الوقت: خطة الاستثمار الجديدة في الدفاع، مرتبط بالطبع بما نحتاج إليه فيما يتعلق بالقدرات المادية".
وبينما يبدو الناتو مستعدا لاتفاق بشأن الإنفاق الدفاعي، يعد ملف نزاع أوكرانيا مسألة شائكة أخرى يرجّح أن تخيّم على القمة.
وسددت عودة ترامب إلى البيت الأبيض ضربة لدعم واشنطن لأوكرانيا وأحدثت هزّة في المقاربة الغربية للحرب الروسية عليها والمتواصلة منذ 3 سنوات.
وأكّد هيغسيث على ضرورة فك الارتباط بين الولايات المتحدة وكييف عبر تغيّبه عن اجتماع لداعمي أوكرانيا استضافته بروكسل الأربعاء.
ويسعى حلفاء كييف لتجاوز التردد الأميركي ودعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى لاهاي كتعبير عن الدعم.