كيف سينقذ ماسك مشاريعه من طموحات وادي سيليكون اليابان؟
تاريخ النشر: 31st, January 2024 GMT
نشرت مجلة "فوربس" الأمريكية تقريرًا تحدثت فيه عن المنافسة القوية التي تواجه إيلون ماسك، الرائد في مجال ريادة الأعمال التكنولوجية، من النسخة اليابانية لوادي السيليكون، حيث يشكل طموح الشركات اليابانية الناشئة في مجال التكنولوجيا وتطوير الابتكارات تحديًا كبيرًا.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا يأمل إحياء رئاسته المتعثرة للوزراء واقتصاد اليابان الهرم، من خلال دعم جهود تحفيز طفرة الشركات الناشئة وعودة الشركات والمواهب التي نزحت من وسط اليابان إلى العاصمة اليابانية.
وذكرت المجلة أن الحزب الديمقراطي الليبرالي بقيادة كيشيدا كان قد حقق تقدما ضئيلا منذ أواخر سنة 2012 في إعادة معايرة محركات النمو وإحياء روح الإبداع التي أبهرت العالم ذات يوم. ويمكن العثور على النظام البيئي للشركات الناشئة في وسط اليابان في منطقة تشوبو، التي تقع بشكل أساسي في وسط هونشو، الجزيرة الرئيسية في اليابان. وقامت السلطات التي تمثل آيتشي وناغويا وهاماماتسو بتوحيد قواها لخلق أجواء وادي السيليكون التي لطالما كانت اليابان تتوق إليها، ولكنها لم تنجح في ذلك بعد.
وأضافت المجلة أن هذه المنطقة الاقتصادية الكبرى هي مهد تويوتا، وهوندا، وياماها، وسوزوكي، ودينسو، وبرذر، ورولاند، وكاواي، وهاماماتسو فوتونيكس، وعدد لا يحصى من الشركات العائلية الأخرى. وإذا سار النظام البيئي في المنطقة على ما يرام، فسوف يخلق قوة إبداعية ذات ناتج محلي إجمالي يعادل فرنسا، صاحبة سابع أكبر اقتصاد حاليا.
عقلية عالمية
ونقلت المجلة عن شويتشي هيرانو، المدير العام لمنطقة ناغويا لمنظمة التجارة الخارجية اليابانية، قوله: "إننا نتبنى عقلية عالمية لتشجيع ريادة الأعمال العالمية هنا في وسط اليابان". وقد ساعدت منظمة التجارة الخارجية اليابانية، في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر، في تنظيم حدث في ناغويا لتسليط الضوء على بعض "وحيدات القرن" المستقبلية في وسط اليابان - وتقديم تفاصيل عما يجري على قدم وساق لتوسيع النظام البيئي.
وأشارت المجلة إلى المحاولة السابقة لليابان في مدينة فوكوكا الغربية في منتصف وأواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من حسن النية، إلا أن مشروع فوكوكا اصطدم في نهاية المطاف بجدار من التدخل لم يتوقعه إلا قليلون. في سنة 2012، عندما عاد الحزب الديمقراطي الليبرالي بزعامة كيشيدا إلى السلطة، تعهد رئيس الوزراء شينزو آبي بإطلاق مشروع إصلاحي كبير ووعد بالحد من البيروقراطية وتحديث أسواق العمل وإحياء الابتكار ودعم الشركات الناشئة وتمكين المرأة، وإعادة طوكيو إلى مركز العالم المالي في آسيا.
وأضافت المجلة أن حزب آبي ترك العقد المقبل لبنك اليابان والين الأضعف من أي وقت، باستثناء بعض التعديلات على حوكمة الشركات. وكان ذلك خبرًا ممتازًا بالنسبة للمصدرين الكبار، والمبتكرين الشباب الذين يبحثون عن رأس المال الاستثماري، أو الحوافز الضريبية، أو مجرد مساحة اقتصادية للازدهار.
منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2021، وعد كيشيدا بـ "رأسمالية جديدة" لتقلب الشركات اليابانية رأسًا على عقب. وتضمن ذلك خطة لفتح الطريق أمام صندوق استثمار معاشات التقاعد الحكومي بقيمة 1.5 تريليون دولار، وهو أكبر كيان من نوعه في العالم، لتمويل طفرة الشركات الناشئة. وإلى جانب الاستفادة من الصندوق الحكومي الاستثماري للمعاشات الياباني، سعى كيشيدا إلى جذب الاستثمار الأجنبي. لكن لم يحقق "اقتصاد كيشيدا" سوى القليل.
واعتبرت المجلة أن الخبر السار هو أن وسط اليابان لا ينتظر أن تضع طوكيو أولوياتها في نصابها الصحيح. إن تعاون هذا النظام البيئي مع الاتحاد الاقتصادي المركزي الياباني، وجامعة ناغويا، ومحافظة آيتشي، وحكومتي مدينتي ناغويا وهاماماتسو، وهيئة التجارة الخارجية اليابانية يتحول إلى مستوى عالٍ.
ستيشن آي
في تشرين الأول/ أكتوبر، سيُفتح مشروع "ستيشن آي" الخاص بالمنطقة أبوابه في ناغويا. وسيصبح هذا الحرم الجامعي مترامي الأطراف على الفور أكبر منشأة حاضنة في اليابان لمساعدة الشركات الناشئة على الانطلاق. ويعد توفير هذا النوع من مجتمع الشبكات أمرًا حيويًا جدًا لمؤسسي التكنولوجيا للحصول على فرصتهم. ومن الناحية الفنية، فإن اسم "ستيشن أيه آي" هو تلاعب بآيتشي، ولكن إذا كان أي شخص يعتقد أن مركز الابتكار يستحضر الذكاء الاصطناعي، فلا بأس بذلك أيضًا.
وأوضحت المجلة أن الذكاء الاصطناعي قد ظهر في آيتشي في وقت مبكر وفي كثير من الأحيان. وبطبيعة الحال، ونظرًا لقرب وسط اليابان من الشركات المصنعة الشهيرة مثل تويوتا ودينسو، فإن العديد من الشركات الناشئة الإقليمية حريصة على تسخير النمو في صناعات السيارات والفضاء والإلكترونيات والأدوات الآلية، لكن الأمر المشجع هو التركيز المكثف على ما يسمى بابتكارات "تقنية 5.0".
قالت شركة "ماكينزي آند كو" في تقرير لها في شهر كانون الأول/ ديسمبر: "إن صناعة النقل اليوم في حالة تغير مستمر حيث تعمل الاضطرابات المبتكرة على تحويل التقنيات من الوقود الأحفوري والمركبات اليدوية إلى المركبات الكهربائية والمستقلة والذكية".
وأكدت المجلة أن الشركات الناشئة في وسط اليابان مشغولة جدًا بمحاولة إحداث تغيير في المجالات الزراعية والرعاية الصحية. ونظرًا للشيخوخة السكانية في اليابان، فإن صناعات قليلة في حاجة أكبر إلى التفكير خارج الصندوق. ولكن الإجابة على الأسئلة التي تثيرها التغيرات في التنقل - وتوقع الاستفسارات القادمة - تشكل الشغل الشاغل في منطقة ناغويا.
وقالت الشركة إن شركة "بي دي إيروسبيس" الناشئة صممت محركًا يمكنه تبديل أوضاع احتراق الطائرات والصواريخ في الجو. ويوفر هذا التغيير الكبير في قواعد اللعبة نوعًا جديدًا من التكنولوجيا القابلة لإعادة الاستخدام لـ "الطائرات الفضائية" التي يمكنها الإقلاع أفقيًا والهبوط في المطارات، وهو ما يطرح تساؤلًا حول عدد الأشخاص الآخرين الذين يضاهون إيلون ماسك في وسط اليابان.
ولفتت المجلة إلى شركة "برودرون" أحد أبرز المصممين في العالم للطائرات بدون طيار الصناعية، سواء فيما يتعلق بأجهزة هياكل الطائرات أو برمجياتها. وفي السنة الماضية، لفتت الأنظار بما تسميه "الشاحنة الخفيفة الطائرة"، وهي طائرة شحن بدون طيار تحت اسم "سورا ميتشي" قادرة على الطيران لمسافة 50 كيلومترًا بحمولة 50 كيلوغرامًا.
وبينت المجلة أن المشاكل التي تحلها - إيصال السلع والإمدادات الحيوية إلى المناطق الجبلية والجزر النائية أثناء وقت السلم أو الكوارث - تعتبر ملحة في اليابان كما في أي مكان آخر. ولوجستيات توصيل الإمدادات الطبية والمنقذة للحياة - بما في ذلك الأعضاء المخصصة لعمليات زرع الأعضاء - قد لا تكون هي نفسها أبدًا.
وأضافت المجلة أن هناك أيضًا فابيو سوزا، الرئيس التنفيذي لمنصة الشحن "كريستال". فخدمة السكوتر الإلكتروني التي تقدمها الشركة تجعل عمليات الشحن لمسافات قصيرة أسهل وأكثر كفاءة. كما تمتلك شركة سوزا الناشئة تصميمات أكبر بكثير لإحداث تغيير أوسع في مجالات الأتمتة والاتصالات الرقمية والكهرباء.
النظام البيئي
وبصرف النظر عن الموهبة والحماسة، تتوافق استراتيجية النظام البيئي في وسط اليابان مع التغيرات في مسار التكنولوجيا. والأول هو التطور السريع لاقتصاد التطبيقات، وهو الأمر الذي كان في بداياته في سنة 2012. والآخر: كيف تعمل ثورة السيارات الكهربائية على خلق اقتصادات جديدة تمامًا انطلاقا من رجال الأعمال اليابانيين.
وأضافت المجلة أن هناك أيضًا تعطش كيشيدا لإنقاذ رئاسته للوزراء. ففي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، قام كيشيدا برحلته الثانية إلى وادي السيليكون على بعد 5170 ميلاً من طوكيو. وزار كيشيدا جامعة ستانفورد وجامعة كاليفورنيا في بيركلي حيث وقّع مذكرة تفاهم مع حاضنة الشركات الناشئة التابعة لجامعة أوك، سكاي ديك.
وأشارت المجلة إلى أن هذه التحركات معقولة بما فيه الكفاية، ولكن من الحكمة أن يولي فريق كيشيدا اهتمامًا أكبر للعمل الذي يتم إنجازه على بعد 160 ميلًا من طوكيو. ونموذج الابتكار المركزي الذي يتم تحسينه في وسط اليابان يمكن أن يكون بمثابة أداة تغيير لقواعد اللعبة التي تحتاجها اليابان لتذكير الصين بأن لديها منافسة للسيطرة على مستقبل آسيا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا ماسك اليابانية التكنولوجيا اليابان التكنولوجيا ماسك طموحات المزيد في تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا سياسة سياسة تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرکات الناشئة فی وسط الیابان النظام البیئی فی الیابان
إقرأ أيضاً:
محاولة الدبيبة إحكام قبضته على طرابلس عمّقت الأزمة السياسية في ليبيا
نشرت مجلة "نيولاينز" تقريرا يُسلط الضوء على هشاشة الوضع السياسي والأمني في طرابلس عقب مقتل عبد الغني الككلي والانقسامات العميقة بين الفصائل المسلحة في العاصمة الليبية.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة لا يستمد مشروعية استمراره في السلطة من قوة تحالفاته، بل من ضعف خصومه، محذرة من استمرار الجمود السياسي في ليبيا بسبب غياب إرادة دولية موحدة لحل الأزمة وهيمنة الميليشيات على مفاصل الحكم.
وأوضحت المجلة أن الدبيبة بدا في موقع المنتصر في 13 أيار/ مايو بعد اغتيال عبد الغني الككلي الملقب بـ"غنيوة"، أقوى قادة الميليشيات في طرابلس وأحد أعمدة سلطة حكومة الوحدة، بإطلاق نار خلال اجتماع مع مسؤولين حكوميين.
وانهارت قوات غنيوة سريعا عقب الاغتيال، ولاذ مساعدوه بالفرار، بينما بسطت وحدات موالية للدبيبة سيطرتها على مناطق نفوذه. بدا أن رئيس حكومة الوحدة حقق تقدمًا حاسمًا في ترسيخ حكمه، غير أن الأحداث انقلبت سريعًا، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة في العاصمة، ووجد الدبيبة نفسه أمام أضعف لحظات حكمه منذ استلام المنصب في 2012، وفقا للمجلة.
وأضافت أن طرابلس شهدت منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 سلسلة من التقلبات العنيفة، لكن انقلاب أيار/ مايو الجاري كان مفصليًا، إذ أطاح بتوازن هشّ قائم على وقف إطلاق نار سرعان ما أصبح مهددًا بالانهيار.
وحسب المجلة، تزعزعت مكانة الدبيبة، الذي حاول طويلاً تقديم نفسه كضامن للاستقرار، بعد أن تحوّلت المواجهات المسلحة إلى مشهد متكرر، ما شوّه صورته وأشعل ضده موجة غضب شعبي.
تحالف مصالح
تشير المجلة إلى أن غنيوة، الذي قُتل في 12 أيار/ مايو، كان من أبرز المستفيدين من حكم الدبيبة، بعدما تحوّل من قائد ميليشيا إلى قوة محورية في العاصمة.
وكان الدبيبة قد تولى رئاسة الحكومة في آذار/ مارس 2021 برعاية أممية لقيادة مرحلة انتقالية، لكن الانتخابات المقررة في كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام أُلغيت، فانقسم خصومه في الغرب، وتحالف بعضهم مع خليفة حفتر في الشرق، بينما تمكن من إحكام قبضته على طرابلس عبر استغلال المخاوف من سيطرة حفتر وشراء ولاءات الميليشيات، وكان غنيوة حجر الزاوية في هذه المعادلة، تضيف المجلة.
وبينت المجلة أن غنيوة وقادة ميليشيات حصلوا على تمويل ونفوذ غير مسبوق مقابل دعم الدبيبة، من خلال تعيينهم في مناصب وهمية لنهب أموال الدولة، بتنسيق مع إبراهيم الدبيبة، العقل المدبر للحكومة. ورغم التوترات بينهم، توافق حلفاء الدبيبة على الإبقاء على الحكومة لضمان استمرار تقاسم السلطة والثروة في طرابلس، مما سمح للدبيبة بادعاء تحقيق الاستقرار.
وأضافت أن نفوذ غنيوة تصاعد خلال الفترة الماضية، إلى درجة أن الدبيبة وحلفاءه لم يعودوا قادرين على السيطرة عليه. في آب/ أغسطس 2024، اعتمد إبراهيم دبيبة على قوة يقودها أحد مساعدي غنيوة للإطاحة بمحافظ البنك المركزي الذي شغل المنصب لفترة طويلة.
لكن هذه القوة احتكرت لاحقًا السيطرة على البنك المركزي وحمت المحافظ الجديد الذي أصبح تحت نفوذ غنيوة، وهو ما أثار استياء آل الدبيبة. كما طالب غنيوة بمنح أتباعه مناصب وزارية مهمة، مهددًا بدعم تشكيل حكومة جديدة.
في غضون ذلك، وسّع بشكل كبير حصّته من الغنائم من عمليات الاحتيال في قطاعات الأدوية والنفط والاتصالات.
اغتيال غنيوة
ومع تراجع علاقته بعائلة الدبيبة، أعاد غنيوة التواصل مع "قوة الردع الخاصة" بقيادة عبد الرؤوف كارة، التي تراجعت مكانتها لصالح قادة ميليشيات آخرين، وانتهى الصراع بتحالف هش بين غنيوة وكارة أواخر 2024، لحماية مصالحهما من تهديدات عائلة الدبيبة.
وأوضحت المجلّة أنه في نيسان/ أبريل، بدأت قوة مشتركة من مصراتة، مسقط رأس الدبيبة، بإرسال قوافل مسلّحة إلى طرابلس، وسط أنباء عن هجوم محتمل على قوة الردع الخاصة، رغم استبعاد كثيرين أن يكون الدبيبة راغبًا في إشعال فتيل الصراع.
وفي أيار/ مايو، تصاعد التوتر بعد قيام رجال غنيوة باختطاف اثنين من المسؤولين التنفيذيين في شركة الاتصالات الليبية القابضة، أعقبه تحرك قوافل عسكرية من مصراتة والزّاوية والزنتان.
وفي 12 أيار/ مايو، قُتل غنيوة داخل مقر اللواء 444 خلال اجتماع دُعي إليه، وتبع الحادثة سيطرة سريعة من اللواءين 444 و111 على معقله، وسط إشادة من الدبيبة بالحملة التي فككت قوات غنيوة دون أضرار كبيرة.
وضع هش في العاصمة
بيّنت المجلّة أن مهندسي العملية فوجئوا بسهولة التخلص من خصم بحجم غنيوة، فسارعوا إلى التحرك ضد قوة الردع الخاصة، بإصدار الدبيبة مراسيم لحل وحدات غنيوة وقوة الردع، واستهدف جهاز الأمن القضائي التابع لقوة الردع، والذي كان يقوده أسامة نجيم الذي يواجه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية. كما تم دمج وحدات أخرى ضمن وزارة الداخلية بقيادة عماد الطرابلسي المقرب من الدبيبة.
وتم استبدال مساعد غنيوة الذي كان يرأس جهاز الاستخبارات الداخلية، بشخص من الزنتان ومساعد من مصراتة، في رسالة واضحة على تركيز السلطة بيد أبناء المنطقتين.
ورغم إعلان الدبيبة انتصاره على "الميليشيات المارقة"، شهدت العاصمة انتهاكات وعمليات نهب من جهاز الأمن العام، ما أثار غضبًا شعبيًا ونسف رواية رئيس الحكومة بشأن الحفاظ على الاستقرار، وفقا للمجلة.
عسكريًا، تمكّنت قوة الردع من الدفاع عن قواعدها في جنوب طرابلس، لكنها فقدت مواقع مهمة في وسط المدينة، على غرار الميناء. ولم تنتقل السيطرة على جميع المناطق إلى القوات الموالية للدبيبة، إذ تدخّلت قوات محايدة من مصراتة للفصل بين الطرفين في نقاط حساسة، أبرزها محيط مصرف ليبيا المركزي.
وتابعت المجلة أن المعارك خلّفت صدمة سياسية في طرابلس، ووجّهت الغضب الشعبي نحو الدبيبة واللواء 444، الذي فقد صورته كقوة منضبطة. وبعد يومين من الهدنة، شهدت ساحة الشهداء احتجاجات تعكس استياءً مدنيًا من فشل الدولة وتغوّل الميليشيات.
حاول عدد من المتظاهرين اقتحام مقر رئاسة الوزراء، فقوبلوا بالرصاص الحي، وفي الأثناء قدم وزراء مقربون من قوة الردع استقالتهم من الحكومة، لكن لم تتبع ذلك استقالات أخرى.
واعتبرت المجلة أن قمع المحتجين شكّل تحولا في الأحداث وزاد من تأجيج التوتر، وأتاح للدبيبة تصوير الأمر كأنه مؤامرة، لتبدأ معركة سرديّات جديدة.
جمود الوضع السياسي
وحسب المجلة، تنبع قوة الدبيبة حاليا من تشرذم معارضيه وفقدانهم البوصلة، إذ فقد مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والمجلس الرئاسي مصداقيتهم. فعند اندلاع القتال، حاولت هذه الجهات استثمار السخط الشعبي لتشكيل حكومة جديدة، لكن خلافاتهم أجهضت المبادرة وزادت الشكوك في التغيير، وكشفت استغلال الحراك لأجندات ضيقة.
وقالت المجلة إن انتهازية الأطراف المناوئة لحكومة الوحدة منح الدبيبة ذريعة لرفض الاستقالة، وصوّر جهوده للبقاء في السلطة على أنها حملة لاستعادة هيبة الدولة وتفكيك الميليشيات.
وترى المجلة بأن التحديات أمام حكومة الدبيبة تتزايد مع تصاعد الحديث عن حكومة بديلة من المؤسسات القائمة شرق البلاد وخصوم حكومة الوحدة في الغرب، وسط انهيار التفاهم الهش بين فصائل طرابلس بعد اغتيال غنيوة.
وتضيف أن هذا المناخ يضعف فرص التفاوض على وقف إطلاق النار، ولا يبدو أن الهُدنة القائمة بدعم تركي كافية لتهدئة الوضع في ظل انعدام الثقة والتنافس المحتدم على السلطة، مما يجعل طرابلس قابلة للانفجار في أي لحظة.
ووفقا للمجلة، ينتقد خصوم الدبيبة تحركاته باعتبارها تصب في مصلحة حفتر، بينما يزعم الدبيبة أن تغيير الحكومة يفتح المجال لحلفاء حفتر للسيطرة على العاصمة.
وقد استغل حفتر هذه الصراعات لتوسيع نفوذه السياسي والمالي عبر السيطرة على عائدات النفط والبرلمان في الشرق، ومن المتوقع استمرار ذلك بسبب الانقسامات في طرابلس.
وتختم المجلة بأن قبضة الدبيبة الهشة على السلطة تعكس الركود في المشهد السياسي الليبي، ليس لأن الليبيين يفتقرون إلى الرغبة في الإصلاح، ولكن لأن الحوافز التي تدعم النظام الحالي لا تزال راسخة بعمق.
وترى أنه حتى لو ظهرت حكومة جديدة، فإنها سترث نفس الأسس المنهارة: هيكل أمني مجزأ، وإيرادات يحتكرها حفتر، ونموذج حكم يمنح نفوذ الميليشيات الأولوية على الشرعية المؤسسية.