في ظل جمود التواصل الحزبي مع المغاربة منذ الإنتخابات…الأحرار يجمع 12 ألف شخص خلال منتدياته الجهوية في عام واحد
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
زنقة 20. مراسلة خاصة – الداخلة
اختتم حزب التجمع الوطني للأحرار، بقيادة رئيسه عزيز أخنوش، اليوم السبت بمدينة الداخلة، منتدياته الجهوية الخاصة بالمنتخبين التجمعيين، بإسدال الستار عن النسخة الثانية عشرة بجهة الداخلة وادي الذهب، ومرور سنة عن انطلاق أول محطة للحزب بجهة طنجة تطوان الحسيمة شهر فبراير 2023، في إطار تعزيز مسار التنمية.
ففي ظل جمود حزبي مخيف في التواصل مع المواطنين، منذ إسدال الستار على إنتخابات 2021، برزت بشكل لافت إستراتيجية حزب “التجمع الوطني للأحرار” الذي واصل سياسته التواصلية مع المواطنين، بعدما أغلقت جل الأحزاب مقراتها المركزية قبل الجهوية والإقليمية في اليوم الموالي لإعلان نتائج الإنتخابات الجماعية والبرلمانية.
وأكد أخنوش في لقاء تواصلي على هامش هذا المنتدى، أن مدينة الداخلة تستحق أن تكون في مستوى تطلعات جلالة الملك لهذه المنطقة، وذلك في إطار تنفيذ النموذج التنموي الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي وُقع أمام أنظار جلالته، بكلفة مالية كبيرة تبلغ 77 مليار درهم.
واسترسل قائلا “هناك مشاريع عديدة بالجهة ومن المرتقب أن يلمس آثارها المواطنون على المدى القصير والمتوسط. هناك تقدم كبير على مستوى الطريق السريع الرابطة بين تيزنيت والداخلة، وامتدادها إلى غاية الكركرات، نجد أيضا المستشفى الجامعي الذي سيرى النور قريبا في الجهة، حيث سيكون مكسبا كبيرا للمنطقة، وسيلبي انتظارات المواطنين على صعيد التطبيب”.
وأضاف أخنوش في كلمته “اليوم كان لي لقاء مع المنتخبين بجهة الداخلة، واستمعت إلى انتظارات أبناء هذه المنطقة، حيث أكدت أن الحكومة ستبذل قصارى جهودها لتنزيل مختلف الاستثمارات بالجهة، خصوصا الميناء الأطلسي بالداخلة، وهو مشروع كبير جاء به الملك محمد السادس نصره الله، بقيمة تصل إلى 12 مليار درهم من الاستثمارات، سيمكن المدينة والجهة من الانفتاح بشكل كبير على جميع مناطق العالم”.
وأفاد رئيس حزب الأحرار بأن المنطقة تملك أيضا إمكانيات فلاحية مهمة، إذ سيشكل المشروع الكبير المتعلق بسقي مساحة 5 آلاف هكتار عبر تحلية مياه البحر، نقلة نوعية لهذا القطاع في الجهة. كما نشير إلى أن هذا المشروع لن يرى النور في 10 سنوات، وإنما في سنة 2025 فقط.
كما شدد أخنوش على أن حكومته سابقت الزمن السياسي، وبدأت في حصد الإنجازات. قائلا إنه “في 2024 سنبدأ بالطرق، وفي 2025 ستظهر ثمار الاستثمارات في قطاع الفلاحة، وبعد سنتين سيكون الميناء الأطلسي بالداخلة على أتم الجاهزية”.
استقبال حار لأخنوش وأجواء حماسية في الجولة 12 والختامية لمنتدى المنتخبين الاحرار التي نظم يوم السبت 3 فبراير 2024 بمدينة الداخلة
المصدر: زنقة 20
إقرأ أيضاً:
ورطة إسلامي الإصلاح من الدّاخل المغاربةُ مع التّطبيع
شكّلت لحظة توقيع اتفاق التطبيع بين الدّولة المغربية والكيان الصهيوني (10 ديسمبر 2022م) محطة مهمة في مسار العلاقة بين "إسلاميي الإصلاح من الدّاخل" والسلطة؛ فكلّ المراقبين يجمعون على أنّ قرار التطبيع كان اختيارا استراتيجيا للدولة، صُنع في مستويات عليا لا تمتلك الحكومة تجاهها سلطة تقريرية. وهذا يوضّح أنّ الحكومة في المغرب ليست جزءا من صناعة هذا النّوع من الاختيارات. ومع ذلك، لم يكن جوهر الإشكال في طبيعة القرار ولا في خلفياته، بل في الكيفية التي اختارت بها الدولة تمريره سياسيا: إسنادُ التوقيع إلى رئيس حكومة ينتمي إلى التيار الإسلامي، هو سعد الدين العثماني، الذي راكم تاريخا طويلا من الخطاب الرافض للتطبيع.
هذا الاختيار لم يكن شكليا ولا عرضيا؛ فقد مثّل لحظة كاشفة لتعقيدات موقع "إسلاميي الإصلاح من الدّاخل" داخل النسق السياسي المغربي؛ فهؤلاء، منذ ولوجهم الحياة السياسية المؤسسية، ظلّوا يتأرجحون بين منطقين متناقضين: منطق المرجعية الأخلاقية الذي يضعهم في موقع الممانع لبعض اختيارات الدولة، ومنطق الاندماج في بنية السلطة بما تفرضه من براغماتية ومرونة تصل أحيانا حدّ التنازل عن "الثوابت الخطابية". وقد أظهر حدث التوقيع هذا التناقض بأوضح صورة، إذ بدا هؤلاء، في اللحظة الحاسمة، جزءا من البنية التي كثيرا ما انتقدوها، بل أدواتٍ لتنفيذ قرار يناقض خطابهم تجاه واحدة من أهم القضايا التي يشتغلون عليها؛ أقصد القضية الفلسطينية.
لقد قرأتْ شرائح واسعة من الرأي العام خطوة التوقيع باعتبارها رسالة سياسية تذكّر ـ من ينسى ـ أنّ القيادة الفعلية للسياسات الاستراتيجية لا تكون عبر صناديق الاقتراع، بل عبر مؤسسات أعلى لا تتغير بتغير الحكومات. ومن جهة أخرى، كانت الرسالة موجهة إلى الإسلاميين أنفسهم: إمكانية إدماجهم الكامل في منطق الدولة، ولكن دون أن تدخلهم إلى مطبخها، ومن جهتهم؛ قدرتُهم ـ حين تدعو الحاجة ـ على اتخاذ قرارات تتعارض جذريا مع مرجعيتهم، ومع الوجدان الذي يجمع قواعدهم الشعبية، والخطاب الشعبوي بعد ذلك كفيل بتهدئة الاحتجاجات وسطهم.
هؤلاء الإسلاميون، منذ وصولهم إلى الحكومة، بنوا جزءا كبيرا من شرعيتهم على خطاب “الإصلاح من الداخل”، وهو خطاب يفترض الحفاظ على جسور التواصل مع مؤسسات الدولة، وتجنّب أي مواجهة قد تُفقدهم الثقة التي على أساسها سُمح لهم بالمشاركة. ولهذا، يصبح الامتناع عن التوقيع قرارا يهدد البنية الكاملة لمشروعهم السياسي، لا مجرد موقف أخلاقي تجاه قضية محددة.وتكشف هذه الرسالة عن واحدة من أعقد الإشكاليات التي طبعت مسار هؤلاء الإسلاميين في المغرب: علاقتهم المرتبكة بالسلطة؛ فهُم، منذ صعودهم السياسي، وجدوا أنفسهم داخل معادلة دقيقة: القبول بقواعد اللعبة السياسية التي تضع السلطة الفعلية خارج نطاق الحكومة، مقابل الحصول على موقع مؤسساتي يضمن لهم حضورا سياسيا، وتأثيرا محدودا، ولكن مع الاعتراف نظريا وعمليا بأنّهم مجرّد "مُنفّذين" لمشاريع "القصر". هذه المعادلة وفّرت لهم نوعا من المشاركة لكنها جعلتهم أبعد النّاس عن المشاركة في اتخاذ القرار المتعلقة بالمفات الاستراتيجية، بل وحتى في ملفات لليست لها هذه الصبغة.
لذلك، فإنّ السؤال الذي طرحه الكثيرون: “هل كان بإمكان العثماني أن يمتنع عن توقيع الاتفاقية؟” لا يمكن فصله عن هذه البنية المعقّدة. فمن الناحية النظرية، كان بإمكان رئيس الحكومة أن يرفض التوقيع أو أن يقدّم استقالته، وبذلك كان سيتحوّل إلى رمز للممانعة، وربما إلى بطل أخلاقي في نظر جمهور واسع. غير أنّ هذا الخيار، في السياقات السلطوية المغربية، يكاد يكون مستحيلا؛ فهؤلاء الإسلاميون، منذ وصولهم إلى الحكومة، بنوا جزءا كبيرا من شرعيتهم على خطاب “الإصلاح من الداخل”، وهو خطاب يفترض الحفاظ على جسور التواصل مع مؤسسات الدولة، وتجنّب أي مواجهة قد تُفقدهم الثقة التي على أساسها سُمح لهم بالمشاركة. ولهذا، يصبح الامتناع عن التوقيع قرارا يهدد البنية الكاملة لمشروعهم السياسي، لا مجرد موقف أخلاقي تجاه قضية محددة.
إلى جانب ذلك، تبرز الخلفيات الفكرية والشخصية للعثماني كعامل حاسم؛ فالرجل يمثّل تيارا شديد الإصلاحية يميل إلى المهادنة والتوافق وترك كلّ ما من شأنه أن يقود إلى الصدام مع الفاعل الرئيسي في السياسة والاجتماع المغربيين. وهذا النمط من القيادة يفهمُ خيار الرفض رديفا للمغامرة، وليس امتدادا لطبيعته السياسية. ومن ثمّ، فإنّ القول بأنّ العثماني “كان يمكن أن يمتنع” يظل احتمالا نظريا لا ينسجم مع المسار الذي شكّل سلوكه السياسي، ولا مع طبيعة اللحظة التي كانت تتطلب انسجاما مع منطق الدولة أكثر مما تتطلب انسجاما مع الخطاب الحزبي.
لقد تحولت حادثة التوقيع، في النهاية، إلى مرآة كاشفة لعلاقة هؤلاء الإسلاميين بالسلطة: علاقة قائمة على المشاركة من دون قدرة، وعلى المسؤولية من دون صلاحيات، وعلى الإدماج المشروط الذي يجعل وجودهم داخل المؤسسات رهينًا بحدود لا يملكون تجاوزها. وهذا ما فتح الباب لنقاشات واسعة حول مستقبل الإسلاميين في الدولة، وحول مدى قدرتهم على الحفاظ على هويتهم السياسية وهم يتحركون داخل نسق لا يمنحهم سوى هامش محدود من المبادرة.
وهكذا، يتجدد الاستشكال: هل يمكن لجماعة سياسية ذات مرجعية أخلاقية أن تظل فاعلا في نظام يُلزمها بالتنازل عن جزء من هذه المرجعية كلما فرضت ذلك اعتبارات السلطة؟