عميدة كلية النانو تكنولوجي القاهرة: تدوير المخلفات الإلكترونية منجم متجدد للمواد الخام
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
أعلن الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، تنفيذ مشروع مشترك لتدوير المخلفات الإلكترونية، بين كلية النانو تكنولوجي وإحدى الشركات العاملة في مجال تدوير المخلفات، وذلك في إطار استراتيجية الجامعة نحو التحول لجامعات الجيل الرابع، والإسهام الفعال في تطوير وتوطين تطبيقات تكنولوجيا النانو، وتشجيع البحث العلمي في مجالات النانو تكنولوجي بما يتوافق مع رؤية الدولة المصرية للاقتصاد الأخضر، وإنتاج الطاقة الخضراء من مخلفات التدوير نفسها.
من جانبها، قالت الدكتورة رباب الشريف عميدة كلية النانو تكنولوجي، إن مشروع تدوير المخلفات الإلكترونية له عوائد اقتصادية مهمة، حيث يُعتبر منجمًا متجددًا للمواد الخام التي نستورد معظمها من الخارج، مثل الذهب والنحاس والألمونيوم والقصدير وغيرها من المعادن والمواد البلاستيكية عالية الجودة، لافتة إلى أن طنا واحدا من المخلفات الإلكترونية ينتج ما يعادل من 40 إلى 50 جرامًا من الذهب، وما يعادل من 100 إلى 120 كيلو جرامًا من النحاس، وما يعادل من 40 إلى 60 كيلو جرامًا من الألومنيوم، وما يعادل من 40 إلى 60 كيلو جرامًا من القصدير، وما يعادل من 400 إلى 500 كيلو جرام من الفيبر جلاس، وما يعادل من 100 إلى 120 كيلو جرامًا من القطع الإلكترونية.
وأضافت عميدة الكلية، أن مشروع تدوير المخلفات الإلكترونية يُعد خطوة مهمة في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، وتحويل المخلفات الإلكترونية إلى مصدر قيم من المواد الخام؛ مؤكدة أن الفريق المشارك في المشروع يعمل على تحقيق الاستفادة القصوى من التكنولوجيا الوطنية في حل المشكلات البيئية وتلبية احتياجات الصناعة المحلية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المواد البلاستيكية تدوير المخلفات الإلكترونية رئيس جامعة القاهرة جامعات الجيل الرابع تدویر المخلفات الإلکترونیة النانو تکنولوجی کیلو جرام ا من
إقرأ أيضاً:
كيف حوَّلت الدول المتقدمة المخلفات إلى ثروة؟
عباس المسكري
في عالمٍ باتت فيه التحديات البيئية تتعاظم يومًا بعد يوم، لم تعد النفايات تُعدّ مجرد مخلفات تُلقى جانبًا أو تُوارى في باطن الأرض، بل تحوّلت في بعض الدول إلى مورد اقتصادي ثمين، يُستثمر بذكاء ويُدار باحتراف، وفي طليعة هذه الدول، تقف الدول المتقدمة شاهدةً على نجاح تجربة فريدة، تمزج بين الحفاظ على البيئة وتعزيز الوعي المجتمعي، وتفتح بابًا واسعًا للاستثمار الأخضر.
ففي مراكز التسوق الكبرى هناك، لا يقتصر الأمر على عرض البضائع وتنظيم المتاجر، بل تمتد المسؤولية لتشمل البيئة نفسها، وتُوضع في هذه المراكز مكائن ذكية صُممت خصيصًا لجمع المخلفات، وقد تم تخصيصها بعناية لاستقبال الزجاجات البلاستيكية، والعلب المعدنية، ومخلفات الكرتون، وهذه الآلات التي تبدو للوهلة الأولى بسيطة في فكرتها، تُعدّ ثمرة تفكير مستقبلي يربط التكنولوجيا بالسلوك الإنساني، ويمنح كل شخص فرصة لأن يكون شريكًا في إنقاذ البيئة، دون أن يُكلفه ذلك جهدًا يُذكر.
يقوم الفرد بوضع مخلفاته المفروزة داخل الآلة، لتقوم الأخيرة بفرزها ووزنها وإصدار وصل إلكتروني أو ورقي يحمل قيمة رمزية، تُحسب بناءً على كمية المخلفات المدخلة ونوعها. اللافت أن هذا الوصل ليس مجرد مكافأة شكلية، بل يمكن استبداله مباشرة بمنتجات من نفس المركز التجاري، أو استخدامه كرصيد مالي مخفّض، ما يجعل من إعادة التدوير تجربة مفيدة على المستويين الشخصي والعام.
لقد أثبتت هذه المبادرة جدواها الفعلية، ليس فقط من حيث تقليص حجم النفايات العشوائية أو رفع نسب التدوير، بل في ترسيخ ثقافة جديدة تقوم على الشراكة البيئية بين المواطن والمؤسسة. فالأفراد باتوا أكثر وعيًا بقيمة ما يلقونه في سلة المهملات، والشركات الخاصة التي استثمرت في هذه المكائن وجدت في هذه المنظومة فرصة لجمع مواد أولية قابلة للبيع، وبناء صورة مجتمعية إيجابية تُعزّز من حضورها كمؤسسات مسؤولة.
ومن اللافت أن هذه التجربة، رغم بساطتها الظاهرة، تعتمد على رؤية اقتصادية دقيقة، فهي لا تكتفي بتحقيق الربح المادي من المواد المعاد تدويرها، بل تُسهم في تخفيف الضغط على البلديات، وتقليل استخدام المواد الخام، وتوفير الطاقة، وكل ذلك يصب في خانة التنمية المستدامة التي تسعى إليها معظم دول العالم اليوم.
وفي ظل هذا النموذج المتكامل، تبرز تساؤلات مشروعة، لماذا لا نبدأ بتطبيق مثل هذه المبادرات في مدننا؟ ألا نملك الموارد والبنية التحتية والمراكز التجارية الكبرى؟ أليست الشركات المحلية قادرة على المساهمة في هذا التغيير الحضاري الذي لا يخدم البيئة فحسب، بل يعزز قيمة المسؤولية المجتمعية لديها؟
إن الخطوة الأولى قد لا تكون سهلة، لكنها بالتأكيد ليست مستحيلة، فحين تتحوّل المخلفات إلى قيمة، ويتحوّل السلوك اليومي البسيط إلى فعل بيئي راقٍ، نكون قد بدأنا بالفعل في إعادة تشكيل علاقتنا مع هذا الكوكب. وبين ركام النفايات، قد يختبئ ذهبٌ لا يُقدّر بثمن، ينتظر فقط من يمدّ يده إليه بفكرٍ واعٍ ونية خالصة.
ومن هنا، فإن الأمل معقود على الجهات المختصة في السلطنة، للنظر بعين الجدّ إلى مثل هذه النماذج العالمية التي أثبتت نجاحها، وتبنّيها بفكر وطني خالص، يُراعي خصوصية المجتمع ويستثمر في وعيه المتزايد بالقضايا البيئية ، بل إن من الجدير التفكير في تأسيس شركة مساهمة عامة تُعنى بإدارة تدوير المخلفات بشكل مبتكر، يكون لها فروع في مختلف محافظات السلطنة، وتتولى مسؤولية بناء منظومة تدوير حديثة ترتكز على التكنولوجيا والتحفيز المجتمعي، وتشرك القطاعين العام والخاص في تحقيق بيئة أكثر نقاءً، واقتصاد أكثر تنوعًا واستدامة ، إننا بحاجة اليوم إلى مبادرات لا تنتظر التغيير، بل تصنعه.