سودانايل:
2024-06-16@11:28:27 GMT

التصوف والخضوع للطائفية بين المثقفين السودانيين

تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT

زهير عثمان جمد
التصوف هو مذهب ديني وفكري يركز على العِلاقة الروحية بين الإنسان والله، ويسعى إلى تحقيق الوحدة والمعرفة والحب والسلام. الطائفية هي موقف أو سلوك يعتمد على الانتماء إلى طائفة أو جماعة معينة، ويتسم بالتعصب والتمييز والتفرقة. هذان المفهومان يبدوان متناقضين في الظاهر، فكيف يمكن أن يجتمعا في واقع المثقفين السودانيين؟
هذا البحث يهدف إلى استكشاف هذه الظاهرة من منظور تاريخي واجتماعي وثقافي، وتحليل أسبابها وتأثيراتها على المجتمع السوداني.

كما يهدف إلى تقديم بعض الأدوار والمقترحات التي يمكن أن يلعبها المثقفون السودانيين في التصدي لهذه الظاهرة والمساهمة في بناء مجتمع متحضر ومتسامح.
مفهوم المثقف والمثقف السوداني
قبل الدخول في موضوع البحث، لابد من تحديد مفهوم المثقف والمثقف السوداني. المثقف هو الشخص الذي يمتلك معرفة وثقافة وفكراً متقدماً، ويستطيع أن ينتقد ويحلل ويبدع ويؤثر في الواقع الذي يعيش فيه. المثقف السوداني هو المثقف الذي ينتمي إلى السودان أو يعيش فيه أو يهتم به، ويمتلك معرفة وثقافة وفكراً متعلقة بالسودان وتاريخه وحضارته ومشاكله وقضاياه.
المثقفون السودانيون هم جزء لا يتجزأ من المجتمع السوداني، ولهم دور هام في تشكيل الوعي والرأي العام، وفي المشاركة في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية. المثقفون السودانيون هم أيضاً متنوعون ومتعددون في انتماءاتهم واتجاهاتهم ومواقفهم، وهذا ينعكس على طريقة تعاملهم مع القضايا المختلفة، بما في ذلك قضية التصوف والخضوع للطائفية.
تاريخ التصوف والطرق الصوفية في السودان
يعود دخول التصوف إلى السودان إلى منتصف القرن السادس عشر الميلادي، عندما بدأت الطرق الصوفية في الانتشار في البلاد، خاصة بعد قيام دولة سنار الإسلامية (1504-1821م)، التي شجعت توافد العلماء والدعاة والصوفية إلى السودان. منذ ذلك الوقت، ظل التصوف والصوفية على ارتباط بالمتغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية في الحقب التاريخية المختلفة للسودان ودول الجوار.
الحركة الصوفية في السودان مرت خلال مراحل مختلفة، يُعتقد أنها مرت بثلاث مراحل البداية , المرحلة الأولى: لا تتوفر معلومات عنها بسبب انقطاع الأخبار. في هذه الفترة، كان السودانيون يعتنقون الإسلام السُني الذي دخل مع بواكير دخول الإسلام للسودان على يد الصحابي الجليل عبد الله بن أبي السرح رضي الله عنه، وهجرات القبائل العربية بعد ذلك.
المرحلة الثانية: شهدت ظهور الطرق الصوفية مثل الشاذلية والقادرية والتيجانية والبرهانية والسمانية والختمية والمهدية. هذه الطرق انتشرت في كل أرجاء السودان، وهي ممتدة إلى دول الجوار في نيجيريا وتشاد ومصر وغيرها. وتتنافس هذه الطرق فيما بينها على الشارع السوداني، وتقوم بتقديم خدمات مفيدة للناس مثل إنشاء المدارس والمستشفيات والمعاهد الدينية والجامعات والخلاوي لحفظ القرآن.
المرحلة الثالثة: ظهرت نتيجة لمؤثرات الحجاز القوية التي بدأت في أواخر القرن السابع عشر الميلادي. وشهدت هذه المرحلة ظهور طرق جديدة مثل الإسماعيلية والسبعينية والأنصارية والمريدية والطيبية. وقد اهتمت هذه الطرق بنشر تعاليمها ومبادئها وأورادها الخاصة، وبالتأثير في العامة وطريقة العبادة مع اضفاء مقام كبير لشيخ الطريقة
بعض المثقفون السودانيون يرون أن التصوف هو النسق الأنسب لتدين السودانيين، وأنه يمثل الإسلام الوسطي والمعتدل والمنفتح والمرحب بالتنوع والاختلاف. ويرون أن الطرق الصوفية تقدم رؤية شاملة ومتكاملة للحياة، وتحقق التوازن بين الجسد والروح، وتعزز القيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية. ويرون أن الشيوخ الصوفية هم أولياء الله وأحبابه، وأنهم يملكون معجزات وخوارق تثبت صدقهم وقربهم من الله. ويرون أن الانتماء إلى طريقة صوفية معينة هو مسألة خاصة وشخصية، ولا يعني التنازل عن الهوية الوطنية أو الإسلامية.
بعض المثقفون السودانيون الآخرون يرون أن التصوف هو انحراف عن الإسلام الصحيح، وأنه يمثل الإسلام الظاهري والشعائري والمغلق والمنغلق على الذات والمنبوذ من العالم. ويرون أن الطرق الصوفية تقدم رؤية ضيقة ومشوهة للحياة، وتخلق التفرقة والتشتت بين المسلمين، وتضعف العقل والإرادة والمبادرة. ويرون أن الشيوخ الصوفية هم دجالون ومخادعون، وأنهم يستغلون الناس ويضلونهم بادعائهم المعجزات والخوارق التي لا أساس لها من الصحة. ويرون أن الانتماء إلى طريقة صوفية معينة هو مسألة عامة وسياسية، ويعني التخلي عن الهوية الوطنية أو الإسلامية.
هناك أيضاً مثقفون سودانيون يحاولون الوسطية والموازنة بين هذين الموقفين، ويرون أن التصوف والطرق الصوفية لها جوانب إيجابية وسلبية، ويجب التمييز بينها والاستفادة من الجيد والتخلص من السيء. ويرون أن الشيوخ الصوفية هم بشر مثلنا، ويجب تقييمهم بما يقولون ويفعلون، وليس بما ينسب إليهم من معجزات وخوارق. ويرون أن الانتماء إلى طريقة صوفية معينة هو مسألة حرية واختيار، ولا يجب أن يؤثر على الانتماء الوطني أو الإسلامي.
يُعدّ التصوف ظاهرة تاريخية واجتماعية وثقافية معقدة في السودان، حيث يرتبط بمتغيرات مختلفة على مرّ العصور. ونجد بين المثقفين السودانيين آراءً متباينة حول التصوف والطرق الصوفية، تتراوح بين التأييد المطلق والرفض التام، مع وجود تيار وسطي يحاول التوازن بين هذين الاتجاهين.
التصوف بين الإيجابية والسلبية , يُقرّ الجميع بأنّ للتصوف جوانب إيجابية وسلبية، حيث يُعزّز القيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، ويُقدّم رؤية شاملة للحياة، ويُحقّق التوازن بين الجسد والروح. بينما يُنتقد التصوف أحياناً لِما يُعزّز من الطائفية والانغلاق على الذات، ويُضعف العقل والإرادة والمبادرة.
التصوف والهوية , يُثير الانتماء إلى طريقة صوفية معينة نقاشاً حول الهُوِيَّة، حيث يرى البعض أنّه يُمثّل تنازلاً عن الهُوِيَّة الوطنية أو الإسلامية، بينما يرى آخرون أنّه مسألة حرية واختيار لا تُؤثّر على الانتماء الوطني أو الإسلامي.
التصوف والوسطية أنها من اهم القضايا ,يُمثّل الوسطية والتوازن بين إيجابيات وسلبيات التصوف نهجًا سليمًا لفهم هذه الظاهرة المعقدة. ويُمكن الاستفادة من الجوانب الإيجابية للتصوف مثل تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، بينما يجب التخلص من الجوانب السلبية مثل الطائفية والانغلاق على الذات.
التصوف والتحليل الدقيق لنبدأ بنظرة علمية للتصوف , يُمكن تحليل ظاهرة التصوف والطائفية بين المثقفين السودانيين بواسطة دراسات أكاديمية و اجتماعية تُسلّط الضوء على مختلف جوانبها، وتُساعد على فهمها بشكل أفضل.
التصوف والوحدة الوطنية , يُعدّ التصوف ظاهرة تاريخية واجتماعية وثقافية راسخة في السودان، ويجب التعامل معه بِحكمةٍ ووعيٍ لِما له من تأثير على الوحدة الوطنية.
التصوف والتنوع , يُمكن للتصوف أن يُمثّل جسراً للتواصل بين مختلف الثقافات والأديان في السودان، وتعزيز التسامح والاحترام المتبادل.
التصوف والمستقبل ÷نالك الكثير من الشباب ينقاش الامر بجدية ولكن لاأحد يشاركهم الاهتمام يُمكن للتصوف أن يؤدّي دورًا إيجابيًا في بناء مستقبل السودان، من خلال تعزيز القيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، ونشر ثقافة التسامح والاحترام المتبادل.
أحيرا أقول أنه يُعدّ التصوف ظاهرة معقدة تتطلب تحليلاً دقيقاً وفَهْماً شاملاً من قبل المثقفين والمجتمع السوداني ككل. ويبقى السعي نحو الوسطية والتوازن بين إيجابيات وسلبيات التصوف هو النهج السليم لِما له من تأثير على الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي في السودان.

zuhair.osman@aol.com
///////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الطرق الصوفیة فی السودان

إقرأ أيضاً:

الأغذية العالمي: أكثر من 40 ألف لاجئ سوداني في ليبيا

قال برنامج الأغذية العالمي إن اللاجئين السودانيين مستمرون في الوصول إلى ليبيا، حيث بلغ إجماليو و المسجلين لدى مفوضية اللاجئين، أكثر من 40 ألفا حتى نهاية مايو الماضي.

وأطلق البرنامج نداء من أجل خطة الاستجابة للاجئين السودانيين في ليبيا، للحصول على تمويل بـ43 مليون دولار، منها 4 ملايين دولار لتقديم مساعدات غذائية لـ55 ألف لاجئ سوداني يعانون انعدام الأمن الغذائي.

ولفت البرنامج إلى تعزيز مخزونه من المساعدات الغذائية الطارئة عبر تخزين 83 طنا في طرابلس وبنغازي؛ مشيرا إلى تقديم مساعدات غذائية إلى 480 مهاجرا طردوا من تونس إلى الحدود الليبية.

المصدر: برنامج الأغذية العالمي

اللاجئين السودانيينبرنامج الأغذية العالمي Total 0 مشاركة Share 0 Tweet 0 Pin it 0

مقالات مشابهة

  • يفضلونها على المصرية.. الخراف السودانية تغزو أسواق القاهرة
  • الأغذية العالمي: أكثر من 40 ألف لاجئ سوداني في ليبيا
  • بالفيديو.. جحيم مدينة الفاشر يلاحق النازحين السودانيين حتى منطقة الطويلة
  • مندوبة أمريكا في مجلس الأمن تتحدث لاول مرة عن إرتكاب”جرائم وحشية” على يد الجنرال حميدتي
  • هجرة غير شرعية.. ترحيل 700 سوداني من مصر إلى السودان
  • فعاليات الصويرة تنتفض ضد مهرجان كناوة وتتهم “نايلة التازي” بتفضيل الأجانب على الفنانين المحليين
  • مفوضية اللاجئين للجزيرة نت: 57% من المسجلين لدينا في مصر من السودانيين
  • الأمن المصري يرحل 7 حافلات تقل لاجئين سودانيين
  • الجامعة العربية تدعو إلى حقن دماء السودانيين وإعلان هدنة في العيد
  • ترحيل اللاجئين.. ما وراء الحملة على السودانيين والسوريين في مصر؟