كثيرا ما نتحدث عن أهمية مواءمة مخرجات التعليم لمتطلبات سوق العمل دون أن ندرك أن سوق العمل يتحرك ويتغير باستمرار، فمتطلبات سوق العمل اليوم تختلف عما كانت عليه قبل 10 أعوام أو العشرين عاما الماضية وتختلف كذلك عما سيكون مطلوبا خلال السنوات الخمس أو العشر المقبلة.
التغيرات التي يشهدها سوق العمل من سنة لأخرى تستدعي أن نفكر في أمرٍ أساسيّ نعتقد أنه ضروري لأي خطط تنموية أو اقتصادية وهو تسريع تشغيل مخرجات التعليم للاستفادة من الكمّ الهائل من المعلومات والخبرات التي اكتسبها الطلبة منذ مراحل التعليم الأساسي وحتى الحصول على شهادة الدبلوم أو البكالوريوس، ولعل الإنجازات التي حققها الطلبة العمانيون في مجال الابتكارات وفوزهم بجوائز عالمية أكبر دليل على ما يمتلكه هؤلاء الطلبة من مهارات تمكنهم من النجاح في سوق العمل وهو ما يتطلب أن نضع ثقتنا فيهم ونساعدهم على تحقيق ما يتطلعون إليه وإشراكهم في خدمة وطنهم وتوظيف قدراتهم وأفكارهم في ذلك.
وفي نظري أن ما يحدث اليوم من توقيع الاتفاقيات لتدريب مخرجات التعليم العالي وتأهيلهم لدخول سوق العمل وتوقيع الاتفاقيات بين وزارة العمل والشركات واستمرار التدريب لـ6 أشهر أو أكثر دون ربط ذلك بالتوظيف؛ أمرٌ غير منطقي وهدر للوقت والمال دون جدوى؛ لأن ما تعلمه الطلبة من مهارات التفكير الإبداعي والكم الهائل من المعلومات في مجالات تخصصاتهم وقراءاتهم المتعددة تؤهلهم لدخول سوق العمل فور تخرجهم. صحيح أن بيئة العمل تختلف عن بيئة الدراسة ولكن بما أن الطلبة استطاعوا الخروج بسلاسة من التعليم الأساسي إلى ما بعده من مراحل التعليم الأخرى وصولا إلى مرحلة البكالوريوس فإنهم قادرون دون أدنى شك على النجاح في بيئة العمل، وبدلا من أن ننفق المال الكثير على دورات تدريبية لن تضيف الكثير إلى ما تعلمه الطلبة والطالبات على مقاعد الدراسة فإن الأجدى أن نوجه هذه الأموال لتأسيس شركات جديدة وبناء مصانع جديدة تستوعب هذه الكفاءات وتمكنهم من المشاركة في مرحلة البناء التي يشهدها وطننا العزيز.
قد يكون من المنطقي أن يخضع الطلبة لدورات تدريبية على رأس العمل أو دورات تخصصية لتنمية مهارات معينة يحتاج إليها سوق العمل مرتبطة بالتوظيف بعد إنجاز الدورات بنجاح، ولكن أن نجد هذا التعقيد في التوظيف والمقابلات والأسئلة التعجيزية للمتقدمين للوظائف في القطاع الحكومي أو الشركات الحكومية وشركات المساهمة العامة حتى تصبح الوظيفة حلما طال انتظاره فإنه أمر يقلّص استفادتنا من المهارات والقدرات والطموحات التي تغرسها الدراسة الجامعية في الطلبة، وفي نظري أن تسريع التوظيف سوف يمكننا من الاستفادة بشكل أكبر مما تعلمه الطلبة على مقاعد الدراسة. أما تأخير التوظيف لـ5 أو 7 أو 10 سنوات فإنه سوف يفقدنا كفاءات عديدة تعلمت الكثير مما كان مطلوبا لسوق العمل في حينه ونأتي اليوم بعد 5 سنوات أو أكثر من تخرجها لنسأل هذه المخرجات عن آخر تطورات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والثورة الصناعية الخامسة إنما هو تعجيز ووَأْدٌ لأحلام طالما كانت تراود هؤلاء الطلبة منذ أن كانوا على مقاعد الدراسة في التعليم الأساسي، وكثيرا ما نتذكر أولئك الطلبة والطالبات الذين يتم سؤالهم عن أمنياتهم بعد أن يكبروا فمنهم من يقول إنه يرغب في أن يكون طبيبا أو مهندسا أو معلما أو طيارا أو غيرها من المهن الأخرى ثم بعد أن يواجهوا الكثير من المصاعب والتحديات على مدار 12 عاما في التعليم المدرسي و5 سنوات أو أكثر في التعليم العالي لنقول لهم: لم يحن بعدُ وقت توظيفكم وعليكم الانتظار لسنوات أخرى.
إن تسريع توظيف الباحثين عن عمل يحقق العديد من المكاسب الاجتماعية والاقتصادية التي تنعكس إيجابا على الطلبة وعلى المجتمع بشكل عام، بالإضافة إلى المكاسب الأخرى المتعلقة بالتنمية الشاملة وهو باختصار: استثمار في الوطن وأبنائه، وهو ما يتطلب حسا عاليا من المختصين في مختلف وحدات الجهاز الإداري للدولة والمعنيين بالموارد البشرية في الشركات الحكومية وشركات المساهمة العامة والقطاع الخاص.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: سوق العمل الطلبة من
إقرأ أيضاً:
وكيل وزارة التعليم: مشاريع طلابنا في آيسف أبهرت العالم وأظهرت عقولًا واعدة
أكد وكيل وزارة التعليم لتنمية قدرات الطلاب الدكتور سعد الحربي أن مشاريع طلاب المملكة في معرض العلوم والهندسة الدولي (آيسف 2025) كانت محطّ أنظار العالم، وأظهرت ما يملكه أبناء الوطن وبناته من عقول واعدة وقدرات بحثية وابتكارية متميزة، مشيرًا إلى أن ما تحقق في هذا المحفل الدولي هو ترجمة واقعية لرؤية المملكة 2030 في تمكين الشباب واستثمار طاقاتهم العلمية لبناء مستقبل الوطن.
وأعرب عن فخره واعتزازه بما حققه الطلبة السعوديون في معرض (آيسف) الذي أُقيم في مدينة كولومبوس بولاية أوهايو الأمريكية، وحصدوا نحو 23 جائزة كبرى وجائزة خاصة، متقدمين على العديد من الدول المشاركة في المسابقة العالمية.
وأشار الدكتور الحربي إلى أن ما حققه الطلبة يُعد إنجازًا وطنيًّا مشرفًا، عكَس المستوى المتقدم الذي وصلت إليه المملكة في رعاية الموهوبين والمبتكرين، مؤكدًا أن مشاريع الطلبة كانت محلّ اهتمام وإعجاب الزوّار؛ لما تميزت به من جودة علمية وأصالة في الطرح.
وأوضح أن هذا التميز هو ثمرة دعم القيادة الحكيمة -أيدها الله- للطلبة الموهوبين، ونتيجة لجهد تكاملي بُذل منذ بداية العام الدراسي، شارك فيه الطلبة ومعلموهم وأسرهم، وبدعم مباشر من إدارات التعليم ومتابعة مستمرة من وزارة التعليم، في إطار تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.
وقدم الدكتور الحربي شكره وتقديره لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة)، وإدارات التعليم، والمعلمين والمعلمات، وأسر الطلبة، ولكل من أسهم في تحقيق هذا الإنجاز الوطني، مؤكدًا استمرار الوزارة في بناء شراكات نوعية تعزز قدرات الطلبة السعوديين، وتفتح أمامهم آفاقًا أوسع للتميز في المحافل الدولية.
أخبار السعوديةآخر أخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.