سودانايل:
2025-05-23@09:43:55 GMT

صراع العقل والمصلحة من يكسب؟

تاريخ النشر: 19th, February 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
في واحدة من كتابات المفكر المغربي عبد الاله بلقزيز عن عمليتي " الإصلاح و النهضة" يقول عن ذلك ( أن الخلاف في استخدام المصطلحين في كل من أوروبا و الوطن العربي.. في أوروبا هناك علاقة بين الفكر و الإنتاج المعرفي و المجتمع.. و هناك حاملا بين الذين ينتجون المعرفة و الفكر و المجتمع .

. و الحامل هو الذي يعطي الفاعلية للمعرفة و الفكر.. و في الوطن العربي يغيب الحامل و يصبح هناك هوة بين الفكر و المعرفة)
أن الغائب في الساحة السياسية السودانية هو بالفعل غياب الحامل للفكر و المعرفة، و الذي يحول كليهما إلي تطبيق في الواقع، و إلي ممارسة يتبين من خلالها صلاحية الفكر، و أيضا اختبار للمعرفة. أن غياب الحامل ليس هو وليد اللحظة أو الفترة الانتقالية، أنما بسبب ضعف العناصر التي تم تقديمها في فترة الثلاثين عاما التي حكمتها الإنقاذ، و بسبب غياب الديمقراطية و المساحة المحدودة للحرية. هذه الفترة أيضا صاحبتها صراعات داخل المنظومة التي كانت تحكم " عضوية المؤتمر الوطني" حيث ظهرت عبر بروز لمراكز القوى داخل المنظومة الحاكمة، حيث أصبح الولاء هو سيد الموقف، و بالتالي كان يتم استبدال عناصر تمتلك الخبرة و المعرفة بعناصر تفتقد لكليهما، و لكنها كانت تظهر الولاء. هذا الصراع أثر سلبا على أداء النظام الحاكم و على مؤسسات الدولة التي أصبح يصعد لها عناصر ليست بالكفاءة المطلوبة، أيضا كان له انعكاس سالب في الحريات و خاصة حرية التعبير و الصحافة و الإعلام، حيث كانت تمنع عناصر من الكتابة و التعليق و حتى عن تقديم الأفكار الصائبة. فكان النقد لا يؤخذ بأنه محاولة للإصلاح، و لكن محاولة لتكسير عظام الطرف الأخر، الأمر الذي أثر بصورة كبيرة على مجمل العملية السياسية في البلاد..
هذه المسالة لم تكن قاصرة فقط على النظام الحاكم، بل انعكست على مجمل القوى السياسية، فكلما كان يشتد الصراع داخل السلطة كانت تستعين بشخصيات أخرى من الأحزاب الأخرى و تقدم لهم كل المغريات، و ظلت الهجرة من الأحزاب إلي المؤتمر الوطني، كل ذلك كان له أثر سالبا على الأحزاب السياسية، و في نفس الوقت كانت تضيق الحريات على المجموعة التي يعتقد إنها مخالفة، و تمارس عليها ضغوطات.. و كان قيادت المؤتمر الوطني متمثلة في البشير و المجموعة التي يأتي بها إلي القصر، و المجموعة التي يتم تعينها في قمة هرم الحزب الحاكم، إلي جانب قيادة جهاز الأمن والمخابرات.. جميعها كانت لا تشعر بالأمان في ظل الصراع المحموم، لذلك كثرت المؤامرات الداخلية. هذا القلق كان يشعر البشير أنه يحتاج لقوى اسناد سياسي من أحزاب بعينها خاصة " الاتحادي و الأمة" لذلك أكثر الأحزاب تأثرا سلبيا بعملية الصراع الذي كان دائرا داخل المنظومة الحاكمة.. الأمر الذي خلق بروز قيادات ضعيفة من الناحيتين الفكرية و المعرفية، حيث ظلت محكومة برغبة واحدة كيف تستطيع تقديم أفضل سلوك لإظهار الولاء و الطاعة لكي تحافظ على مواقعها. و في الجانب الأخر أنها عجزت أن تقدم عناصر ذات قدرات و رؤى تساعد على الإصلاح و تطوير و تحديث أحزابها.. و كلمة الإصلاح نفسها أصبحت غير مطلوبة داخل الحزب الحاكم، و دلالة على ذلك كيف رفض الاحتجاج الذي قدمته مجموعة " غازي صلاح الدين" عن كمية القتل في ثورة سبتمبر 2013م، حيث تم ممارسة ضغط على المجموعة حتى غادرت من الحزب الحاكم، هذا الحالة تبين أن الصراع داخل المنظومة الحاكمة كانت تتحكم فيه الرغبات شخصية ،و لم تكون في مصلحة الوطن و المواطن.
أن الصراع الذي كان يحدث داخل الحزب الحاكم و حتى مؤسسات الدولة كان يرمي بظلاله على القوى الأخرى، التي صعدت إليها عناصر أيضا متواضعة القدرات بعد حالات الانشقاقات الي حدثت فيها، و خروج العديد من العناصر المجتهدة و التي تجمع بين الفكر و المعرفة و التجربة. هذا هو الذي جعل الثورة تتفجر من خارج المؤسسات الحزبية، و حتى بعد سقوط النظام فشلت أن تدفع بعناصر تصبح حاملا للمعرفة و الفكر و كيفية تزظيفها من أجل التغيير و إدارة الأزمة بالصورة التي تجعلهم محافظين على توازن القوى.. و لكن للأسف أنهم أول ما خسروا الشارع الذي يخلق توازن القوى..
معلوم أن اتساع الحرية يساعد على الإبداع في المجتمع، و على الإنتاج الفكري الذي يساعد على عملية التغيير. جاءت الأحزاب إلي الساحة السياسية لا تحمل معها غير شعارات عجزت حتى على تنزيلها في الواقع.. فالقضية ليست صراع بين قوى سياسية مختلفة في أطروحاتها الفكرية، أنما في العقل الذي يدير الصراع لمصلحة الوطن و ليس للمصلحة الحزبية و الجهوية الشخحصية.. و رغم الحرب الدائرة الآن لم يقدم مشروعا سياسيا بهدف كيف يحكم السودان لكي يصبح محورا للحوار بين كل القوى السياسية، أنما السعي المحموم هو من أجل السلطة.. و في نفس الوقت أن القوى السياسية جميعها خرجت تبحث عن السلطة في عواصم العالم، و ليس مع الشعب السوداني الذي أكتوى بنيران الحرب و الغلاء و الفقر و النزوح.. و فكرة المقاومة الشعبية هي فكرة تولدت من رحم معاناة لجماهير بهدف حماية انفسهم و ممتلكاتهم.. و هي الأداة التي يجب الرهان عليها، لأنها هي التي سوف تشكل مستقبل السودان السياسي.. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: داخل المنظومة الحزب الحاکم

إقرأ أيضاً:

البحوث الإسلامية: الإسلام ليس ضد التطور ويواكب كل منجزات العصر

قال الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، إن ما يُردَّد أحيانًا من أن الإسلام لا يواكب التطورات الحديثة أو لا يلائم العصر الحديث هو "قول صادر عن مهزومين نفسيًا"، مؤكّدًا أن الإسلام دين تقدُّم ورُقي، ويملك من التشريعات ما يجعله قادرًا على التفاعل الإيجابي مع كل جديد.

البحوث الإسلامية يشارك بمؤتمر: «الإرهاب في غرب أفريقيا»البحوث الإسلامية يطلق قافلة توعية شاملة في المطارات بمناسك الحج .. صور

وأوضح الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، خلال تصريح، أن الإسلام منذ لحظته الأولى جاء يخاطب العقل والوجدان، ويرسّخ لقيم التفكير والتدبّر، مشيرًا إلى أن الله تعالى سخّر للإنسان ما في السماوات والأرض جميعًا من أجل رقيّه وتقدّمه، ثم عقّب على ذلك بقوله: "إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون".

وأضاف أن أعمال العقل والعلم والمعرفة هي التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه من منجزات حضارية ومكتسبات مادية، ولا يمكن تصور أن يكون الإسلام ضد هذا المسار، بل على العكس، القرآن الكريم أشار بوضوح إلى التقدُّم العلمي والابتكار، في قوله تعالى: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق"، مؤكدًا أن هذه الآية تُعدّ تهيئة نفسية للأجيال المتعاقبة لاستقبال تطورات واكتشافات ستأتي تباعًا، وهو ما نراه متحققًا في واقعنا اليوم.

وأشار الأمين العام المساعد إلى أن الإسلام لا يرفض هذه المخترعات، بل يضع لها ضوابط شرعية تضمن تحقيق الجانب الآمن والمفيد منها، مؤكدًا أن العالم يشهد اليوم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة في وسائل الاتصال والتطبيقات الرقمية، وعلى المسلمين أن يواكبوها بالاستفادة والإفادة دون تفريط أو تضييع للقيم.

وشدد على أن القرآن الكريم أرشد البشرية منذ البداية إلى طريق المعرفة والعلم بقوله تعالى: "اقرأ باسم ربك الذي خلق"، لافتًا إلى أن هذه الآية تمثل مفتاح الحضارة الإنسانية التي تُبنى على القراءة المنتجة، والمعرفة المسؤولة.

وعن الاستخدام الرشيد لوسائل التواصل الاجتماعي، قال إن الإسلام يوجّه سلوك الإنسان إلى الانضباط اللفظي والأخلاقي، محذرًا من خطورة الكلمة غير المسؤولة، أو المهينة، أو المثيرة للفتن، مؤكدًا أن من صفات المؤمنين أنهم يعرضون عن اللغو، كما قال الله تعالى: "قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون".

وأكد على أن الإسلام يربّي أبناءه على المسؤولية في القول والفعل، وأن حضور الإنسان الرقمي لا ينبغي أن يكون منفصلًا عن ضوابط الدين وقيمه العليا في التواصل، قائلاً: "المنصات الحديثة فرص عظيمة إذا أُحسن استخدامها، وهي في ذاتها نعمة، ولكنها قد تتحول إلى نقمة إن فُقدت البوصلة الأخلاقية".

طباعة شارك البحوث الإسلامية الإسلام التطور العقل الوعي الدكتور حسن يحي الأزهر

مقالات مشابهة

  • الأخدود يكسب الرائد بهدف نظيف في الجولة الـ33 من الدوري السعودي للمحترفين
  • فينيسيوس يودع لوكا مودريتش: كانت كرة القدم التي تقدمها فنا
  • رغم تحركات الجزائر في المنطقة.. المغرب يكسب اعتراف المزيد من دول أوربا الشرقية بالسيادة المغربية على الصحراء
  • حماس: نحذّر من الواقع المأساوي الذي يهدد حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين
  • النائب هالة الجراح: الفكر التربوي النهضوي أساس للنهوض الحضاري
  • الجنود الذين لا يراهم أحد: كيف بقيت أميركا في العراق دون ضجيج؟
  • المخلافي يوبخ المجلس الانتقالي وينتقد إنقلابه على القانون ويصف تصرفاته حول إجازة عيد الوحدة بالمهزلة التي تعكس عقليات تفتقد العقل واحترام المسؤولية
  • يحمل اسم شخصية توراتية.. ماذا نعرف عن مشروع "استير" الذي تبناه ترامب؟
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة في تغريدة عبر X: تلقى الشعب السوري اليوم قرار الاتحاد الأوروبي برفع العقوبات المفروضة على سوريا، وإننا نثمن هذه الخطوة التي تعكس توجهاً إيجابياً يصب في مصلحة سوريا وشعبها، الذي يستحق السلام والازدهار، كما نتوجه بال
  • البحوث الإسلامية: الإسلام ليس ضد التطور ويواكب كل منجزات العصر