عقد ملتقى المرأة بالجامع الأزهر اللقاء الأسبوعي من برامجه الموجهة للمرأة والأسرة، تحت عنوان"فلسفة العبادة في الإسلام..الحج نموذجاً"، بحضور د. سمحاء عبد المنعم، أستاذ مساعد ورئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر، ود. هبة عوف، أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، وأدار الحوار د. حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر الشريف.

أوضحت د. سمحاء أبو العطا، أن الحج ليس مجرد سفر إلى مكان مقدس، بل هو رحلة يتشابك فيها الجسد بالروح، والسلوك بالعقيدة، حيث نمتثل لأوامر الشرع، وإن خفيت علينا حكمته، وهو ما يُسمى بالعبادات التعبدية، فالحج يُربّي في المسلم طبع التسليم، حين يُقبّل حجرًا أو يشير إليه، وحين يقف بعرفة في زمن محدد، ويبيت بمزدلفة ومنى، وكلها أفعال لا تُفسَّر بالعقل وحده، بل تُفهَم في ضوء العبودية الخالصة.

وأشارت رئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر، إلى أن مناسك الحج تروي قصصًا رمزية تنطق بالتسليم والثبات والإيمان العميق، فلبس الإحرام إضافة إلى أنه رمز للتجرد والتخلي عن الدنيا وزينتها، فهو يُمثل كفن معنوي يُذكر الحاج بالموت وفناء الدنيا، ورمي الجمرات ‌‍رمز لمعركة متكررة ضد وساوس الشيطان، وشهوات النفس، ورفض الاستسلام للضعف البشري والنفس الأمّارة بالسوء، والطواف عكس عقارب الساعة هو جزء من الانسجام الكوني العظيم، كما تدور الأرض حول الشمس، والقمر حول الأرض، في إشارة إلى أن الإنسان يعيش منسجمًا مع الكون، لا متصادمًا معه ولا متعاليًا عليه.

وتابعت: السعي ليس مجرد خطوات، بل قصة خالدة تُجَسِد معنى التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، كذلك فإن تكرار السعي يغرس في القلب يقينًا بأن الله لا يُضيع سعي من أحسن الظن به، ولا يُخيّب رجاء من يداوم طرق بابه، كما أن محظورات الإحرام لم تُشرع فقط لتُجتنب، بل هي تدريب على ضبط النفس، وبناء الضمير الإيماني، والتحكم في الشهوات، والتجرد من زينة الدنيا.

من جانبها بينت د. هبة عوف، أن العبادات في الإسلام هي أعظم ما يربط الإنسان بخالقه، ومنها الحج إلى بيت الله الحرام، حيث البقاع المقدسة والمشاعر المشرفة في مهبط الوحي ومنبع الرسالة، فالحج فريضة شرعية وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، ففي الحج تسكب العبرات وتقال العثرات وتكفر السيئات وتغفر الزلات، وتتنزل الرحمات، وترفع الدرجات، ويجود رب الأرض والسماوات بكفالة التبعات؛ لذلك، ما أجمل أن يستشعر الحجاج عظمة هذه الفريضة، فهي ليست رحلة سياحية، وإنما رحلة إيمانية مفعمة بالمعاني السامية والأهداف النبيلة، وفرصة عظيمة للتوبة، وفتح صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى.

وأضافت أستاذة التفسير بجامعة الأزهر: الحجاج ضيوف الرحمن وزواره، وهم وفد بيت الله وعماره، إن دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم، لو لم يحبهم الله ما دعاهم ولا في بيته لقيهم وحفظهم وهداهم، قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم: "ثلاثة في ضمان الله عز وجل، رجل خرج من بيته إلى مسجد من مساجد الله عز وجل"، والحج بداية رحلة القرب من الله تعالى، بدأها الله سبحانه وتعالى من عنده بالحب والوصال والنداء والدعوة، فأمر سيدنا إبراهيم بالنداء، {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}، فنادى إبراهيم عليه السلام، فأسمع الله سبحانه وتعالى صوته للجميع، فأجابوه، ولبوا نداءه من بطون الأمهات وأصلاب الرجال، فاستحقوا أن يباهي بهم ملائكته، قائلاً لهم: هؤلاء عبادي جاؤوني شُعثًا غُبرًا من كل فجٍ عميق يرجون رحمتي ويخافون عذابي، ولم يروني.

ولفت د. هبة عوف، إلى أن الحج ليس عبادة عملية فقط، بل قلبية أيضًا، لما فيه من إخلاص واستشعار، وتوبة وفرح واستفتاح وتعظيم للشعائر وإيقاظ للمشاعر، فالحج يعودنا على حسن معاملة الناس والتحلي بحسن الخلق.

طباعة شارك ملتقى المرأة بالجامع الأزهر فلسفة العبادة في الإسلام الجامع الأزهر

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ملتقى المرأة بالجامع الأزهر الجامع الأزهر بالجامع الأزهر بجامعة الأزهر إلى أن

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة الأزهر يكشف سر حذف «الرحمن الرحيم» في دعاء الجماع

قدم الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، شرحًا مفصّلًا لأدب الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم للرجل عند إتيان أهله، مبينًا أن الرسول الكريم أرشد إلى القول: «بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا».

وأوضح خلال لقاء تلفزيوني اليوم السبت، أن النبي اكتفى بقول «بسم الله» دون ذكر صفتي «الرحمن الرحيم»، وهو ما استوقف أهل العلم لبحث الحكمة من هذا الحذف.

وقال داود إن العلماء رأوا أن حذف الصفات في هذا الموضع ملائم للمقام، لما يغلب على اللحظة من شهوة تستدعي الاكتفاء بالبسملة المجردة، مشيرًا إلى أن في ذلك مراعاة دقيقة لطبيعة الموقف. 

وأضاف أن الإمام الشافعي رضي الله عنه كان يرى أنه لو زاد الداعي صفتي «الرحمن الرحيم» لكان حسنًا، لأن الزيادة في الذكر خير، إلا أن جمهور العلماء أكد أن الاتباع الدقيق للَّفظ النبوي الموروث هو الأفضل.

وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن هناك رواية أخرى في صحيح البخاري جاء فيها الدعاء دون بسملة ولا نداء «اللهم»، واقتصر اللفظ على: «جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا». 

وبين أن العلماء وجّهوا هذه الرواية بأنها الحدّ المجزئ من الدعاء، بينما الرواية الكاملة هي البسملة ثم النداء ثم نص الدعاء، موضحًا أن الأولى لمن أراد التمام، والثانية لمن أراد مجرد حصول الأجر.

وأضاف أن الرواية المختصرة تحمل فائدة مهمة، إذ تتيح لمن نسي الدعاء قبل الشروع ثم تذكر أثناء الفعل أن يقول: «جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا» دون بسملة ودون لفظ الجلالة، حتى لا تفوته بركة الدعاء ولا يفوته الاتباع، مراعاة لحال النسيان.

الموقف الشرعي لمصممة الأزياء في عرض الموديلات المفتوحة ..الإفتاء توضححكم الدعاء بالمجربات الصالحين وأثرها على الشرع؟.. الدكتور يسري جبر يوضح

وأوضح داود أن للعلماء نظائر لهذا التفصيل، ومنها دعاء دخول الخلاء: «بسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث». 

فإن نسي الشخص الدعاء قبل الدخول قال: «أعوذ بك من الخبث والخبائث» داخل الخلاء دون ذكر البسملة وتعظيم اسم الله، حفاظًا على حرمة المكان وفي الوقت نفسه إدراكًا لبركة الاتباع.

وأشار رئيس جامعة الأزهر إلى أن اختلاف الروايات وتعددها يعكس رحمة السنة النبوية واتساعها لحال المتذكر قبل الشروع، وحال الناسي الذي تذكّر أثناءه، مبينًا أن هذه اللطائف التي تداولها العلماء تكشف دقة فهمهم وعمق عنايتهم بتوجيه النصوص بما يناسب حياة المؤمن ويحقق له العمل بالوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم على أكمل وجه.


 

طباعة شارك رئيس جامعة الأزهر الرحمن الرحيم دعاء الجماع

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الأزهر يكشف سر حذف «الرحمن الرحيم» في دعاء الجماع
  • مفتي الجمهورية: نجاح منظومة الحج يعتمد على تكامل الأدوار بين مؤسسات الدولة
  • فلسفة زوربا في مواجهة الحياة!
  • اليوم.. ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية قالون عن نافع بالجامع الأزهر
  • 7 عبادات بعد صلاة الفجر تجلب لك خير الدنيا والآخرة.. لا تغفل عنها
  • مطالب بضرورة تغليظ العقوبات القانونية لممارسي السحر والشعوذة
  • أحمد كريمة: الخلافة الراشدة كانت فترة دعوية لتثبيت الإسلام وليست مجرد حكم سياسي
  • أحمديات: برنامج دولة التلاوة رحلة روحانية مع كلمات الله
  • عالم أزهري: الإسلام صنف السحر ضمن السبع الموبقات وحرم الذهاب للعرافين
  • قرآن كريم.. اجعل لنفسك وردا تغنم فى الدنيا والآخرة