البوابة نيوز:
2025-07-28@22:43:40 GMT

دروس من التاريخ حتى لا يقنط الفلسطينيون!

تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT

من يتأمل المشهد الفلسطيني الراهن واستمرار الاحتلال في ارتكاب مجازر يندى لها الجبين وسط خرس دولي لابد أن يتسرب إلى عروقه اليأسُ والقنوط. لكن قضية التنكيل بأهل غزة وإبادتهم والقضية الفلسطينية ككل تحتاج في رأيي إلى الاستعانة بدروس من التاريخ من أجل فهم أفضل للواقع ليس فقط حتى يلهم الفلسطينيين ويقوي عزائمهم ويصبرهم على مآسيهم وإنما ليزرع في نفوسهم الثقة للعمل بإرادة وحذر للوصول إلى الهدف.

ويهدينا هنا التاريخ معاني وعظات عظيمة عند قراءة صفحات حروب التحرير التي خاضها العديد من الشعوب لإنهاء الاحتلال بما في ذلك الاستيطان الذي يطرح نفسه كاستعمار دائم. الاستعمار الفرنسي للجزائر الذي امتد 130 عاما كان استيطانيًا في طبيعته وكانت فرنسا تعتبر الجزائر امتدادا طبيعيا لأراضيها وتنهب خيراتها وتزيح أي نوع من المقاومة لوجودها بكل عنف ووحشية. ولم تبد منذ 1830 أي مؤشرات إلى احتمال خروجها من الجزائر أو قبولها بالجلوس على طاولة المفاوضات. بل إن المجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي كانت على نفس القدر من البشاعة والإجرام التي نراها اليوم ضد أهل غزة، وراح ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون جزائري. ومع ذلك، استطاعت جبهة التحرير الجزائرية أن تحول المستحيل إلى ممكن خلال سبع سنوات وحتى التحرير عام 1962. وهذا لم يحدث لأن المستعمر الفرنسي استعاد ضميره وإنسانيته فجأة بل لأن المقاومة أجبرته على ذلك!

المؤتمر الوطني الهندي والثورات الأكبر والأهم في تاريخ شبه القارة الهندية بل والعالم كله خلال أعوام 1857 و1921 و1930 أجبرت هي الأخرى التاج البريطاني على الرضوخ لمطالب الهنود. لم تتخيل بريطانيا العظمى أنها بإمكانها التخلي يومًا عن أثمن وأزهى جوهرة في التاج البريطاني. ومع ذلك تحقق استقلال الهند عن الحكم البريطاني عام 1947 بعد استمرار الاحتلال لمدة قرنين كاملين! 

أستحضر أيضا مثالًا آخر قد يكون الأطول في التاريخ الاستعماري للشعوب وأقصد المستعمرة البرتغالية "ماكاو" التي استمرت ستة قرون وأعادتها البرتغال فقط سنة 1999 إلى الصين. والحقيقة أن الأمثلة كثيرة في سجل الدول الاستعمارية وجرائمها التي وصفت كتب المؤرخين بشاعتها، لكننا لم نشاهد تلك الوحشية صوتًا وصورة كما نراه الآن على أرض غزة وهذا عامل لصالح الفلسطينيين في توثيق مقاومتهم للاحتلال رغم قسوة المعاناة. وليس هناك أي فرق في رأيي في جوهر الصراع بين أمس البعيد واليوم. والدعاية والتضخيم في عضلات المستعمر وشدته وبأسه هي التي اختلفت فقط في أدواتها. وسيذهب المستعمرون الجدد إلى الجحيم كما ذهب من سبقهم إلى مزبلة التاريخ. وهذا ليس من باب ترديد الشعارات ولكنَّ التاريخ قال كلمته وحكم عليهم بناء على سجلاتهم وجرائمهم!

وللحديث عما يمكن توقعه في القادم من أيام، سأرتكز على ما ذكره السيد عمرو موسى بما لديه من خبرة سياسية، وطالب بإبعاد نتنياهو أولًا عن المشهد السياسي حتى يمكن الحديث عن وقف إطلاق النار في غزة والسعي بعد ذلك لتحقيق سلام عادل وشامل. السيد عمرو موسى عبَّر عن هذا الرأي خلال ندوة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة منذ شهرين، موضحًا أن من يقود الحرب ويتورط في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني ويرتكب جرائم تدينها القوانين والأخلاق والأعراف الدولية والإنسانية لا يمكن أن يؤمن بالسلام ويتفاوض على مكوناته لذلك لابد أن يكون المطلب هو رحيله. 

ويضاف لهذه الخطوة خطوة أخرى مفصلية وهي التوحد الفلسطيني بين كافة الفصائل حول سدّ الفجوات بما في ذلك الاتفاق حول الهدف النهائي وهو إنشاء الدولة الفلسطينية. أما بالنسبة لأطراف تلهث نحو تطبيع بأي ثمن فلدى العرب مبادرة بيروت للسلام عام 2001 والتي بلورت نهجا يشترط قبل التطبيع الاعتراف بحق تقرير المصير الفلسطيني والانسحاب الاسرائيلي والاتفاق بشأن اللاجئين.. هذا كان بإجماع عربي من الدول الاثنين والعشرين. ولأن الكيان الاسرائيلي المحتل يسعى للتطبيع المجاني ودون تنازلات فإنه يتعامل مع الأراضي الفلسطينية بطريقة "القضم" قطعة قطعة - وهذا تشبيه السيد عمرو موسى- لذلك، جاءت عملية 7 أكتوبر لتتعامل مع هذا النهج في محاولة لإيقافه وإعادة طرح القضية الفلسطينية بقوة من جديد. وبناء عليه فإن المحاولات التي تبذلها أطراف الوساطة العربية محكوم عليها بالفشل حاليًا طالما استمرت إسرائيل في تسويق الأوهام وانتظار تقديم تنازلات عربية دون تنازلات من جانبها. وإذا ما أردنا جني ثمار المجهودات المبذولة لتحقيق السلام العادل فلابد أن تستقيل حكومة الدولة العبرية وتفسح المجال لغيرها فمن يرتكب جرائم الحرب لا يمكن أن يقود للسلام. حينئذ لربما يكون المأمول أفضل!

وإذا كان البعض واقعًا تحت وطأة الخوف من الاحتلال الاسرائيلي الذي رسم لنفسه عبر التاريخ المعاصر صورة "أسطورية" فلابد من الاستيقاظ وإدراك أن 7 أكتوبر قامت و8 أكتوبر في الطريق وربما 9 و10 وغيرها من مواعيد المقاومة المشروعة للاحتلالَ طالما أن الحيف العالمي مستمر. وعلى الدول الغربية التي تناصر بدعم كامل للكيان الإسرائيلي أن تستيقظ هي أيضًا لأن التاريخ سبق وحكم على الاستعمار بالزوال ولأن الدول العربية وشعوبها لن تسكتَ للأبد، كما أن الرأي العام العالمي أصبح متفطنًا لهذه السياسات الاستعمارية المرفوضة والتي مهما طالت فمصيرها معروف كما كان مصير امبراطوريات استعمارية تصورت أنها لن تغيب عنها الشمس!.

*كاتبة صحفية متخصصة فى الشأن الدولى

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: المشهد الفلسطيني القضية الفلسطينية

إقرأ أيضاً:

النفط تدشن البرنامج التدريبي حول دروس عهد الإمام علي لمالك الأشتر

الثورة نت /..

دشنت وزارة النفط والمعادن بالتنسيق مع المركز الوطني لبناء القدرات ودعم اتخاذ القرار، اليوم الأحد، البرنامج التدريبي لمحاضرات قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، من دروس عهد الإمام علي -عليه السلام- لمالك الأشتر.
يهدف البرنامج على مدى 15 يوما، إلى إكساب 150 من موظفي وزارة النفط والوحدات التابعة لها، معارف حول المهام والمسؤوليات والضوابط والمعايير التي حملتها وثيقة الإمام علي لمالك بن الأشتر.
وخلال التدشين، أشار وزير النفط والمعادن الدكتور عبدالله الأمير، إلى أهمية هذه البرامج النوعية على الصعيد الوظيفي، في تعزيز وتطوير الأداء والتفاني في إنجاز المهام، والاستشعار للمسؤوليات الملقاة على عاتق الجميع.
ولفت إلى أن البرنامج يأتي في إطار البناء المؤسسي في ضوء الأسس والمبادئ والقيم التي تضمنها عهد الإمام علي -عليه السلام – والذي يمثل مرجعية وميثاقا متكاملا لتحقيق الشفافية والعدالة.
ونوه بأهمية وثيقة عهد الإمام علي التي تتضمن أُسُساً إيمانية ومعايير أداء المسؤولية والمهام الأَسَاسية للدولة وما يتفرع منها من سياسات وضوابط.. مؤكدا حرص الوزارة على تعزيز البناء المؤسسي على الأسس والمبادئ التي تحقق المصلحة العامة.
وحث الدكتور الأمير المتدربين على الاستفادة من محتويات البرنامج واستيعابه على النحو الأمثل بما يسهم في صقل مهاراتهم وبناء السلوك الذي يعتبر الأداة الفاعلة في بناء القدرات.
وفي التدشين بحضور نائب وزير النفط والمعادن محمد النجار، أشار رئيس المركز الوطني لبناء القدرات الدكتور يحيى المحاقري، إلى أن البرنامج يمثل مرجعية شاملة لتنظيم العمل الإداري للدولة بكافة جهاتها وتحفيز قدرات الكوادر لتحسين الأداء.
واستعرض محاور البرنامج والخارطة الذهنية لوثيقة عهد الإمام علي – عليه السلام – لمالك الأشتر.. لافتا إلى ما تضمنته الوثيقة من أسس إيمانية ومهام رئيسية للدولة، وأطر ومعايير تضمن أداء المسؤولية بكفاءة وفعالية.
وأفاد بأن الهدف الأساسي من البرنامج فهم واستيعاب محاور ومكونات العهد بصورة مبسطة وفق تقسيم موضوعي يساعد على ترسيخ مبادئ وقيم وأسس ومعايير أداء المسؤوليات العامة.
حضر التدشين وكيل وزارة النفط المساعد لقطاع المعادن الدكتور يحيى الأعجم.

مقالات مشابهة

  • إطلاق مشروع «تطوير دروس المساجد»
  • أبو الغيط أمام مؤتمر حل الدولتين: الفلسطينيون تعرضوا للإبادة على مدى أشهر
  • وزير خارجية البرازيل: المحنة التي يمر بها الفلسطينيون اختبار للقانون الدولي
  • لأول مرة.. هولندا تدرج الاحتلال الاسرئيلي ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • لأول مرة… هولندا تدرج إسرائيل ضمن الدول التي تشكل تهديداً
  • محمد كركوتي يكتب: التعريفات بين الحل والتوتر
  • عاجل | الوكالة الوطنية للأمن في هولندا: إدراج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • هولندا تدرج إسرائيل لأول مرة على قائمة الدول التي تشكل تهديدا للبلاد
  • طوال العامين الماضيين ظللت أعتذر عن دعوات الزواج التي قدمت لي من الأهل والمعارف
  • النفط تدشن البرنامج التدريبي حول دروس عهد الإمام علي لمالك الأشتر