لجريدة عمان:
2024-06-02@16:05:07 GMT

كيف اهتمت الشريعة الإسلامية بالوقت

تاريخ النشر: 22nd, February 2024 GMT

كيف اهتمت الشريعة الإسلامية بالوقت

الوقت هو ذلك الشعاع الزمني الذي يأخذ خطا مستقيما منذ بدايته حتى نهايته، أما أعمار الناس فهي تلك الخطوط التي تمشي بموازات هذا الخط الزمني أو داخله، تبدأ منذ ولادة الإنسان إلى وفاته، فعمر الإنسان مرتبط بالعامل الزمني، ولكن يختلف إدراك الناس لأهمية هذا الوقت ومدى شعورهم بقيمته.

وقد أولى القرآن الكريم عناية خاصة بالوقت وبالحسابات الزمنية، فقد بين المولى عز وجل أن اليوم الواحد في حساب الله هو عبارة عن ألف سنة في حساب البشر، فقال تعالى في سورة الحج: "وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ" وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن المقصود بهذه الأيام التي مقدارها خمسين ألف سنة هي الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض، في حين ان ربنا عز وجل ذكر مقدار يوم القيامة وذلك في سورة المعارج فقال تعالى: "تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ".

اهتمام القرآن بالأوقات

كما أن الكتاب العزيز ذكر السنين البشرية في معرض ذكره للقصص القرأن ففي قصة سيدنا نوح ذكر أنه لبث في قومه 950 سنة فقال تعالى في سورة العنكبوت: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ". كما ذكر الله قصة الرجل الذي كان من بني إسرائيل وقد مر على قرية هجرها أهلها وأصبحت خاوية على عروشها فقال كيف يحيي الله هذه القرية بعد موتها فأماته الله مآئة عام ثم بعثه وبين له القدرة الإلهية في طريقة الإحياء فقال تعالى في سورة البقرة: " أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ". كما أن الله ذكر الشهور والأيام، كما انه للدلالة على أهمية هذه الأوقات نجد الله عز وجل أقسم بها فأقسم باليل والعصر والضحى وغيرها من الأوقات.

ولو تأملنا حياة الإنسان بأكملها لوجدنا أنها عبارة عن أعمال يقوم بها أو يوزعها في إطار الوقت، فله وقت للنوم والاستيقاظ، وله وقت لطلب العيش، وجلب الرزق، وله وقت للعبادات، وله وقت للراحة وله وقت للترفيه، وله وقت لكل عمل يقوم به.

وبحكم أن الإنسان مستخلف في هذه الأرض، وأوجده الله فيها لعبادته عز وجل، فإنه سيسأله عن كل لحظة وعن كل دقيقة مرت من حياته في ماذا قضاها وكيف أنفقها، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الشريف: لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ.. وقد كان الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام والصحابة رضوان الله عليهم والتابعين والعلماء يغتنمون كل ثانية من حياتهم، في ما ينفعهم في دينهم ودنيانهم، من الكسب الحلال وطلب العلم والعبادة الدائمة، حتى في أوقات فراغهم فهذا التابعي الجليل الحسن البصري يقول: "ما يضر أحدكم إذا جلس فارغاً أن يقول للملَك اكتب يرحمك الله ثم يُملي خيراً". فكانوا يملؤون أوقاتهم بالاستغفار وقراءة القرآن وطلب العلم والبحث عن المعرفة، أو لكسب الرزق.

العلماء العمانيون والوقت

فكانت أوقاتهم مباركة وأعمالهم جليلة وإنتاجهم الفكري والمعرفي غزير، على الرقم من قلة الوسائل وندرتها، إلا أننا نجد أن مؤلفاتهم ضخمة وعميقة وحاوية لصنوف المعرفة، ولو ضربنا الأمثلة لطال المقام، ولكن لو تأملنا في علمائنا العمانيين وما أنتجوه من مؤلفات فقهية وفكرية غزيرة لوجدنا العجب العجاب، فهذا الشيخ العلامة جُمَيّل بن خميس السعدي قام بتأليف الموسوعة الفقهية الموسومة بـ "قاموس الشريعة الحاوي طرقها الوسيعة" هو أكبر وأطول كتاب كتبه العمانيون في الفقة، فلك أن تتخيل كيف لعالم في ذلك العصر أن يفرغ جهده ووقته لكتابة هذه الموسوعة الضخمة المتكونة من 90 جزءا، بخط يده، كيف تشبع من هذه المادة العلمية ليستطيع أن يجري فيها قلمه في هذا التوسع المذهل، هذا يدل على الاهتمام البالغ بالأوقات واستثمارها في ما ينفع النفس والمجتمع والأمة في الأمور الهامة.

وكذا الحال إذا جئنا إلى كتاب "بيان الشرع" للعلامة محمد بن إبراهيم الكندي الذي يقع في 71 جزءان فهؤلاء العلماء لا يكتفون بهم التأليف، فقط، وإنما يتجاوزون ذلك إلى نسخ هذه المؤلفات بخط يدهم، حتى ان بعضهم ينعكف اصبعهم السبابة بسبب طول ملازمة القلم لأصابعهم في هذه المهمة الشاقة والطويلة.

نزع البركة

ولكن يبقى السؤال لماذا نزعت البركة من أوقاتنا حتى أن سنواتنا تمر وكأنها أسابيع أو أيام، وهذا الذي نعيشه ونحسه هو مصداق لحديث الرسول صلى الله عليه وسلـم في قوله: "لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة" فلا بركة في الوقت، وتمر عليك السنة وكأنها البارحة، ويجري الزمن جريانا سريعا.

ولو تأملنا حالنا اليوم لوجدنا أن هواتفنا الذكية نزعت البركة من أوقاتنا، وجعلت من الأمر السهل أن تضيع وقتك وأنت مستمتع بإضاعته، وتيتمر هذه الإضاعة للوقت إلى 5 ساعات يوميا، ولو سلم المرأ من شؤم المعاصي في تلك الساعات الخمس لكان الأمر أهون، ولكن تجد في وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أشكالها أصنافا من المعاصي والآثام التي تقسي القلب وتبعد عن الرب، وتكسب الذنوب، وتهون من الالتزام بالعبادات كالتسويف بالصلاة وأدائها بعد فوات أوقاتها، إلا من رحم الله.

فلو حسبنا تلك الساعات الخمس لوجدنا أنها تقترب من ربع اليوم، ولو حسبنا هذا الأمر على مدار السنة أي 365 يوما فلك أن تتصور أن ربع سنة في تصفح هذه الهواتف، والأدهى من ذلك أن هذا الأمر يجعل الإنسان كسولا في مزاولة الأعمال الحياتية الأخرى بالإضافة إلى الأضرار الصحية المباشرة وغير المباشرة.

فيجب على الإنسان أن يلتفت لذاته، ويضبط أوقاته بما ينفعه في دينه ودنياه، وان يجعل أوقاته عبارة عن أعمال يتخللها ترفيه وليس العكس بأن يجعلها لهو ولعب وترفيه يتخللها عمل، وقد أقبل علينا موسم عظيم وهو شهر رمضان المبارك فيجب أن نلتفت فيه إلى مسألة ضبط الأوقات والتزود فيه من العبادات والطاعات، فنحن لم نخلق عبثا، ولم نترك سدى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فقال تعالى فی سورة عز وجل

إقرأ أيضاً:

رئيس "المعاهد الأزهرية" وأمين "البحوث الإسلامية" يتفقدان امتحانات الثانوية الأزهرية بالإسكندرية

تفقد الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، وفضيلة الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، امتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية، للقسم العلمي، بمعاهد منطقة الإسكندرية الأزهرية، حيث أدى الطلاب الامتحان في مادتي الفقه والحديث.

وشدد رئيس قطاع المعاهد الأزهرية خلال تفقده لجنة معهد فتيات سموحة، ومعهد بنين سموحة، على ضرورة توفير الجو المناسب للطلاب والطالبات، كما شدد على ضرورة تواجد الزائرة الصحية، حرصا على سلامة أبنائنا الطلاب، مطالبا الطلاب بالمذاكرة والاجتهاد، حتى يحققوا أمنياتهم وأمنيات أولياء أمورهم.

وحرص  خلال تفقده اللجان على سؤال الطلاب على الامتحان، والذين أكدوا أنه جاء وفقا لأسئلة البوكليت التي نشرها القطاع على بوابة الأزهر وأنه في متناول الطالب المتوسط، كما طالبهم فضيلته بالبُعد عن الغش وأنه لا يصنع نجاحا حقيقيا، وضرره للطالب وللمجتمع.

من جانبه أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن الآن هو وقت الحصاد الفعلي للطلاب بعد عام اجتهدوا فيه، وأن الله لا يضيع عمل من اجتهد، فعليكم بالتوكل على الله وحسن الظن به، موجها النصح للطلاب والطالبات بضرورة الالتزام، مشددا أن الغش هو فساد كبير وأخذ حق ليس من حقك.

جدير بالذكر أنه بلغ عدد المتقدمين لامتحانات الشهادة الثانوية الأزهرية من القسم العلمي 32319 طالبا، و27927 طالبة، وبلغ عدد المتقدمين من القسم الأدبي 59169 طالبا، و36977 طالبة، بإجمالي عدد طلاب 156392 طالبا وطالبة، مقسمين على 590 لجنة على مستوى الجمهورية.

مقالات مشابهة

  • هل يؤثر تخدير الأضحية على صحة الإنسان؟.. طريقة جديدة لتخفيف آلامها
  • رئيس "المعاهد الأزهرية" وأمين "البحوث الإسلامية" يتفقدان امتحانات الثانوية الأزهرية بالإسكندرية
  • في يومهم العالمي.. كيف اهتمت المملكة بحقوق الوالدين؟
  • هل يجوز التضحية بالبط والأرانب في عيد الأضحى؟.. أزهري يُجيب
  • إصابة شخصين في غارة إسرائيلية على بلدة مجدل سلم جنوبي لبنان
  • حياتك أفضل بدون تدخين.. نصائح الأزهر للفتوى في يوم مكافحة تعاطي التبغ
  • نصر الله: العالم يقف عاجزا في غزة بسبب الدعم الأمريكي المتواصل لإسرائيل
  • حزب الله يستهدف موقع معيان باروخ المحتل بالأسلحة الصاروخية
  • الخطيب: الحلّ لن يكون الا لبنانيا
  • حزب الله: استهدفنا موقع البغدادي وثكنة برانيت بصواريخ بركان ثقيلة