إنتل تطلق أول وحدة لتصنيع الأنظمة المصممة لمواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT
كشفت إنتل عن إطلاق إنتل فاوندري، وحدة الأعمال المتخصصة بتصنيع الأنظمة المستدامة والمصممة لمواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع الإعلان عن خارطة الطريق الموسعة للعمليات والرامية إلى ترسيخ مكانة الشركة الرائدة حتى نهاية العقد الحالي. وسلطت الشركة الضوء على زخم العملاء والدعم الذي يقدمه شركاء المنظومة، بما في ذلك سينوبسيس وكادنس وسيمنز وأنسيس، الذين أظهروا استعدادهم لتعزيز تصاميم شرائح عملاء إنتل فاوندري من خلال الأدوات والمخططات ومحافظ الملكية الفكرية التي تم التحقق منها لدعم تقنيات التغليف المتقدمة من إنتل وتقنيات عُقد المعالجة إنتل A 18.
وجاءت هذه الإعلانات خلال فعالية إنتل فاوندري للتواصل المباشر، أول فعالية متخصصة بالتصنيع من إنتل، والتي جمعت الشركة خلالها العملاء وشركات المنظومة والقادة من مختلف القطاعات. وشهدت الفعالية حضور مجموعة من المشاركين والمتحدثين، بمن فيهم جينا رايموندو، وزيرة التجارة الأمريكية؛ ورينيه هاس، الرئيس التنفيذي لشركة أرم؛ وساتيا نادالا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت؛ وسام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي وغيرهم.
قال باتريك جيلسينجر، الرئيس التنفيذي لشركة إنتل: "يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً محورياً في التقدم العالمي، وتغيير طريقة تفكيرنا بالتكنولوجيا وعنصرها الأساسي المتمثل بالسيليكون، مما يوفر فرصة غير مسبوقة لأبرز مصممي الشرائح في العالم ولإنتل فاوندري، أول وحدة لتصنيع الأنظمة المصممة لمواكبة تقنيات الذكاء الاصطناعي في العالم. ومن خلال العمل معاً، نستطيع إنشاء أسواق جديدة مع الارتقاء بطريقة استخدام العالم للتكنولوجيا من أجل تحسين حياة الأفراد".
خارطة الطريق الخاصة بالعمليات تتجاوز خارطة خمس عُقد معالجة في أربع سنوات
تضيف خارطة الطريق الموسعة والخاصة بعمليات إنتل عقدة المعالجة A14 إلى خطة العقد المتقدمة والرائدة للشركة، بالإضافة إلى العديد من تطويرات عقد المعالجة المخصصة، وأكدت إنتل أن خارطة الطريق الخاصة بالعمليات خمس عقد معالجة في أربع سنوات لا تزال على المسار الصحيح لتقدم أول حل للطاقة الخلفية في القطاع. كما يتوقع قادة الشركة بأن تستعيد إنتل ريادة مجال التشغيل من خلال عُقد المعالجة إنتل A18 في عام 2025.
وتتضمن خارطة الطريق الجديدة تطوير تقنيات التشغيل إنتل 3 وإنتل A18 وإنتل A14، فضلاً عن إنتل -T3 التي تم تحسينها باستخدام السيليكون من أجل تصاميم التغليف المتقدمة ثلاثية الأبعاد، لتكون جاهزة للتصنيع قريباً. كما تم تسليط الضوء على عُقد المعالجة المكتملة، والتي تتضمن 12 عقدة نانومتر جديدة متوقعة من مشروع التنمية المشترك مع يو إم سي الذي تم الإعلان عنه الشهر الماضي. وتهدف هذه التحسينات إلى تمكين العملاء من تطوير وتوفير منتجات مخصصة تلبي احتياجاتهم. وتخطط إنتل فاوندري لتقديم عقدة معالجة جديدة كل عامين مع استمرار تطوير العقد، مما يتيح للعملاء مواصلة تحسين عروضهم باستخدام تكنولوجيا العمليات الرائدة الخاصة بإنتل.
وأعلنت إنتل عن إضافة إنتل فاوندري FCBGA 2D+ إلى مجموعتها الشاملة من عروض النظام المتقدم للتجميع والاختبار، والتي تتضمن حالياً FCBGA 2D وEMIB وFoveros وFoveros Direct.
وتعزز إنتل اليوم نجاحها في مجال التصميم، والذي يتجلى من خلال تصنيع مختلف أجيال عقد المعالجة، بما فيها إنتل A 18 و16 و3، فضلاً عن الزخم الكبير الذي شهدته في طلب العملاء للإمكانات التي يوفرها نظام إنتل فاوندري المتقدم للتجميع والاختبار، بما يشمل التغليف المتقدم. كما عقدت إنتل في عام 2023 أربع صفقات ضخمة لتزويد العملاء بعقد المعالجة 18A، بما فيها اتفاقية دفع مسبق هادفة.
موردو خدمات الملكية الفكرية وأتمتة التصميم الإلكتروني يكشفون عن جاهزيتهم لتسويق تصاميم العمليات والتغليف من إنتل
كشف شركاء الملكية الفكرية وأتمتة التصميم الإلكتروني، بمن فيهم سينوبسيس وكادنس وسيمنز وأنسيس ولورنتس وكي سايت، عن توفير الأدوات المناسبة وحقوق الملكية الفكرية لتمكين عملاء التصنيع من تعزيز تصاميم الشرائح المتقدمة بالاعتماد على عُقد المعالجة A18، التي توفر أول حل للطاقة الخلفية في قطاع تصنيع الشرائح. كما أكدت هذه الشركات على تمكين أتمتة التصميم الإلكتروني وحقوق الملكية الفكرية الخاصة بمختلف عائلات عُقد إنتل.
وفي الوقت نفسه، كشف العديد من الموردين عن خططهم للتعاون في مجالات تكنولوجيا التصنيع وأشكال التصميم الخاصة بتقنية التغليف EMIB 2.5D وتضمن حلول أتمتة التصميم الإلكتروني سرعة التطوير وتقديم حلول التغليف المتقدمة لعملاء التصنيع.
وكشفت إنتل عن مبادرة الشركات الناشئة بالتعاون مع شركة أرم لتوفير خدمات تصنيع متقدمة للشرائح التي تحوي مكونات النظام والتي تقدمها شركة أرم. وتوفر هذه المبادرة فرصة مميزة لأرم وإنتل من أجل دعم الشركات الناشئة في تطوير التكنولوجيا الخاصة بأرم وتقديم حقوق ملكية فكرية أساسية ودعم في مجال التصنيع ومساعدات مالية بهدف تعزيز الابتكار والنمو.
منهجية أنظمة ترتقي بمكانة إنتل في عصر الذكاء الاصطناعي
توفر منهجية تصنيع الأنظمة لدى إنتل للأنظمة عملية تحسين متكاملة، بدءاً من شبكات المصانع ووصولاً إلى البرمجيات. وتسهم إنتل ومنظومتها في تمكين العملاء من تقديم حلول مبتكرة في مختلف مستويات النظام، من خلال إجراء تحسينات تقنية مستمرة وتوفير تصاميم مرجعية واعتماد معايير جديدة.
ومن جانبه، قال ستيوارت بان، نائب الرئيس الأول في إنتل فاوندري: "يسرنا تقديم مصنع عالمي المستوى يتميز بأعلى مستويات المرونة والاستدامة والأمان، مدعوماً بمصدر توريد عالي الموثوقية والأمن، إلى جانب أنظمة تشغيل رقائق متطورة. ويسهم الجمع بين هذه المقومات في تزويد العملاء بالأدوات اللازمة لتصميم وتقديم حلول للتطبيقات التي تشهد مستويات إقبال عالية".
مصنع أنظمة عالمي المستوى يتسم بأعلى درجات المرونة والاستدامة والموثوقية
يتوجب على سلاسل التوريد المرنة أن ترتقي بمستويات الاستدامة بشكلٍ مستمر. وفي هذا الإطار، كشفت إنتل اليوم عن هدفها المتمثل في أن تصبح أكثر شركات التصنيع استدامة في القطاع. وأظهرت التقديرات الأولية في عام 2023 اعتماد مصانع إنتل في مختلف أنحاء العالم على المصادر المتجددة للطاقة الكهربائية بنسبة 99%. كما أكدت الشركة اليوم التزامها باعتماد المصادر المتجددة للطاقة الكهربائية بنسبة 100%، وتحقيق الحياد المائي الإيجابي والتخلص من النفايات بعيداً عن المكبات بحلول عام 2030، إلى جانب تحقيق الحياد الكربوني على امتداد نطاقات انبعاث غازات الدفيئة 1 و2 بحلول عام 2040؛ والنطاق 3 بحلول عام 2050.
البيانات التطلعية
يتضمن هذا الخبر الصحفي البيانات التطلعية لشركة إنتل، بما في ذلك:
• خطط الشركة واستراتيجيتها
• التقنيات الحالية والمستقبلية، بما في ذلك عُقد العمليات المستقبلية والترانزستورات وتقنيات التصنيع والتغليف
• خرائط الطريق والجداول الزمنية للعمليات والمنتجات (بما في ذلك الأهداف المتوقعة والجداول الزمنية ومستويات التقدم والتوافر والإنتاج).
• بنية المنتجات المستقبلية
• التوقعات المتعلقة بأداء العمليات وأرباح اتفاقيات شراء الطاقة ومقاييس الأداء الأخرى
• التوقعات المتعلقة بريادة المنتجات والعمليات
• الخطط والأهداف الخاصة بوحدة التصنيع في الشركة، بما في ذلك العملاء المتوقعين وقيمة الصفقة الدائمة المتوقعة والقدرة التصنيعية المستقبلية والخدمات وعروض التكنولوجيا والملكية الفكرية والتعاون مع الأطراف الثالث، ودعم المنظومة وتعزيز مرونتها.
• استراتيجية الذكاء الاصطناعي والإمكانات التي يوفرها
• الأهداف والمقاييس والاستراتيجيات والنتائج المتعلقة بالأداء الاجتماعي والبيئي في المستقبل
• النمو المتوقع للشركة وحصتها من السوق وتوجهات أعمالها وعملياتها في المستقبل
• النمو والتوجهات المخطط لها في الأسواق التي تعمل فيها إنتل
• توصيفات أخرى للفعاليات أو الظروف المستقبلية
تنطوي هذه البيانات التطلعية على العديد من المخاطر والافتراضات التي قد تؤدي إلى اختلاف نتائجنا الفعلية عن تلك المعبر عنها أو الضمنية، بما في ذلك تلك المرتبطة بما يلي:
• ارتفاع مستوى المنافسة والتطور التكنولوجي السريع في القطاع
• الاستثمارات الكبيرة طويلة الأمد التي تتسم بالمخاطرة في مجال البحث والتطوير ومرافق التصنيع، والتي قد لا تحقق عائدات مواتية
• التحديات والشكوك التي تواجه تطوير وتنفيذ منتجات جديدة لأشباه الموصلات وتقنيات عملية التصنيع
• قدرة إنتل على تحديد الوقت المناسب لاستثمارات رأس المال الخاص بها وتوسيع نطاقها بما يضمن تأمين ترتيبات تمويل بديلة ومنح حكومية
• تنفيذ استراتيجيات جديدة للأعمال والاستثمار في الشركات والتقنيات الجديدة
• تقلبات في مستويات الطلب على منتجات إنتل
• ظروف الاقتصاد الكلي والاضطرابات الجيوسياسية، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية والتجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتأثيرات حرب روسيا على أوكرانيا، والتوترات التي تؤثر على إسرائيل، وتصاعد التوتر بين الصين وتايوان
• تطورات سوق المنتجات المدعومة بقدرات الذكاء الاصطناعي
• التحديات المتعلقة بسلسلة التوريد العالمية الخاصة بشركة إنتل، بما في ذلك الاضطرابات أو التأخيرات أو التوترات التجارية أو النزاعات أو حالات النقص
• عيوب المنتجات والأخطاء وغيرها من المسائل المتعلقة بالمنتجات، لا سيما في ضوء تطوير إنتل للمنتجات من الجيل التالي وتطبيق تقنيات التصنيع من الجيل التالي
• نقاط الضعف الأمنية المحتملة في المنتجات، وتزايد وتطور تهديدات الأمن السيبراني ومخاطر الخصوصية
• مخاطر الملكية الفكرية، بما في ذلك التقاضي والإجراءات التنظيمية ذات الصلة
• الحاجة إلى استقطاب وتحفيز المواهب الرئيسية والحفاظ عليها
• المعاملات والاستثمارات الاستراتيجية
• المخاطر المتعلقة بالمبيعات، بما في ذلك مستويات تركيز العملاء والاعتماد على الموزعين وغيرهم من الأطراف الثالثة
• انخفاض عوائد رأس المال للشركة بشكلٍ ملحوظ في السنوات الأخيرة
• التزامات إنتل المتعلقة بالديون وقدرتها على الوصول إلى مصادر رأس المال
• القوانين والأنظمة المعقدة والمتطورة المعمول بها في العديد من الولايات القضائية
• تقلبات أسعار صرف العملات
• التغيرات في النسبة الفعلية للضريبة الخاصة بالشركة
• الأحداث الكارثية
• اللوائح التنظيمية في مجالات البيئة والصحة والسلامة والمنتجات
• مبادرات إنتل ومتطلباتها القانونية الجديدة فيما يتعلق بشؤون المسؤولية المؤسسية
• المخاطر والافتراضات الأخرى الواردة في هذا الإصدار، والتقرير السنوي الأخير المقدم ضمن النموذج 10-K، وغيرها من الإيداعات المقدمة إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
تعكس جميع المعلومات الواردة في هذا البيان الصحفي وجهات نظر إدارة شركة إنتل حتى تاريخ إصدار هذا البيان، ما لم يُذكر تاريخ سابق بشكل صريح. ولا تتعهد شركة إنتل، وتنفي صراحة أي التزام بتحديث هذه التصريحات، سواء نتيجة لمعلومات جديدة أو تطورات جديدة أو غير ذلك، إلا بقدر ما يلزم الكشف عنه بموجب القانون.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الرئیس التنفیذی لشرکة الذکاء الاصطناعی الملکیة الفکریة ع قد المعالجة خارطة الطریق بما فی ذلک العدید من شرکة إنتل من خلال فی مجال
إقرأ أيضاً:
الجدل الاقتصادي في شأن الذكاء الاصطناعي 1/5
عبيدلي العبيدلي
خبير إعلامي
يُعدّ الذكاء الاصطناعي أحد أبرز الظواهر التقنية المعاصرة التي يعتقد الكثيرون أنها ستُعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي في القرن الحادي والعشرين. فمنذ بداية الألفية، تحوّل الذكاء الاصطناعي من مجرد كونه فرعًا نظريًا في علوم الحوسبة، إلى محرك فعلي لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني، وربما العالمي، بما في ذلك تشكيل سلاسل الإنتاج، وأسواق العمل، وأنظمة اتخاذ القرار. ومع كل طفرة في هذا المجال، تتسارع التحولات الاقتصادية، وتتشكل استقطابات فكرية جديدة تتوزع بين مؤيدين يرون فيه أداة فعالة لتحفيز النمو، ومعارضين له لا يكفون عن التحذير من مغبة تداعيات انعكاساته الاقتصادية البنيوية.
يمتاز الجدل حول الذكاء الاصطناعي بطابعه الديناميكي، إذ لا يتصل فقط بفعالية التقنية، بل يتقاطع مع قضايا توزيع الثروة، ومستقبل العمل، والمساواة الرقمية، والسيادة الاقتصادية. وقد بات من الملحّ، بشكل قاطع، التفكير فيه باعتباره قضية سياسية–اقتصادية–أخلاقية بامتياز، تتطلب تجاوز التقييمات التقنية البحتة نحو تحليلات عميقة للبنى الاقتصادية والاجتماعية.
تهدف هذه المقالة إلى تفكيك هذا الجدل من خلال عرض شامل لحجج المؤيدين والمعارضين، وتحليل القضايا المحورية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي في الاقتصاد، مع تقديم حالات واقعية تجسد الاتجاهين، وأخيرًا استشراف مآلات هذه التحولات على المدى القصير والمتوسط والبعيد.
مواقف المؤيدين: الذكاء الاصطناعي رافعة للتحول الاقتصادي
يرى المؤيدون أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة نوعية في تاريخ التطور الإنتاجي للبشرية، مكافئة لاختراع الكهرباء أو الإنترنت. وتتركز مبرراتهم في خمسة محاور أساسية هي:
رفع الإنتاجية وتقليل التكاليفتُظهر التجارب أن الذكاء الاصطناعي قادر، وبكفاءة غير مسبوقة، على مضاعفة إنتاجية القوى العاملة البشرية من خلال الأتمتة الذكية وتحليل البيانات والتعلّم الآلي. فالشركات التي تبنت أدوات تحليل البيانات والتنبؤ باستخدام AI – كـ Amazon وAlibaba، نجحت في خفض تكاليف التشغيل، وزيادة كفاءة سلسلة الإمداد، وتسريع دورة الإنتاج. وتُشير دراسة صدرت في العام 2022 عن مؤسسة PricewaterhouseCoopers (PWC) إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يضيف 15.7 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول 2030.
خلق نماذج أعمال جديدةلا يقتصر أثر الذكاء الاصطناعي على تحسين العمليات التقليدية، بل يفتح الباب أمام نماذج أعمال جديدة بالكامل. فالخدمات المالية مثلًا شهدت ظهور شركات FinTech تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقييم الجدارة الائتمانية والتسعير التفاعلي. وفي الطب، بات التشخيص القائم على AI يتفوق على بعض القدرات البشرية. هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي لا يُقصي العمل البشري، بل يُعيد تعريفه.
تمكين الدول النامية عبر القفزات التقنيةمن أبرز وعود الذكاء الاصطناعي قدرته على مساعدة الدول النامية في تجاوز مراحل التصنيع التقليدي. ففي الهند مثلًا، ساعدت أدوات الذكاء الاصطناعي المزارعين في التنبؤ بالمواسم الزراعية وتحسين الإنتاج. أما في كينيا، فتم تطبيق الذكاء الاصطناعي في إدارة شبكات الكهرباء المحدودة لتعظيم كفاءتها. هذا الاستخدام "التنموي" يخلق أملًا بإعادة التوازن العالمي عبر التكنولوجيا.
تعزيز الحوكمة واتخاذ القرار الاقتصاديتُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي اليوم في تحليل اتجاهات الاقتصاد الكلي، وتقييم المخاطر الائتمانية، وضبط التهرب الضريبي. فالهند طوّرت نظامًا رقميًا يعتمد على AI لرصد التجارة غير الرسمية والتهرب من الضرائب، مما ساعد في رفع الإيرادات العامة بنسبة 14%. كما تلجأ بعض الحكومات إلى أدوات الذكاء الاصطناعي لمحاكاة نتائج السياسات الاقتصادية قبل تطبيقها.
تسريع البحث العلمي والابتكاربفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، ساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة البحث العلمي، خاصة في مجالات الأدوية، والطاقة، والمناخ. كما أدى إلى تخفيض تكاليف الابتكار، مما يُمكّن الشركات الناشئة من المنافسة في مجالات كانت سابقًا حكرًا على الشركات العملاقة.
مواقف المعارضين: الذكاء الاصطناعي كتهديد اقتصادي بنيوي
رغم الحماس الذي يُبديه أنصار الذكاء الاصطناعي، فإن معارضيه يُثيرون مخاوف جوهرية تتجاوز المسائل التقنية إلى بنية الاقتصاد العالمي نفسه. يرى هؤلاء أن الذكاء الاصطناعي، في صيغته الحالية، وجوهر أدائه التقني، لا يخدم التنمية الشاملة، بل يُكرّس الاحتكار، ويقضي على الوظائف، ويُعمّق الفجوة الطبقية، ويُضعف قدرة المجتمعات على السيطرة على مستقبلها الاقتصادي ويمكن تلخيص دعوات المنتقدين في النقاط التالية.
تهديد سوق العمل وتفكيك الطبقة الوسطىيشير المنتقدون إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى فقدان الملايين من الوظائف، خاصة في المجالات المتوسطة المهارة التي شكلت تاريخيًا عماد الطبقة الوسطى. فعلى سبيل المثال، تعمل تقنيات الترجمة الآلية على تقليص الحاجة للمترجمين، وتقوم خوارزميات المحاسبة بتقليل الطلب على المحاسبين التقليديين، بينما بدأت السيارات ذاتية القيادة تُهدد وظائف سائقي الأجرة والنقل.
وفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (2023)، من المتوقع أن تستبدل الأتمتة نحو 85 مليون وظيفة بحلول العام 2025، رغم خلقها وظائف جديدة. إلا أن هذه الوظائف تتطلب مهارات عالية في البرمجة، وتحليل البيانات، والرياضيات، وهي مهارات لا تمتلكها الغالبية العظمى من العاملين حاليًا. هذا الخلل قد يؤدي إلى بطالة هيكلية مزمنة وتآكل الاستقرار الاجتماعي.
تعميق الاحتكار وتركيز الثروةيرى كثيرون، ممن يقفون في وجه توسيع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي، أنه بوعي أو بدون وعي، يُعزز من هيمنة الشركات الكبرى، خاصة تلك التي تمتلك البيانات الضخمة والبنى التحتية السحابية. فشركات مثل Google وMeta وAmazon تملك من المعلومات والقدرات الحسابية ما يُمكّنها من احتكار الابتكار وتوجيه السوق وفق مصالحها. وهذا الوضع يخلق ما يسميه بعض الاقتصاديين "الرأسمالية الخوارزمية"، حيث يتحول السوق إلى مساحة مغلقة تديرها خوارزميات بلا شفافية.
هذا التركّز لا يُضعف فقط المنافسة، بل يخلق فجوة عميقة بين الشركات العملاقة وبقية الفاعلين الاقتصاديين، ويمنع الشركات الناشئة في الدول النامية من الدخول الجدي إلى السوق.
إخفاقات أخلاقية وتمييز منهجيالعديد من حالات سوء استخدام الذكاء الاصطناعي كشفت عن ميل هذه التكنولوجيا إلى إنتاج نتائج متحيزة وغير عادلة. تعود هذه المشكلة إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي تُدرَّب على بيانات تاريخية تعكس أوجه التمييز الطبقي أو العرقي أو الجندري في المجتمع. على سبيل المثال، في عام 2018 اضطرت شركة Amazon إلى سحب نظام توظيف آلي تبين أنه يقلل تلقائيًا من تقييم السير الذاتية للنساء.
تنعكس هذه التحيزات في القرارات الاقتصادية: من يُمنح قرضًا؟ من يتم قبوله في الوظيفة؟ من يُصنف كزبون مميز؟ الذكاء الاصطناعي هنا لا يُعيد إنتاج التمييز فقط، بل يُخفيه تحت قناع "الحياد الرقمي".
تقويض السيادة الاقتصادية الوطنيةيرى النقاد أن الذكاء الاصطناعي، وخاصة في مجال صنع القرار الاقتصادي، يُضعف قدرة الدول على التحكم في سياساتها. فمع ازدياد الاعتماد على خوارزميات خارجية في القطاعات الحيوية، تفقد الحكومات، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الصغيرة أو النامية، السيطرة على أدوات الرقابة والتنظيم. في حالات عديدة، باتت قرارات تتعلق بالإقراض أو التوظيف أو الاستثمار تُتخذ بناء على أنظمة خوارزمية مملوكة لشركات خاصة لا تخضع للرقابة العامة.
الأمر لا يقتصر على الدول النامية، بل يمتد إلى الاقتصادات المتقدمة، حيث بدأت البنوك والشركات الكبرى تعتمد على نماذج ذكاء اصطناعي من تطوير شركات خارجية، ما يخلق تهديدًا حقيقيًا لـ "السيادة الاقتصادية الرقمية".
نشوء أزمات اقتصادية خوارزميةأحد المخاوف الكبرى يتعلق بالقدرة المحدودة للبشر على توقع وتفسير سلوك أنظمة الذكاء الاصطناعي المعقدة. فقد نشهد في المستقبل أزمات مالية أو تجارية أو استهلاكية ناتجة عن قرارات آلية غير مفهومة أو تفاعل تلقائي بين أنظمة متنافسة. مثال على ذلك ما حدث في "الانهيار الخاطف" (Flash Crash) في بورصة نيويورك عام 2010، حيث أدت معاملات آلية إلى انهيار الأسواق خلال دقائق دون تدخل بشري.
لذا يحذر المعارضون من أخطار تنامي استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي أنه إذا استمر الاعتماد المفرط على أنظمة لا يمكن تفسيرها أو مساءلتها، فقد نصل إلى نقطة تفقد فيها المؤسسات الاقتصادية سيطرتها على أدواتها نفسها.
رابط مختصر