حزب الله لن يفاوض… والتسوية الرئاسية معرقلة!
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
تتوالى المبادرات السياسية التي تقودها قوى داخلية وخارجية بهدف الوصول الى حلّ في الملفّ الرئاسي. وفي الأيام الفائتة بات الحديث أكثر جديّة عن إمكان التوصّل إلى اتفاق، لكنّ هذا الأمر لم يُواكَب بحركة عملية حتى اللحظة لأسباب عديدة ستؤثّر حتماً على شكل التسوية ونوعها وتوقيت إبرامها.
من الواضح أن هناك قوى متعدّدة مُهتمّة بإنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولعلّ أقلّ القوى اهتماماً هو "حزب الله" الذي ينتظر انتهاء الحرب على غزّة وإطفاء وكل الجبهات العسكرية المشتعلة المُحيطة بها، غير أن قوى المعارضة تبدو مستعجلة لإتمام التسوية تخوّفاً من حصول تطوّرات لا تكون لصالحها في المرحلة المقبلة تؤثّر على الواقع السياسي المحلّي، حيث يتمكّن "حزب الله" حينها من الاستفادة من أي تطورات و"تقريشها" سياسياً ورئاسياً.
من جهة أخرى فإن ثمة قوى اقليمية مُهتمّة أيضاً، وللسبب نفسه، بتسريع الحلّ في لبنان حتى قبل انتهاء الأزمة العسكرية والأمنية في المنطقة، لكن من الواضح أن اندلاع الحرب الاسرائيلية على قطاع غزّة والمعركة المفتوحة على الحدود الجنوبية اللبنانية وضعا حدّاً للتسوية وجعلا إتمامها أمراً مستحيلاً قبل الوصول الى تسويات مرتبطة بالترتيبات السياسية في الجنوب والتسوية النهائية في غزّة.
وبعيداً عن السبب الأساسي الذي يؤخّر أي تقدّم رغم كل المبادرات، هناك أسباب أخرى تجعل من التسوية بعيدة المدى؛
أولها الخلاف الكبير بين أطراف "الخُماسية"، إذ إن كل طرف لديه أهداف داخل لبنان ويسعى إلى تحقيقها، ولا يمكن لأي طرف عموماً تحقيقها منفرداً. أما ثاني الأسباب فهو أن قوى المعارضة غير جاهزة لتقديم تنازل حقيقي وملاقاة الطرف الآخر في منتصف الطريق إذا كانت تريد منه التخلّي عن المرشّح الرئاسي للثنائي رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية.
بالاضافة الى ذلك هناك عامل أساسي آخر يعرقل إبرام تسوية في الوقت الراهن، ويتمثّل باقتناع الأميركيين بأنّ "حزب الله" لن يُفاوض بأي ملفّ سياسي مرتبط بالحدود أو بالواقع اللبناني قبل انتهاء الحرب على غزّة.
من هُنا، فإنّ الحراك الأميركي يبدو مُعطّلاً تجاه لبنان، وكل ما يحصل ليس الا عملية تقطيع للوقت ولا يمكن البناء عليه لتوقّع تسوية قريبة. وما دام الأميركيون لا يتحرّكون جدياً باتجاه إيران أو "حزب الله" بشكل مباشر تبقى كل المبادرات الحاصلة لزوم ما لا يلزم. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
ليست هناك حاجة إلى اتفاق نووي جديد
آخر تحديث: 18 يونيو 2025 - 10:45 صبقلم:فاروق يوسف فيما تتبادل إيران وإسرائيل الضربات في حرب تبدو إلى الآن مفتوحة لا يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب متشائما. فهما “ستنعمان بالسلام قريبا” حسب قوله.ما يجعل ترامب على هذه الدرجة من التفاؤل أن هناك محادثات بين الطرفين قد تنتهي إلى تفاهمات ستؤدي إلى طي صفحات خلافاتهما إلى الأبد. ليس غريبا على إيران أنها كانت دائما تسعى إلى قيام تلك التفاهمات التي لم تكن إسرائيل تثق بمصداقيتها، ذلك لأن معلوماتها الاستخبارية الموثقة تؤكد أن إيران تقف وراء كل الأخطار التي يتعرض لها أمنها الوطني.كانت إيران قد سعت عن طريق الحرب غير المباشرة وهي حرب الوكلاء، حزب الله وحركة حماس والميليشيات التي انتشرت في سوريا في عهد بشار الأسد، إلى أن تقنع إسرائيل بإقامة علاقة جيرة، بحيث يُلغى الحاجز الجغرافي الذي تمثله الدول العربية وتعترف إسرائيل بحق إيران في احتلال العراق وسوريا ولبنان. كان ذلك هو جوهر المشروع الإيراني. شرق أوسط جديد تتقاسم إيران وإسرائيل النفوذ فيه. أما حديث إيران عن سيادة العراق وتحرير القدس والدفاع عن نظام الأسد في سوريا ومصالح الشيعة في لبنان فكله هراء.ذلك المشروع لا يناسب إسرائيل. ما ترغب فيه إسرائيل أن تبقى إيران ضمن حدودها، دولة مهمة في الشرق الأوسط لكن من غير أن تسعى إلى ابتلاع دول أخرى، تعرف إسرائيل أنها ضرورية من أجل تأكيد وجودها.
بالنسبة إلى إسرائيل لم تكن العلاقة مع إيران ضرورية بقدر ما هي ضرورية مع سوريا ولبنان باعتبارهما دولتين تتمتعان بالسيادة على أراضيهما. ذلك ما لم تكن إيران على استعداد لفهمه واستيعاب أسبابه بعد أن مكنتها الظروف من السيطرة على العراق واليمن وسوريا ولبنان. وهو ما دفعها إلى ارتكاب حماقتها الكبرى في غزة. ذلك هو السبب المباشر الذي دفع بإسرائيل إلى أن تصر على الانتقام بطريقة تنطوي على دروس مستقبلية قد تكون هي أساس العلاقة.
ما حدث أثبت أن الحرب غير متكافئة. حاربت إسرائيل بعقولها فيما حاربت إيران بعضلاتها. خسرت إيران الحرب منذ اللحظة الأولى التي تم فيها ضرب مفاعلاتها النووية وقتل قيادييها العسكريين. أما ثأرها فإنه لم يجر إلا من خلال توجيه صواريخ باليستية محدودة الأثر فهي حين نجحت من الإفلات من القبة الحديدية سقطت على مبان سكنية يقيم فيها المدنيون. تلك “قسمة ضيزى” كما يُقال. خلال وقت قياسي تعرت إيران وظهرت على حقيقتها نمرا من ورق. كل ما تحدث به مناصروها عن قوتها التي لا تُقهر وتفوقها في إنتاج الأسلحة هو مجرد أكاذيب ودعايات، كان الغرض منه تمرير مشروعها الاستعماري في المنطقة. فإيران دولة مخترقة، استطاع جهاز الموساد أن يؤلف من أعداء نظامها في الداخل جيشا يقدم له المعلومات ويخدم حركته دقيقة بعد أخرى. لم تستطع إيران أن تحمي نفسها فكيف تستطيع أن تحمي الآخرين ممَن وضعوا أنفسهم في خدمتها؟وأنا هنا أصدق التسريبات التي تؤكد أن إيران سعت من خلال دولة قطر وسلطنة عُمان إلى التوسط لدى الولايات المتحدة من أجل إيقاف الحرب. لو لم يكن ذلك المسعى موجودا لما كان الرئيس الأميركي واثقا من أن الطرفين سينعمان بالسلام قريبا.ولكنه سلام سيكون مريبا. الثابت أن إسرائيل لن ترضى بإيران دولة نووية. تقاسم الإدارة الأميركية إسرائيل ذلك الموقف. “لا تخصيب” تلك هي العبارة التي لا تناقش في المفاوضات ولا خارجها. حتى لو وسّعت إيران من نطاق حربها وهي لن تفعل ذلك فإنها لن تواجه إلا بالمزيد من التصعيد والتشدد. ليس من مصلحتها أن تذهب الأمور إلى طريق اللاعودة. ضبطت إيران حتى الآن ميليشياتها في العراق، خشية منها أن تؤدي ضربات نوعية إسرائيلية إلى سقوط النظام الموالي لها هناك. ذلك يعني أن تهديدها السابق بضرب القواعد والمصالح الأميركية في المنطقة كان مجرد دعاية لرفع معنويات أنصار النظام في الداخل والخارج. ما ينتظره أولئك التابعون لن يقع. فالعقل السياسي الإيراني لا يفاضل بين بقاء النظام والحرب مع إسرائيل. الأفضلية طبعا لبقاء واستمرار نظام ولاية الفقيه. وهو ما لا تعارضه إسرائيل ولا الولايات المتحدة لكن بشروط يجب على إيران أن تستجيب لها. وبغض النظر عن الخسائر على الجانبين فإن إيران ستحرص على ألا تخرج من الحرب مهزومة بشكل كلي. ليس ذلك مهما بالنسبة إلى الطرف الآخر إذا ما تأكد أنها وصلت إلى مرحلة الإفلاس النووي. حينها لن تكون هناك حاجة إلى اتفاق نووي جديد.