تحاول مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، نفي ارتباطها بالإرهاب من خلال الحديث عن عمليات أمنية استباقية ضد من تسميها "العناصر التكفيرية الدواعش" في محافظة البيضاء.

وعلى الرغم من المعلومات التي تؤكد وجود ارتباط وثيق واتفاق لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف السفن في خطوط الملاحة الدولية، إلا أن إعلام الحوثي الرسمي يتحدث بين الحين والآخر عن عمليات تنفذها ضد العناصر التكفيرية المنتمية لتنظيم داعش في مديرية القريشية بالبيضاء.

واستعرضت الميليشيات، في خبر نشره موقع سبأنت بنسخته الحوثية، تفاصيل ما أسمتها العملية الاستباقية ضد عناصر داعش بسبب مقتل أحد وجهاء المنطقة والتي انتهت بمقتل سبعة من عناصر التنظيم في 20 فبراير الجاري والعثور على عدد من الأحزمة الناسفة.

هذه الأخبار عقب دخول تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية للميليشيات الحوثية كمنظمة إرهابية في 17 فبراير الجاري حيز التنفيذ، وأعقب ذلك إدراج قيادات حوثية بارزة في قوائم الإرهاب البريطانية والأمريكية.

وعقب انطلاق العمليات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد الترسانة العسكرية الحوثية رداً على هجماتها ضد السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، تحدثت مصادر يمنية عن لقاءات عقدت في صنعاء والحديدة، بين الحوثيين وعناصر تنظيم القاعدة، بهدف إقناعهم بالمشاركة في العمليات البحرية واستهداف المصالح الغربية من خلال، تنفيذ هجمات انتحارية.

وأكدت المصادر أن الحوثيين حاولوا "إقناع عناصر القاعدة بالمشاركة في تنفيذ عمليات تستهدف السفن باعتبارها ضد ما يسمونه العدوان الأميركي".

وبحسب المصادر، فإن اللقاءات التي عقدت شارك فيها رجال دين موالون للحوثيين لإقناع عناصر القاعدة بالقيام "بواجبهم الشرعي"، وأن عملياتهم "جهادية" في مواجهة من يسمونهم الأعداء.

وفي أواخر مارس 2021، كشف تقرير استخباراتي يمني عن طبيعة العلاقة الوطيدة بين مليشيا الحوثي وتنظيمي الدولة الإسلامية "داعش" و"القاعدة"، الإرهابيين.

وفصل التقرير الصادر عن جهازي الأمن السياسي والأمن القومي بالأدلة الموثقة حجم التخادم والتنسيق العالي بين التنظيمات الإرهابية في اليمن، في مجالات التعاون الأمني والاستخباراتي وتوفير ملاذ آمن للعديد من أفراد هذه التنظيمات الإرهابية وتنسيق العمليات القتالية في مواجهة قوات الشرعية، وتمكين عناصر التنظيمين من تشييد وتحصين معاقلهما والامتناع عن الدخول في مواجهات حقيقية مع الجماعة الانقلابية.

وتحدث التقرير عن العمليات الصورية التي نفذتها الميليشيات ضد التنظيمات الإرهابية للتغطية على هذه العلاقة التي تجسدت بصفقة إطلاق عدد من العناصر الإرهابية، منهم جمال محمد البدوي أحد أبرز العقول المدبرة لتفجير المدمرة الامريكية "يو أس أس كول" والذي أفرجت عنه المليشيات في العام 2018.


المصدر: نيوزيمن

إقرأ أيضاً:

من سبأ إلى حمير .. اليمن التي علّمت التاريخ معنى السيادة

يُعدّ اليمن مهدًا لحضارات ضاربة في عمق الزمن، تشكّلت على أراضيه دول وممالك قديمة عظيمة لعبت أدوارًا محورية في تاريخ شبه الجزيرة العربية، والعالم القديم عمومًا، على امتداد آلاف السنين، ظهرت في اليمن ممالك مثل سبأ، ومعين، وقتبان، وحضرموت، وحِميَر، لم تقتصر إنجازاتها على الحدود الجغرافية للجنوب العربي، بل امتدت آثارها إلى أعماق الشام والعراق وشرق إفريقيا، وحتى الإمبراطوريات الكبرى مثل روما وفارس.

يمانيون/ تقرير/ طارق الحمامي

 

يتناول هذا التقرير استعراضًا لتاريخ الممالك اليمنية القديمة، بدءًا من النشأة والتطور، مرورًا بأهم إنجازاتها الحضارية في مجالات الري والزراعة والتجارة والكتابة، وانتهاءً بعلاقاتها المتشعبة مع الممالك والدول المجاورة، من الحبشة إلى فارس، ومن كندة إلى بيزنطة،  كما يتوقف التقرير عند مواطن القوة التي جعلت من هذه الممالك حضارات مزدهرة قادرة على التأثير العالمي، وكذلك مواطن الضعف التي ساهمت في تراجعها وسقوطها، سواء بسبب الانقسامات الداخلية أو الأطماع الخارجية.

تكمن أهمية هذا التقرير في كونه يسلط الضوء على فترة تاريخية شديدة الغنى لكنها لا تحظى غالبًا بالاهتمام الكافي في الوعي العربي العام، رغم أنها تمثل أحد أهم جذور الهوية التاريخية والحضارية لليمن والمنطقة، فمن خلال دراسة هذه الممالك، نفهم ليس فقط كيف تشكّلت الدولة في جنوب الجزيرة، بل كيف كان للعرب دور فعّال في صناعة التاريخ الإقليمي والدولي منذ عصور مبكرة.

 مملكة سبأ .. العظمة برائحة البخور

قامت مملكة سبأ في الألف الأول قبل الميلاد، وكانت عاصمتها مأرب، اشتهرت ببناء سد مأرب، أحد أقدم وأعظم مشاريع الري في التاريخ، والذي سمح لها بالتحكم في الزراعة والمياه ، واستخدمت الخط المسند، ونشرت تأثيرها السياسي والديني في المنطقة ، وارتبطت بشخصية الملكة بلقيس، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم ، وامتدّت بنفوذها إلى شمال الجزيرة وإفريقيا الشرقية.

مملكة معين .. إمبراطورية القوافل

نشأت في منطقة الجوف، واتخذت من قرناو عاصمة لها، واشتهرت بتنظيم التجارة عبر طريق البخور ، وأنشأت شبكة قوافل تجارية محكمة تصل الهند بموانئ الشام ومصر كما حافظت على استقلالها رغم قربها من ممالك منافسة.

مملكة قتبان .. الازدهار الصناعي والتجاري

تمركزت في وادي بيحان، وازدهرت من خلال الزراعة، والصناعة، وتجارة اللبان ، وكانت تمنع مركزًا سياسيًا وتجاريًا متقدمًا ، كما شاركت في التحكم بطريق التجارة بين حضرموت والبحر الأحمر.

مملكة حضرموت .. كنوز اللبان والموانئ الحيوية

عاصمتها شبوة، وامتدت أراضيها إلى سواحل المحيط الهندي ،واشتهرت بإنتاج وتصدير اللبان ، كما أنشأت موانئ بحرية قوية مثل قنا، وعززت العلاقات مع الهند وشرق إفريقيا ،واحتفظت باستقلال طويل قبل أن تخضع لحمير.

 مملكة حمير .. التوحيد والقوة العسكرية

ظهرت في القرن الثاني قبل الميلاد، ونجحت في توحيد اليمن السياسي تحت سلطتها ، وتحولت إلى اليهودية في القرن الرابع الميلادي ، حيث خاضت صراعات دينية وسياسية مع مملكة أكسوم المسيحية حتى تدخلت فارس لإسقاط الاحتلال الحبشي بطلب من الحميريين.

العلاقات الإقليمية والدولية للدول والممالك اليمنية

مع ممالك الجزيرة العربية ، تفاعلت مع كندة وبقية القبائل الكبرى في نجد والحجاز ، وساهمت في نشر ثقافتها ودياناتها شمال الجزيرة.

مع الحبشة (أكسوم) ، شهدت العلاقات تحولًا من التجارة إلى صراع مسلح ، حتى غزت أكسوم اليمن بدعم بيزنطي في القرن السادس الميلادي.

مع الإمبراطورية البيزنطية والرومانية ، كانت اليمن شريكًا تجاريًا هامًا ، وحاولت روما وبيزنطة الالتفاف على احتكار اليمنيين لطريق البخور.

مع فارس (الساسانيين) ، استجابت لحلفاء من حمير لمساعدتهم ضد الأحباش ، وأصبحت اليمن ولاية فارسية حتى الفتح الإسلامي.

التوازن بين الازدهار والتحديات في مسيرة الدول والممالك اليمنية القديمة

لقد مرت الدول والممالك اليمنية القديمة، على مدار أكثر من ألف عام، بفترات ازدهار لافتة، جعلتها من أبرز الحضارات في جنوب الجزيرة العربية، لكن هذا الازدهار لم يكن خاليًا من التحديات، فقد جمعت هذه الدول والممالك بين عناصر القوة المتعددة، وبين نقاط ضعف كامنة ساهمت لاحقًا في إضعافها وتعرضها للتدخل الخارجي والانهيار.

لقد كان الموقع الجغرافي لليمن، المتاخم للبحر الأحمر والمحيط الهندي، وكونه عقدة رئيسية على طريق البخور واللبان، من أبرز العوامل التي ساعدت على صعود هذه الممالك،  وقد مكّنها هذا الموقع من تطوير شبكات تجارية واسعة امتدت إلى الشام، وبلاد فارس، والهند، وشرق إفريقيا، مما جلب ثروات ضخمة عززت نفوذها السياسي والعسكري،  كما أسهمت البنية الاجتماعية المنظمة، القائمة على القبائل المستقرة، والأنظمة الإدارية المركزية، في تعزيز الاستقرار الداخلي نسبيًا داخل بعض الممالك مثل سبأ وحمير.

في المقابل، واجهت هذه الممالك تحديات خطيرة، من أبرزها التنافس المستمر بينها، حيث أدت الصراعات الداخلية إلى إضعاف الجبهة اليمنية أمام الأطماع الخارجية. كما أن التحولات الدينية، خاصة في أواخر عهد مملكة حمير، أدت إلى تفكك النسيج الاجتماعي والسياسي، وخلقت مبررات للتدخل من قِبل قوى أجنبية، مثل مملكة أكسوم الحبشية، ثم الإمبراطورية الفارسية. يُضاف إلى ذلك اعتماد هذه الممالك بشكل كبير على التجارة العابرة، مما جعل استقرارها الاقتصادي هشًا في حال تغيرت طرق التجارة أو ظهرت موانئ بديلة.

ورغم كل ذلك، ظلت الممالك اليمنية قادرة في فترات طويلة من تاريخها على التكيّف مع هذه التحديات، بل وتحويلها أحيانًا إلى فرص للبقاء والتمدد ، كانت القوة تكمن في القدرة على إدارة الموارد، وبناء التحالفات، وتوظيف العقيدة والهوية في تعزيز الشرعية السياسية، أما مواطن الضعف، فقد كانت في الغالب نتيجة لعدم الاتفاق على وحدة مستدامة، مما سهّل اختراق البلاد في اللحظات الحرجة.

إن هذا التوازن بين القوة والتحديات، هو ما يضفي على تجربة الممالك اليمنية القديمة عمقها وثراءها، ويجعل من دراستها نموذجًا لفهم كيفية صعود وسقوط الحضارات في سياقات معقدة ومتشابكة.

القوة العسكرية المنظمة .. كيف أصبحت اليمن مقبرة الغزاة؟

على امتداد العصور القديمة، لم تكن الدول والممالك اليمنية مجرد كيانات مزدهرة اقتصاديًا وثقافيًا، بل كانت تملك قوة عسكرية منظمة ومؤثرة جعلتها في فترات طويلة عصية على الاحتلال الخارجي، وصعبة الاختراق حتى على أعظم الإمبراطوريات في العالم القديم،  أظهرت النقوش والآثار اليمنية القديمة إشارات واضحة إلى وجود هياكل عسكرية منظمة لدى معظم الممالك، حيث تشير نقوش مملكة سبأ وحمير إلى فرق عسكرية متخصصة، وقادة ميدانيين، واستخدام متقدم للأسلحة التقليدية في تلك المرحلة مثل السيوف، والرماح، والدروع، والعربات القتالية،

كما اتبعت بعض الممالك، خصوصًا حمير، سياسة التجنيد القبلي وتشكيل جيوش شبه دائمة، كان يتم تدريبها لحماية الطرق التجارية والمعابد والمدن، وكذلك لردع الغزوات الخارجية، مما ساعد على تأمين الاستقرار السياسي والاقتصادي

كما تميزت مدن اليمن القديمة بوجود تحصينات دفاعية قوية،  فقد بُنيت كثير من العواصم والمراكز الحضرية فوق مرتفعات جبلية أو خلف أسوار عالية، كما في شبام، وقرناو، وظفار، وهو ما صعّب على الغزاة مهمة اختراقها،  وكانت تلك المدن مجهزة بأنظمة إنذار ومراقبة، وتمتلك طرقًا ملتوية للدخول تجعل أي غزو مباشر محفوفًا بالمخاطر.

تاريخ اليمن القديم مليء بالأمثلة على التصدي الناجح لمحاولات الغزو الأجنبي ، حيث حاولت الإمبراطورية الرومانية إرسال حملة بحرية إلى اليمن في عهد الإمبراطور أغسطس، لكنها فشلت في تحقيق أي اختراق فعلي ، على الرغم من تمكن الأحباش من احتلال أجزاء من اليمن في القرن السادس الميلادي، إلا أن المقاومة الحميرية لم تهدأ، ونجحت في استدعاء الفرس لطرد الغزاة بعد معارك طويلة ،

وما تجدر الإشارة إليه أن الممالك اليمنية القديمة لم تُستعمر استيطانيًا من قبل أي قوة أجنبية قبل العصر الحديث، بل كانت تتمتع دائمًا بمساحة من الاستقلال والندية .

لقب “مقبرة الغزاة”…  استحقاق له جذور تاريخية 

ما يُعرف اليوم بـ”مقبرة الغزاة” ليس مجرد وصف حديث، بل يعكس تراكمًا تاريخيًا طويلًا من الفشل الخارجي في إخضاع اليمن بالكامل ،  فقد واجه اليمنيون الحملات الخارجية بالصبر والمقاومة، مستخدمين وعورة التضاريس، وتماسك القبائل، والخبرة القتالية في الجبال والصحارى، لتحويل أرضهم إلى شَرَكٍ للمعتدين ، وكانت القوة العسكرية المنظمة أحد أعمدة الصمود في الممالك اليمنية القديمة، ولم تكن هذه القوة تعتمد فقط على العدد والعدة، بل على الاستراتيجية، والتحصينات، وروح المقاومة،  وقد ساهم هذا العامل، إلى جانب الهوية الثقافية المتجذرة، في جعل اليمن في نظر الغزاة أرضًا عسيرة لا تستسلم بسهولة، بل تقاوم وتنتصر، أو تموت واقفة.

الهوية اليمنية القديمة .. كيف حافظت على خصوصيتها الثقافية والسياسية والاجتماعية؟

رغم تعاقب القوى، احتفظ اليمن القديم بهويته الخاصة التي تميزت عن باقي حضارات المنطقة ، حيث استخدموا الخط المسند، ورفضوا استيراد نظم كتابة أجنبية، ووثقت النقوش والمجسمات أزياء وزينة تقليدية ما تزال مؤثرة حتى اليوم ، كما أنها احتفظت بنمطها المعماري الفريد، أبرزها معابد أوام ومدينة شبام ، وحافظوا على طقوس محلية حتى مع دخول الديانات السماوية ، أما التقاليد الاجتماعية كالزواج والميراث والملكية القبلية، ساعدت في بناء تماسك اجتماعي قوي واستقلال إداري حتى في ظل الاحتلال، استمرت النظم المحلية في العمل، ورفض اليمنيون الانصهار في الثقافات المفروضة عليهم.

خاتمة

إن الدول والممالك اليمنية القديمة لم تكن مجرد كيانات سياسية، بل حضارات متكاملة حافظت على خصوصيتها، وهويتها،  وأسهمت في تشكيل ملامح المنطقة تاريخيًا وثقافيًا. واليوم، لا تزال آثارها شاهدة على ماضٍ مجيد، يستحق أن يُدرس ويُحتفى به، ليس كتراث محلي فقط، بل كجزء من ذاكرة الإنسانية المشتركة.

مقالات مشابهة

  • من سبأ إلى حمير .. اليمن التي علّمت التاريخ معنى السيادة
  • تأجيل اولي جلسات محاكمة 6 متهمين بالإنضمام لـ "جماعة الجهاد التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابية"
  • اليمن: انتهاكات الحوثي سياسة ممنهجة لإرهاب المجتمع
  • موقف أمريكي جديد يفضح مليشيا الحوثي في اليمن ويكشف لصوصيتهم وجباياتهم
  • الإرياني: مليشيا الحوثي أداة إيران الأخطر
  • "ندعم وحدة أراضيها".. أردوغان: لن نقبل بأي خطة لتشريع التنظيمات الإرهابية في سوريا
  • مصادر: التعديلات اللبنانية ستنص على تنفيذ مرحلي لتسليم السلاح بما يضمن إلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها
  • ‏رئيس الوزراء اللبناني: الاستعراضات المسلحة التي شهدتها بيروت غير مقبولة بأي شكل من الأشكال وتحت أي مبرر كان
  • اليمن: «الحوثي» يستخدم معاناة المدنيين للابتزاز السياسي
  • ياسين سعيد نعمان: الحوثي كـ "الضبع" بقوته الغاشمة التي تعكس البطش المحمول على سيقان مرتعشة