بلال العيسي مشجع كرة متعصب وأب لطفلين، كان من بين الضحايا الذين أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليهم بالقرب من مجزرة قافلة المساعدات الأخيرة التي استشهد فيها 112 فلسطينيا وأصيب 800 آخرون، بينما سُمّيت بـ"مجزرة الطحين" شمالي قطاع غزة.

وذكر تقرير صحيفة الغارديان -اليوم السبت- أن العيسي، البالغ من العمر 28 عاما، استُشهد في تلك المجزرة وهو يحاول إيجاد طعام لعائلته.

ونبّه التقرير، الذي أعدته أسيل موسى في غزة وإيما غراهام هاريسون في القدس، إلى أن العيسي ذاق لوعة الألم الرهيب لعجزه عن إطعام أحب الناس إليه، وزادت وطأة الألم كل يوم؛ لأنه لم يتمكن من العثور على اللبن لطفلتيه، ليان التي عمرها 5 سنوات وميلا التي لم تتجاوز عامين، أو الخبز لوالده.

لذلك عندما سمع بشحنة نادرة من المساعدات الغذائية قد تصل إلى شمال القطاع في الساعات الأولى من يوم الخميس الماضي، شق طريقه إلى شارع الرشيد المواجه للبحر مع شقيقين، حسب ما قال ابن عمهما معتز العيسى لصحيفة الغارديان عبر الهاتف من ألمانيا. ولحق بلال، الذي كان سريع الدعابة، بمئات الأشخاص المجتمعين حول نيران صغيرة لتدفئتهم من البرد القارس في انتظار وصول شاحنات الطعام.

تفريق الحشود
وكان من بين الحضور -أيضا- شكري فليفل، مصور ومخرج سينمائي عمره 21 عاما، الذي أضاف أنه شاهد القوات الإسرائيلية وهي تطلق النار على أشخاص ينتظرون شاحنات المساعدات في المكان نفسه قبل بضعة أيام فقط.

وروى فليفل أنه في حوالي الساعة الرابعة والنصف صباحا، في عتمة ما قبل الفجر، رأى دبابتين إسرائيليتين تسيران في شارع الرشيد تطلقان النار في الهواء لتفريق الحشود. وبعد دقائق معدودة سمع صوت الشاحنات، "وعرف الناس أن الطحين المتوقع وصل أخيرا".

وأثناء اندفاعهم نحو الشاحنات، لاحظ ظهور دبابة إسرائيلية أخرى شمالا، وبعد لحظات أطلقت الدبابة النار وتعرض الحشد -كذلك- لهجوم من الجنوب.

وتابع فليفل أنه بعد الهجوم الأوليّ انسحبت الدبابتان جنوبا، لكنهما واصلتا مهاجمة الحشد الجائع. وقال "لقد استخدموا قنابل الصوت وأطلقوا النار بشكل عشوائي ومن مسافة بعيدة باتجاه المواطنين، الذين كانوا في طريقهم نحو شاحنات المساعدات. ورأيت الناس يسقطون بجانبي، بعضهم أصيب وبعضهم استشهد بالفعل". وتفاجأ أنه لم يُصب بأذي عندما انتهى إطلاق النار، حيث ألقى بنفسه بين مصطبتين خرسانيتين. وقال فليفل إن بعض الناس سُحقوا في الحادث لكن بعد أن تعرض الحشد للهجوم الإسرائيلي.

مخلص لعائلته
ويروي معتز من ألمانيا أن بلالا انفصل عن إخوته في الهرج الذي اندلع بعد أن أصابت الرصاصات الأولى الحشد، حيث سارع الجميع للاختباء. وعندما تراجع إطلاق النار بحث إخوته عنه بشكل محموم فوجدوه ينزف بغزارة من جرح في رقبته بسبب رصاصة أصابته. وظل واعيا خلال الرحلة البطيئة حتى وصل إلى المستشفى عبر الشوارع المدمرة، لكنه توفي بعد ذلك في مستشفى الشفاء.

وتابع التقرير أن إخوة بلال ووالده أحسوا بحزن وذنب كبير "لأنهم لم يمنعوه من الخروج بحثا عن الطعام"، كما قال معتز، الذي أضاف أن "بعض إخوته فروا إلى الجنوب، وكان أحدهم طبيب عظام وصدمات، الذي شعر لو أنه كان هناك لتمكن من مساعدته"

وأضاف أن بلالا كان قد فقد أمه بسبب مرض السرطان قبل 3 سنوات، وفاة تقول العائلة إن القيود الإسرائيلية على الواردات الطبية، أو على المرضى الذين يغادرون غزة للعلاج، عجّلت بوفاتها.

وقال ابن عمه إن بلالا بقي في غزة لرعاية والده الذي رفض مغادرة منزله حتى عندما أمرت القوات الإسرائيلية بالإخلاء. وكان مخلصا دائما لعائلته، وقد استشهد وهو يحاول إبقاءهم أحياء.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

في غزة.. أب ذهب يبحث عن ملاذ آمن ليجد عائلته تحت الأنقاض

في مشهد يختزل كل معاني الألم والفقد، خرج المواطن حسين عودة من منزله في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، باحثًا عن بارقة أمل تُنقذ عائلته من نيران حرب الإبادة الإسرائيلية الشرسة.

لم يكن يعلم أن تلك الدقائق التي قضاها بعيدًا ستكون آخر ما يملكه من ذكريات مع أطفاله. فحين عاد مسرعًا، محمّلا بالقلق واللهفة، كان منزله قد تحوّل إلى ركام، وعائلته مدفونة تحته، ضحية غارة جوية إسرائيلية لم تترك خلفها إلا الصمت والدمار.

View this post on Instagram

A post shared by Sana Aljamal (@sana_aljamal82)

اقترب حسين أكثر، ليجد المشهد الذي لا يُحتمل، فصرخ بصوت مكسور: "ولادي، أمانة، بدي ولادي، والله ما تأخرت، رحت أجيب لهم سيارة عشان نطلع من هون… نفسي بس بواحد من أولادي يطلع من تحت الركام… أمانة يا جماعة، ساعدوني، بس أطلّع واحد".

وعلى بُعد 500 متر، كان السائق لا يزال بانتظارهم ويقول: "تأخر الزلمة"، غير مدرك أن حسين لم يتأخر… بل كان يُصارع الوقت لينقذ عائلته التي قتلتها الغارة قبل لحظة من النجاة.

انتشر مقطع الفيديو الذي يوثّق لحظة الانهيار كالنار في الهشيم على منصات التواصل، يظهر فيه حسين يروي تفاصيل الفاجعة، في حين تنهار الكلمات من فمه كما انهار بيته.

إعلان

وقال مغردون تعليقا على المشهد: "حسين، كغيره، لا يبكي فقط على من فقد، بل على هذا العجز القاتل، على وطنٍ لم يعد فيه حتى مكان للحزن".

وأشار ناشطون إلى أن حسين خرج ليُحضر سيارة لإخلاء أسرته من مربع سكني تعرّض لقصف مكثف في مخيم جباليا، لكنه عاد ليجد الجميع تحت الركام. وحتى هذه اللحظة، لا يستطيع الوصول إلى جثث أحبّائه.

حسين عودة من جباليا شمال غزة يبحث عن سيارة لإخلاء أطفاله إلى "منطقة آمنة"، عاد ليجد أن منزله قد قصف بضربة إسرائيلية وأطفاله تحت الأنقاض، حتى أنه لا يستطيع استعادة جثثهم حتى الآن. pic.twitter.com/ywmTTQLVGd

— Rawan katari (@nkatari181232) May 17, 2025

وكتب أحد النشطاء: "حسين، شاب من غزة، في أول الحرب استشهدت أمه وأخواته، واليوم فقد أباه وأطفاله. خرج يبحث عن وسيلة نجاة… فعاد ووجد عائلته تحت الأنقاض".

وأضاف آخر: "ما أقسى أن تسمع صرخات ابنك تحت الركام في مكالمة يقول لك: بابا، أنا عايش… طلّعوني، ولا تقدر أن تفعل شيئًا".

ذهب لجلب سيارة للنزوح عاد للبيت
ولم يجد احد بعد قصفه بشكل كامل

"نفسي بواحد من أولادي يطلعلي ، أمامك ايدكم معنا نطلعهم" pic.twitter.com/ScUhuDHqv4

— محمد سعد الدين ???????? (@MhmmedSd) May 17, 2025

وأشار مغرّدون إلى أن حسين خرج من منزله صباحًا، محاولًا إيجاد وسيلة لنقل أطفاله إلى ما يُسمى "منطقة آمنة". لم يكن يعلم أن تلك اللحظات ستكون آخر ما تبقّى له من حياةٍ طبيعية.

View this post on Instagram

A post shared by Ahmed Hijazi احمد حجازي (@ahmedhijazee)

وفي تفاصيل المأساة، كتب مدوّنون أن حسين كان قد ألبس أطفاله وهيّأهم للخروج. خرج لبضع دقائق فقط، بحثًا عن سيارة تقلّهم إلى برّ الأمان… أو ما يُسمى "منطقة آمنة". لكن حين عاد، كان كل شيء قد انتهى.

وتساءل آخرون: "إلى متى سيتكرّر هذا المشهد؟ وإلى متى يُدفن الصوت تحت الأنقاض وسط صمت العالم وعجزٍ لا يُحتمل؟".

إعلان

مقالات مشابهة

  • مجزرة جديدة في غزة: شهداء أحرقوا أحياء
  • تحيةً للشيخ المعمم الذي نعى الشاعر موفق محمد عبر المنبر الحسيني الشريف ..
  • 5 نجوم كرة ينضمون لشبكة تليفزيون النهار
  • جندي إسرائيلي يطلق النار على عائلته
  • حزب الإصلاح والنهضة يطلق هيكلًا جديدًا لأمانة الثقافة والفنون
  • الحشد غاضب من فيسبوك: المهندس قائد ونحن قوة رسمية
  • رئيس هيئة الحشد يشير لـ4% من سكان نينوى متورطين بالانتماء لداعش
  • القناة 13 تكشف العرض الذي قدمته إسرائيل لحماس ومطالب الأخيرة
  • في غزة.. أب ذهب يبحث عن ملاذ آمن ليجد عائلته تحت الأنقاض
  • دزيري: “بولبينة لم ينل ما يستحقه محليا”