ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة أن يتعمد الإعلام الصهيوني الأمريكي والحلف الصليبي الكذب في تشويه الآخرين المخالفين لسياساته وإجرامه، لأن المنهج قائم من بدايته إلى نهايته على الاستحواذ على وسائل الإعلام ومصادرة حرية الرأي والتعبير وتحطيم وسائل الإعلام المستقلة والمعارضة، ومن وراء ذلك كله الإمبراطورية الإعلامية للرأسمالية العالمية التي تخدم الأجندات الصهيونية والماسونية، وحتى لا نذهب في الحديث بعيدا سنتحدث عما يخص العدوان على اليمن وحرب الإبادة والجرائم ضد الإنسانية على أرض غزة وفلسطين.
إن أهم ما يمكن الحديث عنه هو تشويه الحقائق وتزييف الوعي وتسويق الأكاذيب والدعايات من قبل وسائل الإعلام الناطق باللسان العربي، والتي أصبح الإعلام الصهيوني يستعير كلامها وأصبحت تمثل الناطق الرسمي باسم الحكومة اليهودية والحلف الصليبي الجديد.
هذه الوسائل الإعلامية تعمد إلى تعظيم الجيش الصهيوني وإبراز آثار الأسلحة المحرمة التي يلقيها على الأبرياء والعزل من أجل نشر الرعب وإثارة الفزع والخوف من نفوس الآخرين، وبمقابل ذلك تغييب انتصارات المقاومة الجهادية ووصفها بما لا يليق بها وإتاحة المجال للصهاينة المتدثرين بالمسوح الدينية لتخوينها وتحميلها المسؤولية وأنها السبب في كل ما يحدث ولولاها لما شنت الحرب ولتحررت أرض فلسطين.
ومن ذلك أنهم حينما يتحدثون عن الشهداء يصفونهم بأنهم ماتوا، وأما إذا كان الحديث عن جنود الصهاينة فيقولون إنهم قتلوا وعندما يتحدثون عن السابع من أكتوبر يرون أنه الأساس، متناسين أن الاحتلال يمارس القتل والتهجير والإبادة منذ الانتداب البريطاني على أرض فلسطين وإعلان قيام دولة إسرائيل وحتى الآن.
شنوا الحملات الممنهجة على العراق وأن لديه أسلحة دمار شامل ودمروا العراق ووجدناهم فجأة يعترفون بكذبهم على رؤوس الأشهاد، اعترف توني بلير- رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بذلك واعترف الرئيس الأمريكي السابق ترامب وأيضا فنّد المزاعم الأمريكية فيما يخص أحداث 11 سبتمبر وأنه تم التخطيط لها وإلصاق التهمة بأفغانستان وغزوها.
وشاهد العالم كيف سوقوا الأكاذيب ضد المقاومة على أرض فلسطين وغزة، فقالوا إنهم ذبحوا الأطفال وبقروا بطون الحوامل، واعترفوا بكذبهم ومارسوا أبشع من ذلك في حق الأطفال والنساء، وكلما ارتكبوا مذبحة وضعوا الأكاذيب حول المقاومة فدمروا المستشفيات والمدارس والأبراج السكنية على رؤوس ساكنيها، عذبوا الأسرى ومارسوا كل أشكال وألوان التعذيب بحقهم واتهموا المقاومة بذلك ورغم كل تلك الأكاذيب لم يتراجعوا ولم يراجعوا أنفسهم بل إنهم مستمرون على ذلك لأن من شب على شيء شاب عليه.
استراتيجية تشويه المواقف اليمنية
منذ أن أعلن اليمن وقوفه ودعمه لمظلومية الأشقاء على أرض غزة وفلسطين، والإعلام الصهيوني يعمل جاهدا على تشويه المواقف اليمنية ونشر الدعايات المضللة عنها، وسنقتصر على إيراد بعض الأمثلة من ذلك أن المسيَّرات والصواريخ اليمنية لا فائدة منها، وأنها لا تصل ولا تؤثر على الكيان الصهيوني وأن ذلك لا يعدو أن يكون استثماراً للمواقف السياسية على حساب القضية الفلسطينية والمتاجرة بها، فكان الجواب: استثمروا أنتم واطلقوا أسلحتكم وصواريخكم وساهموا في نصره القضية الفلسطينية ونحن معكم سنؤيدكم، ولن يقتصر الأمر على الدعاء، بل سنقدم الدعم المادي والسياسي والعسكري اللازم، (ولم يدركوا أن كل صاروخ يطلق وكل مسيَّرة إنما تمثل إرادة أمة لمواجهة الظلم والطغيان)، كما أشار إلى ذلك قائد الثورة السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي –يحفظه الله-.
وحينما تحرك اليمن وأعلن مبادرته بمنع السفن الصهيونية وسفن الحلف الداعم لها من المرور عبر باب المندب والبحر العربي حتى يتم إيقاف العدوان وفتح المعابر وتزويد سكان غزة بالماء والغذاء والدواء، أشاعوا أن ذلك مجرد مسرحية لا تؤثر وأنها تمت بالتنسيق مع الصهاينة والحلف الصليبي الذي تترأسه أمريكا، منعت السفن وتضرر العدو الصهيوني واتجهت إلى مسارات أخرى، وحاول الصهاينة العرب والمنافقون المساعدة من خلال الجسر البري الذي بدأ بالإمارات، ومر بالسعودية والأردن وانتهى إلى الأراضي المحتلة، أشاع الأمريكان أن الحوثي يهدد الملاحة الدولية وأعلن تشكيل حلف لتأمين الصهاينة وضمان استمرار جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية على ارض فسطين، لم تتأثر أي سفينة عرَّفت بنفسها وأبانت وجهتها، ما عدا السفن والناقلات المتجهة إلى الأرضي المحتلة، وشهد العالم الكذبة المدوية على رؤوس الأشهاد، حيث اعترف المسؤولون الصهاينة بفعالية الحظر الذي فرضه اليمن ومن جملة ذلك صعوبة إيصال الأسلحة من خلال المرور بباب المندب والبحر العربي وأرسلت أمريكا وبريطانيا وفرنسا والهند وألمانيا الإمدادات العسكرية والأسلحة من خلال الطائرات- ومع ذلك فإن الحلف يريد أن يستعرض قواته في العدوان على اليمن.
ولم يقف الأمر عند ذلك بل إن هناك سلسلة متواصلة من الأكاذيب وحملات التشويه التي يتم التخطيط لها بعناية- ومن ذلك أن اليمن “الحوثيين” فجروا خطوط فايبركابل الممتدة تحت البحر الأحمر، وأن إصلاحها قد يستغرق ثمانية أسابيع، ومثل ذلك أن “الحوثيين” هددوا- بقطع كابل الألياف التي تمر من خلال البحر الأحمر، وهي دعايات تستهدف تشويه الموقف اليمني في نصرة قضية الأشقاء المستضعفين على ارض غزة وفلسطين، وأن الجيش اليمني استهدف ناقلة نفط، مما أدى إلى تسرب النفط في مياه البحر وقد يشكل ذلك خطراً وكارثة بيئية وأيضا استهدف ناقلة تحمل أسمدة وأصابها وهو الأمر الذي سيؤدي إلى كارثة أعظم من سابقتها، مع أن الجيش اليمني ومن خلال الناطق الرسمي العميد يحيى سريع يعلن ذلك للعالم ولا يتم الاستهداف للسفن إلا بعد التأكد من هويتها ووجهتها وليس ذلك بخاف على أحد، فهل تم وضع تلك السفن كشرك للجيش اليمني؟ ولماذا لم تعرف تلك السفن عن نفسها؟ صحيح أن الكيان الصهيوني بحاجة إلى وقود لتمويل جيشه المجرم، لكن مسألة السماد قد لا تتفق مع احتياجات الحرب والظروف الراهنة.
إن الدعاية الصهيونية الصليبية اليوم تسعى بكل ما أوتيت من إمكانيات لتشويه المواقف اليمنية سواء باستخدام المتعاونين معها في الداخل، فقد رأينا وسمعنا كيانات محلية أبدت استعدادها للوقوف مع حلف القتلة والمجرمين، ورأينا استعداد بعض دول الجوار لمساعدتهم، وهاهم اليوم يشنون غاراتهم الإجرامية بالاستفادة من خبرات ومعلومات الحلف السعودي الإماراتي، ولم يعلموا أن اليمن قادر على مواجهة الإجرام والطغيان على مر الأزمان، حتى ولو اختلفت اللغات والأقوام، لأنه مقبرة للغزاة على مر التاريخ.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مشهد مزدوج: اللاجئين الصوماليين يغادرون اليمن وسط استمرار تدفق المهاجرين
اليمن يشهد في الوقت الراهن مشهداً مزدوجاً، بين عودة اللاجئين الطوعية إلى بلادهم وبين استمرار تدفق المهاجرين الأفارقة نحو أراضيه، وهو ما يعكس تعقيدات الوضع الإنساني والهجرات غير النظامية في منطقة القرن الأفريقي واليمن. فبينما يسعى برنامج العودة الطوعية للاجئين الصوماليين لتأمين العودة الآمنة لمئات العائدين، يواصل آلاف المهاجرين المغامرة بحياتهم في رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر والبر للوصول إلى اليمن.
أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنها أعادت 957 لاجئاً صومالياً من اليمن إلى بلادهم خلال العام 2025، عبر رحلات بحرية إلى بربرة ورحلات جوية إلى مقديشو، ضمن برنامج العودة الطوعية للاجئين الصوماليين (ASR) الممول من الحكومة السويدية.
وأشارت المفوضية إلى أن العائدين سيحصلون على دعم إضافي عند وصولهم لتسهيل إعادة بناء حياتهم وبدء حياة جديدة. ومنذ انطلاق البرنامج في سبتمبر 2017 وحتى نهاية 2024، ساعد البرنامج 8,555 لاجئاً صومالياً على العودة الآمنة، بما في ذلك 1,115 لاجئاً خلال العام الماضي وحده. ويبلغ إجمالي اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في اليمن أكثر من 62 ألف شخص، أغلبهم من الصومال وإثيوبيا.
في المقابل، كشف تقرير حديث لمنظمة الهجرة الدولية عن دخول أكثر من 17 ألف مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وهو ما يعكس استمرار التدفق الهجري من بلدان القرن الأفريقي إلى البلاد. ووفق مصفوفة النزوح (DTM)، بلغ عدد الوافدين 17,659 شخصاً، بانخفاض طفيف عن أكتوبر، وشكّل الإثيوبيون الغالبية العظمى بنسبة 95.8%، فيما بلغ عدد الصوماليين 552 مهاجراً، و110 آخرين من جنسيات مختلفة. وشكّل الرجال 84% من الوافدين، مقابل 11% نساء و5% أطفال.
وجاءت جيبوتي كنقطة الانطلاق الرئيسية للوافدين بنسبة 67%، تلتها الصومال بنسبة 31% وسلطنة عُمان بنسبة 2%. وتوزع وصولهم على مديريات مختلفة في الجنوب، حيث توجه أغلب القادم من جيبوتي إلى ذو باب في تعز وأحور في أبين، بينما استقر الوافدون من الصومال بشكل رئيسي في رضوم بمحافظة شبوة. من جانب آخر، أعادت سلطات عمان 402 مهاجراً إلى المهرة، فيما لم تسجل سواحل لحج أي وصولات جديدة نتيجة الإجراءات الحكومية المكثفة لمكافحة التهريب منذ أغسطس 2023.
وعلى صعيد المغادرة، رصدت المصفوفة خروج 1,580 مهاجراً إثيوبياً من اليمن خلال نوفمبر، أغلبهم عبر رحلات بحرية إلى جيبوتي، فيما توجّه 71 آخرون إلى سلطنة عُمان، في مؤشر على استمرار التنقلات الهجرية المعقدة والحرجة، والتي تتطلب تدخلاً عاجلاً لضمان الحماية الإنسانية وتقليل المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون على طرقهم نحو اليمن أو عند العودة إلى ديارهم.
هذا المشهد يعكس التحديات الإنسانية المتعددة في اليمن، بين توفير العودة الآمنة للاجئين وتخفيف المخاطر التي تواجه المهاجرين الأفارقة، إضافة إلى الحاجة المستمرة لتعزيز التدابير الأمنية والمساندة الإنسانية لضمان سلامة هذه الفئات الأكثر هشاشة.