مقررة أممية: نساء غزة يعشن جحيما حقيقيا ونتلقى شهادات مروعة
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بالعنف ضد المرأة، ريم السالم، إن النساء في غزة يتعرضن لمعاملة "غير إنسانية ومهينة"، معربة عن قلقها "العميق" إزاء ذلك.
السالم تحدثت عن الصعوبات التي تواجهها النساء والفتيات في قطاع غزة والعنف الذي يتعرضن له، إلى جانب هجمات مكثفة وحصار تفرضه إسرائيل على القطاع، مشددة على أن العديد من العاملين الميدانيين "لا يجدون الكلمات المناسبة لوصف ما يواجهه الفلسطينيون في غزة، ومستوى الألم والرعب الميداني الذي لا يوصف"، ووصفت غزة بأنها "جحيم حقيقي".
كما أكدت المسؤولة الأممية أن الهجمات الإسرائيلية طالت النساء والأطفال، فقد "قُتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، 70% منهم من النساء والأطفال، ومن غير المقبول السماح باستمرار هذه الإبادة الجماعية ضد النساء والأطفال الفلسطينيين. إنهم يتعرضون لجرائم حرب، لأنهم فلسطينيون، ولأنهن نساء فلسطينيات".
وبعد مرور 149 يوما من الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة سقط حتى أمس السبت أكثر من 30 ألف شهيد، وأكثر من 71 ألفا مصاب، معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، وفق مصادر فلسطينية.
ضحايا النساءوبينت المقررة الأممية أن آلاف النساء تأثرن بما يحدث في غزة، موضحة أنهن في غزة يفقدن أزواجهن، و"كل ساعة تقتل أمّان، ويصبح عدد لا يحصى من الأطفال يتامى. بشكل متعمد، يعاني الناس في غزة من الجوع، ولا يمكن للمساعدات الإنسانية الوصول إلى حيث ينبغي أن تكون".
وأردفت، "تضطر النساء الحوامل إلى إنهاء حملهن تحت القصف ونقص الخدمات الصحية، وهناك نساء يُجبرن على الولادة دون الحصول على تخدير أو دعم حقيقي، في بيئة تدمر فيها جزء كبير من القطاع الطبي".
وانتقدت السالم خطاب الكراهية الذي يستخدمه مواطنون ومسؤولون إسرائيليون ضد النساء، من أجل "شرعنة قتل النساء الفلسطينيات".
تقارير موثقة
وأشارت السالم إلى تقرير مشترك نشر الأسبوع الماضي بتوقيع عدد من مقرري الأمم المتحدة، مبينة أنهم تطرقوا فيه إلى معاناة المدنيين الفلسطينيين وخاصة النساء والأطفال.
وأوضحت أنهم تمكنوا من الوصول إلى تقارير موثوقة عن عمليات إعدام مباشر خارج نطاق القضاء لنساء فلسطينيات مع أطفالهن، فضلا عن الاعتقال التعسفي والإخفاء والنقل إلى أماكن احتجاز في الضفة الغربية وإسرائيل.
ولفتت المقررة الأممية إلى أنه تم أيضا نقل عاملين في مجال الرعاية الصحية ومدافعين عن حقوق الإنسان والأطفال إلى مراكز احتجاز إسرائيلية.
وأفادت "علمنا أنه تم نقل طفل إلى إسرائيل، وكما تعلمون فهذه جريمة حرب، وعمل يمكن اعتباره عملا من أعمال الإبادة الجماعية ضمن نطاق اتفاقية الإبادة الجماعية".
احتجاز وتعذيب النساء
وأشارت السالم إلى أن هناك نحو 200 امرأة وفتاة من أصل 3 آلاف فلسطيني، محتجزين في غزة بين السابع من أكتوبر/تشرين الأول و31 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، إضافة إلى 147 امرأة و245 طفلا من بين 3700 فلسطيني، محتجزين في الضفة الغربية.
وقالت "أعربنا في التقرير عن قلقنا العميق إزاء المعاملة اللاإنسانية والمهينة التي تتعرض لها النساء والفتيات الفلسطينيات. (أولئك الأشخاص) يواجهون معاملة سيئة، مثل الضرب والتنمر والحرمان من المساعدة الطبية وعدم التمكن من الحصول على الرعاية الصحية الكافية والغذاء، ومنعهم من مقابلة المحامين".
وتواصل إسرائيل انتهاكاتها في محافظات عدة بالضفة الغربية، حيث أسفرت الاقتحامات منذ بدء الحرب عن مقتل 419 فلسطينيا، وإصابة نحو 4650 آخرين، كما ارتفعت حصيلة الاعتقالات إلى 7335.
تهديدات بالاعتداء الجنسيوذكرت المقررة الأممية أن النساء في غزة يواجهن أيضا "تهديدات بالاعتداء الجنسي والاغتصاب"، متحدثة عن تقارير "مروعة" تتحدث عن "تجريد نساء فلسطينيات من ملابسهن وتصويرهن في أوضاع مُهينة، وخاصة أثناء الاستجواب".
وأردفت أن "هناك نساء في غزة تم تجريدهن من حجابهن بعد اعتقالهن وتفتيشهن من قبل ضباط الشرطة الذكور، حيث تعرضن للتصوير وتبادل الجنود الإسرائيليون صورهن فيما بينهم وعلى الإنترنت، في انتهاك لقوانين الحرب".
وقبل أيام، أعرب صندوق الأمم المتحدة للسكان عن شعوره "بالفزع" إزاء تقارير تفيد بـ"تعرض نساء وفتيات فلسطينيات بغزة للضرب أو الاعتقال أو الإهانة أو الاغتصاب أو الإعدام على يد ضباط إسرائيليين"، مشددا على أن "النساء والفتيات لسن أهدافا".
مستقبل "غير مشجع"
وقالت المقررة الأممية إنه "يجب التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية على الفور، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين (في غزة) والفلسطينيين المحتجزين تعسفيا، كما يجب توضيح مصير المفقودين، وإعادة الأشخاص الذين تم نقلهم قسرا (إلى الضفة الغربية أو إسرائيل)".
وأفادت بأن هناك تواصلا مع بعض الضحايا، لكنها لا تستطيع تقديم الكثير من التفاصيل عن ذلك "بسبب مخاوف بشأن سلامة بعض الضحايا" الذين تلقت منهم معلومات أو المنظمات العاملة معهم.
واختتمت حديثها قائلة، "إذا لم تحل الأسباب الكامنة وراء الهجمات التي بدأت بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإن مستقبل فلسطين وإسرائيل، وكذلك المنطقة بشكل عام، ليس مشجعا".
ومنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء، الأمر الذي أدى إلى مثول إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النساء والأطفال المقررة الأممیة فی غزة
إقرأ أيضاً:
600 يوم من الاجرام الإسرائيلي في غزة...شهادات صهيونية بالفشل
وسيطرت على هذه المقالات سمة التشاؤم وانعدام التصور للخروج من الأزمة في ظل تعدد الساحات التي يخوضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة ولبنان وسوريا واليمن وحتى إيران، فضلا عن تخلخل الساحة الداخلية في ضوء الخلافات المستعرة بشأن أهداف الحرب.
مأزق إستراتيجي
وفي مقال شديد اللهجة نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" قال المحلل السياسي ومراسل شؤون الاستيطان أليشع بن كيمون إن "الواقع في غزة لم يتغير، والقيادة الإسرائيلية فشلت في كل اختبار، وعلى رأسها رئيس الحكومة الذي يتهرب من اتخاذ القرارات ويقود البلاد إلى مأزق إستراتيجي عميق".
ويضيف المحلل السياسي أن الجيش الإسرائيلي ورغم العمليات المكثفة التي أسفرت عن تدمير مناطق واسعة من غزة فإنه لا يزال يضطر للعودة مرارا إلى المناطق ذاتها لمواجهة المقاومة، وقال "صحيح أن البنية التحتية لحماس تضررت، لكنها لا تزال موجودة وتعمل وتتنفس".
كما أشار إلى أن محاولات الحكومة لإضعاف الحركة من خلال توزيع المساعدات الإنسانية المباشرة على السكان لم تحقق أهدافها حتى الآن رغم الترويج لها كنقطة تحول.
واستشهد المحلل السياسي بفشل المبادرات السابقة في مناطق مثل مستشفى الشفاء، ورفح، وطريق فيلادلفيا، معتبرا أن "الزمن هو وحده الذي يتغير، أما الواقع فيبقى على حاله".
وعلى صعيد ملف الرهائن، يوضح بن كيمون أن إسرائيل استعادت حتى الآن 145 من أصل 251 رهينة أسروا في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، في حين لا يزال 58 منهم محتجزين في غزة "بعضهم لم يعد على قيد الحياة".
واعتبر أن حكومة نتنياهو فشلت في خلق أي نفوذ فعال على حماس للضغط من أجل الإفراج عنهم، قائلا "لا أتوقع من منظمة إرهابية أن تبدي رحمة، لكنني كنت أتوقع من حكومتي أن تتصرف بطريقة تجعل الخاطف يندم على فعله".
أمن مفقود وقيادة مترددة
ويرى المحلل السياسي أن الأمن الذي وعدت به الحكومة لا يزال بعيدا عن التحقق، فالصواريخ ما زالت تنطلق من غزة وإن بوتيرة منخفضة، واليمنيون يواصلون استهداف الممرات البحرية، والحدود الشمالية مع سوريا تشهد تصعيدا متزايدا، في حين لم يعد جميع سكان غلاف غزة إلى منازلهم حتى الآن.
ويقول بن كيمون إن سبب هذا التعثر هو "عجز نتنياهو عن الحسم"، واصفا إياه بأنه "رجل يحب إبقاء كل الخيارات مفتوحة، ويتهرب من القرارات الحاسمة".
واعتبر أن الفشل لا يقتصر على المستوى العسكري، بل يمتد إلى انقسامات داخلية في الحكومة، حيث تتجاذبه تيارات من أقصى اليمين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، وأخرى أكثر براغماتية، مما يعطل مسارات اتخاذ القرار.
ويضيف أن نتنياهو غالبا ما يعطل صفقات وقف إطلاق النار، تارة نتيجة ضغوط سياسية، وتارة أخرى بسبب خلافات مع الجيش أو جهاز الأمن العام (الشاباك)، مما أدى إلى "شلل إستراتيجي لا هو بالانتصار ولا بالتراجع".
وبينما ينتقد أداء الحكومة في غزة يقدم بن كيمون الضفة الغربية كنموذج معاكس، حيث يزعم أن إسرائيل تحقق فيها "نجاحا في تغيير الواقع" من خلال عمليات أمنية مكثفة داخل المخيمات والمدن وتوسيع المستوطنات بسرعة غير مسبوقة.
ويشير إلى أن رؤساء المجالس الاستيطانية يتحدثون بصراحة عن السيطرة على مزيد من الأراضي وفرض الوقائع، مؤكدا أن "إسرائيل هناك تملك رؤية واضحة وتنفيذا متسقا، في حين تسود الفوضى والتردد بغزة".
ويختم المحلل السياسي مقاله بالتأكيد على أن غزة لم تعد مجرد ساحة حرب، بل باتت "اختبارا للقيادة الإسرائيلية"، وهو اختبار فشلت فيه الحكومة، على حد قوله.
ويضيف أن "600 يوم من القتال لم تؤدِ إلى نتائج حاسمة، وكل ما تحقق حتى الآن هو مزيد من الدماء والجمود".
لا خطة للخروج
من ناحيته، قال آفي أشكنازي المراسل العسكري لصحيفة معاريف إن إسرائيل تمر بحالة من التيه الإستراتيجي في حربها المتواصلة منذ 600 يوم ضد حركة حماس.
وأشار أشكنازي إلى أن الفشل ليس عسكريا بقدر ما هو سياسي، وكتب في مقال نشر الأربعاء في الذكرى الـ58 لحرب يونيو/حزيران 1967 أن "إسرائيل التي احتلت الشرق الأوسط في 6 أيام لا تستطيع منذ نحو عامين الانتصار على منظمة مسلحة ببنادق كلاشينكوف.
ورأى أشكنازي أن الحكومة الإسرائيلية لا تعرف ماذا تريد من هذه الحرب، ولا تمتلك خطة خروج ولا حتى مؤشرات حقيقية للنجاح، بل تتصرف في حرب بلا نهاية واضحة، لافتا إلى أن الجيش وأجهزة الأمن تمكنت من التعافي بعد صدمة 7 أكتوبر، لكنها تفتقر إلى التوجيه السياسي الواضح.
وقال إن المأزق يتجلى في عجز القيادة السياسية عن تحديد ما إذا كانت إسرائيل تريد إنهاء حكم حماس في غزة، أم إعادة الاحتلال والاستيطان، أم مجرد ردع مؤقت.
وفي هذا السياق، أشار أشكنازي إلى أن "اليمين المتطرف يريد التمسك بالقطاع وتجديد الاستيطان فيه، في حين لا يوجد توافق على أهداف العملية أو حتى اسم موحد لها"، حيث استُخدمت حتى الآن عشرات الأسماء المتناقضة لوصف الحملة.
وفي مقارنة لافتة، أشار الكاتب إلى أن إسرائيل تقيم اليوم ذكرى انتصارها الساحق في حرب 1967، في حين تغرق في "وحل غزة" منذ ما يقارب عامين، من دون أن تتمكن من تحرير 58 رهينة ولا إعلان موعد لانتهاء الحملة.
وأضاف أن ما بدأ كحرب عادلة ضد ما وصفه بالاعتداء الدموي تحول إلى "مستنقع بلا أفق"، متوقعا أن يستمر هذا الوضع حتى اليوم الـ700 وربما الألف، بلا اسم، وبلا نهاية، وبلا أفق سياسي.
ويعرض الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت في مقاله بصحيفة معاريف أيضا سردا تفصيليا لما يعتبرها إحدى أحلك الحلقات في تاريخ إسرائيل، بدءا من الهجوم الكاسح لحماس في 7 أكتوبر، وصولا إلى تعافي الجيش ثم تعثر الدولة مجددا بسبب قيادة نتنياهو الذي ركز منذ اللحظة الأولى بعد الهجوم على البقاء السياسي بدلا من استخلاص الدروس أو تصحيح المسار.
ويصف بن كسبيت هجوم حماس بـ"الهزيمة الأصعب في تاريخنا"، مشيرا إلى أن خطة "طوفان الأقصى" نجحت في اختراق الدفاعات الإسرائيلية على الحدود مع غزة، واحتلال مواقع عسكرية وقتل المئات من المدنيين والجنود، وفرض حالة من الرعب الوجودي بين الإسرائيليين لم تشهدها البلاد منذ حرب الاستقلال.
ويؤكد أن الخطر لم يكن فقط في حجم الدمار أو عدد القتلى، بل في إدراك الإسرائيليين أن دولتهم ليست بمأمن، وأنها باتت هشة أمام أعدائها.
ورغم ذلك فإن بن كسبيت يلفت إلى أن الجيش الإسرائيلي تمكن بعد 3 أيام من استعادة السيطرة، وتحرير المناطق التي احتلها مقاتلو حماس، وبدأ مرحلة الرد والهجوم.
وبحسب الكاتب، فقد حققت إسرائيل "انتصارا حقيقيا" في الأسابيع التي تلت الهجوم، حيث تم القضاء على مستويات قيادية في حماس، وتدمير جزء كبير من بنيتها التحتية، خاصة الأنفاق، مع استمرار التفوق الجوي والتفوق في العمليات داخل غزة.
لكن هذا الزخم العسكري -بحسب بن كسبيت الذي يعرف بانتقاداته اللاذعة والحادة لنتنياهو- لم يتحول إلى إنجاز سياسي أو إستراتيجي بسبب فشل القيادة السياسية، وتحديدا نتنياهو الذي اتخذ من الكارثة فرصة لتعزيز بقائه في السلطة.
ويشير الكاتب إلى أن نتنياهو اجتمع في اليوم التالي للهجوم مع المقربين منه، ليس لمناقشة الرد أو إدارة الأزمة، بل لوضع "خطة البقاء السياسي"، وكيفية تحميل المسؤولية للآخرين، وتجنب المحاسبة.
ويسخر بن كسبيت من محاولات نتنياهو تحميل رئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان أو مسؤولين آخرين المسؤولية، في حين أن فشل الحكومة والاستخبارات والعسكر يعود إلى سياساته الطويلة الأمد، كما ينتقد استغلاله انضمام رئيس حزب معسكر الدولة بيني غانتس وغادي آيزنكوت إلى الحكومة بعد الهجوم، لتثبيت موقعه واستعادة جزء من شعبيته، دون إحداث تغيير حقيقي في إدارة الدولة أو الحرب.
ويرى الكاتب أن إسرائيل أضاعت فرصة إستراتيجية بعد نجاحها العسكري، إذ تراجعت في الجبهات السياسية والدولية، في حين كان العالم العربي والدولي مستعدا للتقارب مع إسرائيل ضمن زخم جديد تقوده الولايات المتحدة.
لكن سياسات نتنياهو وتحالفه مع أقصى اليمين أفشلا هذه الفرصة، وجعلا من إسرائيل "دولة منبوذة" على حافة فرض العقوبات والاعتراف بالدولة الفلسطينية.
ويختم بن كسبيت مقاله بالقول إن إسرائيل هُزمت ثم انتصرت، لكنها تعود إلى الهزيمة مجددا بسبب قيادتها، أما نتنياهو فقد نجح في هدفه الشخصي بالبقاء في الحكم، لكن على حساب الدولة ومؤسساتها ومستقبلها.
الإرهاق يلف المجتمع
وفي مقال يعكس إحباطا متزايدا داخل قطاعات من الرأي العام الإسرائيلي -خاصة من استمرار الحرب دون نتيجة حاسمة- تناولت الكاتبة كارني ألداد في صحيفة "يسرائيل هيوم" مرور 600 يوم على الحرب الجارية، معبرة عن الإرهاق العميق الذي يلف الجنود والمختطفين وعائلاتهم والداخل الإسرائيلي، بل والمجتمع الدولي برمته، في حين تستمر المعارك دون أفق واضح لنهايتها، وطالبت بما تسميها "صورة النصر" التي ترى أن الشعب الإسرائيلي يستحقها بعد هذه المعاناة الطويلة.
وتصف ألداد الواقع الميداني والنفسي قائلة "الإرهاق يترك بصماته على جنودنا بشكل لا مثيل له وعلى المختطفين وعائلاتهم وعلى العائلات والجبهة الداخلية"، وهذا الإرهاق -بنظرها- يعكس حجم الأزمة الممتدة، وسط غياب أي حسم واضح للحرب.
وتنتقد الكاتبة التباطؤ في حسم المعركة، مستشهدة بأمثلة من التاريخ لتُظهر ما يمكن تحقيقه خلال 600 يوم من الحرب، قائلة إن نابليون خلال فترة مماثلة "غزا النمسا وبروسيا وبولندا وأجزاء من ألمانيا، وغيّر خريطة أوروبا، وأسس إمبراطوريات ودولا جديدة".
كما تشير إلى إنجازات يوليوس قيصر في بلاد الغال، حيث بسط النفوذ الروماني على مساحات واسعة خلال أقل من عامين.
ثم تقارن ذلك بالحرب الحالية قائلة "صحيح أن العالم ليس هو نفسه، وليس لدينا الترتيب العسكري لتلك الجيوش، لكننا أيضا لا نسعى إلى إقامة إمبراطورية، بل إلى أهداف واضحة وبسيطة: هزيمة حماس وإعادة الرهائن".
ورغم ذلك فإن الكاتبة تتساءل بنبرة تشكك في القيادة الإسرائيلية "فكيف لم نحقق هذه الأهداف بعد؟ هل نسينا كيف ننتصر؟ هل تفتقر القيادة التي اعتادت على الجولات المحدودة إلى الخيال والقدرة على تصور نصر كامل؟".
وتتحدث الكاتبة عن رؤيتين داخل المؤسسة الأمنية: الأولى يمثلها رئيس الأركان إيال زامير الذي يعتقد أن الحرب اقتربت من نهايتها بهزيمة العدو، والثانية يعبر عنها الرئيس الجديد لجهاز الشاباك ديفيد زيني الذي يعتبر أن إسرائيل تخوض "حربا أبدية".
وتعلق ألداد "من الناحية التاريخية زيني محق، فالحرب ضدنا بدأت منذ أكثر من 100 عام، وليست ضد دولة إسرائيل، بل ضد وجود اليهود في الفضاء الإسلامي".
ومع ذلك، تؤكد الكاتبة أن هذا "الفصل من الحرب يجب أن ينتهي، وينتهي بشكل جيد".
وفي نهاية مقالها توجه ألداد نداء إلى الحكومة الإسرائيلية "هذه الأمة تستحق صورة النصر، تستحق أن تستريح قليلا وتلعق جراحها، أن تعيش في بلد سيكون هادئا لمدة 40 عاما، على الأقل حتى الجولة التالية".