«قادرون باختلاف» في قلب القيادة السياسية
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
جميعنا تابعنا يوم الأربعاء الماضي الاحتفالية الخامسة علي التوالي الخاصة بـ"قادرون باختلاف" الذي اعتبرته الدولة المصرية تقليدا سنويا، تشارك فيه القيادة السياسية إخواتنا وأهالينا من ذوي الهمم فرحتهم بيومهم الجميل. حيث أصبح هذا الاحتفال من العلامات المضيئة كل عام. وفي الواقع إن هذا الاحتفال لا يتم لمجرد الاهتمام بفئة كباقي فئات المجتمع بل لأنها في قلب القيادة السياسية.
تؤمن القيادة السياسية إيمانًا كبيرًا بأن هذه الفئة هي من تجلب الخير لباقي الفئات المصرية وأن الاهتمام بها هو بمثابة حماية من النكبات التي يمكن أن نتعرض لها. وهذا يظهر بصدق المشاعر في التعامل معهم أثناء احتفالهم السنوي ويظهر جليا أيضا في بعض الكلمات التلقائية التي تعبر عن مدي الاحساس بهم، حيث نذكر منها حينما عبر الرئيس في يوم الاحتفال "إنه يوم نعيش عليه السنة كلها" وأيضًا عندما قال للطفلة تاليا "أنا بخير طول ما أنتم بخير وطول ما أنتم راضيين" وعندما قال أيضًا "دايمًا بتعلمونا وتفهمونا" وعندما عبر عن مدى سعادته وقت رؤيتهم حينما قال "أسعد يوم اليوم اللى بشوفكوا فيه".. كلمات من القلب خالصة صادقة معبرة عن الرئيس الإنسان، الرئيس الذي يتعامل مع فئات الشعب المهمشة وغير القادرة بعين الرأفة والرحمة بعين الإيمان بقدراتهم وامكانياتهم والعمل على بلورة هذه القدرات ومساندتها ليصبحوا أبطالًا يرفعون علم مصر في كافة المجالات الرياضية، كما شاهدنا تكريم أبطالنا من "قادرون باختلاف" أثناء الاحتفال.
وفي الواقع، إن الاهتمام بـ"قادرون باختلاف" ليس وليد اللحظة أو حتي وليد الخمس سنوات الماضية من وقت بداية الاحتفالات بهم، ولكننا نجد أنه وليد عشرة سنوات ماضية وبالتحديد منذ عام ٢٠١٤ منذ تعديل الدستور، بتضمينه مادة تؤكد على تمثيلهم تحت قبة البرلمان بعدد مناسب ليتمكنوا من نقل مشاكلهم وبحثها على أعلى المستويات.
ويلي ذلك في عام ٢٠١٦ عندما أطلق الرئيس مبادرة (دمج.. تمكين.. مشاركة) والتي هدفت في المقام الاول إلى دمجهم في الحياة العامة وإعطائهم الطمأنينة للعيش حياة كريمة بعد إهمالهم وإهمال مطالبهم لزمن ليس بقليل.
وفي عام ٢٠١٨ أطلق الرئيس عامًا لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث إن في هذا العام حظيت هذه الفئة بعدد من الامتيازات بتوجيهات القيادة السياسية منها، إصدار قانون ١٠ لسنة ٢٠١٨ التي تم خصيصًا لحماية مصالحهم في كافة المجالات.
وفي ٢٠١٩ تم انشاء المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة بقرار الرئيس السيسي بهدف تعزيز وتنمية وحماية حقوقهم. والتي كان من نتائجه استخدام طريقة برايل لإبداء آرائهم في التعديلات الدستورية، وأيضا إصدار قانون إنشاء صندوق قادرون باختلاف الصادر برقم ٢٠٠ لسنة ٢٠٢٠ والذي وجه الرئيس بتخصيص ١٠ مليارات جنيه له خلال احتفالية قادرون باختلاف يوم الأربعاء الماضي .
وهناك من الاجراءات التي توضح الاهتمام الفعلي بهم مثل تفعيل كارت الخدمات ونص قانون ٥٪ للعمل في الوظائف الحكومية وإطلاق برنامج الإتاحة التكنولوجية لدعم ٣٠٠٠ مدرسة للتربية الخاصة والدمج وغيرها من الامتيازات وحزم الخدمات التي تبعث في قلوبهم الطمائنينة والتي ترسل لهم رسالة واضحة بأنهم في قلب القيادة السياسية.
وفي الواقع إن اهتمام القيادة السياسية بهذه الفئة بالتحدبد نابع من الإيمان القوي والشديد بأنهم أبناء الوطن وأنهم جزء لا يتجزأ منه وأن الاهتمام بهم يعد اهتمامًا بالوطن بأكمله وهذا واضح جليًا في عبارات الرئيس خلال احتفالية العام الخامس حينما قال "إيمانًا بأن ثروة هذا البلد الأساسية تتمثل في مواردها البشرية وعلي رأسهم أبناؤها من ذوي الهمم".
وأيضًا الكلمات خلال احتفالية العام الثاني حينما قال "إن لقاءنا اليوم يعد تأكيدًا لإرادة الدولة والتزامها بتوظيف واستغلال جميع إمكانياتها البشرية من أجل إقامة مجتمع ينعم فيه مختلف أبنائه بفرص متساوية للحياة الكريمة".
لذا نستطيع أن نقول بكل فخر إن "قادرون باختلاف" في قلب القيادة السياسية.. حفظ الله مصر وأرضها وشعبها وجيشها.. وتحيا مصر.
نجلاء باخوم: نائبة بمجلس النواب عن محافظة قنا
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قادرون باختلاف القيادة السياسية الرئيس التعديلات الدستورية الرئيس السيسي مصر فی قلب القیادة السیاسیة قادرون باختلاف
إقرأ أيضاً:
المسافة السياسية بين واشنطون والخرطوم
الذي يقرأ تاريخ المسافات السياسية بين واشنطن و عواصم الدول الأخرى في العالم يستطيع أن يتنبأ بالسياسة الأمريكية خارج حدودها، و أمريكا تمددت قواتها خارج حدودها في ” الحرب الاسبانية الأمريكية” حيث احتلت أمريكا الفلبين عام 1898م بموجب معاهدة باريس بين البلدين، و خرجت من الفبين بعد تصاعد المعارضة المسلحة ضدها في 1946م.. و أيضا أرسلت أمريكا قواتها إلي الصراع في فيتنام عام 1965 و اشتعلت الحرب ضدها من قبل الثوار في فيتنام الشمالية حتى خرجت قواتها في عام 1973، و لكنها واصلت مساندتها و دعمها إلي فيتنام الجنوبية حتى سقط النظام فيها عام 1975م.. و دخلت أمريكا حرب كوريا مناصرة لكوريا الشمالية 1950م و شاركت حتى وقف الحرب 1953م ثم بنت قواعدها في كوريا الجنوبية من خلال اتفاقية للدفاع المشترك.. و غزت افغانستان في 2001م للقضاء على نظام طالبان، خرجت منها عام 2021م و رجع طالبان.. كل هذه الحرب كانت لأسباب إستراتيجية تتعلق بالمصالح الأمريكية في مناطق أسيا.. و شجعت أسرائيل على ضرب إيران أيضا للقضاء على البرنامج النووي الإيراني حتى لا تمتلك إيران أسلحة ردع في أيادي دول لا تدور في الفلك الأمريكي.. و أمريكا هي التي طلبت وقف الحرب بين إيران و إسرائيل..
السؤال هل إمريكا لها مصالح ذاتية في السودان تجعلها تتخذ موقفا لإعلان حرب بقواتها في السودان.؟
أمريكا قررت التحالف مع السودان في عقد ستينات القرن الماضي باعتبار دولة محورية في المنطقة الإستراتيجية الرابطة بين منطقة الشرق الأوسط و أفريقيا، و أيضا إحدى الدول التي تطل على البحر الأحمر الذي تمر به أكثر من 70% من التجارة العالمية.. و تجعله ذراعها في هذه المنطقة لمحاربة التمدد الشيوعي، و رفض السودانيون ذلك، و رفضوا المعونة الأمريكية.. و رجعت أمريكا للسودان من خلال شركة شيفرون عام 1975م و خرجت من السودان في 1984م متعللة أن الحرب التي اندلعت 1983 تؤثر على أعمالها.. رجعت بقوة في عهد الرئيس بيل كلينتون عام 1997م حيث أعلنت مادلين أولبرايت في كمبالا إزالة نظام الإنقاذ بالحرب و فشل مسعاها ذلك.. ثم رجعت أمريكا للسودان بعد ثورة ديسمبر 2018م و رفعت تمثيلها الدوبلوماسي بدرجة سفير ” جون غودوفري” لكي تشارك في هندسة السياسة في السودان من خلال ما سمي باللجنة الرباعية ” أمريكا و بريطانيا و السعودية و الأمارات” و أمريكا هي صاحبة فكرة ” الإتفاق الإطاري” الذي قدمته مساعدة وزير الخارجية الأمريكي ” مولي في” و هي أيضا التي جاءت ب “فكرة ورشة نقابة المحاميين” لكي تساعد في زيادة قاعدة المشاركة في ” الإتفاق الإطاري” و بموجبها تم استيعاب المؤتمر الشعبي جناح علي الحاج و أنصار السنة.. و أمريكا هي صاحبة فكرة ” تقدم” عندما طلبت من الأربعة ” نور الدين ساتي و الباقر العفيف و عبد الرحمن الأمين و بكري الجاك” و جميعهم كانوا مقيمين في أمريكا و مقربين من وزارة الخارجية أن يدعوا إلي تحالف القوى المدنية لتوسيع قاعدة المشاركة.. كانت أمريكا تريد أن تغير قيادة ” قحت المركزي” اعتقادا منها أنها أصبحت قيادات دون قواع شعبية تدعمها، و بالتالي تأتي بقيادات يكون لها قوة في الشارع السودان لذلك دفعت بحمدوك لرئاسة التحالف و عدد من المستقلين و تراجعت القيادات السياسية…
طلبت أمريكا من ” قحت المركزي” أن تعقد مؤتمرها في القاهرة بهدف أن تصدر بيان تنادي فيه بتوسيع قاعدة المشاركة، و إذا كان هناك شرط يكون قاصرا فقط دون مشاركة “المؤنمر الوطني” و بالتالي تفتح الباب أمام الكتل الإسلامية الأخرى. و بالفعل تم عقد المؤتمر و صدر البيان و لم يجد إستجابة.. ثم تولت ” تقدم” إدارة الملف، و لكنها اخطأت إستراتيجيا عندما ذهبت إلي أديس أبابا و وقعت على ” إعلان إديس ابابا” مع الميليشيا الأمر الذي جعلها تقع تحت هجوم شرس للمناوئين لها.. و بعدها حصل اجتماع القاهرة ثم باريس و جنيف، و جميعها لم تساعد على إحداث تغيير في الساحة داعم لتقدم، رغم الإستعانة برموز إسلامية و يسارية و غيرها لإنجاح هذه الاجتماعات، و لكن لم تنجح.. و فشلت بريطانيا و الأمارات في تحريك القضية في ” مجلس الأمن” بهدف التدخل عبر قوات دولية تحت البند السابع، أو حماية للإغاثة، و فشلت المحاولات جميعها في منظمات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.. خاصة الداعية لحماية الإغاثة بقوات دولية وفشلت بفيتو روسي..
تغيرت الإدارة الأمريكية التي قامت بتلك المجهودات، بهدف أن تحدث تغييرا في قيادة الدولة للقوى التي تعتقد أنها سوف تنفذ لها مصالحها، سياسيا و شعبيا، و حتى جدة نفسها أصبحت من مخلفات الفشل، إدارة ترامب لم تأتي بمبعوث أمريكي يدير معركتها في السودان، أنما طلبت حضور وزراء خارجية بعض الدول التي تعتقد لهم تأثيرا في مجريات الحرب، للتشاور حول تحقيق السلام في السودان، و لكي يكون داعما للرئيس ترامب أن ينال جائزة نوبل للسلام.. و أيضا أن يجدوا مخارجا لدولة الأمارات الداعم الأساس للميليشيا من الحملة الشعبية السودانية ضدها.. و أمريكا ليست بعيدة من حرب السودان مادام هي تشكل حماية للأمارات، و تمدها بالسلاح الأمريكي الذي وجد في مخازن الميليشيا.. أمريكا لن تتدخل بصورة مباشرة في الحرب، و لكنها تبحث عن سبل مرضية على أن تصبح البلاد دون ميليشيا.. لا توجد مصالح لأمريكا مباشرة في السودان، و لكنها وسيط لإرضاء الأمارات..
أن التيارات السودانية منقسمة إلي ثلاثة أقسام… الأولى تؤيد الجيش و تصر على استمرار الحرب حتى الانتصار على الميليشيا ثم بعد ذلك يبدأ الحوار السياسي السوداني بين القوى السياسي دون أية شروط مسبقة.. الثانية يريدون تدخلا أجنبيا لأنهم يعتقدوا أن الخارج سوف يشكل لهم رافعة للسلطة، و من ثم حمايتهم داخل السودان.. الثالثة هي أقرب للمجموعة الثانية و لكنها تحاول أن تتجمل ببعض الشعارات، و هي أقرب للإنتهازية من المواقف المبدئية.. أن اجتماع واشنطن لن يفرض شيئا على الشعب و لن يمارس عليه ضغطا.. هي فقط تغيير موقع جغرافي لما حدث في جدة، و إرضاء أمريكا لبعض حلفائها..
زين العابدين صالح عبد الرحمن
إنضم لقناة النيلين على واتساب