لا ينكر أحد أن الأيام الماضية شهدت ارتياحاً نسبياً فيما يتعلق بحركة السوق وانخفاض الأسعار، أو على الأقل وقف نزيف الصعود المتواصل للأسعار اعتماداً من البعض على أن الأوضاع الاقتصادية تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، حتى جاء إعلان الحكومة المصرية عن مشروع رأس الحكمة بالشراكة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
كما أن بداية ضخ الأموال خلال الأيام الماضية قد أوجدت بالفعل حالة من الطمأنينة لدى الكثيرين بشأن الأسعار واستيراد المواد الخام اللازمة للمستهلكين، الأمر الذى انعكس على الهبوط المتواصل لسعر الدولار فى السوق السوداء، وهو أمر كان لابد أن يتوقف ونتمنى أن ينتهى تماماً.
ومن الطبيعى أن يفكر كل مخلص لهذا الوطن عن طبيعة الأمور خلال الفترة القادمة، أو على الأقل العام القادم الذى يتطلب حتمية ضخ سيولة دولارية على طريقة شراكة رأس الحكمة كى تستقر الأمور، ويشعر المواطن بتحسن الأحوال وتخفيف الأعباء التى جعلت ملايين تشعر بالحنين لعهود سابقة ليس لأى سبب سوى الأسعار وتوفير المواد الغذائية.
وبعيداً عن كل ما سبق، نحن نريد من حكومة الدكتور مصطفى مدبولى أن تفكر فيما بعد رأس الحكمة تجاه الصناعة الوطنية التى يجب أن تكون الهدف الأساسى والعملية الجراحية للقضاء على الألم والمرض بدلاً من المسكنات التى سرعان ما يزول تأثيرها بعد فترة.
ولأن مصر أرض خصبة لكل الاستثمارات، يجب على الحكومة التركيز فى هذا الملف، وأن تكون الاستثمارات القادمة تعتمد على مناطق صناعية حيوية وإدخال صناعات جديدة تلبى احتياجات السوق وتنهى الاعتماد على الاستيراد الذى يسبب الأزمة بين الحين والآخر.
ولاشك أن كل أنواع الاستثمارات مطلوبة فى بلد يزيد على المليون كم متربع ويتمتع بأجواء مناخية جذابة ولديه وفرة فى الأيدى العاملة مثل مصر، لكن يبقى الأهم ممثلاً فى كيفية جذب المزيد من الاستثمارات فى قطاع الصناعة، الذى يوفر العملة الصعبة ويوفر فرص العمل وفى نفس الوقت يزيد من مساحة العمران.
كما أن التصريحات الصادرة بين الحين والآخر عن ربط البحث العلمى بالصناعة ومخرجاتها لا يزال يحتاج إلى جهد كبير، وترويج بشكل أفضل للوصول إلى الشركات الناشئة والمصانع والمشروعات الصغيرة والمتوسطة للوصول بها إلى ما هو أفضل، خاصة أن مصر لديها المئات من مراكز البحوث المعنية بهذا الأمر.
والمؤكد أن الإعلان عن شراكات أو صفقات خلال الفترة القادمة يتطلب أن تتضمن هذه الصفقات المضى قدماً فى ملف الصناعة الوطنية، أو المشروعات الزراعية دون الاكتفاء بمشروعات عمرانية سكنية أو إدارية أو سياحية هى فى النهاية تستهدف فرص العمل وتوفير سيولة دولارية فى حين أننا نستطيع أن نحقق الهدف الأسمى وهو الاعتماد على الصناعة الوطنية لتقليل الاستيراد أيضاً وليس الاكتفاء بما تحقق.
خلاصة القول، إن ملف الصناعة الوطنية والمشروعات الزراعية يجب أن تكون الهدف الأساسى فى أى صفقة أوشراكة قادمة بما يضمن توفير متطلباتنا، وتوفير العملة الصعبة وفرص العمل وزيادة مساحة العمران وهنا نستطيع قول إننا نسير فعلاً على الطريق الصحيح.. حفظ الله مصر وشعبها وللحديث بقية إن شاء الله.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ماذا بعد رأس الحكمة انخفاض الاسعار دولة الإمارات العربية المتحدة الصناعة الوطنیة رأس الحکمة
إقرأ أيضاً:
يونيسيف: المساعدات لا يجب أن تكون أداة ضغط على المدنيين في غزة
قال كاظم أبو خلف متحدث باسم يونيسيف، إنّ تعليق مؤسسة غزة الإنسانية توزيع المساعدات على المدنيين يعكس انهيارًا في آلية الاستجابة للأزمة الإنسانية التي تعصف بالقطاع، مؤكدًا أن هذا التوقف جاء بعد أيام قليلة من إعلان سابق بمواصلة الإغاثة، ما سبب صدمة حقيقية في الأوساط الدولية والحقوقية.
وأضاف أبو خلف، في تصريحات مع الإعلامي رعد عبد المجيد، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ هذا القرار لا يُعد مفاجئًا بالنسبة للمتابعين، خاصة في ظل الفوضى المتزايدة على الأرض، وتحول نقاط توزيع المساعدات إلى أدوات محتملة لدفع السكان نحو النزوح: "ما حدث بالأمس ليس مشهدًا لتوزيع مساعدات، بل لم يكن سوى حشر قسري للناس الجوعى، نتيجة حرمانهم من أبسط مقومات الحياة على مدار 78 يومًا".
وأكد المتحدث أن استخدام التجويع ثم المساعدات كأدوات ضغط يمثل انتهاكًا صريحًا للمبادئ الأساسية للاستجابة الإنسانية، والتي تقتضي أن تصل الإغاثة مباشرة إلى المحتاجين لا أن يُجبروا على عبور مسافات طويلة وهم في حالة إنهاك وجوع: "الناس في شمال القطاع تم استثناؤهم تمامًا من المساعدات، في مشهد يفتقر لأدنى اعتبارات العدالة أو الكرامة الإنسانية".
وختم أبو خلف بالإشارة إلى أن الجهات الميدانية في غزة رصدت حالات لأشخاص مصابين يذهبون للمستشفيات وهم يعانون من الجوع الشديد، معتبرًا أن توزيع المساعدات من قبل جهات غير مدربة، أو جهات غير إنسانية، هو أمر ينذر بكارثة أكبر، داعيا إلى أن يتم تسليم إدارة المساعدات إلى المنظمات الأممية المتخصصة ذات الخبرة الطويلة في العمل الإنساني.