قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم إن التنمية المستدامة هي التنمية التي لا تنظر إلى إشكالات الواقع فقط وتكتفي بحل مشكلاته، لكنها أيضًا تستشرف آفاق المستقبل بوضع الخطط الدقيقة واتِّباع الأساليب العلمية وتعمل على التحديث والتطوير الدائم وتقدم أفضل الأفكار وأحدثها للاستفادة من مواردنا الاقتصادية، سواء أكانت بشرية أم ثروات اقتصادية؛ فالتنمية المستدامة تحقق أعلى درجات المصلحة للدول والشعوب.

علماؤنا حرصوا على أن تكون اجتهاداتهم محققة لمصالح العباد والبلاد

وأضاف أن علماءنا الأجلاء حرصوا دائمًا على أن تكون اجتهاداتهم محققة لمصالح العباد والبلاد في العاجل والآجل، وتوظيف الاجتهاد في تحقيق مصالح البلاد والعباد، وهو عمل جميع علماء الأمة سلفًا وخلفًا، وليس ذلك قاصرًا على مذهب بعينه كما قد يتوهَّم بعضهم.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال فعاليات المؤتمر الدولي «الاجتهادُ الفقهي المعاصرُ وأثرهُ في خدمةِ التَّنميةِ المستدامةِ»، والذي تُنظِّمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة، بمشاركة نخبة من الباحثين والعلماء من الجامعة وعدد من المؤسسات العلمية من الدول الإسلامية.

وأضاف أنه لا شك أن المسائل التي تتعلق بالتنمية المستدامة بالغة الأهمية وتحتاج إلى إعمال آلة النظر والاجتهاد فيها ضرورة أنَّ لله تعالى حكمًا شرعيًّا في كل نازلة من النوازل ولا يخلو فعل من أفعال المكلف عن حكم لله تعالى فيه، لكن قضية هذا المؤتمر أهم من هذا وأعم من هذا وأخطر من هذا؛ فهذا المؤتمر يتناول قضية تتعلق بتحقيق المقاصد العليا للشريعة الإسلامية وتتعلق كذلك بتحقيق المصلحة العُليا للدول والشعوب؛ ألا وهي قضية (الاجتهاد الفقهي المعاصر وأثره في خدمة التنمية المستدامة).

وأوضح مفتي الجمهورية أن التنمية المستدامة تتطلب منا الانفتاح على الثقافات والدول والشعوب والاستفادة من العلوم الحديثة وتوظيفها بشكل نافع في خدمة الشعوب والمجتمعات، وتتطلب أيضًا تعظيم المشتركات الإنسانية، ودعم قيم الانفتاح والتعايش، ونبذ الأفكار المتشددة التي تكرس للانعزال والانغلاق والعدائية والعنف، وتتطلب منَّا كأمة إسلامية أن نعمل فيما بيننا على ترسيخ روح الوحدة الإسلامية ودعم وسائل وعوامل الاجتماع التي دعانا إليها ديننا الحنيف في قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].

الإرهاب يهلك ثروات البلاد ويستنزف مواردها 

وأكد فضيلة المفتي أن العالم اليوم يشهد ظروفًا عصيبة وأزمات طاحنة وتحديات غير مسبوقة، ولا شك أن هذه الظروف قد تكون بيئة خصبة لبث الأفكار المتطرفة والإرهابية ونشر روح العداء.

وتابع أنه لا شك أن السادة العلماء وكذلك مؤسسات الاجتهاد العلمي المعاصر تدرك إدراكًا تامًّا، تلك الآثار السلبية والنتائج الوخيمة لتلك الأفكار المتطرفة على التنمية المستدامة للدول والشعوب، فالإرهاب والتطرف يهلك ثروات البلاد ويستنزف مواردها ويضعف اقتصادها ويعطل مسيرتها، ويؤثر بالسلب على مستقبلها، وهذا كله يتطلب منا أن ندرك أن مواجهة تلك الأفكار المتطرفة ركن ركين من دعم التنمية المستدامة التي تحقق مصالح العباد والبلاد وهي من المقاصد العليا للشريعة الإسلامية الغراء.

وتقدم المفتي في كلمته بوافر الشكر والتقدير لجامعة الشارقة وللسادة القائمين عليها وعلى عقد هذا المؤتمر، مثمنًا اختيارهم لموضوع المؤتمر الذي يمثل قضية من أهم قضايا الاجتهاد في وقتنا الحالي، مشيرًا إلى أنها قضية تسمو بالاجتهاد المعاصر عن حصره في البحث في مسائل جزئية تتعلق بالمستجدات، سواء أكان ذلك في المستجدات الطبية أم في باب المعاملات المالية المعاصرة أو غير ذلك من المستجدات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية المفتي الإرهاب التنمیة المستدامة

إقرأ أيضاً:

ماكرون يشيد بريادة المغرب في مجال الاقتصاد الأزرق خلال قمة "إفريقيا من أجل المحيط"

في افتتاح قمة « إفريقيا من أجل المحيط » التي انعقدت يوم الإثنين في نيس، أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالمبادرة المغربية في تطوير الاقتصاد الأزرق في القارة الإفريقية. القمة التي ترأستها الأميرة للا حسناء، ممثلة للمغرب، تناولت قضايا حيوية تتعلق بالمحيطات والتنمية المستدامة في القارة.

ماكرون أكد على التزام المغرب القوي في مجال حماية المحيطات ومحاربة التلوث البلاستيكي وتعزيز التعاون الإقليمي. وقال إن « المغرب أصبح نموذجًا يحتذى به في إدارة الموارد البحرية، وأن رؤيته في هذا المجال تشكل خطوة هامة في الاتجاه الصحيح ».

كما أشاد الرئيس الفرنسي برسالة المغرب إلى المشاركين في القمة، التي تلاها الأميرة للا حسناء، معتبرًا أنها تعكس استراتيجية واضحة تركز على الحكامة المستدامة للمحيطات وسبل الاستفادة المتوازنة من الموارد البحرية في إفريقيا.

ماكرون تحدث أيضًا عن المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب لضمان وصول الدول غير الساحلية إلى المحيطات، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تعكس الفهم العميق للمغرب لأهمية تعزيز الروابط بين الدول الإفريقية. وأضاف أن هذا التوجه يتجسد في مشروعات البنية التحتية البحرية، مثل ميناء طنجة المتوسط، الذي أصبح واحدًا من أكبر الموانئ في البحر الأبيض المتوسط.

وتناول الرئيس الفرنسي أيضًا مشروع ميناء الداخلة الذي سينطلق العام المقبل، معتبرًا إياه خطوة استراتيجية نحو تعزيز قدرة إفريقيا على الاستفادة من محيطاتها بشكل أفضل.

ماكرون شدد على أن قمة « إفريقيا من أجل المحيط » التي تجمع المغرب وفرنسا ليست مجرد لقاء تقليدي، بل تعكس التعاون المستمر بين البلدين في المجالات الأساسية مثل التنمية المستدامة وحماية البيئة.

القمة تركز على تعزيز الحكامة البحرية المستدامة، والتوصل إلى حلول لتمويل البنية التحتية البحرية القادرة على الصمود، بالإضافة إلى تعزيز الروابط بين الدول الساحلية وغير الساحلية.

مقالات مشابهة

  • تحذير إسرائيلي: الولايات المتحدة تنظر لإسرائيل عبئا عليها.. تبحر في العزلة
  • «التنمية المستدامة» تبحث تطورات مسار ما بعد 2030
  • ماكرون يشيد بريادة المغرب في مجال الاقتصاد الأزرق خلال قمة "إفريقيا من أجل المحيط"
  • رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يُغادر جدة
  • اللجنة الوطنية لأهداف التنمية المستدامة تستعرض تطورات ومسارات ما بعد 2030
  • مفتي الجمهورية ينعي شهيد حادث العاشر من رمضان: موقفه بطولي يعبّر عن أرقى معاني الفداء
  • أرقى معاني الفداء.. مفتي الجمهورية ينعى الشهيد خالد محمد شوقي
  • التجارة المصرية الإيرانية تنظر السماح الأمريكي
  • وزير “الشؤون الإسلامية” يستقبل نائب مفتي جمهورية روسيا
  • وزير الشؤون الإسلامية يستقبل مفتي نيوزيلندا ورئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية النيوزيلندية