لماذا لا تتفاعل أسعار النفط مع التطورات الإقليمية والعالمية؟ وكالة تجيب
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
يمن مونيتور/ق
بينما كان منتجو النفط بقيادة تحالف “أوبك +” يطمحون إلى ارتفاع سعر برميل الخام لمتوسط 95 دولارا منذ نهاية 2022، لم تتجاوز الأسعار 85 دولارا في أفضل الأحوال.
تقول وكالة الأناضول في تحليل نشرته اليوم الأربعاء إنه في ختام تعاملات جلسة أمس الثلاثاء، سجل سعر برميل برنت 83.1 دولارا، بينما بلغ متوسط سعر البرميل 79 دولارا في 2023، مقارنة بـ 98 دولارا متوسطا في 2022، بالتزامن مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.
وضمن جهوده لتعزيز سعر برميل النفط، نفذ تحالف “أوبك +” خفضا إلزاميا لأعضائه الـ 24 بمقدار 3.6 ملايين برميل يوميا، بدأ مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 ويستمر حتى نهاية 2024.
بينما اعتبارا من النصف الثاني 2023، بدأ أعضاء في التحالف تنفيذ خفض طوعي مجموعه 2.2 مليون برميل يوميا، يستمر حتى نهاية النصف الأول 2024.
وعلى الرغم من خفض الإنتاج لم تتفاعل أسعار النفط كما يأمل التحالف، ويعود ذلك إلى اجتماع عوامل محفزة للأسعار وأخرى مثبطة في الوقت نفسه.
حاليا، يبلغ متوسط الطلب العالمي على النفط الخام 103 ملايين برميل يوميا، مقارنة بـ102 مليون برميل يوميا في 2023، وسط توقعات ببلوغ الطلب مستوى 104 ملايين برميل يوميا في 2024.
وتعرض الأناضول في السطور الآتية، أبرز العوامل التي يفترض أن تحفز أسعار النفط، وعوامل أخرى تضغط هبوطا على الأسعار:
** العوامل المحفزة
– العقوبات الغربية على النفط الروسي: اعتبارا من الربع الثالث 2023، نفذت غالبية دول الاتحاد الأوروبي، ودول غربية أخرى، عقوبات على روسيا قضت بالتوقف عن استيراد النفط ومشتقاته منها بسبب الحرب على أوكرانيا.
وحتى عشية الحرب الروسية الأوكرانية، بلغ متوسط الطلب العالمي على النفط الخام الروسي 5 ملايين برميل يوميا، وقرابة 4 ملايين برميل من المشتقات.
أمام هذه العقوبات، كان المنتجون يتوقعون ارتفاع الطلب على النفط الخام من خارج روسيا، ويكون التأثير مقتصرا فقط على الخام الروسي.
– خفض إنتاج النفط: وفي محاولة لتحفيز أسعار النفط، أعلن تحالف “أوبك +” خفضا بمقدار 3.6 ملايين برميل يوميا من إنتاج أعضائه، بدأ مطلع نوفمبر 2022 ويستمر حتى ديسمبر/ كانون الأول 2024.
ويعني القرار أن المعروض النفطي العالمي سيتراجع بمقدار كمية خفض الإنتاج المقرة، إلا أن الأسعار لم تبد ردة الفعل التي طمح إليها التحالف.
واعتبارا من يوليو/ تموز 2023، بدأ أعضاء في “أوبك +” بقيادة السعودية وروسيا، خفضا طوعيا يضاف للخفض الإلزامي، بمجموع 2.2 مليون برميل يوميا، إلا أن الأسعار لم تشهد ردة فعل صعودية، بشكل لافت.
– أزمة البحر الأحمر: واعتبارا من نوفمبر 2023، تعرضت سلاسل إمدادات السلع العابرة للبحر الأحمر لضربة حادة بإعلان جماعة الحوثي استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل، كأحد أشكال دعم الفلسطينيين.
و”تضامنا مع قطاع” غزة الذي يواجه منذ نحو 5 أشهر حربا إسرائيلية مدمرة بدعم أمريكي، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحر الأحمر، قبل أن تمتد إلى السفن الأمريكية والبريطانية.
إلا أن أزمة البحر الأحمر الذي يمر من خلاله 10 بالمئة من إمدادات النفط والمشتقات العالمية المنقولة بحرا، لم تدفع نحو زيادة الأسعار إلا ببضعة سنتات، بحسب البيانات التاريخية لأسعار النفط.
** العوامل المثبطة للأسعار
– تجاوز روسيا للعقوبات الغربية: وأعلنت موسكو في أكثر من مناسبة أن العقوبات الغربية بوقف استيراد نفطها، لم تؤثر على كميات الإنتاج أو الصادرات، بإعلانها توقيع اتفاقيات توريد مع الصين والهند، المصنفتين أكبر وثالث أكبر مستوردتين للنفط عالميا.
وفي الوضع الطبيعي، يبلغ متوسط إنتاج روسيا النفطي قرابة 10.5 ملايين برميل يوميا، لكن مع خفض الإنتاج الإلزامي والطوعي، تراجع الرقم إلى نحو 9 ملايين برميل يوميا.
– تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني: ومطلع فبراير/ شباط الماضي، توقع صندوق النقد الدولي أن يستمر التباطؤ الاقتصادي الصيني في السنوات المقبلة، فيما تعاني الدولة الآسيوية العملاقة تلاشي الإنتاجية وتقدم السكان بالسن.
وسجل الاقتصاد الصيني نموا بلغ 5.2 بالمئة العام الماضي وفق الأرقام الرسمية، وهي إحدى أقل نسب النمو منذ قرابة 25 عاما.
يأتي تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني مع استمرار أزمة ديون قطاع العقارات إضافة إلى التوترات الجيوسياسية وضعف الطلب العالمي، فيما تعتبر بكين ثاني أكبر مستهلك للخام بعد الولايات المتحدة بمتوسط يومي 14 مليون برميل.
– زيادة الإنتاج الأمريكي: وارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة خلال العام الماضي إلى مستوى تاريخي جديد، ما ساهم في تصاعد الضغوط الهبوطية على أسعار الخام.
وفي فبراير الماضي، قالت إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة، إن إنتاج النفط الخام الأمريكي سجل مستوى قياسيا جديدا عند 13.3 مليون برميل يومياً في ديسمبر الماضي.
ويزيد الإنتاج بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا مقارنة بأرقام 2022، ما يعني أنه عوض جزئيا خفض الإنتاج الذي ينفذه تحالف “أوبك +”.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: أسعار المشتقات النفطية الحوثيون النفط اليمن ان ملایین برمیل یومیا ملیون برمیل یومیا خفض الإنتاج أسعار النفط النفط الخام على النفط
إقرأ أيضاً:
بترومسيلة في قلب المعركة: الغموض يكتنف مستقبل النفط في حضرموت
تتجه الأنظار في اليمن إلى الجنوب الشرقي الغني بالنفط والثروات الطبيعية والمعدنية، حيث يقترب الصراع الطاحن في محافظة حضرموت من رسم خريطة المشهد الاقتصادي والسياسي والجغرافي بناءً على الكثير من المعطيات.
ومع بدء سيطرة القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيًا على سيئون ومناطق وادي وصحراء حضرموت التي تتركز فيها منشآت وحقول النفط، يكتنف الغموض مصير هذه المنشآت وإدارتها وعملية الإنتاج، حيث لا تزال القوات التابعة لحلف قبائل حضرموت المُناوِئ للمجلس الانتقالي الجنوبي تُحكِم سيطرتها على منشآت "بترومسيلة" منذ يوم السبت 29 نوفمبر/تشرين الثاني.
وتفيد مصادر محلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، فضلت عدم الإشارة إلى هويتها، بأن لجنة الوساطة المُكلَّفة من المحافظ حديثًا لمحافظة حضرموت سالم الخبشي تجري مفاوضات مكثفة مع قيادة التحالف القبلي، الذي يُصرُّ على الاشتراك في إدارة القطاع النفطي الأكبر في اليمن وفق تسوية محددة تُفضي إلى منح صلاحيات واسعة للمجتمع المحلي في المحافظة في إدارة موارده الذاتية والنفطية.
في حين قال محافظ محافظة حضرموت، في تصريحات أدلى بها إلى التلفزيون الرسمي "قناة اليمن"، إن الأزمة في منشآت بترومسيلة النفطية أوشكت على الانتهاء باتفاق بين السلطات المحلية وحلف قبائل حضرموت، يشمل الخروج من المنشآت وعودة عملها وإنتاجها وضخ الوقود لتشغيل محطات الكهرباء.
وكانت شركة بترومسيلة في حضرموت قد أعلنت، يوم الاثنين 1 ديسمبر/كانون الأول، عن وقف عمليات الإنتاج والتكرير بصورة كاملة في حقول وآبار ومنشآت القطاع (14) منذُ يوم السبت الماضي، نتيجةً لتدهور الأوضاع الأمنية حول منشآت القطاع، الأمر الذي أدى إلى خروج منظومة الكهرباء عن الخدمة في عدد من المناطق الرئيسية في المحافظة اليمنية مترامية الأطراف التي تعيش على وقع توترات واضطرابات عسكرية وأمنية واسعة.
صراع النفوذ
يتحدث الخبير الاقتصادي رشيد الحداد، لـ"العربي الجديد"، عن أن ما يجري عبارة عن صراع نفوذ للسيطرة على الموارد والثروات، وهي السياسة المُتبَعة للدول النافذة والمُتحكِّمة بهذه المناطق، مشيرًا إلى أن الأمر لا يتوقف عند حدود المنشآت والحقول النفطية، بل هناك تجاهل لخروج ميناء الضبة النفطي في حضرموت عن سيطرة الحكومة في عدن، وكذلك مطار الريان في المكلا، عاصمة محافظة حضرموت.
وتعتبر محافظة حضرموت، جنوب شرقي اليمن، من أهم الركائز الإيرادية في الاقتصاد اليمني، إذ تحتضن المحافظة 51% من الاحتياطي والإنتاج النفطي في البلاد، وخصوصًا في حوض المسيلة الذي يُعدُّ أوسع وأغنى حقول اليمن على الإطلاق، يليه حوض مأرب بنسبة 32% وشبوة بنسبة 17%، وفق تقارير رسمية.
ويوضح الخبير اليمني في مجال النفط والغاز عبد الغني جغمان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن حضرموت ليست مجرد مساحة جغرافية واسعة، بل مصدر الطاقة الأول في اليمن، لا سيما أنها تمتلك محطة بترومسيلة للكهرباء (محطة الرئيس) في عدن التي تصل طاقتها الإنتاجية إلى 260 ميغاواط. ولهذا تُعدُّ بترومسيلة مركز ثقل اقتصادياً وسياسياً، ما جعلها محور تنافس داخلي وإقليمي على السيطرة على مواردها الحيوية.
ويرى خبراء اقتصاد ومراقبون أن محافظة حضرموت أصبحت ساحة مركزية يجتمع فيها الفشل الحكومي مع التدخل الإقليمي، وتتصادم فيها مشاريع النفوذ، في انعكاس واضح للصراع الأكبر على مستقبل اليمن وثرواته.
ويشرح جغمان أن ما يحدث اليوم في حضرموت؛ يتجاوز التنافس المحلي على مناطق نفطية، بل تحوَّل إلى صراع مفتوح بين قوى تعمل بالوكالة عن أطراف إقليمية ودولية، تسعى كل منها لفرض نفوذها على أهم مقدرات اليمن الاقتصادية. فحقول المسيلة ومنشآت بترومسيلة ليست مجرد مواقع إنتاج، بل أوراق ضغط استراتيجية تستخدمها القوى المتنافسة لتثبيت حضورها السياسي والعسكري على الأرض.
تراجع الإنتاج
بلغ متوسط إنتاج بترومسيلة قبل الحرب في العام 2015 نحو 55 ألفًا– 65 ألف برميل يوميًا، في حين كان الإنتاج قد بلغ قبل ذلك في العام 2002 حوالي 230 ألف برميل يوميًا في فترات الذروة. ورغم التراجع الكبير خلال سنوات الصراع، يشكِّل إنتاجها الحالي النسبة الأكبر من صادرات البلاد، حيث كانت تُصدِّر 35 ألف برميل يوميًا إلى ما قبل أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وكان الخبير الاقتصادي محمد الكسادي، أستاذ الاقتصاد في جامعة حضرموت، قد قال لـ"العربي الجديد" إن ما يجري في حضرموت عبارة عن صراع نفوذ على الموارد تقف خلفه دول خارجية، مؤكدًا ضرورة أن تكون هناك استفادة أكبر لمحافظة حضرموت من عائداتها النفطية.