تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما على صفحات مصرية، صورة يدعي ناشروها أنها لوسام الذبابة الذي كان يُقلّد في مصر القديمة لمن يضطلع بدور بطولي في المعارك العسكرية.
إلا أن هذا المنشور مضلل، فما يبدو في الصورة عبارة عن أقراط ذهبية على شكل ذبابة مصنوعة في القرن التاسع عشر، أما الوسام الحقيقي الذي كان يمنح في مصر القديمة فكان على شكل عقد تزينه ذبابات ثلاث، بحسب خبراء.
ويضم المنشور صورة لمجسمين ذهبيين على شكل ذبابة، ونصا قيل فيه إن ما يظهر في الصورة هو "وسام الذبابة الذي صممه المصريون القدماء". ويتغنى الناشرون بـ "الدقة التي يتم بها هذا التصميم" ويضيفون أن هذا الوسام كان يُقلّد "للعسكريين والملوك والأمراء في مصر القديمة الذين شاركوا في الحروب".
حصد المنشور تفاعلات واسعة على صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما المصرية منها.
فما حقيقته؟صحيح أن المصريين القدماء كانوا يقلّدون "وسام الذبابة"، وهو أعلى وأرقى وسام عسكري في مصر وقتذاك "لمن يقوم بدور بطولي في المعارك العسكرية". إلا أن هذا الوسام لم يكن شكله مثل ذاك الموجود في الصورة بحسب، علاء حسين، وهو مدير متحف الأقصر للفن المصري القديم.
ويضم هذا المتحف النموذج الوحيد لوسام الذبابة في مصر القديمة.
وبحسب حسين "يتميز الوسام الأصلي بالبساطة والدقة في التصميم بشكل يتناسب مع تصميمات المصريين القدماء".
ويشرح قائلا "يتكون وسام الذبابة الذهبية من ثلاث ذبابات من الذهب الخالص معلقة في عقد ذهبي".
أما بالنسبة لوسام الذبابة الموجود في المتحف فيقول حسين إنه: "إهداء من +أحمس+ لأمه+"إياح حت+" بسبب دورها معه في حرب التحرير ضد الهكسوس وانتصاره عليهم ومن ثم طردهم".
إلام تعود صورة المنشور إذا؟يظهر البحث عن الصورة بواسطة محركات البحث أنها منشورة على مدونة أميركية تشير إلى أنها تظهر أقراطا ذهبية على شكل ذبابة تعود للعصر الفكتوري في القرن التاسع عشر، ولا شأن لها بمصر القديمة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی مصر القدیمة
إقرأ أيضاً:
اكتشاف ترنيمة بابلية عمرها 2100 عام تبوح بأسرار مثيرة عن الحضارة القديمة
العراق – تمكن علماء من العثور على ترنيمة تاريخية تعود إلى الحضارة البابلية القديمة بعد اختفائها لأكثر من 2100 عام.
وهذه القصيدة الدينية التي كانت تنشد تمجيدا للإله مردوخ (أو مردوك)، الإله الحامي لمدينة بابل، تقدم وصفا شعريا أخاذا لمظاهر الحياة في تلك المدينة الأسطورية، حيث تتحدث عن أنهارها الجارية، وبواباتها المزينة بالجواهر، وكهنتها الطاهرين.
وعثر على أجزاء من هذه الترنيمة محفورة على ألواح طينية في أنقاض مدينة سيبار الأثرية التي تقع على بعد نحو 65 كيلومترا شمال بابل.
واستخدم فريق بحثي من جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ تقنيات الذكاء الاصطناعي لإعادة تجميع 30 قطعة من هذه الألواح المتناثرة، وهي عملية كانت ستستغرق عقودا إذا ما تمت بالطرق التقليدية.
ويبلغ طول النص الأصلي للترنيمة نحو 250 سطرا. وتمكن العلماء حتى الآن من فك رموز وترجمة نحو ثلث هذا النص المكتوب بالخط المسماري. وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في أنه يقدم رؤى جديدة وغير مسبوقة عن التفاصيل الحياتية والثقافية في بابل القديمة، حيث يصف البروفيسور إنريكي خيمينيز، قائد الفريق البحثي، النص بأنه “يتمتع بجودة أدبية استثنائية وببنية مترابطة بدقة”.
وتبدأ الترنيمة بتمجيد عظيم للإله مردوخ، الذي يوصف بأنه “مهندس الكون”، ثم تنتقل إلى تمجيد مدينة بابل نفسها، حيث تصورها كجنة غنية تفيض بالخيرات، وتشبهها بالبحر في عطائها، وبحديقة الفواكه في ازدهارها، وبالأمواج في تدفق خيراتها.
كما تقدم الترنيمة وصفا حيا لنهر الفرات والسهول الخصبة المحيطة به حيث ترعى المواشي.
لكن الأهم من ذلك أن النص يكشف عن منظومة القيم الأخلاقية في المجتمع البابلي، حيث تبرز قيم مثل احترام الغرباء وحماية الضعفاء في المجتمع.
وتمدح الترنيمة الكهنة الذين لا يذلون الأجانب، ويحررون الأسرى، ويرعون الأيتام. كما تقدم تفاصيل نادرة عن دور المرأة في المجتمع البابلي، حيث تكشف عن وجود كاهنات يعملن كقابلات لمساعدة النساء في الولادة، وهو دور لم يكن معروفا من قبل في المصادر التاريخية الأخرى.
وتشير الدلائل إلى أن هذه الترنيمة حظيت بمكانة خاصة في الثقافة البابلية، حيث ظلت تدرس في المدارس البابلية لما يقرب من ألف عام، منذ حوالي القرن الخامس عشر قبل الميلاد وحتى القرن الأول قبل الميلاد. وهذا يعني أن الأجيال المتعاقبة من الطلاب البابليين استمروا في نسخها ودراستها حتى بعد سقوط الإمبراطورية البابلية.
وتقع أطلال بابل التي تعد اليوم أحد مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، على بعد نحو 85 كيلومترا جنوب العاصمة العراقية بغداد، وما تزال شاهدة على مجد حضارة عمرها آلاف السنين.
ومن بين أبرز ما ورد في الترنيمة المذهلة، مقطع شعري يصف نهر الفرات، شريان الحياة الذي قامت على ضفافه بابل:
“الفرات هو نهرها صنيع الإله الحكيم نوديمود —
يروي الضفاف، ويسقي السهول،
يصب مياهه إلى البحيرة والبحر،
تزدهر حقوله بالزهر والعشب،
تتلألأ في مروجه أعشاب الربيع وسنابل الشعير،
متكدسة في وسطه أكوام حبوب الجعة،
المواشي والأغنام تجلس على المراعي الخضراء،
الفيض والغنى — ما هو حق للناس —
تتضاعف، وتتوافر وتتهافى بغزارة”.
ويقدر العلماء أن الترنيمة كتبت في الفترة بين 1500-1300 قبل الميلاد، ما يجعلها واحدة من أقدم الأعمال الأدبية الطويلة في تاريخ بابل. وعلى الرغم من أنها أحدث من ملحمة غلغامش الشهيرة، إلا أنها كانت تدرس وتنقل جنبا إلى جنب معها لقرون طويلة. ومن المثير للاهتمام أن الباحثين يعتقدون أن هذه الترنيمة هي عمل مؤلف واحد، على عكس ملحمة غلغامش التي تم تجميعها على مر العصور.
وما يزال اسم مؤلف هذه التحفة الأدبية مجهولا حتى الآن، لكن البروفيسور إنريكي خيمينيث الذي قاد هذا البحث، أعرب عن تفاؤله بإمكانية اكتشاف هويته في المستقبل.
المصدر: ديلي ميل